|
حول مازق السودان ..الراهن 1-5
احمد ضحية
الحوار المتمدن-العدد: 894 - 2004 / 7 / 14 - 07:21
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
من الامور المربكة ان اجمع فى هذه الكتابة _اعنى مفردة كتابة _بين مفاهيم قد يبدو بعضا منها للوهلة الاولى متناقضا _مفاهيم )العولمة,العلمانية .الديموقراطية وحقوق الانسان,الهوية) ..فما الذى يجعلها مربكة .. ربما المازق التاريخى الذى تتموضع بلادنا الان في منتهاه ...ربما التحولات المتسارعه على مستوى خارطة التوازنات فى الاقليم والعالم بله الداخل_السودان _..ربما للوضعية الحارقة بكل ما تحمل من اسئلة البوجود الكبرى بالنسبة لوطن لا يتجاوز تارخ حدوده القانونية مائة عام وربما اقل : وضعية ان يكون او لا يكون ...to be or not to be ربما ان لهذه الاسئلة علاقة بما يحدث فى دارفور واقتراب مواعيد التوقيع على اتفاق نهائى للسلام : لا تندهشوا ..فهى ليست( خترفات) شخص منسى فى منفى ما ...الوطن لديه مجرد ذكريات ..لا ..اذن على خلفية ما يدور من صراع شرس فى الخرطوم بين اصار الافريقانية المزعومة والاسلامو عربية المازومة والمهزومة بكل ما تمثل من وهم ومازق وازمة ..ابتدر هذا الحديث وانا بين الوعى واللاوعى .. لنبدا بما هو اكثر تجليا فى ازمة بلادنا : ( الهويه ..identity) وهنا اعتمد بصورة رئيسية على مثقافاتنا ايام كان الوصم بالعنصرية والجهوية .الخ .. احد الاسلحة الاستراتيجية المجربة لدى النخبة (الهائمه ) فى الخرطوم قبل اكثر من عامين مضيا دون اسف ..فوقتها كنا نرى النار تنمو من مستصغر الشرر ولكن اسىء تفسير دوافعنا عن عمد وانبرى علماء نفس واجتماع _ هكذا دون سابق انذار _ ليشرحوا ويؤولوا ما نكتب وفقا لما يشبع رغباتهم المريضة فى مصادرة حق الاخرين فى الاسهام مع ( المركزيين) فى صياغة المعنى الاجتماعى العام لبلادنا.. ما مضى لم يمض فما درج على تسميته بالاقليات ( هذا المفهوم المنبثق عن سؤال الهوية ) يريد الان ان يكون( ذاتا ) لا( موضوعا) لمشاريع المركز البائسة .. وارادته هذه تتجلى فى توتر شرق السودان و العنف المضاد للاستعمار الداخلى فى دارفور .. حتى لا اطيل سابدا فى هذه الحلقة بالتعرض لمفهومين هما : الديموقراطية والاتثنية______لازمة سؤال الهويه الحارق....وما يرد لاحقا بصدد هذين المفهومين هو قوام الورقة التى قدمتها فى ندوة قاعة الشارقة بالخرطوم 18-19مايو2002بالخرطوم تحت اشراف مركز الدراسات السودانية( نشرت هذه الورقة ضمن اوراق اخرى مختارة فى كتاب التعدد الاثنى والديموقراطية فى السودان الطبعة الاولى القاهرة 2002عن مركز الدراسات ).. وجدت صعوبة فى الحديثعن الديموقراطية بمعزل عن فضاء الحاله السودانية ,المهموم بالتحديات التى تواجه بناء الدولة الحديثة والتناقضات التى تذخر بها البنى الاجتماعية وتعوق انجاز هذه الدولة التى يتصورها كل منا على نحو مختلف عن الاخر . لكن لا شك ان ثمة اتفاق على ان الديموقراطية كمفهوم تم تطبيقه على الحاله السودانيه ووجه بتحديات عظيمة نتيجة الامية والجهل والتخلف فى مجتمع عشائرى قبلى هو سمة اغلب مجتمعات السودان ..