|
الوضع الصحي في مصر علي ضوء نتائج تنفيذ البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك
إلهامى الميرغنى
الحوار المتمدن-العدد: 2943 - 2010 / 3 / 13 - 09:14
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
الصحة هي حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، وليس مجرد غياب المرض أو العجز.هذا التعريف، الذي تم التصديق عليه عند تأسيس منظمة الصحة العالمية. لذا تعد الصحة أحد المعايير الهامة للتنمية بشكل عام والتنمية البشرية بشكل خاص. ومنذ بدأت الأمم المتحدة في إصدار تقريرها السنوي عن التنمية البشرية وهي تستخدم مؤشرات الصحة والتعليم والفقر كمحددات لتقييم التنمية البشرية في بلدان العالم. تقر المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بالحق في الصحة إذ تنص على أن:"لكل شخص حق في مستوى معيشة يكفى لضمان الصحة والرفاهة له ولأسرته، وخاصة على صعيد المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية..."كما تضمنت المادة 25 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الإشارة إلى أنه على الدولة اتخاذ تدابير لضمان تمتع جميع المواطنين بمستوى معيشي مناسب، فيما يخص المأكل والملبس والمسكن والعناية الطبية والخدمات الاجتماعية الضرورية؛ كعناصر أساسية لمستوى معيشي مناسب على صعيد الصحة والرفاهة. تعرف المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الحق في الصحة باعتباره "... حق كل إنسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية يمكن بلوغه." لذلك يعني الحق في الصحة لدي منظمة الصحة العالمية أنّه يجب على الحكومات تهيئة الظروف المناسبة التي تتيح لكل فرد إمكانية التمتع بأكبر مستوى ممكن من الصحة. وتتراوح تلك الظروف بين ضمان الخدمات الصحية وظروف عمل صحية وآمنة وقدر كاف من المساكن والأغذية والأطعمة المغذية. لذلك كان الإصلاح الصحي علي رأس أولويات الرئيس كلينتون في حملته الانتخابية الأولي ولكنه لم ينجح علي مدي دورتين في تنفيذ ما جاء في برنامجه الانتخابي.لكن الرئيس براك أوباما وضع الصحة علي رأس برنامجه الانتخابي حتى وصل للحكم في 20 يناير 2009 . ودخل أوباما منذ اللحظة الأولي لوصوله البيت الأبيض معركة مع اليمين من اجل مد وتوسيع مظلة التامين الصحي. ورغم حدة المواجهات التي فاقت كل ما قابل الرئيس كلينتون أعتبر أوباما أنه عار علي الولايات المتحدة أن يعيش 45 مليون مواطن خارج مظلة التامين الصحي. لقد قال الرئيس أوباما في خطاب له في أغسطس الماضي " سيقدم الإصلاح لكل أميركي إجراءات حماية للمستهلك الأساسي التي تجعل شركات التأمين مسؤولة في النهاية. وقد أظهر بحث قومي أجري عام 2007 فعليا أن شركات التأمين تمارس التمييز ضد ما يزيد على 12 مليون أميركي في الأعوام الثلاثة السابقة لأنهم كانوا يعانون من حالات مرضية أصيبوا بها مسبقا. وكان تصرف الشركات إما برفض تغطية الشخص أو برفض تغطية مرض أو حالة معينة أو بطلب دفع مقابل مالي أعلى.ونحن سنضع نهاية لتلك الممارسات. وسيمنع برنامجنا الإصلاحي شركات التأمين من رفض التغطية بسبب التاريخ الطبي للشخص. ولن يسمح لها أيضا بوقف التغطية إذا مرض الشخص. ولن يكون في استطاعتها وضع حد قسري على قدر التغطية التي يمكن أن يتلقاها الشخص في أي عام أو طوال حياته. وسنضع حدا لقدر المال الذي يمكن أن يطلب منك من أجل النفقات خارج الميزانية. ولن يفلس أي شخص في أميركا لأنه أصيب بالمرض. والأهم من ذلك أننا سنطلب من شركات التأمين تغطية الفحوصات الروتينية والرعاية الوقائية والفحوصات الدورية، مثل إجراء الأشعة على الثدي ومنظار القولون. فلا يوجد سبب لعدم اكتشافنا لأمراض مثل سرطان الثدي والبروستاتا مبكرا. إن ذلك منطقي، فهو ينقذ حياة الناس، ويمكن أيضا أن يوفر المال. وذلك ما يتحدث الإصلاح عنه. إذا لم يكن لديك تأمين صحي، فستنعم أخيرا بخيارات جيدة معقولة التكاليف بمجرد أن نمرر المشروع. وإذا كان لديك تأمين صحي، فسنتأكد من أنه لا توجد شركة تأمين أو موظف حكومي يحول بينك وبين الرعاية التي تحتاج إليها. وإذا كنت تفضل طبيبك، فيمكنك الاستمرار معه. وإذا كنت تفضل خطة الرعاية الصحية التي تشترك بها، فيمكنك أن تستمر عليها. ولن تقف منتظرا في أي صفوف. وليس الأمر في أن تكون الحكومة مسؤولة عن تأمينك الصحي. فلا أعتقد أنه يجب أن يكون هناك أي شخص مسؤول عن قرارات رعايتك الصحية سواك أنت وطبيبك، وليس موظفي الحكومة أو شركات التأمين." لقد استطاع الرئيس أوباما أن يدير المعركة باقتدار حتى نجح في 24 ديسمبر وقبل مرور عام علي وصوله للحكم بالحصول علي قرار من مجلسي الشيوخ والنواب بالموافقة علي خطته للإصلاح الصحي والتي تتجاوز تكلفتها 900 مليار دولار. عندما أعلن الرئيس مبارك برنامجه الانتخابي عام 2005 أعتبر هذا البرنامج هو الدستور الذي يجب أن تعمل مختلف الوزارات والأجهزة التنفيذية علي تنفيذه. وقد تضمن البرنامج الصحي للرئيس ست محاور رئيسية للتطوير. فقد اعتبر البرنامج الانتخابي الصحي للرئيس مبارك أن الشعار الرئيسي لخطة الإصلاح الصحي هو تنفيذ برنامج " تامين صحي لكل مواطن". والآن بعد مرور خمس سنوات علي انتخاب الرئيس وقرب انتهاء فترة الرئاسة الحالية عام 2011. يصبح من المهم تقييم ماذا تم تنفيذه من برنامج الرئيس الانتخابي وأثره علي الحق في الصحة. الوضع الصحي في مصر قبل مناقشة البرنامج الانتخابي للرئيس علينا أن نتعرف علي الوضع الصحي في مصر من واقع المعلومات الموثقة التي تنشرها وزارة الصحة ووزارة المالية.
