أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحمد الخمسي - خطوة إلى الوراء خطوتان إلى الأمام















المزيد.....

خطوة إلى الوراء خطوتان إلى الأمام


أحمد الخمسي

الحوار المتمدن-العدد: 2940 - 2010 / 3 / 10 - 00:06
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


في الأسبوع الماضي، في الدار البيضاء، في الحزب الاشتراكي الموحد، قدمت الدكتورة جميلة ملخص أطروحتها الأكاديمية في الاقتصاد بصدد حصيلة المغرب من التقسيم الجهوي. وفي تطوان، قدم كل من الأساتذة النشناش والسعود واعكيدة وبوطالب والأندلسي آراءهم حول الجهوية، في جمعية تطاون أسمير. ونفس الشيء في الكلية المتعددة التخصصات بجامعة عبد الملك السعدي.
والمتداول إلى الآن، هو أننا نتراجع نحو الجهوية، لنحاول التقدم نحو التحديث والدمقرطة. فالانعطاف نحو الجهوية اعتراف بفشل نصف قرن من السياسة المركزية البسيطة. وإعلان عن فشل سياسة الجماعات المحلية المنتخبة منذ 1976 إلى اليوم. وإلا لم نكن نتبع غير النهج المحسوب على الليبراليين في قواعد اللعبة السياسية، مما فسر الابتعاد الواعي المبكر عن الحزب الوحيد، وادعاء البقاء تحت سماء الحرية بدل مساحة المساواة. فلم نكسب الليبرالية والتي تعتبر الإطار الضروري لتحيى ديمقراطية الاقتراع العام رفقة اقتصاد السوق. h
فالآلة الانتخابية التي استمرت تشتغل في المغرب منذ 1963 إلى اليوم، جعجعة ولا طحين. الدقيق الانتخابي يخرج مختلطا بسواد "السوسة". في كل مرة تتحدث الدولة عن أشغال صيانة. ثم لا تلبث تجد نفسها مضطرة للبحث عن الزبناء للمشاركة في عمليات الطحن قصد استخراج دقيق من النوع الجيد.
وكانت في كل مرة تكتفي بالاحتفال بموسم الطحن، وتضيق دائرة المدعوين للاحتفال بنجاح عملية التنخيب للإعلان للعالم أن ماكينة الدولة ليست قائمة على القهر، بل بنية من الوساطة بين الناخب والمنتخب. في الوقت الذي ما زال الموظفون السامون المغاربة في أجهزة السيادة ينطلقون من تقاليد اليمين الفرنسي بداية القرن التاسع عشر بعد سقوط نابليون في الأسر الأنجليزي، المؤمنة بكون الملكية والديمقراطية عدوان لذوذان.
والخوف المستمر من الصحافة الذي ما زلنا نعيش تكراره بين الفينة والفينة، والعبث من طرف بعض الصحافة بجودة المنتوج الصحفي، كلاهما سقوط من الجانبين في مفهوم التناقض الأبدي بين الملكية والديمقراطية.
اليوم أمام الدولة مهمة تفكيك شبح الكاريزما الكامنة في صلب الكائن الأصولي. وأمامها، أيضا، مهمة الفصل بين السبب والذريعة في قضية الصحراء. لذلك، تسعى إلى ما اتفقت عليه الطبقة السياسية في كل بلد تبنت الجهوية أو الفيدرالية، بتوافق مع القوى الدولية التي تشترك دائما مع المجتمع المعني لتكسير شوكة الدكتاتورية الكامنة لتقليص أسباب الحروب الاقليمية.
لكن، قد تنجح الدولة في لعبة "طوريرو" بالتلويح بالمنديل الأحمر أمام الشعب الهائج كالثور في اللعبة المذكورة. قد يسقط جيل آخر في لعبة المنديل دون أن ينتبه لسيف "طوريرو". لكن الأجيال الموالية قد تدخل في رهانات متناقضة حمقاء تذهب بالثور والطوريرو والجمهور نحو كارثة مدمرة زمنا طويلا.
والحال، أن نسبة عالية من العقلانية تهيمن على العقل السياسي المغربي. لكنها رهينة بنيات اقتصادية وأفكار سياسية وعلاقات اجتماعية ميالة نحو البطء والمحافظة. وتظهر كأنها توأم لنقص في الثقة بين المجتمع والدولة بدل أن تعني أنها ثمرة لما يكفي من الثقة بين الطرفين. فالعقلانية المحسوسة بين المغاربة، تظهر وكأنها توجس وتربص وهدوء لا يعلم أحد ما سوف يتبعه. بدل أن تكون اطمئنان منهجي مرافق وموجه لعمل هادئ في المؤسسات.
فهذا التجاور بين الهدوء العقلاني وبين عمل ماكينة الانتخابات باهتزازات مستمرة، تظهر ذبذبتها في ترحال البرلمانيين وعدم استقرار العمل الحزبي، وعدم اكتمال تشكل الأقطاب الإيديولوجية الثلاثة. تجاور غير سليم. وبالتالي غير منتج لثمار الديمقراطية ولا تجديدات الحداثة. فالكيفية الجديدة التي لا تكون آلية لمصالح جديدة، لا تستطيع سوى حماية المصالح القديمة مع تكلفة إضافية تضاف إلى التكاليف القديمة. وفي ظل ميزان القوى مختل فيه المحكمة والسوق والإدارة كلها تتحايل لإبقاء الثروة والقرار والمعرفة بين يدي الطبقة العليا، ستصبح الجهوية عمليا إداريا إضافيا لا يخدم سوى مصالح من يقلبون كل البرامج والمساطر والآليات لاستخراج الريع من مواقعهم، سواء كانوا في المركز أو في الجهة.