ولا شك ان التناقض الاثنى لعب دورا كبيرا فى تاخير انجاز مثل هذه الدوله الحديثة التى نتصورها . وهكذا بدت لى الصعوبه التى تكمن فى الجمع بين مفهومين غير منسجمين سيادة احدهما تلغى الاخر _اذا جاز التعبير_هما مفهومى( الديموقراطية ) و( الاثنية ).. فالديموقراطية كما اتصور بطريقة ما تمثل اعلا مستويات الحياة المدينية وتتناقض مع الثنية فى بعدها القائم على القبلية ( العرق ) الذى هو نقيض المدينية باعراقها المختلفة اذن من هنا كانت صعوبة الجمع بين المفهومين ... ولذلك ساتناول كل مفهوم على حدة . الديموقراطية :المفهوم والتحدى الديموقراطية التى اود الحديث عنها هى الديموقراطية الليبرالية التى اثبتت تجربة الغرب ) الولايات المتحدة , كندا . بريطانيا : الخ ...) فعاليتها فى ضبط مجتمعات متعددة دينيا ومتباينه ثقافيا ومتنوعه حضاريا بل استطاعت ان تجعل من هذا التباين والتعدد والتنوع مظهرا من مظاهر القوه بهذه المجتمعات وقد تبنى السودان الى جانب دول اخرى فى العالم النامى مثل الهند وناميبيا وسيلان ولبنان وشيلى وارغواى هذا النوع من الديموقراطية .. ورغم ضعفها فى تلك الدول النامية التى اشرنا اليها الا انها استطاعت ان تحقق قدرا من التماسك فى مجتمعاتها الزاخرة بالتناقضات ونجد عند قراءتنا للحاله السودانية ان هذتا القدر من التماسك لم يتحقق خلال التجارب الديموقراطية الثلاث : ( 56_58),( 64 _ 69),( 85 _1989) والتى نلاحظ ان عمر التجربة الديموقراطية فيها لم يتجاوز فى المجموع التسع او العشر سنوات منذ الاستقلال ..والشروط التى يفترض توفرها لتوصيق هذه السنوات التسع الى حد كبير تتنافى والشروط المتعينه فى الليبراليةوالديموقراطية . المعنى الابتدائى للديموقراطية هو ان الحكومة يجب ان تاتى عن طريق الراى العام وتكون مسئولة امامه باستمرار حتى تختبر على الدوام مدى تمثيلها لهذا الراى وحتى يمكن معرفة ان ادعائها كتعبير عن ارادة عامة لا يزال سارى المفعول لكن فى التجارب الثلاث ظل الراى العام باستمرار ضحية الخداع او ( شراء الاصوات ) او رهين العلاقات الاثنية ..الى جانب ان التصويت لا يتم لبرنامج محدد يقدمه المرشحون بل الافرادةلاسباب تتعلق بالجهل وسمات المجتمعات القبلية .. وضغوطات قوانين البنى الاجتماعية فى بعدها العقدى او الجهوى ..الخ ...بما مثل تحديات كبرى لمفهوم الديموقراطية فى السودان . وهكذا من الصعب توصيف الراى العام الذى اتى بالتجارب الديموقراطية الثلاث بانه راى عام حر وعلنى هو ما ظل يترتب عليه باستمرار فقدان الحكومات الديموقراطية فى السودان لتاييد الراى العام وعدم ادراكها لذلك الا بعد ان تخرج المظاهرات وتنتشر الاضطرابات والقلاقل التى يثيرها ذات الناخبين الذين اتو بنواب النظام الديموقراطى . وهكذا يتسببون بشكل او اخر فى تغويض النظام الذى يفترض انهم جاءوا به : فمظاهرات الخبز والسكر فى 1988 اسهمت بشكل او اخر فى الاتيان بالنظام المتعفن منذ 1989. ولكن مع ذلك حتى فى 1989 لم تفقد الحكومة مشروعيتها بسبب فقد انها سند ناخبيهاواشر ذلك على خلل كبير فى مفهوم الديموقراطية بالنسبة للقوى السياسية المنتخبة فى البرلمان . وبالنسبة للناخبين المغلوبين على امرهم ايضا ؟!. ولم تكن تلك سابقة اذ ان الحكومات الديموقراطية فى السودان ظلت باستمرار تفقد سند ناخبيها الذين مارسو حق الانتخاب والتصويت للاتيان بها وهذا يشكك فى مدى حرية الراى العام لحظة الانتخاب والتصويت باعتبار ان ذلك يمثل رطا اساسيا للديموقراطية الليبرالية . واذا كانت الديموقراطية تعنى راى الاغلبية فى الامور الكبرى التى يختلف عليها بين قطاعات المجتمع ( مثل مساله تطبيق الشريعة الاسلامية فى الشمال . الخ مما يضيع الوقت ..) فان راى الاغلبية عبر تجارب السودان الثلاث لم يحظى باحترام الاقلية وهو ما اسهم فى احداث الانقلابات العسكرية المدعومة بالقوى الاسلامية الرجعية وارصدتها الطائفية ..