أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية















المزيد.....

حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية


حامد كعيد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 2937 - 2010 / 3 / 7 - 00:54
المحور: الادب والفن
    


مبكراً غادر سور مدينته الشاعر الحلي الكبير موفق محمد ليعد رمزاً ثقافياً مع رموزنا الثقافية ، ومن خلال ما نشر له بالصحف العراقية والعربية والمرابد المتوالية عد كشاعر يشار اليه ، منتصف التسعينات من القرن الماضي وتحديداً بعد قصيدته (عبد يئيل) والتي تناولتها اكثر من اذاعة عالمية (مونتكارلو ، صوت امريكا) بدأت نصوصه تترجم للغات عالمية حيه (مليون للعاهر إذ ترفع عن اليته (كلك) الايام الوسخة) .
لا تفارق البسمة شفتي هذا الرجل ، وكثيراً ما يتندر بحديثه ويتفكه ، قال مازحاً منتصف الستينات انه سيقاضي كوكب الشرق الراحلة أم كلثوم لانها ذكرت والدته باحدى اغانيها (ونه بداري وخبي) ، أمه رحمها الله اسمها (بداري) ، من بواكير كتاباته الشعبية سأورد اكثر من مقطع من قصيدة (كام اعله حيله) متغزلاً بها لنلاحظ كيف كانت حياة هذا الشاعر الكبير والتي مُلأت املاً وحباً كبيراً تنبض به كل عروقه واحساسه
كام اعلى حيله الكَلب
والكمر حدر النهد
ويلفنه قوس القزح
لتسولف اعلى الورد
ولتبطلين اللعب

هيجي اغاني الضوه
وبسكوت شرب العسل
ولوز الشفايف غنه
يحجيلي كل النهد
ولتبطلين اللعب





***





*** من فتح باب الهوه
وينث عليّه الضوه
داير مداير سوه
كل الورد بيدي
يرويحتي زيدي

اتشك المسام اتفوت
اشكد طيب البسكوت
وعاللوز روحي تموت
وانه اسمع ابأيدي
يرويحتي زيدي

