|
العربية واخواتها - 3 -
جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 11:02
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
شهدت العربية كلغة وحيدة بين اخواتها اللغات السامية الاخرى تطورات و احتكاكات كثيرة مع ثقافات متعددة قبل الاسلام و بعده رجعت عليها بفوائد جمة واغنتها لدرجة كبيرة بعدما ما كانت لغة بدائية تفي باحتياجات قبائل صحراوية متنقلة فقط. اللغة العربية اليوم ليست غنية لانها عربية صرفة نقية و لكنها غنية بسبب تنقل قبائلها و احتكاكها وتلوثها مع الثقافات الاخرى. لقد بدأت مسيرة اغنائها بعد الاسلام بخليل بن احمد الفراهيدي صاحب كتاب العين و بمساعدة خصائصها السامية المتميزة في زيادة المقاطع عند صياغة المفردات. لقد بارك الله وجود كلمات فارسية (دين – رزق - نار) و لاتينية (سراط) و يونانية (قلم) و آرامية (صلاة) في كتابه العربي المبين. احيانا نستطيع ان نتعرف على الدخيل في العربية عند وجود تضخيم في بعض الاصوات (الصاد و الضاد و الطاء و الظاء). لقد اشار الجواليقي في كتابه المعرب الى هذه الظاهرة سابقا. عدم ورود بعض المفردات في الشعر الجاهلي القديم دليل آخر على جنسيتها الاجنبية.
الفرق بين المنزل و المسكن صورة العرب الحقيقية الاصلية هي صورة قبائل متنقلة على الجمل لا تعرف مسكن و زراعة بل منزل لان في النزول حركة و عدم استقرار و احتكاك اكثر بالمقارنة مع صورة الشعوب السامية المتحضرة كاليهود والاراميون التي كانت تسكن في مساكن لان في السكن هدوء و راحة و هذا ايضا يوضح لماذا كانت القبائل العربية تميل الى الكر و الفر لان الهجمات من مناطق ثابتة معمارية لها مساوئ كثيرة. لاول مرة يتبن لنا فائدة التنقل و حياة البدو على حياة الحضر و الاستقرار. لايزال الانسان يفضل السفر على الاقل بين فترة و اخرى.
الخيمة و الاهل الخيمة والبدو رموز عربية جعلت من العرب طاقة مرنة قابلة للتكيف مع المعطيات الجديدة . العائلة و الاقرباء كانت تسكن في خيمة او في (اهل) لذلك تطلق العرب اليوم على العائلة (اهل). كانت كلمة (اهل) تعني خيمة و لاتزاال تقول العرب (اهلا و سهلا - تصبح على خير و انت من اهله). الحياة في الخيمة تشجع على التنقل و السفر. اما اليوم فالمفروض بسكان المناطق التي تتعرض الى خطر الزلازل ان تتعلم من العرب كيف تعيش في خيم متنقلة و لكن الاحوال الجوية و المناخ لاتساعد على ذلك في جميع انحاء العالم كما ساعدت العرب في الجزيرة العربية.
الزراعة و العمران طبعا القبائل المتنقلة التي لم تعرف الهدوء و السكن والزراعة لا تعرف بطيعتها الهندسة و الاعمار) لانها عاشت في الخيمة و المنزل و الاهل و المحل (حل). تعملت العرب كلمات البناء و العمران و الادارة و العلوم و الزراعة من الاراميين و الفرس (المجوس) و غيرهم. هذا يعني ان الكلمات العربية التي تشير الى مسكن دخيلة قارن: الجير و الجص و اساس و زاوية و باب.. . نظرا لعدم وجود ابواب لم تكن ايضا كلمات مثل القفل موجودة لان منازل و خيم بدون ابواب لاتحتاج الى اغلاق. كان معنى جذر كلمة (قفل) في العربية يابس عندما تغلق النبتة نفسها بسبب الجفاف. كلمات مثل بنيان وبلوعة او بالوعة و فرن ايضا من اصل ارامي.. ربما كلمة كوخ فارسية الاصل. كثيرة هي كلمات الزراعة و الفواكه الدخيلة على العربية من نوع كرفس و كمثري و لوبياء و لوز و برتقال... لايمكن عدها هنا.
كان غذاء العرب يتكون من اللحم و الحليب واسماء اللحوم هي ايضا اسماء لادواة القطع لان العرب لم تعرف القمح في الصحراء و بناء على ذلك فان كلمات مثل الخبز والطحين دخيلة. بينما كان معنى كلمة (اللحم) في الارامية يشير الى الخبز مما دل على قوم مستقر من الحضر عرفت الزراعة يشير (اللحم) في العربية دائما الى غذاء حيواني يدل على بدو من الصحراء لاتعرف الزراعة. كلمة (لحم) كانت تعني ايضا اللصق و القطع اشتقت منها الملحمة لانها قاتلة وجزارة و قصابة. يقول: Rob Smith: a journey in the Hijaz IV كان البدوي يكره الخضروات ويشير الى البدويين الذين استقروا في حياة زراعية باحتقار بالخضر. و الى يومنا هذا نرى ان العربي يذبح الخروف للضيف او للاحتفال بالمناسبات كالزواج. كانت كلمة طعام تشير الى غذاء نباتي من القمح. التوابل هي ارامية و يطلق في مصر على الخبز عيش.
يتطرق Die aramäischen Fremdwörter im Arabischen: Sigmund Frankel الى نواحي كثيرة لم تكن معروفة للبدوي: الملابس (كتان من الارامية و قطن قبطية) والادوات المنزلية (قدر من الارامية) المعادن (زجاج من الارامية) والالوان (ازرق هندية) و الكتابة (قلم – دفتر من اليونانية) و الادارة (الديوان من الفارسية والجمرك من اللاتينية عن طريق الفرس) والجيش (جندي من الفارسية) و (عسكر من اللاتينية). صعوبة ايجاد المفردات الارامية في العربية يرجع الى انها قديمة تتعلق بالتغيرات اللفظية في العربية vowel shift خاصة في اصوات (ث – س – ذ – ظ -غ) www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حيرة لغة الضاد
-
التنزيل في القرآن
-
العربية واخواتها - 2 -
-
العربية واخواتها
-
اسباب بروز Shakespeare و القرآن – 2 -
-
اسباب بروز Shakespeare و القرآن
-
الانتخابات في سوق... - 5 -
-
ألف همزة و همزة
-
غلطة الاب الشرقي الفظيعة
-
السب و الشتم افضل من السكوت – 3 –
-
التنظيمات Systems and Organizations
-
السب و الشتم افضل من السكوت - 2 -
-
السب و الشتم افضل من السكوت
-
هل المستقبل مصيره الموت؟ - 2 -
-
انتخابات في سوق... – 4 –
-
الانتخابات في سوق ...... - 3 -
-
الطب و حسابات السيولة النقدية Cashflow
-
نحن و السلع المشؤومة
-
انتخابات سوق... - 2 -
-
الانتخابات في سوق ......
المزيد.....
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
-
عاجل | مراسل الجزيرة: 17 شهيدا في قصف إسرائيلي متواصل على قط
...
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|