إن مهام المحللين طيلة الأشهر الأربعة الأولى، هي عبارة عن معطيات ومواد أولية. تلعب اللجنة الاستشارية دور النمل لجمعها كاملة دون إهمال أي منها. على أن تتحول طبيعة عمل اللجنة الاستشارية من عمل النمل التجميعي إلى عمل العناكب التشبيكي لرصد مصالح الناس في البناء الجهوي، فلا تهمل مصلحة مصلحة، قصد جعل الجهوية ساحة مصالح جديدة لفئات متضررة اليوم، تتمكن عبر الأجهزة الجهوية من المشاركة ومن الاستفادة من الثروة والسلطة والمعرفة. ثم أخيرا تصبح اللجنة عبارة عن "جبح د النحل" يعتصر الخلاصات، من حيث الاختصاصات والتقطيع الجهوي المأمول، لتنتج عسلا جهويا صافيا في نظر أغلبية المناطق.
فالعودة نحو الجهوية ليست سوى خطوة إلى الوراء قصد ربح المسافة الفاصلة عن التحديث والدمقرطة، أي مقابل خطوتين إلى الأمام. ملاحظة أولى.
ملاحظة ثانية، ما زال الغموض سيد التفسير، فيما يتعلق بالصفتين الملتصقتين بالجهوية. سواء باعتبارها موسعة أو باعتبارها متدرجة. فالتدرج تبرير مسبق لاستعمال الفرامل في وجه أية بوادر للدمقرطة الأفقية، أي لنقل الاختصاصات لفائدة الرئيس المنتخب على رأس مجلس الجهة، حتى لا تقترب من الندية لوضع النخب الجهوية بجانب النخب المركزية. ورغم التبجح في كل مرة بالمبدأ الدستوري القاضي بالمساواة، يبقى الاستعلاء سيد السلوك، لكل الاعتبارات، المحافظة والمدعية والمترددة والطيـّعة والمعتدلة والمحترفة المحايدة....وهي الوجه الثاني لتكرار العموميات و"صعود الجبل" كنزول سهل نحو الشعارية والنضالية الجاهلة بالتفاصيل الموضوعاتية في أوساط المعارضة التقليدية أو ما تبقى منها....
لكن صفة "الموسعة" لم يتم التطرق إليها بناء على مغايرة لتجربة سابقة. سواء "تجربة" مغربية أو تجارب أجنبية! لكن، المنبع الذي تنهل منه الطبقة السياسية المغربية، منبع فرنسي. وهو الذي لا يفيد كثيرا في الجهوية. لأن الديمقراطية الفرنسية، النابعة من الثورة الفرنسية، مهما شابتها أوجه النقص، فهي نموذجية كديمقراطية في الجماعات المحلية من حيث نزاهة الانتخابات ومن حيث شرعية التميثيلية السياسية من طرف الأحزاب السياسية للطبقات الاجتماعية، مقارنة مع التجارب الأخرى. ومن هنا لا يمكن للمبادرة "المغربية المغربية" أن تتشبه بالتجربة الفرنسية، الشديدة التركيز نعم، لكن القائمة على مبدأ سيادة الشعب، وعلى فصل السلط في المركز. وعلى نزاهة القضاء واستقلاليته عن كل المؤثرات المرئية...مما يجعل كل نزيه لا يمس فرادة الديمقراطية الفرنسية مقارنة مع معالم التخلف والمسافة التي ما زالت تفصلنا عن التجربة الفرنسية...لكن، يجب الاعتراف أن الطبقة السياسية الفرنسية، كرست عوامل التخلف التي كانت منتشرة عندنا، عندما احتل جيش الجمهورية الفرنسية أراضي الأمبراطورية الشريفة، كما كانت تعّرف الصحافة الفرنسية المغرب في حينه.
وبالتالي فصفة "الموسعة" للجهوية المعلن عنها كطموح لهيكلة الدولة عندنا، تعبير عن الابتعاد بعض المسافة عن المفهوم الفرنسي للجهة، التي لا تعني شيء مقارنة مع المتطلبات عندنا. بحيث العجز والنقص في الكالوريات الديمقراطية بقيت بارزة في ملامح الوجه السياسي المغربي حد الأنيميا. لذا ينتظر المجتمع من الطبقة السياسية أن تنجز تحولا في علاقة الدولة بالمجتمع، يصبح على الطبقة السياسية أن تعيد انتشارها، عبر تخفيف كثافة حضورها في طوابير الانتظار أمام مواقع القرار المركزي، وما يدره من فوائد ريعية، ليتحلقوا من حول مراكز القرار الناشئة أو المنتظرة النشوء في الجهات.
لكن، النظام الضريبي والبنكي المثقل بنسب الفائدة وبالشروط المجحفة على حساب الطبقات السفلى والمتوسطة، سيمثل السيف المسلط مرتين على عموم الناس. بحيث يتطلب مركز القرار الجهوي المحدث صرف ميزانية أكبر من المتطلبات الحالية. وبالتالي ستتمكن الدولة، في هذه الحالة من تأجيج الصراع في النصف الأسفل من الهرم الطبقي، أي بين الطبقة المتوسطة المفروض فيها قيادة تجارب الجهوية المقبلة وبين المهمشين من الطبقات السفلى.
وهذا ما سوف يحمل موجة من الراديكالية في حكم المجتمع تجاه الدولة وحماتها. مما يطرح علامة استفهام: هل سيتجذر الموقف الشعبي لفائدة الليبرالية الاقتصادية والحرية الاجتماعية والتنويرالثقافي والكفاءة الإدارية، أم سيتجذر الموقف الشعبي عبر الانكفاء في دوائر المحافظة والتمترس وراء الانغلاق الحضاري، وبالتالي توفر الجهوية للأصولية ما لم توفر المركزية الشديدة.
فالجهوية نفسها آلية بنيوية لنقل السلطات من الطبقة العليا الضيقة العدد، إلى الطبقة الوسطى الأكثر اتساعا، بفضلها، يمكن للاقتصاد أن يصبح منتجا بدل انكفائه في تدوير فوائد الريع بين المحظوظين وتحويل تلك الدوائر إلى كيانات مفيوزية خطرة على المجتمع والدولة. لذلك يحسن أن تتجه الدولة نحو المفيد، أي إصلاح النظام الضريبي والبنكي والوظيفة العمومية لتنفتح على الكفاءات والاحتياطات المهمشة من الإنسان وممتلكاته، لتتسع دائرة إعادة توزيع الثروة والسلطة والعلم.



