|
الانتخابات العراقية تفاؤل ام تشاؤل في التغيير
نسيب عادل حطاب
الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 14:46
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
مع حلول موعد الانتخابـــات العـــــراقية ثمـــة من يرى واهــــما أو موهــما نفســـه أن النتـــائج المتوقعة ستأتي معبره تمامــــا عن تطلعات عامة الناس وستحمل معها بوادر التغيير المنشود للحالة العراقية المتردية وستؤسس لدوره سياسيه سليمة بعيدا عن المحاصة الطائفية والمذهبية .ومع ان الأمـل والطمـــوح يبقى أمرا مطلوبا وواردا في لغة العمـــــل السياســـــي ألا ان استقراء علميا وعمليا للواقع الســياسي الراهن ونظره سريعة متفحصــة للخارطة الســـياسية في العراق تنفــــي تماما مثل هذا التفاؤل وتدحض بما لايقبل الشك أن النتائج المتوقعة لاترقى لآن يـعول عليها كثيرا في احداث التغيير المطلوب سيما وان الراعي الأمريكي ومن خلال قراءة إحداث السنوات السبع الماضية لايبدو راغبا في إحــداث مثل هذا التغيير الكبير والمفاجئ لحسابات دوليــه ومحليه متعددة كما إن تناسب القوى الفاعلة على الساحــة الانتخابية العراقية لايساعد على مثل هذا الأمر لأسباب عديدة أهمها:-
1-أن كــــبرى الكبائر وعـــلة العلل تكمــن أســـاسا في الـــواقع الســــياسي لعراق مابعد الســــقوط الــذي صاغــــــه ورسمه الاحتلال ليشـــرعنه فيما بعد الدستور وذلك من خلال حرية تشـــكيل الأحزاب على أســـاس ديني أو طائفي.أن هذا الامر يكاد يسبب ارباكا وشللا فــي تحديد أولويات الناخب العراقي البســـيط ويوحي له بضرورة تقديم عامـــــل الانتماء الديني و المذهبي للمرشح أو الكيان الانتخابي عند الاقتراع وسوف لن أكون مغاليا أذا قلت أن هذا الآمر أعـني الطبيعة الطائفية لبعض ألآحزاب والدور الذي تلعبه في الحياة السياسية للعراق ستقف عائقا لآمد طويل أمام التطور الطـبيعي للعملية الســياسيه في العراق
2- أن الاصطفاف الطائفي الذي أوجدته الأحزاب الدينية ومابرحت تغذيه من خلال أدبياتها الفكرية وخطابها السياســي المباشر بالتذكير والأشــــاره الى الآرث التاريخـــــي والحديــــــــث ثقيل الوطأة من التمايز والاضطهاد الطائفي المتبادل والتخويف منه باستمرار تدفع الناخب الريفي ورجل الشــــارع البسيط الذي لايعي من أمر السياسه شيئا إن يلوذ مجــــبرا بهذه الآحزاب ويعطي صوته لها رغـم ادراكه لفســاد الذمم المالية والادارية لكثير من كوادر هـذه الاحزاب معتــــــقدا أنها تشكل حماية لــه وأن تخليه عن التصويت لهذه الآحزاب يشكل تهديدا لوجــوده الطائفي والمذهــبي وفي هذا الصـــدد يبدو مفهوما وواضحا الســلوك العملي لهذه الاحزاب والتيارات في شحــــــــن الجماهير طائفيا وعلى مدار العـــام من خلال المبالغة في استذكـــــار المناسبات الدينيه والتاريخيه والمغالاة فيها بشكل يفوق ماكان يقوم به النظام المنهارحينما كان يصطنـــــــــع مناسبات أحتفاليه لاعد لها بغية شحــــن الجماهير عاطفيا 3- اما ثالثة الآثافي فتكمن في هذا الاختراق المخابراتي والامني والسياسي للساحه العراقيه أذ لايقف هذا الامر عنـــد حدود الدول الكبرى بل ان الامر يتعداه الى دول الجوار والمنطقه بصوره عامه حتى أن المرء يتساءل أحيانا وبمـــرارة إن كان لدول مـــثل جيبوتي والصومـــــال امــتداد مخابراتي على الساحة العراقيـــة . إننا نستطيــــــــع أن نتلمــــــــس وبوضوح من ان الصراع الدائر بين بعض القوى السياسية على الساحة العراقية يكاد يكون في بعض جوانبه صـــراع دولي بالوكالة ويظهر ذلك جليا في حجم الأموال المتدفقة والمتداولة على الساحة الانتخابية 4- العلاقات الآوتقراطية والعشائرية السائدة لاتزال تفعل فعلها وتتدخل بشكل كبير في رسم حدود العلاقات والالتزامـات المتبادلة لأفراد المجتمـــع العراقي فمع ان المرجعية الكريمة في النجف مثلا قد نأت بنفسها عن التدخل المباشر في الحلبة الانتخابية فأن الدور الذي تلعبه الدرجات الدنيا من الســــادة والمعممين وشـــيوخ العشائر في حسم الاختيار الانتخــــــابي للناخب البسيط من عامة الشعب يبدو واضحا وجليا . إن استخدام المواعظ و الخطب الدينية للتسـويق الآنتخابــي بدا ممارسه مألوفة في الانتخابات السابقة ولااظن آن الآمر سيختلف كثيرا الآن . 