|
لعبة الأمم الجديدة ( صناعة أيران )
هيبت بافي حلبجة
الحوار المتمدن-العدد: 2943 - 2010 / 3 / 13 - 19:50
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
التأصيل الأول : ليست المصالح هي التي تحرك النوازع البشرية ، إنما موضوعية التاريخي هي التي تحدد مسار وأفق المتغير . ولاشيء في هذه الحقبة من التاريخ بأقوى من دور الرأسمال المالي الذي يجاسد البنى الفوقية في الأصول النوعية لسطوة المؤسسات ، ومراكز القوى ، ونوايا التفاعل ، وعمليات الأنتاج والتبادل ، ضمن محتوى أسميه بالمتحركات الرملية في الأستراتيجيات الدولية ، حيث المبتغى يتمحور حول المتغير في الأستراتيجات الدولية ، لإن الثابتة منها تتآكل وفقاً لعوامل الحت التاريخي وقد تبلغ مستوى العقر والعقم ، هذا من جهة ، ومن جهة ثانية لأنها قد أوصدت المناهل على أحتواء عوامل الجدة في سوسيولوجية التاريخي ، لذا من الطبيعي أن تنمو تلك العوامل خارج هذه الأسترتيجيات التي سوف تنكمش لتندحر وتندثر ، مع تدبير فكري أحترازي هو إن العلاقة ما بين موضوعية التاريخي والأسراتيجيات الدولية تتوازى في العلاقة ما بين البنية التحتية والبنى الفوقية في تأطير أصول وسلوكيات لعبة الأمم . التأصيل الثاني : لقد أدركت مراكز القوى المؤسساتية في الغرب الرأسمالي إن مبعث وطبيعة هذه الأستراتيجيات الدولية لاتستمد فحواها فقط من الشرعية التاريخية ، إنما لامحيض عن إضفاء الشرعية لبعض الأحداث التاريخية كي تبان هذه الأخيرة وكأنها علل موضوعية في الأفرازات التاريخية . فهذه التماثلية المزجية ما بين الذاتي والموضوعي أو بالأحرى ما بين حدين إثباتيين هي الولاء الكيميائي في تحديد مصير أبعاد هذه اللعبة . التأصيل الثالث : إن ذهنية الرأسمال المالي تتباين في جذورها عن ذهنية الشرق الأوسط ( ذهنية ما قبل الرأسمال المالي ) في الخصائص التالية . أولاً : إن الرأسمال المالي يتلقف المجتمع في عملية هرس لامثيل لها ، ويكوره ليكور معه الأسرة والفرد وإنحناءات مبعث السلوك والأدراك . ثانياً : إذا إعتمد الشرق في قرارته العظمى على سياسة البعد الواحد ، وهو في الحقيقة البعد المتكسر ( الأردن ، اليمن ، مصر ) ، ليبلغ أحياناً حد الإقصاء والألغاء ( الأغتيال ) ( سوريا ، حزب الله ، حماس ، إيران ، إسرائيل ) ، فإن الغرب الرأسمالي يعتمد على قوة الأختراع والأبتكار والأكتشاف والتقدم العلمي . ثالثاً : إذا أعتمد القرار السيادي وغير السيادي في الشرق الأوسط على مستشارين للرئاسة لايفقهون من فحوى المسؤولية التاريخية إلا الشكل الكلامي ، فإن القرارات السيادية وغير السيادية في الغرب تعتمد على دراسات متعددة ومتنوعة صادرة بصفة رسمية من مراكز البحوث الموازية ، أو على دراسات لجان متخصصة سراً في مجال ( دراسة الشرق الأوسط على كافة الصعد ) . التأصيل الرابع : لقد بات في حكم المؤكد إن مراكز القوى الرأسمالية ، الكنيسة الكاثوليكية والشركات عابرة القارات ومنظمات عالمية ، أدركت إن سياسة القطب الواحد في الشرق الأوسط يهدد بعواقب وخيمة قد تحدق بمستويات الوجود نفسه ، بل قد يجمح هذا الشرق إلى الأبد ، لذا ، لامحيص من إعداد وتهيئة قطب ما في الشرق ، قطب يناصب العداء للغرب ولايعاديه ليكمل دائرته المفتوحة ، قطب في المركز الثاني ، في مركز النائب ، يسعى إلى الطغيان تاريخياً ، ويرهق المنطقة بظلاله ، أظلاف التوحش ، قطب يتمتع بالخصائص الجوهرية ، والصفات الأساسية لكل أعضاء لعبة الأمم ليغدو، هو الآخر ، لاعباً رئيسياً فيها ، فكان لامندوحة من صناعة إيران ( حيث النية ، التاريخ ، الموقع الجغرافي ، مصادر الطاقة ، المركز الثاني ) . التأصيل الخامس : أعتقد