سلمان محمد شناوة
الحوار المتمدن-العدد: 2946 - 2010 / 3 / 16 - 20:31
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
يقولون ان تقاسم المناصب السيادية الثلاثة الأساسية المدخل الأساس لأية صفقة محتملة بين الكتل الأساسية، لاسيما توزيع منصبي الرئيس ورئيس الوزراء ... والصراع على هذه المناصب بدآ حتى قبل إن تبدأ عملية الاقتراع العام ... العيون كلها تتطلع إلى منصب رئيس الوزراء .. ولازالت هناك غصة في قلوب كل من أياد علاوي وإبراهيم الجعفري .. كل من ذاق حلاوة هذا المنصب ... وحرم منه فجأة بسبب أو بأخر .... إن كل الأحلام بهذا المنصب تؤرق كل ألاعبين على الساحة العراقية ... وكل اللاعبين ينظرون بشغف وشوق إلى هذا المنصب سواء من اللاعبين القدامى (( إياد علاوي والجعفري ..أو الجدد أمثال أياد جمال الدين وجواد البولاني وغيرهم ... هناك من اللاعبين يرضون بمقعد برلماني ...ولكن هناك من اللاعبين الذين لا يرضون إلا بحقيبة وزارية ...ورأينا كيف إن هناك أسماء ...تعتبر وجودها لا مفر منه في كل تشكيلة وزارية ... وهناك من اللاعبين لا يرضون إلا بالمنصب الأكبر وهو منصب رئيس الوزراء .... لاعبين كبار ولاعبين صغار ...لاعبين قدامى ولاعبين جدد ...واللعبة هي منصب له تأثير في كل المنطقة ... وتأثيره يمتد حتى إلى دول الجوار والعالم الثالث والأول ... ولا يثبت هذا المنصب إلا بموافقة من الراعي الأكبر أمريكا ...لعبة داخل لعبة ..وخريطة داخل خريطة ...ومصالح داخل مصالح ...هذا هو منصب رئاسة الوزراء في العراق .... وحتى نعرف خفايا والأعيب هذا المنصب نلقى نظرة قريبة متفحصة ....
أولا ...بعد ما يتم انتخاب برلمان جديد تصبح الحكومة حكومة تصريف أعمال إلى حين يتم انتخاب رئيس للوزراء، ومن ثم يكلف بتشكيل حكومة جديدة.
المادة (52):
«يدعو رئيس الجمهورية مجلس النواب للانعقاد بمرسومٍ جمهوري، خلال خمسة عشرَ يوماً من تاريخ المصادقة على نتائج الانتخابات العامة، وتعقد الجلسة برئاسة اكبر الأعضاء سناً لانتخاب رئيس المجلس ونائبيه، ولا يجوز التمديد لأكثر من المدة المذكورة آنفاً».
المادة (53):
«ينتخب مجلس النواب في أول جلسةٍ له رئيساً، ثم نائباً أول ونائباً ثانياً، بالأغلبية المطلقة لعدد أعضاء المجلس، بالانتخاب السري المباشر».
المادة (63):
«تتكون السلطة التنفيذية الاتحادية من رئيس الجمهورية، ومجلس الوزراء، تمارس صلاحياتها وفقاً للدستور والقانون».
المادة (67):
«اولاً : ـ ينتخب مجلس النواب من بين المرشحين رئيساً للجمهورية، بأغلبية ثلثي عدد أعضائه. ثانياً : ـ إذا لم يحصل أيٌ من المرشحين على الأغلبية المطلوبة، يتم التنافس بين المرشحين الحاصلين على اعلي الأصوات، ويعلن رئيساً من يحصل على أكثرية الأصوات في الاقتراع الثاني».