تمثل اقلية مقابل حكومة منتخبه ومثل هذا التحدى اعقد تحديات ما درج العديدون على تسميته فيما بعد بالحلقة الشريرة او الحلقة الجهنمية وربما يعود ذلك فيما يعود الى ان القوى السياسية التى تنتخب هى بحد ذاتها قوى غير ديموقراطية لا فى طبيعة تكوينها ولا فيما تطرحهمن مشاريع بما يمثل تحديا كبيرا ازاء تطبيق الديموقراطيه في الدوله السودانيه. فالناظر للقوي السياسيه بتمعن يكتشف بسهوله متناهيه انها بحاجه لاعاده صياغه كيما تصبح ديموقراطيه فعلا ويتسني لها قياده دوله مثل السودان...(اشك في ان الآوان قد فات بالنظر لمشروع الامريكي الذي يمكن رؤيه مستقبل السودان من خلال الاستقراء عبره بوضوح:التمزق او التكامل مع كل القوي الجديده والتي تشمل قوي للهامش)..المشكله هنا تتعلق بالوجدان الثقافي الذي صاغ وشكل القوي القديمه علي نحو استبدادي والعقل (بما هو تيارات الفكر السياسي الاساسيه وروافدها)الذي انتج الانسان في السودان وهو ليس موضوع هذه الورقه رغم انه جزر اساسي في تحدي الديموقراطيه والمشكلات التي تقف عقبه امام بناء الدولة المدينيه في السودان. اذا الشروط لانتهاك الديموقراطيه متعينه في القوي القديمه بحكم تكوينها وطبيعتها وهو ما اسهم في فشل تجربه الاستقلال وحوله الي استعمار داخلي حتي في اكتوبر وابريل ومن جانب آخر لم تكن الحكومات الديموقراطيه المنتخبه في السودان تتحرك في عالم من الشركات الخاصه والتنظيمات المستقله وآليه السوق بما يشكل نظاما من الضغوط المضاده الاجتماعيه والاقتصاديه لنشاطات الحكومه فالحكومه باستمرار كانت تريد التدخل مباشره والوقوف امام اتخاذ قرارت اقتصاديه فعاله تتبلور عن هذه المؤسسات المستقله التي يفترض عمليا انها المسؤله عن الجزء الاكبر مكن القرارات كما في المجتمعات الديموقراطيه(المفارقه هنا ان ما عرفه السودان من اقتصاد يصعب تسميته بسوي الاقتصاد الخراجي او الريعي ما يضع علاقات الانتاج موضع تساؤل) فمؤسسات المجتمعات الديموقراطيه توجد نفسها بنفسها وتفلص من دور الحكومه(يشمل ذلك مؤسسات المجتمع المدني) وهذا ديموقراطيا يعني ان الحقوق الفرديه وحق التنظيم قد تم تأمينها فهذه المؤسسات لا تتركالحكومه تنفرد باتخاذ القرارات الخاصه باداره الدوله وتجبرها علي ان تعمل فقط علي هامش النشاط الاقتصادي والاجتماعي لذلك لا تستطيع الحكومه التدخل في نشاط هذه المؤسسات والمنظمات الا وفقا لتبريرات مفنعه لناخبيها ولجماهير الشعب. وعمليا حفلت التجارب الديموقراطيه الثلاث بتدخلات سافره وفجه في مجال حقوق الفرد والحريات الخاصه بالتنظيم والتعبير اذ تم حل الحزب الشيوعي في 66 واعتقل المثقفون السودانيون(المشاركون في ندوه امبو في اثيوبيا في 88 وفي ذات هذا العام تآمر حزب الامه ضد المسيره السلميه لابناء دارفور بالعاصمه بازلا كل المساعي التي لا