سُلاف رشيد
الحوار المتمدن-العدد: 2938 - 2010 / 3 / 8 - 08:22
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
رسالة حب إلى أمي
أمي العزيزة
أعرف أنني أعيش بين جوانحك، مثلما يعيش أطفالي بين جوانحي، لأنني أم وأقدر الحنان الذي في روحي، وبالتأكيد ليس وحدي أنا بل جميع أخوتي. وأعرف ماذا تعني فلـّذة الكبد، ونحن جميعا فلـّذات كبدك، لهذا ترينني في يوم المرأة العالمي، لا يسعني إلا أن أطبع قبلة حب واعتزاز على جبينك، وأن أضع أكليلا من الحب على شعرك الفضي.
وكي لا أبالغ، لم أتذكر شيئا حين كنت أرتوي من عسل صدرك، بل أتذكر بشكل جلي، يوم بدأت أعرف معنى وجودي، كطفلة يعتز بها أبٌ، وتحافظ عليها أمٌ بكل قوتها، أتعثر في خطوي، فلم أسمع غير صوتك وهو يدعو سيدنا المسيح للحفاظ عليَّ، أشعر بالخوف فأرى صدرك متكئي للطمأنينة، أدفن رأسي في صدرك، كي أطرد كل وساوس الخوف. وقد رافقك هذا الشعور بالخوف حتى اللحظة، فمازلت في نظرك تلك الطفلة التي تلجأ إلى صدر أمها، حين تضيق بها الدنيا، ولا أعرف ماذا تفعلين أنت حين تضيق بك الدنيا رغم إنني أعرف كم أحاطت بك الهموم.
يوم أعتقل َ والدي كنتِ تشدين من عزمنا، كي يرانا الآخرون أقوى، رغم الألم الذي يعتصر روحك عليه، ويوم عرفنا باستشهاده، كانت دموعك تحرق وجنتيك، مثلما هي دموعنا، ولكن الانهزام ما عرف طريقه إلى روحك، وواصلت احتضانك لنا جميعا، وبعزيمة أكبر كي لا نشعر باليتم، ولا نشعر بالانكسار، أو مثلما يقال صرت ِ لنا أبا وأما.
ويوم عرفنا باختفاء أخي في ظروف غامضة، كنتُ أرى غيوما من الحزن على وجهك، تمطر مرارة وألما ً، رغم ذلك كان الأمل في أن يعود، هو سدى ولحمة حديثك معنا، ولا زلنا نعيش على أمل أن نعثر عليه. ومما زاد في حزنك، هو هذه الغربة التي تأكل سنوات عمرك. أعرف مدى رغبتك في أن تكوني هناك في الوطن، لأنك أمٌ، والغربة والأم لا يلتقيان، فكيف وأنت قد أضعت روحك هناك؟
أمي العزيزة، أمنيتي لك في يوم المرأة، أن تكتحل عيناك بمرأى من أضعت في وطننا، وأن يمتد بك العمر طويلا كي تتنفسي هواء العراق ثانية.
#سُلاف_رشيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