المادة ( 73 ) :
تنص المادة 73 من الدستور العراقي بان الكتلة الفائزة بالأكثرية الساحقة للأصوات وهي ( 50 + 1 )) , وإذا علمنا إن عدد أصوات مجلس النواب هي 325 صوتا لهذه الدورة, هذا يعني إن الأصوات المطلوبة 163 صوتا حتى نقول إن هناك أكثرية ساحقة . تقوم هذه الأكثرية الساحقة بترشيح رئيس الوزراء من بين أعضائها .....تقوم بتقديم هذا الاقتراح إلى البرلمان حتى يتم التصويت عليه تحت قبة البرلمان ....
في حال عدم موافقة البرلمان على الاسم المطروح من قبل كتلة الأكثرية من أصوات الناخبين , يتم ترشيح اسم أخر من نفس الكتلة التي تمثل الأكثرية كما قلنا ( 50 + 1 ) .....
وحين تتم الموافقة عليه من قبل البرلمان يصبح رسميا (( رئيس الوزراء لجهورية العراق )) فيقوم الرئيس العراقي بتكليفه بتشكيل مجلس الوزراء في الحكومة الجديدة .....
يتولى رئيس مجلس الوزراء المكلف، تسمية أعضاء وزارته، خلال مدةٍ أقصاها ثلاثون يوماً من تاريخ التكليف. ويُكلف رئيس الجمهورية، مرشحاً جديداً لرئاسة مجلس الوزراء، خلال خمسة عشر يوماً، عند إخفاق رئيس مجلس الوزراء المكلف في تشكيل الوزارة، خلال مدة الثلاثين يوماً.
يعرض رئيس مجلس الوزراء المكلف، أسماء أعضاء وزارته، والمنهاج الوزاري، على مجلس النواب، ويعد حائزاً ثقتها، عند الموافقة على الوزراء منفردين، والمنهاج الوزاري بالأغلبية المطلقة.
هذه القاعدة العامة في تشكيل مجلس الوزراء ولكن الأمر لا يتم بهذه السهولة , وصعوبة الأمر انه لايوجد كتلة تستطيع إن تحوز العدد المطلوب قانونا , حتى نستطيع إن نطلق عليها أنها الكتلة التي تشكل الأكثرية الساحقة ... لأننا وجدنا إن المالكي وهو الذي استطاع إن يحصل على اكبر عدد ممكن من المقاعد وأصوات في العراق لم يستطيع إن يحوز سوى على 120 صوتا , وهذا يعني إن يحتاج إلى 43 صوتا أخر حتى نستطيع إن نقول انه حاز العدد المطلوب حتى يكون أكثرية ساحقة وبالتالي تقوم كتلته بترشيح السيد نوري المالكي و يكون رئيس للوزراء ....فمن اين يأتي بالمقاعد المطلوبة إذن ؟!!! ... هذا من ناحية .... ومن ناحية أخرى إن التجارب الديمقراطية في الدول الأخرى أثبتت في تجارب عديدة , إن الكتلة الأكثر عددا في حالة لم يكتمل لها العدد المطلوب لتشكيل الحكومة , تستطيع الكتل الأقل منها إن تتألف وتشكل حكومة ضعيفة عبارة عن تألفات بين مجموعات صغيرة , ولكن هذه المجموعات الصغيرة سوف تشكل حكومة ضعيفة من ناحية , ومن ناحية أخرى تتحول الكتلة صاحبة الأصوات الأعلى إلى المعارضة ...وتشكل معارضة قوية .....
إن القوائم والكتل الأخرى تحتاج إلى ما يشبه المعجزة حني تستطيع تشكيل ائتلاف ينافس السيد نوري المالكي , وتقدم مرشحيها لمجلس الوزراء , ولكن هذه المعجزة قد تتحقق , حين تكون رغبة الإطراف الأخرى قوية في إبعاد السيد المالكي ... وبهذه الحالة يتحول السيد الماكي إلى المعارضة .....
