عمر قشاش
الحوار المتمدن-العدد: 896 - 2004 / 7 / 16 - 07:03
المحور:
أوراق كتبت في وعن السجن
الفضائح التي أظهرتها صور سجن أبو غريب في بغداد عن أشكال التعذيب الوحشي الذي يندى لها جبين الشرفاء في المجتمع الدولي, تظهر بوضوح الطبيعة العدوانية الوحشية للإمبريالية الأمريكية قلعة الإرهاب الدولي ضد الشعوب المناضلة في سبيل حريتها واستقلالها وسيادتها الوطنية.
لقد استنكرت كل قوى الخير والحرية في العالم هذه الجرائم والأعمال الوحشية البشعة والصور التي عرضتها وسائل الأجهزة المرئية وغير المرئية, ليست إلا تعبيراً عن طبيعة ودور الإمبريالية الأمريكية, التي تتحدث كذباً ونفاقاً إنها تعمل لنشر الديمقراطية في العالم, بينما في الواقع, تمارس أجهزة مخابراتها الإرهابية أشد أنواع التعذيب الوحشي ضد الشعوب..
لقد كشفت جرائمها الوحشية عن كذب ادعاءاتها بأنها تعمل لإحلال الديمقراطية في البلدان النامية, بدلاً من أنظمة القمع والإرهاب والاستبداد, واضطر قادة الولايات المتحدة الأمريكية المدنيين والعسكريين بما فيهم الرئيس بوش, أن يستنكروا هذه الجرائم الوحشية لأنها وصمة عار, وقد شكلوا لجاناً مختصة وفتحوا تحقيقات واستجوابات لكبار ضباط المخابرات في جيش الاحتلال حول هذه الفضيحة السياسية الكبرى.
إن استقالة ( تينيت ) مدير المخابرات الأمريكية لها أسبابها العديدة حسب ما نشرته الصحافة الأمريكية, ومنها الفضائح والجرائم التي ارتكبها ضباط المخابرات ضد المعتقلين في سجن أبو غريب.
إن فضيحة سجن أبو غريب في بغداد, هي جزء من السياسة الأمريكية العدوانية الإرهابية التي مورست ولا تزال منذ الحرب العالمية الثانية حتى الآن في أكثر من بلد في العالم...
إن استنكار قادة أمريكا وإدانة الجريمة البشعة التي ارتكبتها أجهزة الأمن, رغم أهميته, يجب أن لا يخدع القوى الوطنية العربية في بلادنا, فالجريمة الكبرى هي في العدوان الأمريكي البريطاني على العراق واحتلاله وتدمير بنيته التحتية واقتصاده, والجريمة الأخرى هي أن أمريكا تسكت وتبرر التدمير المنظم والشامل الذي تمارسه الدولة الصهيونية الإرهابية ضد الشعب الفلسطيني ومناضليه.
وقد مارست أمريكا في احتلالها للعراق ديكتاتورية وقمع وتعذيب لا يقل وحشية عن عهد صدام حسين, في سجن أبو غريب.
فالاستعمار هو الاستعمار والاحتلال هو الاحتلال, والرأسمالية الدولية هي الرأسمالية, هدفها الدفاع عن مصالحها والركض وراء الربح من كل مكان مهما كان الثمن, والتضحية بدماء الشعوب..
إن أيادي الإمبريالية الأمريكية وأجهزة مخابراتها ملطخة بدماء مئات الألوف, بل الملايين من مناضلي الشعوب في سبيل الاستقلال والحرية والكرامة, جرائمها في حربها العدوانية ضد الثورة الفيتنامية, وضد الثورة في كوريا الشمالية, وجرائمها في العديد من دول أمريكا اللاتينية, ضد القوى الثورية المناضلة ضد تدخل الإمبريالية الأمريكية في شؤونها الداخلية وفي سبيل الاستقلال والحرية والسلام العالمي ...
إن هذه السياسة التي تمارسها أمريكا في علاقاتها مع الدول والشعوب هي السمة العامة والوجه الرجعي للرأسمالية الدولية (العولمة), وهي تعبير عن طبيعتها العدوانية القائمة على الاستغلال والاستثمار وقهر الشعوب. ..
والجدير بالذكر فإننا لم نسمع أي من قادة الدول العربية عبر عن استنكاره لهذه الجريمة الوحشية البشعة في سجن أبو غريب في بغداد.
إن من أسباب عدم إدانة واستنكار القادة العرب هذه الجريمة البشعة يكمن في أن سجون الأنظمة العربية الاستبدادية مليئة بالمعتقلين السياسيين, ومعتقلي الرأي .
وتمارس أجهزة وضباط الأمن في البلدان العربية أشكالاً وفنوناً من التعذيب الجسدي والنفسي لا يقل وحشية عن صور سجناء أبو غريب, بل أشد وأقسى منها, وقد مات العديد من السجناء السياسيين, سجناء الرأي, نتيجة التعذيب, وهؤلاء هم شهداء قضية الحرية والديمقراطية, ولا نزال نسمع عن استشهاد مناضلين سياسيين تحت التعذيب الوحشي في سجون البلدان العربية, وتجري كل هذه الأعمال بمعرفة وتوجيه قادة هذه البلدان, لأننا لم نسمع عن معاقبة أي ضابط أمن عن جرائم التعذيب المرتكبة ضد السجناء السياسيين.
وبالإضافة إلى ذلك فإن شعوب الأمة العربية لا تزال محرومة من ممارسة حقوقها الديمقراطية في التعبير عن آرائها بحرية, و أنها تعيش في ظل أنظمة استبدادية قمعية, في ظل أحكام قوانين الطوارئ المفروضة على الشعب والتي مضى على إعلانها أكثر من أربعين عاماً...
والجدير بالذكر فإن عقوبة السجناء السياسيين, معتقلي الرأي الذين يناضلون, ضد الإمبريالية الأمريكية والصهيونية ومن أجل إطلاق الحريات الديمقراطية للشعب ومحاربة الفساد في أجهزة ومؤسسات الدولة, تصل عقوبتهم في محاكم أمن الدولة العليا إلى /15/ عاماً....
إنه بالرغم من مطالبة منظمات حقوق الإنسان في الدول العربية وفي العالم قادة هذه النظم العربية الاستبدادية بضرورة وضع حد لتعذيب السجناء السياسيين والإفراج عنهم, فالتعذيب لا يزال مستمراً والجدير بالذكر أن الأمم المتحدة وهيئاتها أصدرت منذ نشوئها حتى الآن عدداً من القوانين حول احترام حقوق الإنسان, وحقه في التعبير عن آرائه ومعتقداته السياسية والدينية بحرية تامة, ومنع التعذيب الجسدي, ووقعت كل الدول العربية على هذه القوانين, ولكن مع الأسف لا تلتزم هذه الدول بالمواثيق والقوانين الدولية....
هنا, وبالإضافة لذلك فإن دساتير جميع هذه الدول العربية تنص صراحة على احترام حرية الرأي, وتمنع التعذيب الجسدي وتعاقب مرتكبيه, ولكن القادة العرب لا يحترمون دساتير بلادهم, فإن تعذيب المعتقلين السياسيين قائم ومستمر حتى الآن... انتهى ...
# عمر_قشاش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