الإنفاق الصحي في موازنة 2009/2010 حوالي 15.9 مليار جنيه تمثل 4.5% من إجمالي الإنفاق الحكومي .ورغم ارتفاع الإنفاق الصحي من 897 مليون جنيه عام 1991 إلي 3.7 مليار جنيه عام 2000/2001 ثم وصوله إلي 15.9 مليار جنيه .فإن ذلك لا يعني تحسن الوضع الصحي في مصر لأكثر من سبب منها: - ربط زيادة الإنفاق بزيادة السكان. - ربط زيادة الإنفاق بمعدلات التضخم . لأن زيادة الإنفاق الصحي 10% مثلا بينما معدل التضخم 15% يعني أن الإنفاق الصحي انخفض بنسبة 5%. - سعر صرف الجنيه مقابل العملات الأخرى التي تشكل المصدر الرئيسي للأجهزة والمستلزمات الطبية والأدوية. - توزيع الميزانية الحكومية علي بنود الإنفاق كأجور ومرتبات واستثمارات ومواد وخامات. وكذلك توزيعها بين الوزارة المركزية والهيئات التابعة لوزارة الصحة والمحليات. - نسبة ما يمثله الإنفاق الحكومي إلي إجمالي الإنفاق الصحي والذي يمثل إنفاق الأفراد أكثر من 65% منه.
لذلك يجب أن ندقق ونحن نتعامل مع الزيادة النقدية في الإنفاق الحكومي. فرغم أن الأمم المتحدة تدعوا لزيادة نسبة الأنفاق الحكومي علي الصحة ليتراوح بين 10% و 15% من إجمالي الإنفاق الحكومي.أي ما بين 35.4 مليار جنيه و 53.2 مليار جنيه بينما الواقع في مصر لم يتجاوز 15.9 مليار جنيه.
رغم كل ذلك لو تأملنا الجدول السابق سنجد أن الإنفاق الصحي في فترة الرئاسة الأخيرة رغم زيادته النقدية من 9.6 مليار جنيه عام 2005/2006 إلي 15.9 مليار جنيه عام 2009/2010 . إلا أن الإنفاق الصحي تراجعت نسبته إلي إجمالي الإنفاق الحكومي من 4.7% إلي 4.5% وكان قد وصل إلي اعلي معدل له وهو 4.9% عام 2007/2008 ثم عاد للانخفاض بعد ذلك.
يقول الدكتور علاء غنام، مدير برنامج الصحة وحقوق الإنسان في المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وأحد خبراء السياسات الصحية في مصر: "إن استمرار الإنفاق الحكومي على الصحة عند نسبة متدنية لا تكاد تصل إلى 5% من إجمالي المصروفات العامة يعكس في الواقع إنخفاضاً في نصيب الفرد من الإنفاق العام على الصحة، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار معدلات التضخم والزيادة السكانية وزيادة أسعار الخدمات الصحية والأدوية. ومن غير المفهوم أن يستمر مسئولو الدولة في الحديث عن إصلاح القطاع الصحي وتوسيع مظلة التغطية التأمينية في الوقت الذي تظهر فيه ممارساتهم تراجعاً واضحاً في الاهتمام بالصحة." كما حذرت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية من استمرار تدني المخصصات المالية الموجهة لخدمات الرعاية الصحية في الموازنة العامة لعام 2009-2010، وأكدت على أن استمرار الإنفاق الحكومي على الصحة عند مستوياته الحالية لا يتناسب على الإطلاق مع حجم التحديات التي تواجه القطاع الصحي في مصر وكفالة حق المواطنين في الصحة. وطالب تقرير أصدرته المبادرة المصرية بزيادة الإنفاق الحكومي على الصحة، والاستخدام الرشيد للموارد المتاحة، وإشراك المجتمع المدني في صنع القرارات والسياسات المتعلقة بالقطاع الصحي. كما توصلنا من خلال البيانات الإحصائية المنشورة علي شبكة المعلومات الدولية " الإنترنت " إلي ارتفاع إجمالي عدد الوحدات الصحية بأسرة من 2145 وحدة عام 1998 إلي 2683 عام 2005 . إلا أنه خلال الفترة الرئاسية الأخيرة تراجع عدد الوحدات إلي 1942 وحدة. بل أن الوحدات التابعة لوزارة الصحة انخفضت من 1166 إلي 441 ومن ثم انخفاض عدد أسرة وزارة الصحة خلال الفترة الرئاسية الأخيرة من 78.5 ألف سرير إلي 62.9 ألف سرير . أي أن الفقراء فقدوا أكثر من 15.6 ألف سرير خلال الفترة الرئاسية الأخيرة.
