|
هذا التصعيد الاستيطاني لا يمكن ان يكون من وراء ظهر امريكا
محمد نفاع
الحوار المتمدن-العدد: 2947 - 2010 / 3 / 17 - 09:09
المحور:
القضية الفلسطينية
قد تكون هذه الفترة من أقسى الايام على الشعب العربي الفلسطيني في السنوات الاخيرة، فهي مشبعة بالزحف الاستيطاني الإسرائيلي العنصري خاصة في القدس الشرقية والخليل، وهذا استفزاز من الوزن الثقيل للعالم وللشعب الفلسطيني وحقه، ويطال هذا الزحف الناس والمقدسات والارض، وفيه استخفاف خطير من قبل حكومة نتنياهو ونتنياهو بالذات. وهذا الاستفزاز الخطير أعلى مستوى من قرارات ومواقف الدول العربية، بل انه يعتمد عليها الى حدّ ما، هذه الرخاوة من الجانب العربي هي الطامة الكبرى، ويبدو ان غالبية النظم العربية لا يُرجى منها ما هو أفضل. وما هذا الانشغال بتصدير النفط العربي من الخليج الى جمهورية الصين الشعبية بايعاز من امريكا وبأسعار أرخص من النفط الايراني الا دلالة على الهاوية التي تنحدر اليها هذه النظم بلا توقف، وكأنها دُمى لا روح فيها بيد السيد الامريكي الذي يسمع بين حين وآخر كلمات احتجاجية موزونة جدا ومبتذلة الى أقصى حد وممجوجة بسخافة. ومن المهم الاشارة الى موقف القوى الفلسطينية الرافضة لتجديد المفاوضات مع استمرار الاستيطان، واسرائيل تضرب بهذا المطلب المتواضع جدا والمنقوص جدا عرض الحائط. لغاية الآن لم تجلب المفاوضات واللقاءات أي ذرة ايجابية للجانب الفلسطيني بل العكس هو الصحيح. على الجانب الفلسطيني ان يطرح كافة الثوابت بلا تأتأة ولا تأجيل. فالانسحاب الاسرائيلي من كل المناطق التي احتلت سنة 1967 بما فيها القدس الشرقية وقلع كافة المستوطنات، وإقامة الدولة العربية الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية العربية ومَحْق جدار الفصل العنصري وحق اللاجئين الفلسطينيين في العودة، هذه هي الثوابت العادلة والتي لها تغطية من القرارات الدولية. وكل ثغرة واحجام عن طرح كافة هذه الثوابت المشروعة هو موقف ضعف يزيد من شهية التوسع الاسرائيلي العدواني، هذا الموقف لا توجد فيه أية مغامرة، وأي استفزاز للمحتل، المحتل هو المستفز ويعتمد على قوته العسكرية وعلى دعم الولايات المتحدة، وعلى برطمة مؤقتة عابرة من معظم دول الاتحاد الاوروبي، وعلى خنوع النظم العربية وهذا الخلاف والانشقاق داخل الشعب الفلسطيني. إن هذا التهديد العربي بإيصال القضية الى مجلس الأمن وكأن هذه ذروة القوة والصمود لا معنى لها، فالنتيجة معروفة والنقض الامريكي بالمرصاد. ألا يمكن هَزّ الرّسن ولو قليلا لأمريكا!! الذي يُفتقد في هذه المعركة وهو الامر الحاسم هو ثقل ووزن ودور الشعوب العربية بمن فيها الشعب الفلسطيني. لا يمكن التصديق بأن الرأي العام الامريكي والاوروبي بالذات لا يعرف القضية بحذافيرها، فهو على أتم علم بذلك، لكنه موالٍ لنظمه الى حدّ بعيد وبغالبيته الساحقة، دون أي تقليل من دور القوى العقلانية والمتضامنة مع الحق الفلسطيني هناك، فلها كل التقدير. كما لا يمكن التقليل من دور القوى الدمقراطية في المجتمع اليهودي داخل اسرائيل، لكن الغالبية ليست كذلك. وطبعا هذا التصعيد يتلاقى مع تهديدات الحرب على سوريا ولبنان وغزة وايران وتعليك الكلام حول المدّ الشيعي، فأمريكا واسرائيل لا تستثني في عدوانها لا السني ولا الشيعي ولا أي مجموعة أخرى اذا كان ذلك يخدم المخططات العدوانية لهذين النظامين. قلما توجد قضية في العالم أوضح من قضية الشعب الفلسطيني وحقه، وقلما توجد قضية مزمنة كهذه، والاعتماد على امريكا واسرائيل والرجعية هو الخطر، وهو المجرّب، وهو أساس المشكلة، فكيف يكون الخصم هو الحكَم!! وكيف يكون صانع القضية والمعني باستمرارها هو عنوان الحل. وما لم يواكب القرارات العربية خطوات عملية ولو بالحد الأدنى- كما حدث في السابق- سيبقى الأمر