أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - لا يريدون للأجراس أن تقرع !














المزيد.....


تأملات - لا يريدون للأجراس أن تقرع !


رضا الظاهر

الحوار المتمدن-العدد: 2939 - 2010 / 3 / 9 - 23:51
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



تأملات

لا يريدون للأجراس أن تقرع !

ضحايا جدد، وألوف من المهاجرين قسراً، ودورة عنف جديدة .. هذا ما حدث في الأسابيع الأخيرة، في مدينة الموصل خصوصاً، حيث قطعان الذئاب المنفلتة تجسد سلوكها البهيمي.
هل تتذكرون كنيسة "تهدئة العبرات" في شارع فلسطين، وكنيسة "سيدتنا ذات القلب المقدس" في حي المهندسين، والكنائس الأخرى في قلب بغداد، التي فجرها الوحوش يوم الثاني عشر من تموز الماضي ؟
الأحزان لا تقوى على تعطيل الذاكرة .. لابد أن الضحايا الأحياء يتذكرون. اليوم عاد الظلاميون يجولون في الغاب حيث شريعته تسود، وحيث تعجز السلطات المحلية وحكومة المحاصصات عن حماية المواطنين ودور العبادة .. دماء تسيل في الشوارع، وكنائس تُحرَق، وأجراس يسكتونها، وتراتيل يخنقون أصواتها، ونساء متشحات بالسواد ينتحبن على أحبتهن، وأخريات يرغمهن "إسلاميون" على ارتداء الحجاب .. وأهل البلاد الأصليون يسيرون في دروب الأحزان، حتى لكأن آلام يسوع تتجدد، وتتجدد بلا نهاية في بلاد ما بين النهرين.
والهجمات الأخيرة تذكّر المرء بحملة القتل التي طالت المسيحيين في الموصل أواخر عام 2008، فحصدت أرواح 40 مواطناً، وأدت الى هجرة جماعية لما يزيد على 12 ألف مسيحي عن منازلهم، فارّين الى حيث الأمان المفترض.
ومما يبعث على الأسى أننا لم نسمع أن قتلة المسيحيين، وسواهم من أبناء الأقليات، وقفوا أمام قضاء لينالوا جزاءهم العادل. ولكننا نواجه أكاذيب "المحررين" وازدواجية مواقفهم وتخبط سياساتهم التي أسست منهجية المحاصصات، وغذّت نزعات الاستحواذ وإقصاء "الآخر" وتهميشه، و"الآخر" هو، أساساً، الأقليات والنساء. أما "المقررون" فلا همّ لهم سوى امتيازاتهم ومغانمهم، واستمرار هيمنتهم على السلطة والثروة والنفوذ، ولا وقت لدى الحكام أو "ممثلي الشعب" يبددونه على "أهل الذمة".
واذا كان الحكام في الأيام العادية لا يسمعون، فكيف يمكن أن يصغوا الى نداءات المستغيثين في أيام استثنائية يتعالى فيها الصخب من أجل الكراسي. والله وحده يعلم ما الذي سيفعل البرلمانيون والحكام الجدد للمواطنين المسالمين، وهم يواجهون المعاناة المريرة والمصائر المجهولة.
ومن نافل القول إن الضحايا لا يحتاجون الى بيانات استنكار وإدانة، فقد شبعوا منها. ولا يحتاجون الى تشكيل لجان متابعة وتحقيق للمتاجرة بدماء الأبرياء وذر الرماد في العيون. إنهم بحاجة الى حماية حقيقية لحياتهم ووجودهم وضمان تمتعهم بالحريات والحقوق الأساسية.
ومن ناحية أخرى فانه لا يمكن لاجراءات أمنية بمفردها، مهما كانت واسعة، أن تشيع الأمن والاستقرار وتحمي حياة وحريات الناس. فهذا وهم لا يريد أهل المحاصصات الاعتراف به والتخلص منه، ربما لأن مثل هذا الاعتراف يمكن أن يضطرهم الى اتخاذ ما لا يرغبون به من خطوات قد تشكل تهديداً لمصالحهم. فلا أمن بدون إجراءات اقتصادية واجتماعية وسياسية وثقافية، وهذا هو السبيل الوحيد لتحقيق الأمن والاسهام، بالتالي، في إخراج البلاد من أزمتها.
إن المسيحيين، وهم سكان البلاد الأصليين، يتعرضون الى عملية "اجتثاث". فالعنف لا يتوقف عند حدود التصفية الجسدية، بل يستهدف وجودهم كأقلية. وما يجري منذ سنوات يهدف الى اقتلاع جذور بناة حضارة بلاد الرافدين. ومحنة المسيحيين تتجاوز حدود الاسلاميين المتطرفين لتشمل قوى سياسية محلية واقليمية يقلقها التنوع الديني والطائفي والقومي والثقافي، والتسامح بين العراقيين. والأقليات، التي كانت تشكل ذات يوم ما يصل الى 14 في المائة من سكان البلاد، تواجه محاولات محمومة لابادة ثقافتها وتحريم طقوسها تمهيداً لاستئصال وجودها. ومما يثير السخط، من بين حقائق مريرة أخرى، أن الكثير من الجناة الذين يلقى القبض عليهم لارتكابهم جرائم ضد المسيحيين والصابئة المندائيين والايزيديين وسواهم من أقليات العراق، تُنقَل دعاواهم الى محافظات أخرى بتأثير من أحزاب متنفذة، ومن هناك يطلق سراحهم تحت ذريعة عدم ثبوت الأدلة.
إننا أمام ثقافة ظلامية جديدة في هذه البلاد التي عُرِفت على مدى تاريخها بالتنوع الثقافي والتسامح الديني والطائفي، وأسهم أقوامها المختلفون في إرساء أسس حضارتها وإشاعة النور منها الى العالم. ولعلنا بحاجة اليوم الى أن نذكّر هنا بمثال من هذا التنوع والتسامح.
فقد كان للرسول الكريم جيران من أهل الكتاب يتعهدهم ببرّه ويهديهم الهدايا ويتقبلها منهم. ولما جاء وفد نصارى الحبشة أنزلهم الرسول في المسجد وقام بنفسه على ضيافتهم. ومما قاله يومئذ: إنهم كانوا لأصحابنا مكرمين، فأحب أن أكرمهم بنفسي. وهكذا فعل مع وفد نصارى نجران، إذ أنزلهم في المسجد، أيضاً، وسمح لهم باقامة صلاتهم فيه، فكانوا يصلون في جانب منه، ورسول الله والمسلمون يصلون في جانب آخر. وكيف لا يفعل رسول التسامح ذلك وهو القائل: "من آذى ذمّياً كنت خصمه يوم القيامة".
* * *
الظلاميون يريدون ذبح "أهل الذمة"، وتشريد من تبقى منهم، و"تطهير" البلاد من رجس "الكفار"، والقضاء، بالتالي، على التنوع الثقافي في بلاد التآخي بين الأقوام.
لا يريدون للأجراس أن تقرع، ولا للتراتيل أن تصدح، ولا للأطياف أن تزدهي بالألوان.
ويوغلون في وهم أنهم قادرون على انتزاع التسامح، وجذوره ممتدة عميقاً في قلوب أهل مابين النهرين.