رغم نمو وحدات القطاع الصحي الخاص من 947 وحدة عام 1998 إلي 1329 وحدة عام 2005.إلا أنها انخفضت لتصل إلي 1305 وحدة.وظل عدد أسرة القطاع الخاص لا يزيد على 26.8 ألف سرير تمثل 20% من أسرة المستشفيات.
فقد القطاع الصحي الحكومي 15.5 ألف سرير ولم يستطيع القطاع الخاص خلال الفترة الرئاسية الأخيرة إضافة أكثر من 600 سرير.يعكس ذلك أن القطاع الخاص عاجز بمفرده عن تقديم الخدمة الصحية لأكثر من 78 مليون مواطن بينما القطاع الحكومي رغم كل القيود المفروضة علي نموه ، وعدم توفير الإعتمادات اللازمة له لديه بنية أساسية لو تم تطويرها وتحديثها تستطيع تقديم خدمة صحية متميزة لكل الشعب المصري.
البرنامج الانتخابي للرئيس سبق أن أوضحنا أن البرنامج الصحي للرئيس يعتمد علي ست محاور رئيسية هي:
- المحور الأول "يستهدف تطوير هيئة التأمين الصحي الاجتماعي الحالية من الناحية الإدارية والمالية، بمفهوم يحقق الفصل بين إدارة الأموال وتحصيلها من جهة.. وتقديم خدمات الرعاية الصحية من جهة أخري.. بما يضمن استدامة التمويل، ورفع قدرة مقدمي الخدمات علي تقديم خدمة صحية عالية الجودة". - المحور الثاني "يستهدف تطوير ونشر صندوق رعاية صحة الأسرة في كافة محافظات مصر، باعتباره الجهة التي ستدير أموال المؤمن عليهم باستقلالية عن مقدمي خدمات الرعاية الصحية الأولية، والتي ستتعاقد مع جهات تقديم الخدمة علي المستوي اللامركزية". - المحور الثالث "يهدف إلي تحقيق تغطية كافة المواطنين الذين لا يشملهم نظام التأمين الصحي الحالي.. بنظام تأميني جديد.. تتم إدارته علي مستوي عال ومتطور، برؤية واضحة لحزمة من الخدمات الصحية التي يتعين توفيرها لكل مواطن".
تركزت المحاور الثلاثة الأولي من برنامج الرئيس علي التأمين الصحي وتطوير هيئة التأمين الصحي من خلال فصل لتمويل عن الخدمة.وإنشاء صندوق صحة الأسرة وصولاً لتحقيق التغطية الشاملة لكل المصريين.
لكن الواقع يختلف عن ذلك فحتي الآن لم يصدر قانون التأمين الصحي الجديد ولم يطرح للمناقشة العامة وتعتزم الحكومة طرحه علي مجلس الوزراء ودخوله مجلس الشعب دون مروره في المناقشة مع أصحاب المصلحة من المنتفعين.ولم تمتد مظلة التأمين الصحي لتشمل كل المصريين . لكن ما حدث علي أرض الواقع هو خصخصة هيئة التأمين الصحي من خلال صدور قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 637 لسنة 2007 بإنشاء الشركة المصرية القابضة للرعاية الصحية وتحويل جميع مستشفيات وعيادات التأمين الصحي إلى شركات تابعة لها.
هذا هو واقع ما تم لتنفيذ المحاور الثلاث الأولي من البرنامج الصحي للرئيس مبارك تحويل هيئة التأمين الصحي التي تعمل من خلال هيكل غير ربحي إلي شركة تعمل علي أسس الربحية.ومن يملك ثمن العلاج يحصل عليه ومن لا يملك لايمكن علاجه. لذلك جاء الحكم التاريخي لمجلس الدولة في الدعوة التي أقامتها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ومركز هشام مبارك للقانون.جاء ضمن حيثيات حكم محكمة القضاء الإداري: أن "الرعاية الصحية ليست مجالا للاستثمار والمساومة والاحتكار" و "أن الاتجاه للاقتصاد الحر لا ينبغي أن يسلب حق المواطن الرعاية الصحية عن طريق الدولة، ومن القواعد ألا تتخلى الدولة عن دورها في الخدمات الاجتماعية أو الصحية أو تعهد بها إلى وحدات اقتصادية (أي الشركة القابضة وشركاتها التابعة) حتى ولو كانت تابعة لها لأنها تهدف إلى الربح".