5- إن الإصرار على اعتماد مبدأ التقسيم الديني والطائفي أساسا ومنهجا أحاديا في التعامل مع مشكلات المجــــــتمع العراقي انسحب بشكل يثير الأسـى على قانون الانتخابات في تعديله الأخير فبعد صراع مرير استطاعت المكونــــــــــات الدينية والاثنيه الصغيرة كالمسيحيين والصابئة والآيزديين والشبــك آن تنتزع حقا جرى تضمينه في قانون الانتخــابات يتمثل بإعطاء هذه المكونات حق التمثيل على أساس مبدأ- الكوتا- وهذا شيء جــــيد لاشـــــك فيه لكن هذا الأمر حـــدد خيارات ناخبي هذه المكونات حصرا ضمن مرشحي طوائفهم فقط كما صادر حقهم الأخر في اختيار مرشحي الكيانـــــات الانتخــابية على أساس برامجهم الانتخابية ومواقفهم السياسية.ومرة أخرى يجري تكريس الطائفية بشكل قانونــــي وصريح ولكن هذه المرة تحت عنـــوان تقدمـي جذاب إن هذا الأمر جرد الكيانات اليسارية والعلمانية من عدد لايستهــان به من ناخبيها التقليديين
6- وتبقى إمكانية التزوير والتلاعب بأصوات الناخبين وارده ومحتمله جدا في ظل الاختيار السيئ وغير النزيه لمدراء وموظفي المراكز الانتخابية كما إن ماتنفقـــه القوى المرتبطة خارجيا فضلا عن مافيا الفساد الإداري والسياسي من أموال لشراء الأصوات الانتخابية والتأثير على اتجاهات الرأي العام أمسى ظاهـره طبيعيه وتقليد فاسد تمارسه هذه القــــــــوى بجداره مع كل عملية اقتراع وتصويت 7-اليأس من التغيير والتذمر من الأداء السيئ للأحزاب الدينية والطائفية سيدفع الناخب المحبـط البســيط الذي يعتقـــــــد أن لهذه الأحزاب بعدا إيمانيا يقصر الآخرون عن الوصول إليه للامتــــناع عن التصويت والعـــــزوف عن المشاركــــــة فـــي الانتخابات بدلا من أن يســاهم في إحداث التغيير المطلوب من خلال أعطاء صوته للبديل الأخر ظنا منـــــــه أن هــذا البديل هو الوجه الأخر و الأسوأ لنفس العملة
الخلاصة...إزاء كل هذا وأمام ما يجري ويدور على الساحة العراقية من تفاصيل محبطه ومثيره للأسى لواقع سياســـــي واجتماعي بائــس نكاد ندركه ونعيشه حتى ونحن هنا في ألغربه هل يبقى لأولئك المتفائلـين أمــل بحـــدوث مايمــكن أن نسميه تغييرا حقيقيا من خلال صـناديق الاقتراع يضع البلاد على أعتاب مرحله جديدة تؤسس لدولة عراقيـــــــــة حديثه ومزدهرة أمنه ومستقره طال انتظارنا لها ..يبني المتفائــــلون أمالهم وتوقعاتـــــهم على ماجرى في انتخـابات المجالس المحلية الاخيره وكيف أن الناخب أعطى صوته لقائمة رئيــس الوزراء مكافأة له لتبنيه شعارات وطنيه عامـــــــــــه فـــي أطروحاته وبرامجه الانتخابية بعيدا عن الطائفية .. وفات هـــؤلاء أن الأمر لم يتعد أن يكون مفاضلة نسبيه محدودة مـن قبل الناخب لأطراف مكون طائفي واحـد وهو أقصى مايمكن التعويل عليه في إحداث تغييرات في تركيبة المجلس النيابي الجديد... إن المواطن العراقي بات يعي تماما فساد ممثلي الطائفية السياسية ولكنـه أي المواطـــن لايزال بعيدا عن إدراك وبلوغ مرحلة الوعي السياسي بما يكفيه لإسقاط المعيار الطائفي والعشائري من حساباته عند الاقتراع على أية حال يبقـــى اليمين الليبرالي ومن خلال تحالفه مع بعض مراكز النفوذ العشائري والمحلي هو الأقدر على جذب الأصوات المتذمـــرةالنافرة من فساد هؤلاء. ومما يزيد الأمر سوء ويساهم في مصادرة إمكانية تغيير الواقع السياسي للبلاد هو إن الأحزاب الكردستانية وبدلا من أن تساهم من خلال ممثليها في البرلمان الاتحادي بدعم القوى والتيارات الليبرالية وتعديل ميزان القوى فأنها مستعدة للجلوس على اريكه واحده مع اشد القوى الطائفية تزمتا خدمة لمشروعها القومي يبقى صاحب المشروع الوطني الحقيقي واعني اليسار الديمقراطي بكل تلاوينه ومع كل هذه الظــــــــروف الصعبــــــة والمحبطة هو وحده من يحارب بشجاعة وثبات من اجل التغيير ولكن.....بسيف من خشب .
#نسيب_عادل_حطاب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قراءه اخرى عن صناديق الاقتراع
-
الحوار المتمدن واحة الفكر التقدمي
-
عن ثورة أكتوبر أيضا...
-
رساله الى البرلمان
-
تداعيات رجل حزين
المزيد.....
-
برلمان كوريا الجنوبية يصوت على منع الرئيس من فرض الأحكام الع
...
-
إعلان الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. شاهد ما الذي يعنيه
...
-
ماسك يحذر من أكبر تهديد للبشرية
-
مسلحو المعارضة يتجولون داخل قصر رئاسي في حلب
-
العراق يحظر التحويلات المالية الخاصة بمشاهير تيك توك.. ما ال
...
-
اجتماع طارئ للجامعة العربية بطلب من سوريا
-
هاليفي يتحدث عما سيكتشفه حزب الله حال انسحاب انسحاب الجيش ال
...
-
ماسك يتوقع إفلاس الولايات المتحدة
-
مجلس سوريا الديمقراطية يحذر من مخاطر استغلال -داعش- للتصعيد
...
-
موتورولا تعلن عن هاتفها الجديد لشبكات 5G
المزيد.....
|