أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - الخيط والخويطات














المزيد.....

الخيط والخويطات


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2944 - 2010 / 3 / 14 - 01:20
المحور: الادب والفن
    



ربما الكثير من العراقيين لا يعرفون إلا عادات وطقوس محافظاتهم ، والقلة منهم يبحث في التقاليد المجتمعية للمحافظات الأخرى .ومن التقاليد الحلية التي أدركناها (أكلة الباقلاء) كوجبة أساسية للفطور ، ومن الطريف ذكره أن الباحث السيد هادي كمال الدين رحمه الله ألف كتاباً بعنوان (مداعبات) عام 1949 م ضمنه قصيدة (إرجوزة) عن دعوة الدكتور (يوسف عبود) الحاصل على شهادة الدكتوراه في الكيماء من (ألمانيا) بعد عودته لبغداد مجموعة من أصدقائه – أدباء وعلماء ورجال ساسة وأساتذة جامعات – لوليمة في داره ، وكانت المفاجئة (أكلة الباقلاء ) ومايرافقها من مستلزماتها ، والحليون متمسكون بمثلهم الشعبي الذي يقول (باكله ومذهبها وياها) ويعني ذلك أن صحن الباقلاء لا تتم فروضه مالم يقدم معه (البصل) ، وحينما يتمازح العراقيون مع أصدقائهم الحليين – طلاب جامعة ، موظفون ، عسكريون – فيقولون لهم (خيطك) ؟ وتأتي أجابة الحلي (مثل خيطك) ، وإن أحس بسؤاله سخرية ما ، تأتي إجابته (مثل أخويطاتك) والفرق واضح بين الإجابتين ، ولتوضيح ما أُلبس بهذا الخصوص الخيط والخويطات ومم أتى نقول :-
أيام زمان _ متحدثاً عن الحلة _ والناس لا يملكون شيئاً إلا قيمهم التي تربوا عليها ، نعم هناك عدد أصابع اليد الواحدة ممن يملكون قوت يومهم ،والقلة أيضاً يتناولون الفطور ، وأغلب العوائل الفقيرة – وبأعتزاز أنا منهم – فطورهم (إستكان شاي) وقطعة من خبز شريف ، وبما أن الحكومات المتعاقبة لم تكن توزع مفردات الحصة التموينية ومنها الطحين فأغلب العوائل تشتري طحينها من أصحاب المحال التجارية ، وبما أن هؤلاء أصحاب المحلات هم أنفسهم يشترون الحنطة من مصادر شتى وبنسب جودة متفاوتة ويلجأون لأصحاب المطاحن البدائية لتصنيعها ، أذن فهي تتفاوت في جودتها تبعاً لنوعية الحنطة المشتراة ، ولأن الناس مختلفون بأرزاقهم فمنهم من يشتري الطحين الدرجة الأولى والأخر الثانية وهكذا ، أما القلة الميسورون فطحينهم من الدرجة الأولى ، وبما أن الجميع يذهبون صباحاً لبائعة الباقلاء التي سهرت ليلها لإنضاج باقلائها ، ويتحلقون حولها صبية وشباناً وكباراً من الرجال والنساء وكل يريد أن ينجز مهمته قبل الأخر ،فتطلب صاحبة قدر الباقلاء من المتبضعين منها أن يعلّموا أرغفتهم بخيوط نسيجية للتعرف عليها من قبلهم بعد أن تضعها بقدرها الكبير ، وهنا يبدأ السؤال منها ل (معاميلها) قائلة لهم (خيطك) ؟ فيأتي الجواب من هذه الصبية (أحمر) فتعطيها أرغفتها المبلولة(المنقوعة) بماء الباقلاء مع كمية من الباقلاء الناضجة ، وهكذا للبقية بألوان الخيوط المختلفة (أبيض ، أسود) الخ ،وكثيراً ماتحدث منازعات بين المتبضعين لتشابه الخيوط مما أضطر صاحبة الباقلاء إبتكار طريقة للخيوط المتشابهة بأضافة خيط آخر بلون آخر حسماً للنزاعات غير المرغوبة فيها صباحاً ،والسؤال كم يدفع المتبضع من الباقلاء من مال لصاحبة القدر الكبير من الباقلاء ، وهنا نعود كما أسلفنا حسب الحالة المادية فمنهم من يدفع (عشرة فلوس) ومنهم من يدفع (العانة) – عملة نقدية أستخدمت قبيل ثورة 1958 الباسلة –ومنهم من يدفع (فلسان) والفقير المعدم يدفع (فلس) ، وكل هذه الأختلافات في العملة تؤل للكمية التي سيحصلون عليها من حبيبات الباقلاء الناضجة كل حسب مادفع بتقدير صاحبة الباقلاء ، والى هنا أنجزت المهمة الأولى ، تعقبها مهمة أخرى تنجز في بيوت المتبضعين وكما أسلفنا حسب الموارد والأمكانيات المادية ، فمنهم من يضع عليها (الدهن الحر) المستخرج من الأغنام وهو الدرجة الأولى وأقله المستخلص من حليب (الماعز والأبقار والجاموس) ، ومنهم من يضع عليه (دهن الأخشاب) كما تسميه العامة من الناس وهو للفقراء ، والأغنياء طبعاً يستخدمون دهن الحر والبيض المقلي ويرش على الباقلاء مادة نباتية مطحونة تسمى (البطنج) ، وهو نبات طفيلي ينبت على السواقي أقرب نكهة وطعماً من (النعناع) .
لم نعد نرى في فيحائنا الحلة هذه العادات وأستعيض عنها بمحلات مزججة جميلة تستقطب المتذوقون لهذه الأكلة الشعبية أن لم تطبخ في بيوتهم أو من يستثقل عملية إنضاجها الشاقة .



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديوان البخيت
- التمرد على المألوف في القصائد الشعبية ( النهد انموذجا)
- أضلوع السجن
- بعيداً عن الضجيج ، قصائد تخترق الشغاف
- حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية
- الأنبياء فقراء ؟ أم الفقراء أنبياء ؟
- حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في
- امنيات ترفض التأجيل
- أبو عمشه
- أبن الشعب
- هوه الخمسين
- رسالة متأخرة لأبي سرحان
- ضمير أبيض
- روض


المزيد.....




- الفن في مواجهة التطرف.. صناع المسرح يتعرضون لهجوم من اليمين ...
- عائشة القذافي تخص روسيا بفعالية فنية -تجعل القلوب تنبض بشكل ...
- بوتين يتحدث عن أهمية السينما الهندية
- افتتاح مهرجان الموسيقى الروسية السادس في هنغاريا
- صور| بيت المدى ومعهد غوتا يقيمان جلسة فن المصغرات للفنان طلا ...
- -القلم أقوى من المدافع-.. رسالة ناشرين لبنانيين من معرض كتاب ...
- ما الذي كشف عنه التشريح الأولي لجثة ليام باين؟
- زيمبابوي.. قصة روائيي الواتساب وقرائهم الكثر
- مصر.. عرض قطع أثرية تعود لـ700 ألف سنة بالمتحف الكبير (صور) ...
- إعلان الفائزين بجائزة كتارا للرواية العربية في دورتها العاشر ...


المزيد.....

- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / أحمد محمود أحمد سعيد
- إيقاعات متفردة على هامش روايات الكاتب السيد حافظ / منى عارف
- الخلاص - يا زمن الكلمة... الخوف الكلمة... الموت يا زمن ال ... / السيد حافظ
- والله زمان يامصر من المسرح السياسي تأليف السيد حافظ / السيد حافظ
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - الخيط والخويطات