حاتم عبد الواحد
الحوار المتمدن-العدد: 2936 - 2010 / 3 / 6 - 01:53
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
337 +316 = صفر
لكن العراق اكبر
مع تطور وتيرة الحياة البشرية و مجاراة وقعها السريع دأبت المجتمعات الراقية على ابتكار طرق فاعلة للحفاظ على الركب الانساني المهدد بمخاطر بيئية واجتماعية واقتصادية وصحية شتى ، وصار من ميزات الاداء الناجح ان يكون رد الفعل المؤسساتي والمدني سريعا وفاعلا وشاملا ازاء اي تهديدات او معضلات تواجه المجموعات البشرية المنضوية تحت منظومة الحكومات الماسكة لمقادير ادارة الدولة في المجتمعات الديمقراطية ، ومن اهم التهديدات التي يخطط لمواجهاتها علماء اختصاصيون ومراكز بحوث رصينة مدعومة بميزانيات لا تقل عن ميزانيات وزارات الدفاع هو التهديد الزمني ، والمقصود به تهديد المستقبل ، وحالات حل الحكومات او سحب الثقة من برلمانات ووزراء قد تكررت كثيرا في الفترة التي اعقبت الحرب العالمية الثانية ، لان تجارب الحياة قد اكسبت الجمهور حساً مسؤولا وردود افعال سريعة ازاء كل ما يتهدد مستقبل حياتهم ومصير ابنائهم ، وقد كانت الدهشة ترتسم على وجوهنا ونحن نسمع خبر استقالة وزير او رئيس وزراء في دول العالم المتقدم بسبب انه كذب كذبة صغيرة او كبيرة ، ولم نفهم المغزى السياسي وراء هذه الاستقالة الا بعد ان مررنا بمرحلة تسرب الزمن العراقي من بين ايدينا المخرومة بالحروب والشعارات الزائفة والمجازر المتلاحقة والافقار المبرمج الذي اعتمدت عليه نظرية الحاكم بامر الله او بامر نفسه .
ان ما يتوارى خلف السياسات المتبعة من قبل الحكومات العراقية التي ادارت دفة الزروق الوطني الذي تتفاذفة الدوامات الداخلية وامواج الايدلوجيات الاقليمية منذ نهاية الانتداب البريطاني الى يومنا هذا ينبيء بحالة عماء جماعي ناتج عن الولاءات المقززة للعرق والدين والمذهب والمنطقة واللغة ، وتديم حالة العماء هذه ذات مغرورة لا تملك من اسباب غرورها الا قيماً زائفة لا تصمد امام متطلبات الحياة المتحضرة ووسائل القمع الجسدي والنفسي لكي تغطي هزيمتها الروحية الداخلية بقناع بطولة لا وجود لها في متن حياة اسست ثقافتها مفاهيم جوفاء للوطن والمواطنة ، فكل من يخالف الحاكم هو خائن وكل من لايتكلم العربية مشكوك بعراقيته وكل من لايملك عشيرة هو مبتور الاصل وكل من يخالف الاسلام هو كافر ملحد وكل ابن قرية نائية لا يستحق ان يكون من سكان المدينة او العاصمة ، وبتراكم هذه المفاهيم الشوهاء فقد الفقراء حاضرهم ومستقبلهم وراكم الاغنياء اموالا واطيانا خولتهم الامساك ببندول الزمن حتى قيام الساعة ، وسعيا لفتح كوة في هذا الجدار حاول ليبراليون وعلمانيون متنورون ان يأسسوا لمنهج جديد يمنح بصيصا من الامل في التغيير على امل ان تتسع مساحة هذا الامل ولكن فتاوى التكفير ورسائل التخويف التي كانت تبثها الجوامع والحسينيات قد جعلت من السياسي العراقي سوطا ومشنقة بيد رجل الدين القابع في خرافاته ففقد العراقي دينه وفقد وطنه وفقد سياسيه مقابل رضاء الملتحين واصحاب العمائم عنه ، فهل كانت الخسائر التي قدمها هذا الشعب موازية للمكاسب التي حصل عليها جراء نزيفه الطويل وجوعه المزمن وخوفه الابدي وتشرده الدائم ؟؟