لم تتوقف خطة خصخصة الصحة عند محاولات إنشاء الشركة القابضة للرعاية الصحية.ورغم الحديث عن تطوير هيئة التأمين الصحي مالياً وإدارياً فقد توالت مجموعة من القرارات المعادية للحق في الصحة الذي يقره الدستور المصري وكافة المواثيق الدولية ومنها: - قرار رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين الصحي رقم 769 لسنة 2009 (بشأن فرض بعض الرسوم الإضافية للمنتفعين بنظام العلاج التأميني) في 28 سبتمبر 2009. ويفرض القرار لأول مرة على جميع فئات المنتفعين بالتأمين رسوماً للإقامة في المستشفيات بحد أقصى 50 جنيها.وينص القرار أيضاً على تحمل طلاب المدارس والمواليد الجدد 10% من قيمة الأشعة والتحاليل بحد أقصى 20 جنيها. كما يفرض رسوماً جديدة على كل من المواليد الجدد والعاملين في الحكومة والهيئات العامة عند تلقي الخدمة، تضاف إلى ما يدفعونه من اشتراكات تأمينية وتشمل رسوم كشف (تتراوح بين جنيه وخمسة جنيهات) ومساهمة في تكلفة الدواء (تتراوح بين جنيه ونصف وخمسة جنيهات عن كل تذكرة). - قرار رئيس مجلس إدارة هيئة التأمين الصحي رقم 855 لسنة 2009 بتعديل رسوم دخول المستشفيات الوارد بالمادة الثالثة من القرار رقم 769 لسنة 2009 ليكون جنيهاً واحداً فقط عن كل يوم علاجي وبحد أقصي عشرة أيام بالنسبة للمنتفعين بالقانون رقم 79 لسنة 1975 وتعديلاته وأصحاب المعاشات والأرامل.
بدأ تنفيذ المحاور الثلاثة من برنامج الرئيس الانتخابي بالتراجع عن فكرة التكافل الاجتماعي في القانون الحالي والذي يقدم من خلال هيكل غير ربحي. إلى شركة تجارية تعمل علي أسس تجارية وهو مارفضه حكم محكمة القضاء الإداري . كما أن القرارات المتتالية الصادرة عن الهيئة تؤكد إن تنفيذ هذه المحاور هو خصخصة التأمين الصحي رغم كل مايقال.
نشرت جريدة المصري اليوم في 21 أكتوبر 2009 نص المسودة 16 لقانون التأمين الصحي وهو ما واجهته لجنة الحق في الصحة في بيان لها حذر من المساس بالحزمة المتكاملة التي يقدمها التأمين الصحي.وحذرت اللجنة من استخدام آليات الحزم التأمينية المتعددة تحت مسميات جديدة – خاصة ما أطلق عليه "حزمة الكوارث الصحية الشخصية" ـ والتي ستحرم المشاركين من حقوقهم التي كفلتها قوانين التأمينات الاجتماعية (في التأمين ضد العجز والمرض والشيخوخة والبطالة وإصابات العمل والوفاة) خاصة في الأمراض الكارثية كالسرطان والفشل الكلوي والفشل الكبدي.
أما عن الرسوم والمدفوعات الإضافية، فإن المسودة المنشورة تقدم بديلين لتحديد قيمة هذه الرسوم والمدفوعات عند تلقي الخدمة (أي إضافة إلى الاشتراكات الثابتة): البديل الأول: نسبة لا تتجاوز 30% من تكلفة الدواء والخدمة خارج المستشفى ونسبة 5% من التكلفة داخل المستشفى. البديل الثاني: رسوم تدفع عند تلقي الخدمة (5 جنيهات للممارس، و7 جنيهات للأخصائي، و10 جنيهات للاستشاري، و20 جنيهاً للزيارة المنزلية)، ورسوم خدمات داخل المستشفى بحد أقصى 50 جنيها أو 5% من التكلفة، و30% من قيمة الدواء خارج المستشفى بحد أقصى 40 جنيها، وثلث ثمن الأبحاث خارج المستشفى بحد أقصى 50 جنيها.وقد أكدت اللجنة علي : - ضرورة استناد القانون إلى السلطة التشريعية في حقها الأصيل في الموافقة علي كل تفاصيله خاصة في محوري حزمة الخدمات التأمينية ونسب الاشتراكات. - ضرورة الكشف عن النص الكامل أمام المجتمع بشفافية لمناقشته باستفاضة قبل عرضه علي الجهات التشريعية. - ضرورة رفع نسبة مساهمة الخزانة العامة إلى المستويات الملائمة مجتمعيا بما لا يقل عن 10% من الموازنة العامة، انطلاقا من أهداف المجتمع في التنمية الصحية العادلة والشاملة والتي تكفل إتاحة الحماية التأمينية للجميع. - ضرورة إيجاد أساليب أكثر عدالة لتمويل ما يطلق عليه الكوارث الصحية الشخصية وعدم تركها لتقدير السلطة التنفيذية المطلق، بما يهدد الحق في الحياة لفئات واسعة من المواطنين.
هكذا تسير الأمور في تنفيذ المحاور الثلاثة الأولي من برنامج الرئيس وحتى الآن لا تزال العمالة بالقطاع الخاص غير المنظم ( 6 مليون عامل ) وعمال الزراعة والصيادين وعمال المحاجر وربات المنازل خارج التغطية التأمينية. وهو ما اعتبره الرئيس أوباما عار علي المجتمع الأمريكي . فهل تطبق نفس القاعدة في مصر.أم إننا نسير عكس التوجه العالمي . ففي الوقت الذي تتراجع فيه الولايات المتحدة الأمريكية زعيمة العالم الحر عن ترك الرعاية الصحية للقطاع الخاص . تتوجه مصر لإصدار قانون يحول هيئة التأمين الصحي إلي شركة خاصة.ولازالت مشاكل تمويل بعض الفئات التي يشملها القانون غير محددة. مما يطرح تساؤل هل سيتم طرح القانون واعتماده قبل نهاية فترة الولاية الحالية. أم سيترك لفترة رئاسية قادمة ؟!إن تطوير نظام التأمين الصحي الاجتماعي الشامل يشكل نصف البرنامج الانتخابي للرئيس مبارك.
