|
حتى لا تصبح ديمقراطياتنا مثل ديمقراطية رومانيا
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 19:36
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
منذ عدة سنوات ، و أثناء الولادة المتعسرة للديمقراطية العراقية في القرن الحادي و العشرين ، صرح مسئول بارز في إدارة ج . دبليو . بوش ، بتصريح هدفه تقليل الإنتقادات ، بتقليل سقف الطموحات ، في الشأن الديمقراطي العراقي ، فإعتبر إنهم - أي في إدارة بوش - لم يأملوا إلا في ديمقراطية عراقية مثيلة للديمقراطية الرومانية . تصريح ربما نسيه العراقيون الأن ، و ربما حتى لم يأخذ الكثير من إهتمامهم وقتها ، و لكنه هنا - في رومانيا ، حيث المنفى - أثار عاصفة كبيرة ، لم تهدأ إلا بعد وقت طويل ، و لازال الشعب الروماني يتذكر ذلك التصريح جيداً ، ذلك إنهم شعروا بالإهانة الكبيرة ، فهم رغم علمهم بأن ديمقراطيتهم ليست مثالية على الإطلاق ، و يعلمون جيداً مساوئها ، و يعلمون أن ثورتهم التي أثارت إنتباه العالم ، و إعجابه ، منذ عقدين ، يشوبها الكثير من الشكوك عن مؤامرات ، و غير ذلك ، إلا أنهم ، و هم الحساسون جداً لصورتهم الخارجية ، كأفراد ، و كشعب ، صدموا عندما علموا برأي العالم الخارجي في نظامهم السياسي ، و هم الذين يتلهفون للحصول على القبول لدى العالم الأول ، رغم أن ذلك الرأي لا يختلف عن رأيهم هم أنفسهم في ديمقراطيتهم ، و لكنها الحساسية التي أشرت إليها آنفاً . فما هي طبيعة الديمقراطية الرومانية هذه ؟ الديمقراطية الرومانية من حيث الشكل ، ديمقراطية مكتملة المعالم الخارجية ، فهناك دستور ، و مجلس تشريعي من غرفتين ، حتى الأن ، و رئيس منتخب لا يستطيع البقاء أكثر من فترتين ، و إعلام متعدد الوسائط ، يفترض إنه حر ، و كافة الأشكال التي يمكن أن تجدها في أي ديمقراطية حقيقية . العيب ليس لنقص في المظاهر ، و إنما في الجوهر ، أو في التطبيق . العيب ولد مصاحبا لميلاد هذه الديمقراطية ، حين تم التغاضي عن منع العاملين في النظام السابق ، من السياسيين ، و العاملين بالأجهزة الأمنية ، من العمل في السياسية ، و تقلد المناصب الأمنية ، و القيادية ، الحساسة ، فأصبحت الطبقة السياسية بأسرها تحت رحمة جهاز الإستخبارات الروماني ، الذي يملك ملفات كل هؤلاء الساسة ، إن شاء أخفاها ، و إن شاء سربها . النتيجة كانت رئيس حالي ، كالألعبان ، يتحدى الجميع جهرة أن يجدوا ملفه ، و لا يتورع عن إستخدام الأجهزة الأمنية ضد خصومه ، و سياسية بارزة حاولت أن تلبس ثوب الطهر السياسي ، فتم إخراج ملفها للعلن ليثبت إنها كانت تعمل كمخبرة للأجهزة الأمنية عندما كانت تعمل في حقل التدريس إبان العهد البائد ، لتتحطم نهائيا ً، و هذان مثالان من سيل من الأمثلة . رومانيا دولة ديمقراطية في الظاهر ، و لكنها ديمقراطية الإستخبارات في الحقيقة . هذه هي الديمقراطية الرومانية التي لم تحلم إدارة بوش الإبن بأكثر منها للشعب العراقي ، و هذا هوالسبب الذي يقف وراء ضعف الديمقراطية الرومانية ، فهل يرغب الشعب العراقي في أن تصبح ديمقراطيته المثيل الشرق أوسطي لتلك الديمقراطية ؟؟؟ هل بعد كل هذه الدماء ، و التضحيات البشرية ، و المادية ، و التي لازالت تقدم للأن ، يرغب العراقيون في أن تصبح ديمقراطيتهم ، ديمقراطية إستخباراتية ، أو عسكرية ، يتحكم فيها جهاز إستخبارات ، أو جيش ؟؟؟ المسألة يجب أن يعالجها الشعب العراقي بمجموعة ، بعيداً عن النعرات الطائفية ، و العرقية ، لأنها قضية في غاية الأهمية ، تهم عموم العراقيين ، و إن لم يتم من الأن التخلص من كل أذناب ، و مخالب ، النظام السابق ، بغض النظر عن هوياتهم الطائفية ، و العرقية ، فلن يتمكن من ذلك قبل مرور جيل على الأقل ، كما الأن في رومانيا ، التي يتطلع شعبها إلى عامل الزمن ، حين تفنى تلك الطبقة السياسية - الإستخباراتية ، بحكم الموت الطبيعي ، أو الشيخوخة . لا يجب أن يرضخ العراق لضغوط الولايات المتحدة الأمريكية ، للعفو عن عملاء العهد السابق ، لأن الولايات المتحدة لا تنظر في معظم الأوقات إلا لمصالحها القصيرة الأمد ، و هي على العموم لم تحلم للعراقيين بأكثر من ديمقراطية على النمط الروماني ، و لم تكن يوما مروج عملي للديمقراطية الحقيقية ، و حقوق الإنسان ، على الساحة الدولية ، مع التشديد على كلمة عملي في العبارة . إن ما أطالب به الشعب العراقي الأن ، أطالب به الشعب المصري ، الذي يجب حين يأتي وقت ميلاد الديمقراطية المصرية ، ألا يتوانى عن منع كل من عمل في ، أو تعاون مع ، الأجهزة الأمنية ، و أعضاء الحزب الوطني ، و شبيبة مبارك ، و الحرس الجمهوري ، من تلقد أي منصب عام ، و أطالب به كل شعوب منطقتنا ، فنحن لا نريد ديمقراطيات في منطقتنا على النمط الروماني . أعتقد أن القراء الكرام الذين يتابعون مقالاتي ، يعون الأن أسباب متاعبي مع جهاز الإستخبارات الروماني ، و إتهامي له - بناء على أدلة متعددة - بالتعاون مع جهازي الإستخبارات المصرية ، و السورية ، فرومانيا لا تختلف في الجوهر السياسي - الأمني كثيراً عن مصر ، أو سوريا ، في الوقت الراهن ، و لكن لتكن مختلفة الأن عن العراق ، و في المستقبل عن بقية منطقتنا .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المصرفي الصالح لا يسرق عملائه يا جيمي
-
الحرب الدينية ، لو قامت ، فلن تكون إلا إسلامية - إسلامية
-
الشعب الإيراني يتطلع لمصدق أخر ، و ليس لشاه ، و يرفض ولاية ف
...
-
شبيبة مبارك ، و هلال معقوف ، نظرة للتغيرات الثقافية ، و السي
...
-
الجمالية ، خير إسم للعقيدة الإقتصادية التي تحكم مصر
-
النضال الحوثي ، نضال لمضطهدين ، و ليس نضال لبناة دول و مجتمع
...
-
حماس باقية ، ما أبقت قيادها في يد متطرفيها ، و كبحت معتدليها
-
دلالات الإنجاز الحوثي
-
حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
-
ما أتفق فيه مع القرضاوي
-
ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
-
حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
-
مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
-
القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
-
حلايب قضية حلها التحكيم
-
الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
-
في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
-
التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
-
محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل
-
هذا هو المطلوب من مرشح إجماع المعارضة
المزيد.....
-
الجيش الإسرائيلي يوسع عملياته في الضفة الغربية و-يجبر- عائلا
...
-
-ديب سيك- تطبيق صيني يغير معادلة الذكاء الاصطناعي العالمي..
...
-
الأزهر يعلن رفضه القاطع لمخططات تهجير الفلسطينيين
-
إقالة 12 مدعيا شاركوا بمحاكمة ترامب
-
أميركا تواصل ترحيل مهاجرين إلى غواتيمالا وتتجاوز الأزمة مع ك
...
-
سوريا.. ضبط شحنة كبيرة من الحبوب المخدرة على معبر نصيب الحدو
...
-
حرصا على كرامتهم.. كولومبيا تخصص طائرات لإعادة مواطنيها المر
...
-
مجلس الشيوخ يصوت على تعيين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة
-
تاكر كارلسون: بلينكن بذل كل ما بوسعه لتسريع الحرب بين الولاي
...
-
دراسة تتوقع ارتفاع الوفيات في أوروبا بسبب شدة الحر بنسبة 50%
...
المزيد.....
|