البعض إن أحتلال العراق والإطاحة بصدام كان الأختصاص منه إقامة دولة ديمقراطية علمانية دستورية ( ربما هذا ما سيحدث ، إذا ما أنتصرت إرادة الشعب العراقي التاريخي ، العربي والكوردي ) ، وأعتقد البعض الآخر إنه أختص بالسلاح الكيميائي الصدامي ، وأعتقد البعض الثالث إنه قواعد ثابتة في المصالح الرأسمالية ، أما نحن ، فإننا على يقين إن الأطراف الثلاثة أخطأت في إدراك جوهر القصد لسبب بسيط وواضح ألا وهو إن الإدارة الرأسمالية كان من الممكن الحصول على نتائج هذه (الإعتقادات ) الثلاثة دون أن تجشم مشقة إحتلال أفغانستان والعراق . والمسألة زمنياً أبعد من ذلك ، إذ تعود بجذورها إلى صناعة ( أبن لادن ) المقدمة التاريخية لصناعة أيران ، المقدمة الطبيعية ، مابين أهداف أخرى ، للإطاحة بالطالبان وصدام وثم تحرير الغول الإيراني جغرافياً ليتلقف المنطقة ( سورية ، لبنان ، والخليج ) . التأصيل السادس : نحن نعتقد إن منطوق التاريخي قد تبدل ( الحيثيات الأساسية ، طبيعة الأدراك ، السلوك ، الفكر ) ، وتجاوز مفهوم العسكرتاريا ، القمع ، الحرب المفتوحة ، ليتحرر الفرد من ربقة الجماعة ، وتضطر الدول إلى تحديث قوانينها وتغاير ذهنيتها السوسيولوجبة ، وهذا التصور ، لو أمعنا وأحدجنا النظر في كنهه الجديد ، لأدركنا أن الأسباب والمقومات الحدية في أستمرارية دولة أسرائيل قد تهاوت وأنهدرت ، بل لم تعد أسرائيل قادرة حتى على وعي فحوى مستقبلها ، وأختلط لديها الحابل بالنابل ، وستفقد السمت إلى الأبد ، مالم ، وفقط مالم ، تصالح شعوب المنطقة لتزرع الورد محل الشوك ، والسلم مكان الحرب ، والوئام بدلاً عن العداوة . بل الأنكى من ذلك إن الرأسمال المالي قد أدرك هذه الحقيقة عارية ، لذا بادرت الإدارة الرأسمالية في تأجيج جذوة التطرف والأرهاب الأسلاموي ، لتؤوب الدفق والحياة إلى التطرف والأرهاب الأسرائيلي ، لكن في هذا النزاع سيكون الغلبة ، تاريخياً ، للرأسمال المالي ، وأنتهاء البعد الدموي في التاريخ ، فلا مناص ، إذن ، من أن يتصالح الشعب اليهودي مع ذاته ، ومن ثم مع شعوب المنطقة . التأصيل السابع : أن من أهم سمات التاريخي ، هي أن الشعوب تقدح قريحتها في الأبداع ، والمساهمة في معطيات التاريخ ، إذا ما توفرت لديها أسباب الرخاء والتقدم ، لذا فإن الرأسمال المالي يسلب من شعوب الشرق الأوسط هذه المعادلة ، ليحايث أطراف التاريخ . من هنا تتصرف الإرادة الرأسمالية في أحتواء المعادلة التالية ( إرادة سورية ، وجود أسرائيل ، المفهوم المزيف للمقاومة لدى حزب الله وحماس ) من خلال أفتعال عاصفة هوجاء من المفاهيم ( القومية الصرفة ، الشخصانية الضيقة ) التي مجها التاريخ وتجاوزها . وإلا ليخبرنا أحدكم ، ما الذي جرى بين سوريا وأسرائيل في عام 1982 إبان الأجتياح الأخيرة للبنان . ثانياً لماذا أسرائيل متأكدة كل التأكد من عدم وقوع حرب أو عمليات حربية على الحدود السورية ، ثالثاً لماذا كان للرئيس الأسد الأب ( إلى جانب شاوشيسكي وبرويز مشرف ) رقماً معيناً في منظمة دولية مشتركة ، وهو الرقم 27 . رابعاً لماذا يتهادن الغرب في قضية الشهيد رفيق الحريري ، مع العلم إن التقارير الأمنية السرية لدى بعض الإدارات الغربية تؤكد ضلوع السلطات السورية في عملية الإغتيال . خامساً لماذا يتهاون الغرب في أستحواذ أيران للأسلحة النووية ، مع العلم إنها متأكدة كل التأكد وأكثر من أيران ذاتها ، من إن هذه الأخيرة سوف تمتلك تلك الأسلحة ، بل نحن نعتقد أن الأمر قد أنتهى وأيران ملكت . سادساً كيف يمكن أن نتصور أن ( حزب الله ) أمسى أقوى دولة في المنطقة بعد أيران ، وبمقدوره أحتلال ليس فقط لبنان إنما سوريا والأردن . سابعاً