- المحور الرابع " يتأسس علي استمرار التوسع في إنشاء وحدات الرعاية الصحية الأولية في كافة المحافظات.. من جانب الحكومة والقطاعين الخاص والأهلي.. هذه الوحدات هي المدخل الرئيسي لضمان تقديم ما يفوق70% من احتياجات المواطنين من الرعاية الصحية والوقائية، كما أنها تمثل عنق الزجاجة في إحالة المرضي- من خلال نظام واضح للمستشفيات، التي تقدم الرعاية الثانوية والمتخصصة.. بما يضمن حسن الإدارة وكفاءة الأداء" . بمراجعة المعلومات المنشورة عن الوضع الصحي بالأرقام نجد أن الوحدات الصحية الريفية قد ارتفع عددها من 3027 وحدة عام 2005 إلي 3131 وحدة عام 2007 . بينما نجد أن المجموعات الصحية الريفية ذات الأسرة قد انخفض عددها من 237 مجموعة صحية عام 2005 إلي 196 مجموعة صحية عام 2007 وانخفض عدد الأسرة من 2995 سرير إلي 2230 سرير خلال نفس الفترة.أي أن الريف فقد 765 سرير خلال السنوات 2005-2007 وفق بيانات الجهاز المركزي المنشورة. أما مستشفيات التكامل فقد ارتفع عددها من 433 مستشفي تضم 8878 سرير عام 2005 إلي 487 مستشفي تضم 9342 بإضافة 464 سرير خلال الفترة. رغم أن هذه المستشفيات تمت بدون دراسة كفاية والكثير منها معطل ولا يعمل. إذن فقد الريف 301 سرير من طاقته المحدودة هي الفرق بين ما تم تصفيته ضمن المجموعات الصحية وما تمت إضافته ضمن مستشفيات التكامل. كما يتأكد سوء توزيع الخدمات الصحية بين الحضر والريف. فرغم أن عدد سكان مصر وصل إلي مايقرب من 78 مليون 57% منهم يسكنون في الريف و 43% يسكنون في الحضر فإن عدد الأسرة في الريف يمثل 7.6% فقط من إجمالي أسرة القطاع الصحي. وإذا أردنا ربط ذلك بما تحقق خلال السنوات الماضية من واقع البيانات المنشورة علي موقع الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء فإن عدد الأسرة بالريف كان يمثل 9.1% من إجمالي عدد الأسرة حتى عام 1998 ثم بدأ التدهور ليصل إلي 7.3% عام 2005 و 7.6% فقط من طاقة الأسرة عام 2006 وبما يعكس سوء توزيع الخدمات الصحية بين الريف والحضر من خلال مقارنة عدد الأسرة بعدد السكان. ويؤدي ذلك لمزيد من انتشار الأمراض الوبائية بدء من عودة الملاريا والتيفود وتوطن أنفلونزا الطيور،والانتشار الواسع لأمراض السرطان والفشل الكبدي والكلوي في الريف المصري. يتحدث المحور الرابع من البرنامج الانتخابي عن استمرار إنشاء وحدات الرعاية الصحية الأولية بينما تطالعنا البيانات المنشورة بانخفاض عدد مراكز رعاية الأمومة والطفولة من 203 مركز عام 2005 إلي 171 مركز عام 2008 . وإنخفاض عدد مكاتب الصحة من 337 مكتب عام 2005 إلي 316 مكتب عام 2008.بينما زادت المراكز الصحية الحضارية من 303 مركز عام 2005 إلي 341 مركز عام 2008. هنا يبرز سؤال وهو كيف سيتم تطوير الرعاية الصحية الأولية في ظل انخفاض وتراجع عدد مكاتب الصحة ومراكز رعاية الأمومة والطفولة وهي المنوط بها الجانب الوقائي والتطعيمات؟! وكيف نطور الرعاية الصحية الأولية في ظل استمرار الخلل بين الريف والحضر؟! - المحور الخامس المضي في تطوير المستشفيات العامة، ومستشفيات التأمين الصحي، وكافة المستشفيات المملوكة للدولة.. علي نحو يتوافق مع تطوير نظم التأمين، التي سوف تتاح في المجتمع.. بحيث يصبح تنافسها دافعا لرفع جودة تقديمها للخدمات الصحية؛ تحقيقا لصالح المواطن. نحاول متابعة ما تم تنفيذه في هذا المحور من خلال التطور الكمي للمستشفيات والأسرة من واقع المعلومات الحكومية المنشورة. ـ ارتفع عدد المستشفيات العامة والمركزية التابعة لوزارة الصحة من 230 مستشفي عام 2005 إلي 248 مستشفي عام 2008 بإضافة 18 مستشفي جديد. ـ انخفض عدد أسرة المستشفيات العامة من 34542 سرير عام 2005 إلي 34354 سرير عام 2008. أي أن الانتشار زاد من خلال