#أحمد_الخمسي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحركة النسائية: رأس حربة التحرر؟
- مقومات الدعم للحكم الذاتي مثلث الهيكلة/ النخبة/ الوعي
- هل هي استراتيجية يسار الوسط؟
- النقد الذاتي مهمة صحفيي الضفتين
- النخبة أمام المرآة II و III
- النخبة المغربية أمام المرآة
- نطفة الجهوية في رحم الدمقرطة
- الجهوية: هل ترتد النخب عن جرأة الملك؟
- هندسة التحالفات المختلة
- أوراق الجهوية 2 الطبقة الوسطى محتوى القيادة الجهوية
- أوراق الجهوية 3 الأقطاب الإيديولوجية الثلاثة من المنظور الجه ...
- أوراق الجهوية 4 مغرب الجهات خزان للاقتصاد المنتج الموسع
- أوراق الجهوية 1 الجهوية وقطيعة الفكر السياسي
- أوراق الجهوية في المغرب
- دردشة مع سمبريرو
- من أجل الجسور الواصلة
- الطبقات المتوسطة وانتخاب الغرف المهنية؟
- في عرض البحر السلطة والمخدرات والقتل
- العدالة والتنمية ومكتسبات الشمال؟
- من السياسات العمومية إلى دور العمال في الأقاليم المغربية


المزيد.....




- لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق ...
- بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
- هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات- ...
- نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين ...
- أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا ...
- الفصل الخامس والسبعون - أمين
- السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال ...
- رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
- مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - أحمد الخمسي - خطوة إلى الوراء خطوتان إلى الأمام