كيف يصرح الرئيس الإيراني بالقضاء على دولة أسرائيل ، ويلتزم الغرب بالصمت ، ما خلا تصريحات خجولة هنا وهناك . وثامناً وتاسعاً .. أليس هذا ما يريب !! . لكن بالمقابل ، ليس الوضع قاتماً دامساً يثير التشاؤم إلى ما لا نهاية ، لإن الفعلي الموجب يتصاعد وينمو ، هوالآخر ، ويتجلى في خمسة أبعاد أصلية حقيقية لاأرتياب فيها . البعد الأول : المقاومة الإيرانية التي تؤلف نزوعاً متقدماً في إعادة الموازين إلى التاريخي ومنعه من الأنفلاق . البعد الثاني : التجربة العراقية التي أنتصارها على الواقع المرير والأيادي الخبيثة المضرجة بالدم والعار والجريمة ، هو أنتصار لكل فرد منا ، أنتصار لكل شعوب المنطقة ، أنتصار للعربي ، للكوردي ، لللآشوري ، للماروني ، للقبطي . وهو دحر للمشاريع المناوئة للإرادة الشرق . البعد الثالث : التطور والتقدم في ملامح الديمقراطية المتنامية في الخليج العربي ، هي الدرع الحصين للحؤول دون أمتداد المشروع الفارسي وأستطالاته الديموغرافية . البعد الرابع : قوى 14 من آذار اللبنانية التي لامحيص من صمودها وديمومتها على أرضية ومعطيات أكيدة ، كي يتحرر لبنان من الأحتلال الإيراني . خامساً : حل القضية الكورية في تركيا يضيق الخناق على الأمتداد الإيراني ، ويمنح تركيا دوراً أعتدالياً في المنطقة . لذا نحن نعتقد ، إن إدراك التكامل والتضافر ما بين هذه العوامل الخمسة هو أساس القضاء على حالة الأستلاب والأغتراب في المنطقة ، هو أساس الولاء إلى شرق أوسط جديد ، متصالح مع ذاته ، متناغم مع أصوله وثقافته وتاريخه المشترك ..... [email protected]
#هيبت_بافي_حلبجة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الشيخ سعد الحريري ما بين العملية السياسية والدهنية الديمقراط
...
-
الدالة الفارغة ما بين هوبز وأفلاطون ( الحلقة الثانية )
-
الدالة الفارغة ما بين هوبز وأفلاطون ( الحلقة الأولى )
-
الدكرى الثامنة لإنطلاقة الحوار المتمدن
-
البيئي والجسمي مابين الفلسفة والعلم
-
المعارضة السورية مابين الإشتقاق والبنيوية
-
فلسفة ديكارت ... مابين السقوط والتساقط
-
فلسفة كانط ... ما بين السقوط والتساقط
-
فلسفة هيجل ... ما بين التهافت والنقض
-
الفكر ما بين الإشكاليات والتصور الغائب ( رؤية جديدة في تصور
...
-
الشرق الأوسط ....ما بين مخلبين الفارسي والرأسمالي
-
نقض نظرية الأخلاق لدى سقراط
-
مابعد غزة .... ما بين الوهم والتوهم
-
الرد على الدكتورة واثبة داود السعدي
-
الرد على الدكتور طارق علي الصالح
-
شيء من العقل .... شيء من النعال
-
إستقالة رب العالمين ... كل عام وأنتم بخير
-
نقض مفهوم اليأس لدى كيركجارد ... الحلقة الأخيرة
-
القيم .... ما بين الصاوي و القمني
-
سوريا وأيران ....ما بين لبنان والعراق ( الأتفاقية الأمنية وا
...
المزيد.....
-
روسيا تسيطر على قريتين في دونيتسك الأوكرانية وتواصل مكاسب مي
...
-
إعلام: رفع مستوى التأهب في قواعد أميركية عدة في أوروبا
-
روسيا تعلن سيطرتها على قريتين في منطقة دونيتسك الأوكرانية
-
انتقادات للحكومة العراقية بإهمال حقوق ذوي الاعاقة
-
الداخلية السعودية تنفذ حكم القتل بالشاخوري بعد إدانته بعدد م
...
-
الجيش الكوري الجنوبي: كوريا الشمالية أطلقت صاروخين باليستيين
...
-
غالانت: حماس منهكة وسنواصل عملنا لمنعها من إعادة بناء قوتها
...
-
أمين عام جامعة الدول العربية يكشف سر عدم وصفه 25 يناير 2011
...
-
احتجزوا رهائن إبان غزو صدام للكويت عام 1990.. ركاب رحلة طيرا
...
-
الجيش الإسرائيلي يواصل غاراته على حي الشجاعية واشتباكات بمدي
...
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|