زيادة عدد الوحدات ولكن عدد الأسرة انخفض 191 سرير خلال الفترة. ـ رغم انتشار مرض السرطان فقد انخفض عدد مراكز الأورام من 8 مراكز عام 2005 تضم 514 سرير إلي 7 مراكز عام 2008 تضم 505 سرير. بذلك انخفضت أسرة الأورام بدلاً من أن تزيد. وإذا أضفنا لذلك مشكلة معهد الأورام القومي وتوقفه عن الخدمة سندرك خطورة ما يعاني منه مرضي السرطان في مصر. ـ انخفض عدد مستشفيات الصدر من 36 مستشفي تضم 6411 سرير إلي 32 مستشفي تضم 5775 سرير بانخفاض 636 سرير ما بين عامي 2005 و 2008 . كما انخفض عدد مستوصفات الصدر بأسرة من 6 مستوصفات تضم 161 سرير إلي 4 مستوصفات تضم 138 سرير وبانخفاض 23 سرير خلال الفترة.ذلك في الوقت الذي يعود فيه الدرن ليضرب مصر بشراسة وكأنه لا يتم الربط بين عدد الأسرة وعبئ المراضة وانتشار الأمراض . ـ رغم ارتفاع عدد مستشفيات الصحة النفسية من 16 مستشفي تضم 8182 سرير إلي 17 مستشفي تضم 6676 . أي انه تمت إضافة مستشفي واحد جديد فقط للصحة النفسية بينما انخفض عدد الأسرة 1506 سرير تمثل 18% من الطاقة التي كانت قائمة عام 2005. ـ انخفض عدد مستشفيات الحميات من 102 مستشفي إلي 42 مستشفي وانخفض عدد الأسرة من 9579 سرير إلي 5976 سرير . أي ان وزارة الصحة قامت بتصفية 60 مستشفي حميات وفقدت 5603 سرير.في نفس الوقت الذي توطنت فيه أنفلونزا الطيور وهاجمتنا أنفلونزا الخنازير، وفي ظل عودة الملاريا والتيفود وبما يعكس أن هذه القرارات تتم بمعزل عن أعباء المرض ومدي انتشارها. هكذا تعكس البيانات والأرقام حقيقة أن المحور الخامس أيضاَ لم يتحقق . بل أن معدلات عدد الوحدات وعدد الأسرة قد شهد تدهوراً ملحوظاً خلال الفترة 2005 إلي 2008 . ولا نعرف إلي أين ستصل المؤشرات بحلول عام 2010. - المحور السادس " يمضي نحو تحقيق اندماج محاور هذا التحرك ومكونات هذه المنظومة، خلال خمس سنوات.. في نظام واحد.. نظام يضمن لكل مواطن علي أرض مصر تغطية تأمينية.. للحصول علي رعايته الصحية التي يحتاجها في أي وقت، وفي أفضل مكان يختاره، بغض النظر عن قدرته المالية". لم يتحقق ذلك حتى الآن بدليل تدهور العديد من المؤشرات الصحية من واقع نشرات صادرة عن مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار مثل " الملامح الصحية للأطفال في مصر .. هل تغيرت؟ " والتي جاء بها: - معدلات الأطفال المصابون بالإسهال ويحصلون علي إماهة فموية وتغذية متواصلة كنسبة مئوية من الأطفال دون سن الخامسة 33% في مصر بينما النسبة 21% في جزر المالديف و22% في بوليفيا وغينيا. - لم تتلقي 22% من السيدات في الوجه البحري و 42% من السيدات في الوجه القبلي رعاية أثناء الحمل. - بلغت نسبة الأطفال قصيري القامة دون سن الخامسة 18% وبلغت 21% في محافظات الوجه القبلي. - 4% من الأطفال مصابين بالنحافة ( الهزال ). - انخفضت نسبة الأطفال الذين تلقوا تطعيمات بين عامي 2000 و2005 باستثناء محافظات الحدود ، وانخفضت في محافظات الوجه القبلي من 92.3% إلي 86.3%. - بلغت نسبة الإصابة بالأنيميا البسيطة بين الأطفال من 6 إلي 59 شهر 27.7% والأنيميا المتوسطة 20.6% والأنيميا الحادة 0.3%. - بلغت نسبة الأطفال دون سن الخامسة المصابين بأمراض الجهاز التنفسي الحادة حوالي 11% في الحضر و 8% في الريف، 6.8% في الوجه البحري و 10.7% في الوجه القبلي. - نفس الوضع ينطبق علي معدل وفيات الرضع لكل ألف مولود ومعدل وفيات الأطفال وحالة الماء والصرف الصحي وغيرها من المؤشرات التي تعكس تردي الوضع الصحي في مصر مقارنة بالعديد من دول العالم. - رغم النجاح الذي حققته مصر في القضاء علي بعض الأمراض مثل الكوليرا والحصبة وشلل الأطفال إلا أن بعض الأمراض عادت للظهور بشكل مقلق وخاصة الملاريا والالتهاب السحائي والسل الرئوي.
