|
بصمات الارجوان في (خارج السواد)
هيثم جبار عباس
شاعر ، كاتب، صحفي
(Haitham Jabbar Abbas)
الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 14:48
المحور:
الادب والفن
قراءة في مجموعة الشاعر كريم جخيور
الشاعرالمتميز من يصنع اسلوبه بكلماته ومفرداته والعكس ايضا صحيح الكلمة هي التي تصنع الشاعر وتـثـبت اقدامه على ارض صلبة عند هبوب رياح التقليد الشعري والاستنساخ الادبي. اذ هنالك ارتباط وثيق بين الشاعر وكلماته وهذا مانجده في مجموعة (خارج السواد) للشاعر كريم جخيورفكل من يقراء هذه المجموعة يجد ان (ارجواة ) كريم ملفة . لقد استخدم الشاعر هذه المفردة بقصدية تامة فبين كل قصيدة اوقصيدتين نجد مفردة الارجوان
للعيون ايقاع الارجوان
مثلما
للاماني صليل الخطى/ص17
منتصب
ينحني الارجوان/ص22
فلو امعنا النظرفي مجموعة (خارج السواد) لحصلنا على عدة نتائج ومنها
الارجوان هي الدم او اللون الاحمر
وجود الرمزية واتخاذ مفردة الارجوان كرمز مطلسم فتارة يتخد الشاعر من ارجوانته قرينة للعفة والطهارة وهذه المقارنة لابمعنى المشابهة بل المفارقة والاضداد
عاليا انشري بريق اخطائنا
ايتها المزدهرة
عفة وارجوان/ص31
ايتها الطاهرة
لا حليف لكي الا الا رجوان/ص32
اذا حتى مفردة الارجوانة كان المقصود بها العكس لانها لو كانت طاهرة ماكان حليفها الدم أي الارجوان وبما ان الشاعر يخاطب بهذه القصيدة (التفاحة) والتفاحة رمز الخطيئة فان الارجوان رمز الدم والخطيئة لاتطهر الا بالدم القاني. وليس فقط قرينا للعفة والطهارة صاغ الشاعر مفردة الارجوان لقد جعلها رمزا مفتوحا لعدة معان ففي قصيدة (باسقة يدي) جعل الارجوان دما مسفوحا
هكذا تضرجي بالارجوان/ص49
والتضرج لايقترن الا بالدم. وتارة يجعل من مفردة الارجوان بوابة عظيمة للشمس وبوابة الشمس هي السماء والافق أي ان الشمس تشرق من حمرة كبيرة في الافق اشبه بالبوابة التي تخرج منها واحمرار الافق يدل على اللون الاحمر او كثرة الدم
الشمس نافذة
رتاجها الارجوان/ص42
او ربما هنالك تفسير اخر لرتاجة الشمس لان الشمس رمز الحرية الحرية رمز الدماء أي ان الشمس لاتشرق ولا تخرج الامن الدم القاني.
اذا ثمة انسجام ملحوظ في عدة دلالات لمعنى واحد هو الدم او اللون الاحمرالمآخوذ من زهرة الارجوان وتضرج يد الشاعر ورتاجة الشمس اذا الشاعر كريم جخيور لم يات بمفردة الارجوان اعتباطا لا بل جائت عن عمل مقصود ولكن الشاعر قد كلف نفسه بها وهذا ماسنذكرة في نتيجة ثانية فهي التكليف في صياغة المفردة حيث ان كلمة الارجوان جائت في بعض القصائد عفوية وغيرتلقائية وبدون استرسال مسبق بل حشرت بين السطور قسرا مما ادى الى ارباك المفردة نفسها كقوله
ايها المبتلى
على اكتافك الارجوان/ص46
بما ان مفردة الارجوان تحمل عدة دلالات كما اسلفنا وان الشاعر لم يقتن مفرداته جزافا بل اكسبها طاقة غنية من المشاعر والاحاسيس وهذا هو الذي يجعل للكلمة والمفردة اثرا سحريا في النفوس ولكن ماذا يقصد الشاعر كريم جخيور في هذه المفردة وما المعنى القريب منها هل يقصد بها الشعر لان الشاعر يخاطب شاعرا اخر فيقول على اكتافك تحمل الشعر او هل يقصد هم الشعر لان الشعر هيام كوني وكل شاعر يحمل هذا الاحساس او هل يقصد بالارجوان رسالة الانسان لان الانسان بغض النظر عن كونه شاعرا او غير شاعر يجب ان يكون انسانا رساليا فهل يقصد بها هذا المعنى أي على اكتافك تحمل رسالة الانسان؟
اذا ماذا يقصد الشاعر كريم جخيور بارجوانته التي اهداها الى صديقه (عادل مردان) اما اذا قلنا ان الارجوان في هذه القصيدة تحمل معنى الدم او اللون الاحمر فهذا بعيد جدا عن المعنى المقصود والمعنى الحقيقي للارجوان
اذا مفردة الارجوان مشفرة ويجب على القارىء ان يفك رموزها بطريقته الخاصة حسب ماتملي عليه ثقافته ورغم وجود الكلمات الشفافة واللغة القصيدة(بذخ الياسمين) جاءت في المكان غير المناسب علما ان القصيدة الشعرية الهائلة في مجموعة (خارج السواد) الا انني ارى كلمة الارجوان في هذه كانت في منتهى الروعة.