ينص القانون كذلك....في حال لم تحصل أي كتلة فائزة على نسبة (50 في المائة+1)، فعلى الكتلة الفائزة أولاً الائتلاف مع كتلة أخرى لاختيار مرشح منها لمنصب رئاسة الوزراء وعرضه على البرلمان كي تتم الموافقة عليه، وإذا لم يحصل المرشح الثاني على النسبة المطلوبة بهذه الحال يصبح رئيس للوزراء من حصل على اكبر عدد من الأصوات المنافسة ...
هنا يأتي دور الائتلافات والاتفاقيات الجانبية حتى يصل إلى العدد المطلوب , وهذه الائتلافات والاتفاقيات تحتاج إلى صبر وحنكة وسياسة حتى يصل إلى الرقم المطلوب بأقل حجم ممكن من الخسائر والتنازلات للجانب الأخر ... والذي بطبيعة الحال يعلم كم هو الطرف الأقوى بحاجة إلى عدد حتى يتم الحصول على الأكثرية المطلوبة ..إن عملية الشد والجذب ..بدأت حقيقية حتى قبل الانتخابات .. وإطلاق بالونات الاختبار من أكثر من جهة المقصود منه معرفة رد الفعل لدى الاطراف ..لو تم عمل معين ما ردود الفعل عليها ..خاصة في الائتلافات التي خرجت بخسارة واضحة للعيان ....
من بالونات الاختبار التي تم إطلاقها (( القول الذي انطلق من قائمة المالكي )) بأنها لاتحتاج إلى الآخرين , ولا تريد الدخول مع الائتلافات الموجودة بتحالف ...وإنها إذا دخلت في ائتلاف يكفي إن تدخل بائتلاف مع مكون واحد فقط من الائتلاف الأخر .... وهي بهذا تكون قد ضربت أكثر من عصفور بحجر واحد ...فأولا تقوم بضرب إتلاف قائم فعلا بسحب المكون ذاك من تحت عباءة الائتلاف المعني ...ومن ناحية أخرى تقوم بالحصول على العدد المطلوب من الأصوات حتى تكون أكثرية لتقدم مرشحا في البرلمان ... والواضح إن المقصود في هذه الحركة هي احتمالية إن يقوم المالكي بالاتفاق مع الكتلة الصدرية ...للحصول على النسبة المطلوبة من الأصوات .. ويضعف بهذه الحركة الائتلاف الوطني من ناحية أخرى ... ولكن حتى يتم الاتفاق بين المالكي والتيار الصدري ...هناك شروط للتيار الصدري لا يتفق مع الماكي حثي يحققها له ... ومن أهم شروط التيار الصدري هي إطلاق معتقليه ...فهل يوافق المالكي على إطلاق معتقلي التيار الصدري ......
يدور ألان في الشارع العراقي إن التيار الصدري يشعر بنوع من التملل خصوصا بعد إن ظهرت النتائج الأخيرة , حيث يشعر ان له الفضل الأكبر في حصل الائتلاف الوطني العراقي على هذه النتائج , ويشعر إنه أصيب بغبن واضح بدخوله بتحالف مع الائتلاف الوطني , ويقول أكثر من واحد انه أن ألان إن يقوم التيار الصدري بدوره الحقيقي وهو القيادة لا الإتباع ... الشعور بالظلم هذا ربما يستطيع ائتلاف دولة القانون استثماره بصورة صحيحة ..ونحن نعلم إن السياسية هي مصلحة دائمة , ولا تعني أبدا صداقة دائمة ولا تعني بحال من الأحوال عداوة دائمة ....
يقول المالكي إن مشكلته الأساسية مع الائتلاف الوطني , شريكه السابقة عدم قدرته على تمرير كثير من المشاريع والتي يراها ضرورية جدا لخدمة العراق , فهو يخشى هذا القيد ويحاول قدر الممكن إن يشكل وزارة تكون منسجمة تماما حتى يستطيع إن يعمل بحرية ..
بنفس الوقت يقول الائتلاف الوطني انه شريك أساسي بالعملية السياسية , والمالكي يحاول إن يصدر قرارات انفرادية في مواضيع يعتقد الائتلاف الوطني ضرورة المشاركة بها ... من هنا كان الاختلاف بينهم ..
