أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية















المزيد.....


مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية


عذري مازغ

الحوار المتمدن-العدد: 2939 - 2010 / 3 / 9 - 17:16
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


من الصعب أن يتذوق الفقراء طعم الإشتراكية، فهم على الرغ من طقوس التعاضض التي تملأ جانبا مهما من حياتهم الإجتماعية، وعلى الرغم من التآزر والتكافل فيما بينهم، إلا أنهم لا يأخذون ذلك محمل الوعي الإيديولوجي لسيرورة حياتهم الإجتماعية، بل يأخذونه محمل الوازع الأخلاقي أو الديني أو العرقي أو الأسري فيما بين بعضهم البعض، وغالبا ماتحمل التفاتة رجل غني أو مسؤول حكومي، نحو هذه الفئات، طابعا مترسخا في الإعتقاد ترفعه إلى مستوى القديسين. إن الإقرار الراسخ بأن الله وزع الخيرات بدرجات متفاوتة بين الناس لخطيئة الإبتلاء، يحث على الإعتقاد أيضا بأن الأمور قد قدرت على الناس ليبلو كل منهم بلوه وبأن الجزاء عاقبة البلوى، فإن عمل صالحا كان جزاؤه حسنا، وإن عمل شرا جزي بما يستحق. إن البطالة المتدفقة مع صرح العولمة الجديدة لا ينظر إليها على أنها نتيجة حتمية لاحتكار الثروات من طرف المؤسسات المتعددة الجنسيات، بل ينظر إليها بما تحمله في حقائبها من استثمارات تلوح في أفق انتعاش الإقتصاديات وتحمل على الإعتقاد أنها توفر فرصا هائلة من الشغل بينما هي في الحقيقة لا تنعش سوى تكديس ثرواتها هي بالتحديد. وأن القلة القليلة من الذين أنعموا بفرصة شغل أتت بها الإستثمارات الجديدة لا يعدو أكثر من ذر الرماد في وعي الجماهير، رماد يحمل على الإعتقاد، أن هؤلاء المحظوظين، محبوبون عند الله، وأن تدفق الرساميل إلى بلد ما هو بمثابة هبة حظ توفرها لإنقاذ العالم.

إن الهالة الإعلامية وحجم الأرقام التي تصوغها والتي تنزل بها في بلد ما لاتدع فرصة لعقلنة مضامينها ولا محتوياتها الإقتصادية الحقيقية ولا هي تتيح أن يتعقلن التفارق الإجتماعي الذي تحدثه. إن ضغط الحياة اليومية، والإنبهار أمام تدفق السلع وغياب القدرة الشرائية، يعطي الإنطباع أن العالم الغربي قد وقف على حدود انهياره، لكن أغلب الذين يدمنون على نهاية التاريخ، يدركون جيدا أن التاريخ الذي انتهى هو تاريخ الشعوب المستضعفة، وأن الهامش التاريخي المتبقي للرأسمالية المتوحشة يكمن في إماتة وتقتيل هذه الشعوب المستضعفة وافتراس ما تبقى من ثرواتها الطبيعية باثارة المجاعات حينا وبإعلان الحروب والكوارث أحيانا أخرى بأسماء تستعير ما يناقض الحق في الحياة (الإرهاب، الديكتاتورية، اسلحة الدمار الشامل...) مبررات كافية لإعلان الحروب الإستباقية وتقتيل الشعوب لا أكثر من ذلك. إن العالم الغربي ليس في التحليل الأخير سوى تعبير عن أنا حضارية تبهر الشعوب بينما الرفاه الذي تعيش عليه شعوبها ليس سوى لقمة مسروقة من أفواه المجتمعات الفقيرة لإسكات جياع مجتمعاتهم. وأن مضمون استثمارها في الدول الفقيرة هو هذه السرقات بالذات. إن الصناعات المنتجة الهائلة التي تعتمد التكنولوجية الفائقة التطوير تزيح آلاف وملايين العمال كل يوم، وهي الحقيقة الثابتة حتى الآن، أما الاستثمارات التي تغو أسواقنا كل يوم فلا تعدو أكثر من رقم اجمالي تصاغ فيه أعداد وهمية لساعات العمل وفرص الشغل، لتعطي ما يبرر قدومها وأهمية مشروعها بينما هي مشاريع آلات تفترس كل شيء.

قديما قال ماركس بحتمية التاريخ وظهور المجتمع الشيوعي، واعتبر مدمنوا نهاية التاريخ ذلك بمثابة ميتافيزقا مقننة بمعادلات الجدل المادي، وأنه يستحيل صناعة الجنة على الأرض، قدموا جنة ماركس في حلة ميثالية يستحيل فيها الإدراك مستنجدين باستحالة أن يتساوى الناس فيما بينهم على اعتبار الجهد الذي يبدله كل فرد في انتاج حياته، واستحالوا الزمن الذي تستند فيه قيم الإنتاج إلى قوة الآلة، حيث سينتج عن ذلك جيوش مجيشة من العاطلين، كما ستتقلص الموارد الطبيعية التي يلعب وسيلعب التطور التكنولوجي دورا حاسما في تخريبها كما سيضطر الناس إلي تقسيم قيم الانتاج التي تنتجها الألات.ألا تبدوا بوادر هذا المجتمع جلية من الآن؟

قلت في البداية أنه من الصعب علي فقراء العالم أن يستصيغوا طعم الإشتراكية، فوجود مجتمعات تؤمن بالإشتراكية في ظل وجود مجتمعات رأسمالية غنية باحتكارها مخزون الثروة العالمية من خلال فرض هيمنتها على المصادر الطبيعية والاستغلال المرحلي لليد العاملة الرخيصة، بتوجيه استثماراتها إلى دول العالم الثالث، وفرضها بالشروط التي تتيح فرصا خيالية للربح بما يتيح خلق الظروف الملائمة لإسكات التناقضات الإجتماعية التي تهدد كيانه في جبهته الداخلية وذلك بتوفير منح التعويض عن البطالة، توفير التغطية الصحية، إنعاش الخدمات المدنية وما إلى ذلك مما يدخل مجتمعاتها في سكرة الرفاه، بينما الدول التابعة لها تعيش على وهم خرافة حجم الإستثمارات الأجنبية.وجود هذه المفارقة التقارنية تدفع الفقراء إلى وهم اللحاق بالأغنياء بما يعطل مشروع المجتمع الإشتراكي، فاللحاق هذا مستحيل بسبب هيمنة العلاقة الكولونيالية على هذه الدول.