هكذا نص يحمل هذه الأنزياحات والشفافية والأمل والغزل الذي ينم عن روح متوقدة ترنو لحياة تملئ فرحاً وحباً واستشراقاً لمستقبل يحلم به كما يحلم العقلاء ، ولو استمرت حياة موفق محمد بشكل طبيعي لأغنى الساحة الشعرية الشعبية العراقية بنصوص تشيع للحب والألفة كما فعل الرحابنه اللبنانيون ، فصروف الدهر وشظف العيش وفقدان الاحبة واحداً تلو الاخر ، اخوه الاوسط مبكراً رحل وهو بريعان الشباب ، (علي) ذلك الجميل الذي لا تزال حدائق الحلة وورودها تبكي حسنه وحيويته وثوريته ، وخروج أخوه الأزغر (رياض) هرباً من السلطة الدكتاتورية ليجوب منافي العالم لحمله افكاراً يسارية ، كل هذه الخسارات متوالية لموفق محمد ، حملها برجوله نادره ، يبتسم للآخرين ويمازحهم ، يشاركهم بكل شيء ، لم يقصر باداء مهمته كمدرس ناجح للغة العربية ، وما لم يكن بالحسبان ان يفقد فلذة كبده ولده البكر (عدي) الطالب الجامعي أبان الانتفاضة العراقية الوطنية النبيلة عام 1991 والتي اسقطت النظام البائد لولا انتشاله لامرار مخططاتهم التي نشهدها ونعيشها الآن ، كانت الكارثة التي قصمت ظهر البعير ، اضافة لملاحقاته الغير منقطعة وتهميشه المتعمد من النظام السابق ورموزه الغير ثقافية ، كل ذلك جعلت من موفق محمد الشاعر الباسم المحب البهيج لمشروع مأساوي ولكتلة من الحزن والألم والضياع ، كيف لا وهو يرى الناس يعودون بزوجته (أم عدي) ماسكينها لانها تحاول الانتحار وشط الحلة عنها مرمى حجر ، فتوثبت روحه لكتب للناس واليه احزن القصائد واشجاها ، مشت عند فاقدي اولادهم واحبتهم سير النار بالهشيم
ميت آنه ولا خط يجي عن موتك
سوده وحشتك يولدي حرموك من تابوتك
مشكوله ذمته الفرفحك لا تبري ذمته مروتك
ما ناح طير اعلى الشجر الا اعلى نغمة صوتك
ويتنامى الحزن لدى موفق محمد ولا يبدوا انه سيفيق من هول وعظمة النكبة ففي قصيدة (الك بيه نياشين) تجده جلداً صبوراً تحت سكاكين الجلادين والقتلة (الك بيه نياشين / كَلب ومعلك ابعجلة سجاجين / اسكرت منه البلابل عافت التين / وناحت والشجر بجاي من فركاك) ، ثم تتصاعد نبرة الحزن لتصل حد الدموع ، بنفس قصيدته (الك بيه نياشين) فيقول (مو يبني يبس دمي / وتهت امشي غريب ابليل السجاجين / ومطلوبه يروحي الخيل تردس بيج / وليمته الفرج مو سردانه الضيج / طويله اليوم نفخ الصور / وشيلكون / فرغت من اهلها اكبور / بروحي لشجر التنور / وبالمحراث خل يقره الجمر يبني / الخبز اسود / العمر اسود / الضوه اسود / وفحمه الروح) ، وتتحول دموعه لاكثر من ذلك ، فتحس نشيجه عالياً بقصيدته (صدك يالطولك حمام) لتجد كل عذاباته وخساراته وبرمه واستخفافه بكل شيء فيقول (لك انه معلم على الدنيه وخنكها / وسجه روحي ويا قطار الماسحكها / امجلجل العاكول بيها ولا وصل ماي العركها) ، بعد ثورته هذه لابد أن يكفكف دموعه فيكفكفها بدموع جديدة اكثر تدفقاً وحزناً فيقول وبنفس قصيدته (صدك يالطولك حمام) ، (ورد اشيمك ردلي روحي مفرفحة من غيبتك / ويا حمام البيت راعي البيت يتنه امروتك / ابروحك احلف وانت كدهه / ويلحمامه ارويحتك / ترف على كَليبي كبل موتي وانه كَليبي ملام / صدك يالطولك حمام) ، ويستمر موفق محمد هكذا فبعد مضي عشر سنوات على استشهاد ولده وهو بذلك الحزن الذي يجدده كل يوم حتى ليخال لك انه قد تعايش مع هذا الحزن الأليف واصبح احدهما رفيقاً للآخر وهو يرى اقران ولده تخرجوا من كلياتهم وتعينوا ولربما تزوجوا ، وها هو موفق محمد يفتش عن عروس لولده ففي قصيدته (شط الحلة) يقول (بلجي بنيه اعله عرفك واطلب وتلكاني قابل / صار عشر سنين مجمور الكَلب جمر المناقل) ولابد لموفق محمد ان يخبر ولده الشهيد عن عروسه وجمالها وخصالها فيقول (يا حلاة اغناوي عشاك الشواطي / اتون على الصوبين واتطير الهلاهل / اشكد الك عندي رسايل / ابراض امشي افتحلي كَلبك / وخل اسيس بيك حداري / واسولفلك على الحلوات / يتمرن على الموجات / مشطن فدوه يمهيلات) ، وسرعان ما يعود لسكرته مؤملاً نفسه بعودة غائبه ، فكلما راجع دوائر الأمن المقبور عاد خائباً خالي اليدين من كل شيء حتى من ورقة شهادة الوفاة فيقول (ولا رد خبر لهله المات / ولا كال اشجره واشصار / مقفوله قفل متفكها كل اسرار / متروسة ذهب للروس / يمته اتفك الي المحبوس / واتخبل / واجيت بيك من جسر العتيك / ازروكه وانبك غاد فوك شريعة الجاموس) ، ويبقى معللاً نفسه لربما ولربما وسرعان ما يثوب لرشده ويعترف بالحقيقة القاتلة (ريض لا تعوف الحلة يالجاري / يمته تصير خطاري / واغنيله بحزن معدان / واغط وارخه العصابه / وجر من الكَلب شريان وخل ادك الربابه / ولك يابه / ولك يابه/ زهران الكَلب بالماي ومنهو ذب زهر جتال / وارد العن ابو الجابه) ، بعد سقوط الصنم ونظامه لمزبلة التاريخ تنفس موفق محمد الصعداء ووجد نفسه كملايين العراقيين الذين فقدوا احبتهم وبدأت كتاباته تنفتح مع الحياة الجديدة محاولاً خلع ثياب حزنه ودموعه ، لكنه يرتطم بما آل اليه العراق من تفكك وفقدان أمان وارهاب وبدأت معه سلسلة جديدة من فقدان الاحبة والاصدقاء بيد الارهاب الاعمى كافراً بالقيم البالية ساخراً من التاريخ المزيف حد النخاع (ارد اشتري احصان واركب كالبعيره مطي / وانهك نهيك اللذي مزكوط غفله ابمطي) ، سألته مرة لماذا تضمن قصائدك الفصحى بأبيات شعبية ؟ فقال حينما تستعصي عليَّ اللغة - وهي غير عصيه عليه - الجأ إلى اللهجة المحببة للناس ولي اللهجة الشعبية ، حينما نقرأ نصه الاخير (يا مطر زخنه محنه) نجد نبرات الحزن بدأت قليلاً قليلاً تغادره ، واجد ان النص جدير بالدراسة لوحده لأنه عمل كبير بمضامينه الجميلة وبناءه الشعري الرصين ، يشيع لغة التسامح وحب الاخرين ، فالمطر يحيّ الأرض والقلوب على حد سواء ، ورغم ما فيها من دموع وحزن غير قديم (يا مطر لفني ابعباتك / وبلل اترابي تره ترابي عطش جم كيظ شايل) ، ويعود مرة أخرى ساخراً بمرارة كعادته مرمزاً للأيادي التي تسرق قوت الشعب متخفية خلف الكراسي السوداء الجوفاء (ومزنه من كاسك يبو النواس تضوي الليل كله / ومزنه فله / اتسكر الواويه كلهم وكلمن ايبوك اعلى رسله) ، من قلب معاناته وآلامه يرنو بعينيين واثقتين لمستقبل لابد صائر اليه البلد الجريح (يا مطر غني الهوه ابظهرك وغني / ودكلي اصبعتين / رد النه فرحنه الشال عني / واسمع البوسات ريانه الشفايف) ، لموفق محمد أثر واضح وعلامات مميزة بقصائده الشعبية فهو يخلط الجد بالهزل والحقيقة بالاسطورة ، ليخلق بقصيدته روحاً متفائلة لمتلقيها فتبسم لها مرة وتبكي لها مرات ، موفق محمد يقتل السواد بناصع البياض ، ويمسح الدموع بالفرح والانعتاق ، موفق محمد كتب نصوصه بجرأة متناهية ايام المحنة السوداء وايام التفكك والضياع والفلتان فالتف حوله اصدقائه ومحبوه وابناء مدينته لأنه نخلة باسقة من نخيل الحلة الفيحاء العراقية .