جودة الخدمات الصحية في برنامج الرئيس جاء ضمن البرنامج : " إنشاء هيئة قومية لضمان جودة الإدارة والخدمة بالمستشفيات، تشرف على منظومة الخدمة الصحية، ويتم من خلالها: • وضع برنامج الست سنوات لتطوير نظم إدارة المستشفيات العامة والتكامل والوحدات الصحية القروية وتأهيلها؛ للحصول على شهادات الجودة، وفقًا لنظم الجودة المختلفة، من خلال جهات محايدة تختارها هيئة ضمان الجودة. • وضع برامج سريعة لتدريب القيادات الإدارية الموجودة بالمستشفيات والمؤسسات العلاجية المختلفة. • وضع برامج سريعة للارتقاء بمستوى النظافة العامة للمستشفيات والتعقيم والرعاية، والتعامل مع المترددين والمرضى.
هذه طموحات الرئيس مبارك كما عبر عنها في البرنامج الانتخابي. ولقد تم تعيين الدكتور حاتم الجبلي وزيراُ للصحة منذ ديسمبر 2005 ليصبح المسئول عن تنفيذ البرنامج الانتخابي الصحي للرئيس مبارك.والدكتور الجبلي من مستثمري القطاع الخاص وله انحيازه الواضح تجاه قضايا الصحة.وقد عهد إليه تنفيذ البرنامج الصحي فماذا تم علي مستوي الجودة وتطوير المستشفيات.
خلال حواره مع الأستاذ مجدي الجلاد قال الوزير " أستطيع أن أقول لدينا أحسن وزارة صحة في الكرة الأرضية . لكن رغم ذلك نجد تصريحات أخري للوزير الجبلي تعطي انطباع سلبي عن مستويات الجودة رغم انه المسئول الأول عنها. ـ الجبلي في ٧/ ٨/ ٢٠٠٨ : " ناصر العام" أسوأ مستشفي في مصر . ـ أثناء زيارته لمستشفي الأقصر العام في ١٥/ ١٠/ ٢٠٠٨ قال " اللي أنا شايفه ده مش مستشفي". ـ عند زيارة حميات العباسية في 27/9/2009 قال " تجهيزات حميات العباسية «زبالة».. ونحتاج لتدريب الممرضات علي غسل الأيدي ". ـ كشف حريق قصر ثقافة بني سويف عام 2005 عن مخالفات جسيمة في مستشفي بني سويف العام الأمر الذي أدي لارتفاع عدد حالات الوفاة . ـ عام 2007 كشفت دفاتر دخول وخروج المرضي وتقارير العمليات بمستشفي أم المصريين بالجيزة عن ارتفاع نسبة الوفيات فيه بصورة ملحوظة نتيجة حدوث وقائع إهمال داخل غرف العناية المركزة وأثناء وبعد العمليات الجراحية. ـ حدوث وفيات عديدة حدثت في قسم الرعاية المركزة بمستشفي الفيوم في فبراير عام 2009 وقال وزير الصحة أنه أرسل الدكتور ناصر رسمي مساعد الوزير للمستشفى على رأس فريق فني فوجد أن أجهزة الرعاية "المونيتو" غير موصلة بالمرضى وأن رئيس الرعاية أخذ الأجهزة وأخفاها كما وضع كودا على جهاز الأشعة الصوتية حتى لايستخدمه أحد واتصل بوسائل الإعلام لتأليبها على المستشفى والوزارة . ـ يونيو 2008 انقطاع التيار الكهربائي عن مستشفي المطرية التعليمي وعدم وجود مولدات احتياطية مما أدي لعدة وفيات في الحضانات والرعاية المركزة. ـ نشرت جريدة البديل في مارس 2009 أن الوضع في مستشفي الزقازيق العام لا يمكن وصفه سوي بأنه مأساوي .. أطباء يصرخون طلبا للنجدة لهم ولمرضاهم «الغلابة».. ووسط هذه الظروف الكارثية كان علي الأطباء أن يحاولوا علاج المرضي.. ـ قال د. عصمت النمر استشاري الجراحة بمستشفي الزقازيق العام " المكان ما ينفعش يبقي مستشفي .. تلت المستشفي انهار والتلت صدر له قرار إزالة.. والمستشفي بيعالج 7 مليون شرقاوي وهو الوحيد في الزقازيق وأوضح إنهم يضطرون لوضع اثنين من المرضي علي سرير واحد.. ويقول: " هعالج أزاي أتنين علي كل سرير.. هامشي أزاي في الممر وكأني ماشي في زنقة الستات؟".كما حكي د. أيمن عبد الحارس استشاري النساء " إحنا في مبني قديم مافيهوش أسانسير.. ولما ييجي راجل مكسور في حادثة بيطلعوه للدور التالت متشال.. والمباني القديمة سلالمها عالية وغالبا بيقع المصابين بيقعوا من علي التروللي وتتدهور حالتهم".
كما انتقدت الدكتورة سامية جلال، مستشار صحة البيئة لمنظمات الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية في يوليو الماضي ، بشدة عدم اهتمام مصر بنشر الأرقام والإحصاءات الخاصة بمرضى السرطان والفشل الكلوي وغيرهما من الأمراض المتعلقة بالتلوث البيئي، حتى يتنبه المجتمع لأضرار التلوث البيئي ونتائجه. وقالت " أقل وصف يمكن أن نصف به المستشفيات - كما يقول الصعايدة - أنها (مطينة بطين)، بخلاف الإفراط في استعمال المضادات الحيوية، مما يزيد من مناعة البكتيريا، وفتحات التكييف والشفطات بها لا يتم تنظيفها منذ تركيبها، و(روحوا شوفوا شكل النظافة في المستشفيات إيه)".