طارق الهاشمي أطلق هو الأخر بالون اختبار حين قال يجب إن يبقى منصب رئيس الجمهورية في العرب حصرا , بعيدا عن المكون الكردي , هذا التصريح اثأر غضب الأكراد , حيث قالوا إن هذا المنصب هو من حق أي عراقي سواء من الشمال أو الجنوب , والأكراد يرغبون بشكل حقيقي ترشيح لطلباني لدورة رئاسة ثانية , بالون الاختبار الذي أطلقه الهاشمي , القصد الأول والأخير منه هو تأثيره في اللعبة الدائرة ألان , وهو يريد اكبر قدر ممكن من التنازلات من الجانب الأخر , وربما بإطلاقه هذا البالون كأنه يبعث برسالة إلى الجانب الكردي بضرورة الوقوف معه للحصول على طلبات الجانب السني ...
إننا إمام لعبة سياسية الكل يتدخل بها ولا بد إن تصل إلى حالة التوازن بين كل الأطراف (( الشيعة والسنة والأكراد )) , إن حالة الجذب واشد والتي نراها في الساحة العراقية.... تعبر عن رغبة وقلق ...رغبة حقيقة من مكونات الشارع العراقي بدور فعال في أدارة هذا البلد , وبنفس الوقت تعبر عن قلق وخشية إن أدورها يمكن في لحظة يتقلص أو يتلاشى بسبب من الأسباب.... وبنفس الوقت يجب إن تصل إلى درجة التوازن بين أفراد المكون الواحد ...فاللاعبين الشيعة مثلهم اللاعبين الأكراد أو اللاعبين السنة....... أكثر من جهة وهؤلاء يوجد حالة شد وجذب شديد بينهم , وعدم التواصل إلى حالة التوازن بينهم .... يكون ضررها كبير على البلاد , لان انعدام التوازن بين الأطراف يكون نتيجته ماساوية في الشارع ...حين تزيد نسبة التفجيرات والآضطرابات وتحرك المليشيات وغيرها ...حالة التوازن مطلوبة جدا في الوضع الراهن ... والسياسة والحكمة مطلوبة بشده هذه الأيام ... والبديل المرعب هو الفوضى والتقاتل .....
نحن لا نستطيع تفسير اللقاء الذي تم في اربيل منذ أيام بين الأكراد وعادل عبد المهدي والقائمة العراقية إلا في أطار رصد الصفوف أمام الاجتياح الكبير لقائمة المالكي , بنفس الوقت دراسة الخيارات الممكنة لكل فريق حتى يعرف أي فريق اين يقف بالضبط وماهي نقاط قوته فيستثمرها بشكل صحيح , وماهي نقاط ضعفه ويحاول العمل على معالجتها ... ونقاط القوة لكل فريق هي قدرته في المفاوضة والضغط والحصول على اكبر قدر ممكن من التنازلات في هذه الأيام بالذات ....
ومهما يكن فان الأيام القادمة ستظهر المخفي وتظهر الحقائق ..... والثابت الوحيد لدينا ... إن الباقي الوحيد هو الشعب العراقي , والشعب العراقي استطاع الوصول إلى درجة من الوعي حتى يعرف الغث من السمين ... والعمليات المتراكمة للانتخابات والجذب والشد بين المكونات السياسية ..اثبتت لنا ولكل الناس ... إن الفاسد يزول والذي يبقى هو ما ينفع الناس .. وهذه حقيقة قبل فترة من الزمن كان متسيد على الساحة كثير من الوجوه التي انقرضت ألان ...وفقدت مصادقتيها بالشارع .. وهذا الذي قلناه كثيرا إن العملية الديمقراطية في العراق هي عملية تراكمية تصحح نفسها بنفسها ....
سلمان محمد شناوة
#سلمان_محمد_شناوة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