موفق محمد (ببلوغرافياً)
• مواليد الحلة الفيحاء محلة الطاق 1948م
• اول قصيدة تنشر له (الكوميديا العراقية) مجلة الكلمة 1967م
• خريج كلية التربية قسم اللغة العربية 1970م
• اصدر مجموعتين شعريتين
أ‌. عبد يئيل ، رفضت من النظام البائد وطبعت في كوبنهاكن
ب‌. بالتربان ولا بالعربان المركز الثقافي السويسري 2005م
• شارك بمهرجان المتنبي العالمي زيورخ
• شارك بمهرجان ابن زيدون اسبانيا
• لازال مدرساً للغة العربية
• رئيس اتحاد ادباء وكتاب بابل
• فتش كل المقابر الجماعية ولم يجد الشهيد ولده ولازال منتظراً ان تطرق بابه (لا تيأسن يا حسن / كل ماسه ولها مسن).



#حامد_كعيد_الجبوري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأنبياء فقراء ؟ أم الفقراء أنبياء ؟
- حلم الماضي وخيبة الحاضر وأستشراق المستقبل في
- امنيات ترفض التأجيل
- أبو عمشه
- أبن الشعب
- هوه الخمسين
- رسالة متأخرة لأبي سرحان
- ضمير أبيض
- روض


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد كعيد الجبوري - حوارية الدموع في قصائد موفق محمد الشعبية