على حاله إن الانشغال بمكافحة الارهاب والخطر الايراني والخلاف الفلسطيني هو معوّقات جدية، ويجب تبني معيار واضح: كل من يقاوم الاحتلال الامريكي، والمخططات الأمريكية الاسرائيلية له كامل الحق بل الواجب مهما يكن انتماؤه الفكري وهذا ينطبق على لبنان، وعلى العراق، وعلى افغانستان وعلى فلسطين. إن كَمّ أفواه الشعوب العربية من قبل نظم الخنوع والدمى والخيانة هو أمر مؤقت حتى ولو كان هذا المؤقت طويلا جدا. إن "التطبيع" مع اسرائيل علانية وبالخفاء " والمخفي أعظم" يدخل في خانة المكافأة للمعتدي الذي يجب ان يعاقب سياسيا واقتصاديا واخلاقيا على الأقل. ألتمسك بالحق اللبناني ضد الاحتلال ومقاومته أدى الى نتيجة، ونقول هذا ليس حبًّا في سفك الدّم بل حبًّا في حقن الدّم. ألايام عصيبة وعلى شفا كارثة دموية والمسؤولية تقع بكاملها على امريكا واسرائيل والرجعية في العالم والمنطقة. وهذا التصعيد العنصري الفاشي يطال الأقلية القومية العربية الفلسطينية التي تعيش في وطنها وستظل فيه مهما كان الثمن، اما التلهّي بتزييف التاريخ الناصع للشيوعيين والتقدميين من أناس مفلسين فهو "كالذبابة لا تختنق بل تغثي المنافس" هو أمر مقرف ممجوج مجرّب. فالذي يعيش ويتنفس على معاداة الحزب الشيوعي، والجبهة سيجد نفسه في طريق الاضمحلال، والتجربة أكبر برهان. ألمطلوب وحدة كفاحية بالقول والعمل، بالشعار والممارسة من اجل التصدي للفاشية الزاحفة والعدوان المبيّت وحلم دعاة الترحيل الذي لن يتحقق أبدا. وعلى الجماهير العربية وخاصة الاجيال الشابة ان تشعر بكامل الثقة والمسؤولية في وطنها، وان تضع كل ثقلها ضد الانغلاق والتعصب والعنف الذي هو الثغرة الأخطر لمحاولة تمرير سياسة الاجرام السلطوية.
#محمد_نفاع (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألشعب المصري المجيد والدور المنوط به والمتوخّى منه
-
جذر يتعمق وفرع يسمو
-
الالتقاء مع دمقراطية امريكا ضد دكتاتورية الآخرين خطأ فكري وط
...
-
هذا العهر الغربي تجاه ايران
-
المقاومة الحقيقية هي الموجهة ضد الغزاة المحتلين
-
دكتوراة في موضوع التحريض على الحزب الشيوعي
-
لتقوية الحزب الشيوعي الاسرائيلي وتمتين وَحدته وتوسيع صفوفه
-
قمة اعتراضية اسمها: غزّة وغبار المجد
-
قوة المقاومة وثقافة المقاومة
-
إنتخابات السلطات المحلية- إمكانات، صعوبات وتحديّات
-
رسالة الى السيد وليد جنبلاط
-
عرب امريكا وعارهم في لبنان
-
أهمية تتابع الاجيال في الحزب
-
ألمعايير الاساسية لمبدأ الاكثرية والاقلية
-
ألعلاقة بين الانتماء الفكري والموقف السياسي والتنظيم الحزبي
-
الولايات المتحدة هي مجرم الحرب وهي الارهاب حزبنا الشيوعي بُع
...
-
رباعية عربية متربعة على عِرض العرب وفتوى الدكتور الشيخ يوسف
...
-
ألرباعية الدولية وأضلاعها الأربعة
-
ألخطاب السياسي وجوهره القومي والوطني والديني والطبقي
-
مأساة الشرق الأوسط بين الأسباب الجوهرية والثانوية
المزيد.....
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
-
شاهد ما رصدته طائرة عندما حلقت فوق بركان أيسلندا لحظة ثورانه
...
-
الأردن: إطلاق نار على دورية أمنية في منطقة الرابية والأمن يع
...
-
حولته لحفرة عملاقة.. شاهد ما حدث لمبنى في وسط بيروت قصفته مق
...
-
بعد 23 عاما.. الولايات المتحدة تعيد زمردة -ملعونة- إلى البرا
...
-
وسط احتجاجات عنيفة في مسقط رأسه.. رقص جاستين ترودو خلال حفل
...
-
الأمن الأردني: تصفية مسلح أطلق النار على رجال الأمن بمنطقة ا
...
-
وصول طائرة شحن روسية إلى ميانمار تحمل 33 طنا من المساعدات
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة رجال أمن بعد إطلاق نار على دورية أمني
...
-
تأثير الشخير على سلوك المراهقين
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|