الصباحات مبتلة بالهديل
والليل حبات النجوم
خادرة تحت يدي
ودافئة كالقبل/ص47
الابداع خارج بصمة الارجوان
حينما نمعن النظر في مجموعة خارج السواد من اول قصيدة باب الدخول ترى ان سهام الابداع قد مرقت مفردة الارجوان لقد كانت المجموعة مليئة باللقطات والضربات الشعرية من اول كلماتها
على مهبط الماء
ولدتني امي
فاغتسلت به
جنوبا طاهرا
وماء فراتا/ص5
لقد ابدع الشاعر في بداية القصيدة وفي اخر كلمات بها كانت النهاية اروع ضربة
ان خيانة الشعر
في افساده
ولهذا ولهذا فقط
لم يكن لنا مقعد بينكم/ص10
علما ان هذه القصيدة من اول كلمة بها وحتى اخر كلمة لم ترد بها مفردة الارجوان ايضا على صعيد القصائد الاخرى كقصيدة(ازار امي اسود) التي نعتبرها ارجوانة هذه المجموعة او زهرة الديوان حيث ابدع الشاعر بوصف الجوع والفقر والعوز بعفة وكرامة وعدم اذلال النفس او طرق ابواب غير المشروعة حيث نشم في هذه القصيدة اريج التراث ونسمة تاريخية واضحة عابقة في اعماقنا
لم يشهر احد سيفه
وكنا نلقم افواهنا بالحجر
ونخلد الى النوم
ولم تحرسنا آلهة الطعام/ص68
وكذلك قصيدة(رماد كل هذا) التي جاءت على غرار قصيدة (احلامي تفسدها الهاجرة) وكلا القصيدتين ليس فقط ضربات شعرية بل صرخات قائمة بذاتها ولم ترد بهما مفردة الارجوان بل اكثر القصائد لم ترد بها هذه المفردة اما قصيدة (تبارك حرفي) الذي يقول فيها
ايها الرب
تعال جواري قليلا
مسد بضوئك جوعي
واحتطب الروح من غابة الرماد
واصطفيني
شعلة يخذلها الاخرون/ص15
فلا اعتقد توجد رقة كهذه الرقة واحساس مرهف كاحساس كريم جخيور الذي ابدع في مجموعته خارج السواد ولكننا نرى الضربات الشعرية والقصائد التي تقشعر منها الجسوم عند قرائتها هي القصائد الني تخلو من مفردة الارجوان علما ان الشاعرقد تقصد في اكثارها وتكرارها في بعض القصائد وهذا لايعني ان القصائد التي ترفع راية الارجوان هي قصائد غير جيدة بل بالعكس انها في منتهى الروعة ولكن عربات الابداع السائر في طريق اللامتناهي تركت الارجوان على رصيف محطة الغربة.
واخيرا كريم اجخيور شاعر مبدع اثبت حضوره في المشهد الثقافي الشعري في العراق بجدارة عالية من خلال مجموعته البكر (خارج السواد) بل انه المميز الوحيد بين مجايليه الشعراء وقد استطاع ان يلفت نظر النقاد والقراء بهذه المجموعة.
بالامس قرئنا ثنائية الاضداد في مقالة نقدية عن المجموعة وقبلها مقالة عن عنوان المجموعة وعناوين القصائد واليوم جاءت قرائتنا عن مفردة الارجوان فان مجموعة (خارج السواد) هي بحر متلاطم الامواج وعلى كل قارىء وناقد ان يغوص بها ويستخرج من اللؤلؤ ما يشاء.
#هيثم_جبار_عباس (هاشتاغ)
Haitham_Jabbar_Abbas#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هروب الى وطن
-
مبارزة
-
زينب
-
مشروع شعري جديد للشاعر هيثم عيسى عن دار ازمنة
-
اكباد الآلهة
-
حوار مع ابي الطيب المتنبي
-
الثعالب لاتقود الى الورد بل تقود الى نسف الموروث
-
احلام لا واقعية
-
دم وتراب
-
من سلالات الضياع
-
مخاض
-
عراقيون
-
بغداد
-
خالد خضير والقضية الشعرية
-
خروج بدون ارادة
-
قصيدتان
-
هبوط في المستوى
-
كيورش صلاح عيال سخرية كوكتيل غير لائق
-
شعرية السرد في ( انفلونزا الصمت)
-
الجذر التأريخي لقصيدة النثر وصراعه مع الغربنة
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|