شاهر أحمد نصر
الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 22:16
المحور:
الادب والفن
"أمي!
يا ربّة العاطفة الحنون،
يا صفاء القلب الطاهر،
ورقة مهج العيون،
يا فضائل الملاك الرحيم،
وراعية البيت الأمين.
يا قلباً خافقاً،
وسعه وسع الكون،
وحرارته تدفئ الدنيا،
ووميضه ثريا
تنير غياهب المجرات،
والأنفس الثكلى،
والفلك المفتون.
يا نبعاً يتدفق حبّاً
لا ينضب على مرّ الحقب والأزمان،
يا باعثة دفء النفس
في مهج الدنيا، والأوطان.
يا قرينة الأب،
وأصل الفرع،
وفرع الأصل،
يا عالية الشأن كما الأب،
ندة له في المقام العالي،
شريكة في الحياة وفي المعالي،
سابقة في احتضانه ورضاعه.
يا مبعث الإلهام والسرور،
يا مبددة الأسى
بدفء المحبّة والحبور،
يا سامية
بنضج العقل ووسع العلم،
ومزينة الدنيا
بثمار العمل والجهد الثمين.
يا من سهرت لننام،
وعانيت لنرتاح؛
تستيقظين قبل الجميع،
وتنامين بعد الجميع،
تجودين حناناً وعطفاً،
وأفضل الثمار
لننهل من ألقك:
الصدق، والمحبّة،
وحبّ العطاء والعمل النبيل،
ولنرتقي بفضلها
إلى أرفع الذرى وشماء القمم.
يا من يشع من عينيك ألق الصفاء،
ومن مهجتك دفء الحنان،
ومن طيفك برّ الطهر،
ومن صوتك رشاقة الأنهر،
ومن لحن غنائك روح الحقيقة ورقة النقاء،
ورونق جمال تغريد البلابل،
والعنادل،
والحساسين
في ظلال الليلك، والفل، والنعنع البري، والياسمين.
يا من تهبين لنا آن نلجأ إلى حضنك
هدوء انكسارات بريق ولألأة النجوم؛
وحضنك أهدأ وأسكن بحر،
آن ورع الريح الحنون
مع بسمات الصباح الجميل.
يا من تهبين لنا بضمةٍ دفءَ
شمس الصبح،
وروعة انبلاج خيوط الفجر بعيد سهر الليل،
ولذة صخب النهار،
ووعود الربيع،
وحقائق كل الفصول.
يا من تهبين لنا بقبلةٍ
أريج العطر والخزامى،
وعبق رائحة تراب الوطن المصون.
يا من تهبين لنا بلمسةٍ رقةَ مروج العشب والسندس،
وسلاسة تدفق الينابيع الصافية العذبة،
وجمال مداعبة النسيم جبينَ إنسان
يمسح عرق الكدّ عن محيّاه الرصين،
وصفاء سماء الوطن الحنون.
يا مدرسة المحبّة،
والفن، والأحلام الحلوة،
وصفو الخيال، وأسرار الجمال.
يا من تختزلين جزع وهلع الدنيا
في دمعة حرى،
وفي تقاسيم وجه ملاك رصين؛
إن مرضنا، أو أصبنا بعلة أو مكروه.
يا من يزداد روعك اضطراباً،
وقلقاً، وحرصاً،
وخوفاً علينا كلما كبرنا،
وعالجتنا السنون.
يا من تباركيننا بالدعاء الحر الصادق النبيل،
ناشدة لنا السعادة،
والفرح، والهناء؛
تعفين قبل أن يُطلب منك العفو،
وتصفحين؛ قبل أن يطلب منك الصفح؛
سامحيني؛
إن لم أستطع مجاراة حبّك وحنانك ورقتك:
عطاء وحبّاً وعلماً وجمالاً.
سامحيني أنني لا أستطيع مجازاتك؛
فكل جهود الكون
لا تجازي زفرة واحدة من زفراتك
آن ولدت،
أو مرضت،
أو تألمت...
كلّ ما أملكه
وأستطيع البوح به
لك وللعالم
إنني،
يا أمي:
أحبّــــــك."
#شاهر_أحمد_نصر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