تمت للديموقراطيه بصله لايقافها) وهكذا تم الغاء دور القضاء المستقل في الدوله الديموقراطيه بشكل لم تشهده حتي النظم الديكتاتوريه باستثناء نظام الترابي-عثمان-البشير الاسلاموي الثيوقراطي وهكذا مثل كل ذلك انتهاكا لقيم الديموقراطيه وواجبات الدوله الديموقراطيه تجاه شعبها والدور الذي تلعبه في النشاط الاجتماعي الي جانب دور المنظمات المستقله فعبر الفترات الثلاث افتقرت التجربه الدموقراطيه في السودان لاحترام المبدأ الاساسي الذي تنهض عليه الدموقراطيه كمفهوم وممارسه فمع الادراك التام للقوي السياسيه ان السودان قطر متعدد الثقافات والديانات ومتباين حضاريا الا انها ظلت تتبني الثقافه الاسلامو عربيه عبر كل المؤسسات القوميه التي يفترض نظريا انها مؤسسات تمثل كل الثقافات في السودان وظلت الثقافه الاسلامو عربيه بهذا المعني تحتمي بمؤسسات الدوله المهيمنه علي كل السودان والمستعليه علي اطرافها والموظفه ايدولوجيا بشكل احادي يهضم حق هذه الثقافات في التعبير عن نفسها وهكذا في ظل التجارب الديموقراطيه الثلاث تم تهميش الاطراف الي اقصي حد (الي جانب المزابح ضد المهمشين مثل مزبحه الضعين في 88) وتم التقاضي عن حقوق هذه الاطراف التي تمنحها اياها الواثيق الدوليه ابتداءا من حق الحياه ونتهاءا بالحق في تولي المناصب العليا في الدوله ولا اعني هنا علي طريقه (الترميز التضليلي)التي ظلت الحكومات السودانيه تتعامل بها مع المناطق المهمشه منذ الاستقلال وحتي الآن . فجوهر المسأله هو ان هذه الثقافات تحمل قيما ومصالح عزيزه علي ابنائها والاعتراف بهذه القيم والمصالح من سمات المجتمعات الديموقراطيه التي تعترف بالتعدد وبما يحمل من افتراض اضافي بان الحكومه اوجدت لكي تحكم ليس فقط لمصلحه مجموعه اثنيه( تنتسب الي ابي سفيان الشليخ علي قول منصور خالد) محدده ولكن للمصلحه العامه هذا يعني انعلي الحكومه بدلا من تهميش الثقافات الاخري عليها التعاطف معها والاعتراف بان عمليه الحكم معرضه للاخطاء وان هناك العديد من وجهات النظر وكل هذا يعطي الاعتبار وخاصه ان القرارات الدينيه وزالاخلاقيه او وجهات النظر تتطور وتظهر بصوره مستقله تماما اعني الدول الديموقراطيه(الغرب)-عن الحكومه –عبر المؤسسات الدينيه فهي مستقله-عن غيرها من المؤسسات الاجتماعيه والسياسيه او الثقافيه وحتي القرارات السياسيه تتشكل ويعبر عنها ويتم الضغط لتنفيذها بوساطه التنظيمات الخاصه والاحزاب- الخضر مثلا –فواجب الحكومه في تلك المجتمعات هو التنسيق .. لأن كل ما ذكرناه يمثل جهاز الضبط والموازنه الاقتصاديه والاجتماعيه والسياسيه المعبر عنها بواسطه الشركات ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب...الخ وما دمنا نتحدث عن الديموقراطيه الليبراليه فان مثل الجهاز ظل يمثل غيابا فاجعا في ديموقراطيات السودان...