ان عتبة السابع من آذار القادم قد تؤدي الى ممر آمن للمستقبل اذا احسنا وضع اقدمنا عليها وقد تؤدي الى نفق مظلم وقبر جماعي بمساحة العراق ان تعثرنا ، لان العلامات المؤدية الى هذه العتبة مضللة بشكل مدروس وهي تشبه الى حد كبير ما يسمى بالعلم العسكري بكمائن المضلّلين ، فكتلتان من الكتل الست الرئيسية المتنافسة على ادارة العراق لاربع سنوات اخرى لا تتورعان ان تحرقا الارض وما عليها من اجل خرافة مضى عليها اكثر من الف عام ، ولقد اثبتت الاعوام السبعة الماضية ان مليشيات هاتين الكتلتين قد عاثت بالارض فسادا وتقتيلا وسرقات وتزويرا من اجل اعلاء راية المذهب والطائفة ، وفي المقابل ظهرت ازاء هاتين الكتلتين مجاميع ارهابية قتلت ونهبت وخطفت من اجل اعلاء راية المذهب الاخر ، ولكن لم يقف رجلان حليمان شريفان من كلا المذهبين ليقولا اين مصلحة العراق من هذا ؟ واين كرامة الدم العراقي من هذا ؟ وما مآل المستقبل العراقي في هذه الدوامة الشنعاء ؟ فابو بكر بن ابي قحافة وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن ابي طالب وكل ذرياتهم هم سعوديون وليس عراقيين فلماذا يتقاتل العراقيون من اجل اشخاص غرباء ؟؟؟؟؟
لماذا تحكم العراق اليوم شراذم اميّة لا تملك من الكفاءة الا ولاءات ايرانية او سعودية او امريكية ؟ في الوقت الذي تتقاسم المنافي والمقابر الكفاءات العراقية الرفيعة التي نشأت في حاضن التسامح والتآلف الوطني ؟
ان البرامج التي تقدمها الكتلتان 337 و 316 انما هي برامج تكرس استمرار حالة الغيبوبة الوطنية وتكرس حالة الانقسام الطائفي من اجل مصالح ايرانية خالصة ، ويعزز هذه القناعة التدخل المباشر لحوزة النجف في توجيه الرأي العام الشيعي نحو اختيار اسماء بعينها دون اسماء اخرى ، وكأن ابطال ثورة العشرين كانوا ايرانيين ولم يكونوا من احفاد سومر واكد .
بلغة الفيزياء فان الوعاء اكبر مما يحتويه دائما ، وعليه فان العراق اكبر من الشيعة والسنة ، واكبر من المسلمين والمسيحيين والمندائيين والايزيديين ، واكبر من العرب والكرد والتركمان ، فكم من القيم العراقية تتضمن برامج هاتين الكتلتين الانتخابيتين ؟ فعلى مدى اربعة اعوام فقط كان مجموع المال في الميزانية العراقية قد تجاوز 200 مليار دولار ، اي بمعدل 50 مليار دولار للعام الواحد وبعملية حسابية بيسطة لو قسمنا هذا الملبغ على 30 مليون عراقي فان النصيب السنوي للفرد الواحد سيكون اكثر من 10 الاف دولار ولاربعة اعوام سيكون للشخص الواحد اكثر من 40 الف دولار ولعائلة مكونة من 5 اشخاص سيكون 200 الف دولار خلال فترة حكم دولة القانون واتباع آل البيت ، ولكن المواطن العراقي يعيش الان على شفا المجاعة ولم يستلم حصته التموينية منذ سنة واكثر ومدارس الطين منتشرة في المدن العراقية واعداد الساكنين في مخيمات المهجرين في ازدياد وعدد اللاجئين العراقيين في تفاقم ، وشبكات الصرف الصحي والكهرباء في الحضيض ومستوى التعليم قد انحط الى الحد الذي أدى لسحب الثقة عالميا بالشهادات الجامعية العراقية ، واسقاط المدن الاثرية العراقية من قوائم منظمة اليونسكو ، اليس وزارء هاتين الكتلتين هم من يمثلون السواد الاعظم من وزراء دولة القانون ؟؟ واليس نواب هاتين الكتلتين هم من يحتل المساحة الواسعة من فضاء البرلمان العراقي ؟ فاي خديعة يتقول بها زعماء حزب الدعوة ومجلس عمار الحكيم ؟؟ ولماذا انبثقت مشاريعم بالتغيير الان ولم يقدموا شئيا يذكر عندما حكموا لاربع سنوات خلت ؟ هل سياسات هاذين الكيانين الانتخابيين متأثرة ايضا بنظرية الغيبة الكبرى والصغرى ؟؟
العراق اكبر من كل الطائفيين ، وعلى كل عراقي ان ينتخب من يحسب دقات بندول الساعة العراقية خائفا من غدِ لا يرحم ، اما الذين جعلوا من ايام العراقيين مواقيت للطم والبكاء واشاعة الياس فعليهم ان يعودوا الى سراديب النجف وسامراء وكربلاء وقم ليكملوا حكايتهم الخرافية ، فالمستقيل الد اعداء العراق دعونا نواجهه .
[email protected]
مكسيكوستي
#حاتم_عبد_الواحد (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