#رضا_الظاهر (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تأملات - غياب المصداقية .. إخفاق الوعود
- تأملات - في نفق التنافس الانتخابي
- تأملات - منعطف سياسي حاسم
- تأملات - ذاكرة لا تشفى وعدالة مشبوهة !
- تأملات - تحت خط الفقر . . ما بين النهرين !
- تأملات - مرتجاهنّ الحرية في حدائق النور !
- تأملات - ننحت في حجر .. هذا هو مجدنا !
- تأملات -ثقافات جديدة- بينها الترقيع !
- تأملات أأضحى الصمت أصدق أنباءً ... !؟
- تأملات - هوس الاستحواذ !
- تأملات - رايات المرتجى في أيادٍ بيضاء !
- تأملات - فأر البرلمان تحت خيمة الأميركان !
- تأملات - تلك الأبواب .. هذه المرايا !
- تأملات - ائتلاف السخط والأمل !
- تأملات - أصوات .. وأصوات !
- تأملات - هواجس العزوف ولحن الصراع !
- تأملات - أغلبية معوزين وحفنة متخمين !
- تأملات - أربعاء الرماد .. أربعاء الأمل !
- تأملات - بايدن يتذكر -الحرب المنسية- !
- تأملات - حماة الكلمة .. من يحميهم !؟


المزيد.....




- أول تعليق لترامب عن المحادثات المباشرة مع -حماس-: نحن لا نعط ...
- زيلينسكي: سألتقي بولي العهد السعودي الأسبوع المقبل
- ترامب: أريد بدء محادثات نزع السلاح النووي مع روسيا
- ألمانيا: سجن خمسة أشخاص بتهمة التخطيط للإطاحة بالحكومة
- حظر تجول في الساحل السوري بعد مقتل 16 من قوات الأمن
- مبعوث ترامب عن الخطة العربية حول غزة: -خطوة حسن نية أولى-
- أردوغان: تركيا وقفت بشجاعة إلى جانب الفلسطينيين رغم ضغوط الل ...
- مظاهرة في السويداء رفضا لدخول قوات الحكومة السورية الانتقالي ...
- ترامب يجيب على سؤال عن زمان ومكان لقائه المنتظر مع بوتين
- الشيباني يتحدث من مكة المكرمة عن تهديدات تتعرض لها سوريا تؤث ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رضا الظاهر - تأملات - لا يريدون للأجراس أن تقرع !