هذا هو وضع الجودة في القطاع الصحي . أما إذا انتقلنا إلي المحددات الاجتماعية للصحة وتأثير أوضاع الفقر، والغذاء والبطالة علي الصحة. وكذلك انتشار العشوائيات وغياب المسكن الصحي وحرمان 90% من ريف مصر من الصرف الصحي. وتدهور جودة مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحي وانتشار الزراعة بمياه الصرف الصحي . والتوسع في استخدام الأسمدة الكيماوية والمبيدات .وارتفاع معدلات التلوث وتآكل الموارد الطبيعية كل ذلك ينعكس علي الحالة الصحية ولكن لا يتسع المجال لدراستها بتفاصيل أكبر.
كما ان ارتفاع حدة الاحتجاجات الاجتماعية للأطباء والصيادلة وأخصائي العلاج الطبيعي وأطباء الأسنان والتمريض وكذلك المرضي يعكس حدة الأزمة الصحية التي تعيشها مصر خاصة في ظل هجوم الأمراض والأوبئة.
يصعب علينا الحكم النهائي علي البرنامج الصحي للرئيس مبارك قبل نهاية ولايته الحالية عام 2011 . لكن المؤشرات العامة للأداء من خلال المعلومات الحكومية المنشورة تعطي انطباع سلبي. كما أن بقاء ملايين المصريين خارج مظلة التأمين الصحي ومحاولات تسليع الخدمات الصحية وفرض رسوم متوالية علي منتفعي التأمين الصحي تصل لمطالبتهم بتحمل ثلث التكلفة في العمليات الجراحية الكبري ، وفرض رسوم متتالية علي العلاج بالمستشفيات العامة.والخضوع لشروط الشركات الدولية للأجهزة والتجهيزات الطبية والدواء والتأمين الصحي يضع مزيد من القيود علي طريق تقدم البرنامج.
كذلك فإن ارتفاع عجز الموازنة العامة للدولة والنظام الحالي لتوجيه الاستثمارات يضع قيود علي مصادر تمويل برنامج تأمين صحي لكل مواطن. فهل يمكن أن تنتهي الفترة الرئاسية قبل أن ينجز الرئيس برنامجه الصحي. أم هل سيفعل خلال العام المتبقي ما لم يتم خلال الأعوام الخمس الماضية؟! ذلك هو ما تثبته الشهور القادمة من تطور صحة المصريين وقدرتهم علي تلقي العلاج المناسب للجميع دون تفرقة.
هل يفعل الرئيس مبارك كما فعل الرئيس أوباما ولا يخضع لضغوط شركات التأمين الخاص والمستثمرين. ويتبني مصالح الغالبية العظمي من المواطنين؟!!أم يخضع لضغوط البنك الدولي وشركات التأمين الطبي الدولية ورجال الأعمال؟!ذلك ما تثبته لنا الشهور القادمة.
إلهامي الميرغني مارس 2010
المراجع
#إلهامى_الميرغنى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفهوم ودور النقابات المهنية في مصر
-
اليسار المصري ومعضلات إعادة البناء
-
تحليل للتشكيل الجديد لمكتب الإرشاد بجماعة الأخوان المسلمين
-
وزير البيزنس .. عندما يصبح مسئولاً عن صحة الفقراء( 2-2 )
-
وزير البيزنس .. عندما يصبح مسئولاً عن صحة الفقراء(1-2 )
-
كلمات متقاطعة محاولة لفهم ما حدث
-
هرطقة يسارية
-
الوعي العمالي والوعي اليساري إضراب طنطا للكتان كنموذج
-
ماذا حدث لمصر والمصريين ؟!
-
مكافحة الفقر بين جهود الحكومة والمجتمع المدني والإسلاميين
-
علاقات العمل
-
تمثيل المرأة ونظام الحصة
-
التغيرات في بنية الطبقة العاملة المصرية
-
الفردية والاستثناءات وثقافتنا
-
الرأسمالية المصرية تجدد نفسها بإعدام الفقراء
-
لماذا نخاف من الأوبئة ؟
-
حرب الخنازير
-
الطريق لتحرير النقابات المهنية
-
اليسار .. الأزمة و الفراغ السياسي
-
السكة الحديد مرفق حيوي وكفاح عمالي متواصل
المزيد.....
-
وقف إطلاق النار في لبنان.. اتهامات متبادلة بخرق الاتفاق وقلق
...
-
جملة -نور من نور- في تأبين نصرالله تثير جدلا في لبنان
-
فرقاطة روسية تطلق صواريخ -تسيركون- فرط الصوتية في الأبيض الم
...
-
رئيسة جورجيا تدعو إلى إجراء انتخابات برلمانية جديدة
-
وزير خارجية مصر يزور السودان لأول مرة منذ بدء الأزمة.. ماذا
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير بنى تحتية لحزب الله في منطقة جبل
...
-
برلماني سوري: لا يوجد مسلحون من العراق دخلوا الأراضي السورية
...
-
الكرملين: بوتين يؤكد لأردوغان ضرورة وقف عدوان الإرهابيين في
...
-
الجيش السوري يعلن تدمير مقر عمليات لـ-هيئة تحرير الشام- وعشر
...
-
سيناتور روسي : العقوبات الأمريكية الجديدة على بلادنا -فقاعة
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|