الديموقراطيه تقتضي ان نتفق علي ان نختلف الي حد معين كما يقول كرين برينتون ويجب ان نتعلم اننا ازاء اي شيء مثل بناء مستقبل نابض بالحياه سوف نجد بعضا من خيره اصدقائنا يرون الجمال فيما نراه قبحا ويلتمسون الحكمه فيما نظنه حمقاوينشدون العدالة فيما نراه ظلما واذا صح هذا عن اصدقائنا واعدائنا فانه يكون اكثر صوابا بالنسبة لكثيرين ممن هم ليسوا هؤلاء ولا هؤلاء فى واقع الامر ولان الديموقراطيه لا تنهض على وجود اى علم موضوعى للاخلاق والمجتمع تعتبر ان الحقيقة امر يتعلق بضمير الفرد فالضمائر كلها متساوية سواء اكان بمنظار الله او منظار الناس وتطرح هذه المعضلة ضرورة حكم الافلبية والتسامح فغياب العلم الموضوعى للاخلاق والمجتمع يفرض على الحكومة وعلىاى مجموعة عدم فرض اى تعبير اخلاقى و دين او فلسفة او ايديولوجيا على بقية اعضاء المجتمع فتساوى ضمائر الناس ازاء المطلق او الروحى يجعل لهم الحق فى اعتقاد ما يشاءون من وجهات نظر فالحقيقة اخذت على انها فلرديه و غير معصومة من الخطا وبالتالى الحكم عليها مؤقت وما تفعله الحكومة حيالها يتغير من زمن لاخر ( لانها حقيقة نسبية ولان الراى فى المجتمع يتارجح من وقت لاخر ولان الحكومة نفسها مكتغيرة الاغلبية الحاكمة اليوم ليست هى الاغلبية الحاكمة غدا ) هذا كله يفرض على الحكومة ان تكون ممثله ومسئوله امام الراى العام الذى اغلبيته واقليته فى حالة تغير مستمر _ ربما _ فاذا كان هذا يمثل مفصلا مبدئيا فى الديموقراطية الليبرالية كما هو فى تصوراتها الغربية فان الحالة السودالنية عند استلافها لهذه الديموقراطية خلال تجاربها الثلاث لم تستصحب اى من هذه القيم الديموقراطية الليبرالية حتى بدا انها تفهم الديموقراطية بمعزل عن القيم الليبرالية وبصورة انتقائية وفى حدود التصريف السياسى لامراض القوى القديمة ( الطائفية _ العقائدية _ الشمولية _ الخ ...) وغنى عن القول ان هذه التجارب سجلت غيابا تاما لجهاز الضبط والموازنه السياسية والاقتصادية والاجتماعية الذى يكبح جماح النشاطات الحكومية وترتب على ذلك انهيارات على كافة المستويات بما يجعلنا نطلق على الدولة السودانية توصيف ( الحاله السودانية ) للتدليل على ان الوضع الذى نعيشه منذ الاستقلال غير طبيعى ومرضى _ فالتجارب الديموقراطية التى مرت على السودان لم تتمثل _الحكومات الرغبات الحقيقية للشعب بما تتمثل هذه الرغبات فى البناء والنهضة والمواطنه فقد استمر خطاب حركات التحر التقليدى بعد الاستقلال بصورة غير مبررة مهملا مهام البناء والنهضة ازاء مواجهة عدو متوهم نتاج فوبيا الاستهداف والخطر المرتقب والمستعمر الذى يقف على الابواب _ مثل مزاعم ان ما يحدث فى دارفور خلفه اصابع غربية _ وهذا بدوره اسهم فى سيادة لغة ( مثل العمالة _ الارتزاق _الطابور الخامس الخ ...) وهكذا تتراجع حرية التعبير والصحافة والنشر _ اعتقال كل الناشطين حول قضية دارفور فى الداخل _ على كافة مستوياته وفى كافة مستوياته ...ونزع عن الحكومة الديموقراطيةالتى مرت على السودان مشروعيةتمثيلها لاراء المواطنين وادى بنهاية الامرالى انهيار هذه الحكومات ولذلك يظل ضمان هذه الحريات من المبادىء الاساسية للديموقراطية الليبرالية عبر القضاء المستقل عن الجهاز التنفيذى فالدولة الحديثةعندما تواجه مشكلة مثل عدم حرية الانتخابات او استخدام الرشوة او الغاء حرية التعبير او الصحافة او التنظيم تجد انها مطالبة امامالمحكمة بتبرير ذلك واذا كانت هذه المحكمة تتلقى اوامرها من الحكومة او من الحزب الذى خرق هذه الحريات تنهار ؛( القيمة )الاساسية للديموقراطية كمفهوم وكتبيق عملى وخاصة فى ظل غياب مستمر عبر التجارب الثلاث لاستشارية متخصصة ( فنية ) تساعد الجهاز التنفيذى على اتخاذ القرار