عبد العزيز محمد المعموري
الحوار المتمدن-العدد: 2939 - 2010 / 3 / 9 - 00:19
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
في بلادي ، بلاد المظلومين ، غادرتنا الرحمة دون رجعة ، ونحن حين نحقد يكون حقدنا من النوع الأسود ، ولا نتراجع عنه قيد أنملة ، وقلوبنا ملأئ بالأحقاد لا تترك للحب والحنان مجالا" للزيارة .
نحن نحقد على الماضي كما نحقد على الحاضر والمستقبل لأن رصيدنا من الفرح مستنفد وموسم الربيع لا يطلع على ساحتنا التي ملأتها الوحوش الضواري ودخان الكوارث التي وجدت لدينا مكانها المفضل .
لقد اعتدنا على شتم شخصيتين ربما تكونان من نسج الخيال ، هما أبو رغال وعرقوب ، فما قضيتهما ؟
تقول الحكايات أن عرقوب كان مدينا" بمبلغ من المال لشخص لا نعرفه وكان الدائن يلح عليه لسداد دينه ، وكان عرقوب يماطل كل مرة متعللا" بعجزه وضيق ذات يده ، ويستمهل الدائن عدة أيام أو أسابيع كي يوفر له حقه ، ولم يكن الدائن ينسى موضوع دينه ويلح ويستمر في المطالبة ، وأخيرا" اهتدى عرقوب إلى حيلة للمماطلة ، فغرس فسيلا" وقال لدائنه : انتظرني حتى يثمر هذا الفسيل ! وهنا قامت قيامة الشاتمين وتفنن الشعراء بهجاء عرقوب ، وقالوا :
كانت مواعيد عرقوب لها مثلا" وما مواعيده إلا الأباطيل
لو قارنا عرقوبا" المسكين بآلاف المدينين اليوم لترحمنا على روحه ، ولو أمهله الدائن بضع سنين لربما سدد دينه وأراه الهجاءين والشاتمين من نظم أشعارهم ونسج قصصهم الخيالية !
أما المظلوم الثاني فهو أبو رغال وهذا المسكين أمسكت به طلائع جيش أبرهة وطلبت إليه أن يدلهم على طريق الكعبة ولم يكن باستطاعته إلا أن يشير إلى الطريق ! هكذا تقول الحكايات ، فهل من المعقول أن يتوجه جيش عرمرم لاحتلال مكة فيضل الطريق ولا ينقذه من التيه إلا أبو رغال ؟
ولو توجه الجيش الإسرائيلي مثلا" لاحتلال القاهرة أو دمشق لا سامح الله وسألني أو سألك أيها القارئ عن الطريق ماذا سنفعل ؟ ولماذا يضطر لسؤالنا ولديه مخابرات تعرف حتى مواقع غرف نومنا ؟
لماذا لا نلوم الذين تركوا حراسة الكعبة وهربوا بإبلهم متعللين بأن للبيت ربا" يحميه ؟
أيها الناس دعوا النبش في مقابر الماضي ولنفكر بالمستقبل فقط ، فلقد تفطرت قلوبنا من مآسي الماضي ، فالماضي ملئ بالأكاذيب وقصص الخيال الأسود .
#عبد_العزيز_محمد_المعموري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