إن اعتماد ماركس على الطبقة العاملة، كان يرتكز في المرحلة التي كان فيها العمال القوة الإنتاجية الضاربة في عملية الانتاج، كان يرتكز على دور الوعي الإيديولوجي لهذه الطبقة وكان هذا الدور مفاده أن تختصر الطبقة العاملة الوجود بالقوة للمجتمع الإشتراكي إلى مستوى الوجود بالفعل، استنادا إلى الوعي النظري بتناقضات المجتمع الرأسمالي، ولعل هذا ماعجل به ماو تسي تونغ عند إعلانه الثورة الثقافية، لكن وكما قلت سابقا، فإن وجود مجتمعات اشتراكية، لاتحمل هذه الطبيعة الإيديولوجية، إلى جانب قوى رأسمالية محتكرة لمصادر الثروة يمنع مثل هذا الوعي من خلال تلك المفارقة العجيبة بين مجتمع الرفاه ومجتمع التقشف في العيش.

كان ماركس، استنادا إلى هذا الوعي الذي يرتكز على دور الطبقة العاملة في المجتمعات الرأسمالية، يرمي إلى أن تعجل هذه الطبقة انجاز هذه الثورة، وعلي الرغم من أن ليني فطن إلى دور نمط الانتاج الإمبريالي كمرحلة تاريخية لسيرورة الرأسمالية، من منطلق التنفيس علي أزماتها من خلال توفير مجتمع الرفاه على طريق اشتراكية برنشتين، فان لينين لم يكن يفطن إلى اضمحلال الطبقة العاملة من خلال التدبير التكنولوجي لعملية الإنتاج.


في الختام، ولو أن هذه الورقة لم تلم بالموضوعات التي تثيرها جملة من الأفكار الواردة فيها، أتمنى صادقا أن تكون ورقة تفتح النقاش عميقا بما يحمل على البحث أكثر



#عذري_مازغ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو تأسيس مزبلة إلكترونية
- بمناسبة 8 مارس
- من وحي ألميريا
- حول تأصيل اللغة الأمازيغية
- كولن ولسن وتجريد اللامتجرد
- أحلام دونكشوت مغربي4
- أحلام دونكشوت مغربي3
- لي في عينيك
- أحلام دونكشوت مغربي2
- أحلام دونكشوت مغربي
- طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب2
- طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب
- حكايا من المهجر 2
- تطوان أو تيطيوين(العيون)
- حكايا من المهجر
- هكذا تكلمت بقرة
- مدخل لنقض مفهوم -الإنتقال الديموقراطي-
- في الذكرى الثامنة لميلاد الحوار المتمدن
- الرقص على إيقاع سمفونية برنشتاين
- عندما يتحول الخبز إلى غرام


المزيد.....




- نبيل بنعبد الله يعزي في وفاة شقيق الرفيق السعودي لعمالكي عضو ...
- الحزب الشيوعي العراقي: تضامنا مع الشيوعيين السوريين ضد القر ...
- موسكو: ألمانيا تحاول التملّص من الاعتراف بحصار لينينغراد إبا ...
- مظاهرات بألمانيا السبت وغدا ضد اليمين المتطرف
- النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 589
- تحليل - فرنسا: عندما يستخدم رئيس الوزراء فرانسوا بيرو أطروحا ...
- برقية تضامن ودعم إلى الرفاق في الحزب الشيوعي الكوبي.
- إلى الرفيق العزيز نجم الدين الخريط ومن خلالك إلى كل مناضلات ...
- المحافظون الألمان يسعون لكسب دعم اليمين المتطرف في البرلمان ...
- استأنفت نيابة العبور على قرار إخلاء سبيل عمال شركة “تي أند س ...


المزيد.....

- الذكرى 106 لاغتيال روزا لوكسمبورغ روزا لوكسمبورغ: مناضلة ثور ... / فرانسوا فيركامن
- التحولات التكتونية في العلاقات العالمية تثير انفجارات بركاني ... / خورخي مارتن
- آلان وودز: الفن والمجتمع والثورة / آلان وودز
- اللاعقلانية الجديدة - بقلم المفكر الماركسي: جون بلامي فوستر. ... / بندر نوري
- نهاية الهيمنة الغربية؟ في الطريق نحو نظام عالمي جديد / حامد فضل الله
- الاقتصاد السوفياتي: كيف عمل، ولماذا فشل / آدم بوث
- الإسهام الرئيسي للمادية التاريخية في علم الاجتماع باعتبارها ... / غازي الصوراني
- الرؤية الشيوعية الثورية لحل القضية الفلسطينية: أي طريق للحل؟ / محمد حسام
- طرد المرتدّ غوباد غاندي من الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) و ... / شادي الشماوي
- النمو الاقتصادي السوفيتي التاريخي وكيف استفاد الشعب من ذلك ا ... / حسام عامر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عذري مازغ - مقاربة تصورية حول الحتمية الاشتراكية