الصحيح وتجنبه مغبة الوقوع فى الاخطاء التى ظل يحفل بها الخطاب الرسمى والتصريحات الفجةللمسؤلين فى مختلف المناسبات نتيجة لغياب المعلومة التى يمنحها الاختصاصى ونتيجة للتوجه الايديولوجى والمزاج وخاصة اذا كان الامر يتعلق بقضيةاجتماعية او وطنية كبرى لا تجدى فيها فصاحة السياسى وغرامه بعلوم البلاغة واللغة _ الصادق المهدى "على عثمان _ الى جانب غياب الجهاز التشريعى الحقيقى والفاعل الذى هو لازمة من لوازم الديموقراطية الذى يكون انتقاليا . يلاحظ ان التجارب الديموفراطية الثلاث عانت من ان الجهاز التشريعى يتخذ طابع الهواة وليس المتخصصين الفنيين مما ترتب عليهالوقوعفى العديد من الاخطاء مثل السياسات الخاصة بالحكم المحلى . اذ ليس السياسيون المنتخبون وحدهم توكل اليهم مهام التشريع خاصة فى ظل اختياراتهم الخاصة _اذ تظل الحاجة للاختصاصى المستشار ملحة ما دام الامر يتعلق ببناء الدولة الحديثة التى تنهض فيها المواطنه كاساس للواجبات والحقوق ومع ذلكتظل ديموقراطية الاتفاق اى المجتمع الديموقراطى الذى يضمالملايين ممن اجمعوا على راى واحد بالنسبة للقضايا الكبرى ( فصل الدين عن الدولة .الهوية مثلا..) هى ديموقراطية يكاد يتعزر تصورها فالديموفراطية فى عصرنا على الاقل لابد ان تعتمد على تباين الاراء وهذا لا يعنى مطلقا ان المواطن فى المجتمع الديموقراطى ان يؤمن بالعلم بمعناه الشامل او بالضريبة الوحيدة ولا يعنى البته ان يتبع الناس فى المجتمع الديموقراطى شهواتهم ونزواتهم وان يكونوا شكاكين ومغالين ولا يعنى ايضا حرمان المرء من الامل فى ان يشاركه الاخرون فى عقيدته ايا كانت تلك العقيدة ولا ان يكون يائسا عن اى جهد يبذله ليقنع الاخرين بما يؤمن به بل ولا يعنى ان يحب من انشق عنه او من يتابى فى عناد على عقيدته مع كل هذا تظل الديموقراطية الليبرالية هى الحقوق والحريات والقانون والنظام والصيغة التى يمكن ان تحقق للسودان قدرا معقولا من الاستقرار يسهم فىالاجابة على كثير من الاسئلة التى تساهم فى مهام البناء والنهضة :
#احمد_ضحية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جابر الطوربيد : محمود مدني رؤية نقدية في الدلالة والسياق الر
...
-
حكومة الخرطوم والاصرار على الابادة فى دارفور
-
تحول السلطة : بين العنف والثروة والمعرفة
-
عام على احتلال العراق : لقد ظل حذاؤك وراسى .. فتذكر سيدى الج
...
-
اغنية لطائر الحب والمطر..........قصة قصيرة
-
تشكيل العقل الحديث
-
هوامش على دفتر التحولات ..........دارفور والبلاد الكبيرة ...
...
-
المقدمات التاريخية للعلم الحديث...
-
النوة.......... قصة قصيرة
-
دار فور: ما لا يقتلنى يقوينى 4_4
-
نافذة للحنين نا فذة للشجن ....قصة قصيرة
-
القاص السودانى عبد الحميد البرنس : الطيب صالح لو عاش فى السو
...
-
القاص السودانى عبد الحميد البرنس: الهيئة المصريه احتفت بالتج
...
-
على خلفية القرالر 137 فى العراق - الاسلام السياسى قنبلة موقو
...
-
دار فور : ما لا يقتلنى يقوينى3_4
-
عثمان علي نور / رائد القصة القصيرة في السودان
-
دارفور ملا يقتلنى يقوينى 2_4
-
كل ما لا يقتلنى يقوينى 1--4
-
دار فور: حرب تلد أخرى........
-
منال - قصة قصيرة ...
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|