|
ابن حنبل و مهزلة خلق القرآن1/6
حمادي بلخشين
الحوار المتمدن-العدد: 2934 - 2010 / 3 / 4 - 10:48
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
كيف حظي احمد بن حنبل، وهو المشلول، بشهرة بطل أولمبي في العدوّ السريع؟؟ وكيف حظي وهو الأعمى بعمادة جراحة العيون؟ أعني كيف ذاع صيت كاهن السلفية الأول وأشتهر، و هو المجرّد من كل موهبة, و الخالي الوفاض من كل فضيلة تجعله في عداد عامة المسلمين، فضلا عن قادتهم والمقدمين فيهم؟
كيف اشتهر ابن حنبل كمدافع عن الإسلام( الدين المكلف بحفظ السلام العالمي و خلع الملوك وتأديب الإمبراطوريات المتمردة بقوة السلاح) وهو الذي كان يستفظع الخوض في السياسة الداخلية لسلاطين محلّيين! هذا ما سأتـناوله في هذا الفصل، فأقول:
اذا كان الإخوان المسلمون قد بنوا شرعيتهم التاريخية، و صيتهم الزائف، و شهرتهم العريضة على مساهمتهم سنة 1948 في حرب فلسطين. فإن السلفيين قد بنو شهرتهم على قضية خلق القرآن التي جعل ابن حنبل " بطلها " الأول، و نجمها الأوحد، حيـث رفع بسببها الى مصاف أبطال الإلـياذة الملحميين، و بوأته العامة و جهلة المحدّثين بسببها ، مكانة عظمى و درجة سامية تتقاصر دونها مكانة الصديق ابي بكر رضى الله ! " قال الميموني , قال لي علي بن المديني، بعد ما امتحن احمد، و قيل قبل ان يمتحن: يا ميمون ما قام أحد في الإسلام ما قام به احمد بن حنبل[!] فعجبت من هذا عجبا شديدا، و ذهبت الى أبي عبيدة القاسم بن سلام فحكيت له مقالة على بن المديني، فقال: صدق [!] إن أبابكر وجد يوم الردّة أنصارا و أعوانا، و إن أحمد بن حنبل لم يكن له أنصار و لا أعوان !" (2)
" لقد كان الخلاف النظري الضيق حول خلق القرآن [ و الكلام لعبد الجواد ياسين]، اشد خطرا على الدين في نظر احمد[ بن حنبل] من الحكومة المستبدة الفاسدة، وهي وجهة من النظر تتسق تماما مع الحالة العقل ـ فكرية المعهودة لأهل الحديث، باعتبارهم في المقام الأول أهل رواية و اسناد، لا ينصبّ اهتمامهم على الفحوى الموضوعي للنص و جدله مع الواقع، بقدر ما ينصبّ على الشكل الخارجيّ للنص و" تاريخه" في الماضي. و في رأينا، ان شيئا في تاريخ الإسلام لا يضارع الإستبداد السياسي الذي قـنّنه الفقه، من حيث فداحة الأثر المتبقي في العقل المسلم والذات الإسلامية بوجه عام. فما من خلل في هذا العقل أو في تلك الذات، إلاّ و يمكن تفسيره بهذا التاريخ الطويل من القهر والإستبداد، أما الخلاف حول ما اذا القرآن قديما او مخلوقا، وهو في نظرنا مما يتسع له صدرالإجتهاد في الإسلام وان لم يتسع له صدر أحمد بن حنبل و مدرسته التي فرضت نفسها فرضا كممثل رسمي ّ للإســـلام باسم أهل السنة والجمــاعة. أما هذا الخلاف [ مسألة خلق القرآن] فلم يكن له خطر قط على مجمل التاريخ السياسي و العقلي في الإسلام، و لم يكن له من باب أولى، خطر على الإسلام ذاته "(3).
" و من هنا نفهم أن القضية ليست أن القرآن مخلوق أوغير مخلوق، و انما قضية أوامر الهية نزلت في غيب السموات والأرض، وتم تيسيرها لكي نفهمها و نعـقلها و نطبقها. و القضية الأساسية هي الطاعة لهذه الأوامر، و ليس البحث في ماهيتها في عالم الملكوت الغيبي الخارج عن ادراكنا، قبل ان يكون قرآنا، وكيف نزل، وهــل هــو بصوت او بغـيره، الى آخر ما انشغل به اسلافنا وانهكوا به عقولهم و حياتهم و تخلفوا به عن العالمين و لا يزال بعضنا على آثارهم يهرعون مختلفين و متخلفين " (4) .
فعلى الرغم من ان مسألة خلق القرآن " ليست مسألة كفر وايمان، انما هي آراء داخل حدود الإسلام "(5). وعلى الرغم من هامشية المسألة و سفسطائيتها، فقد زعمت السلفية ـ ولا تـزال تزعم ـ ، أن أمة الإسلام كانت تـنتظرعلى أحرّ من الجمر، ما عساه يسفر التحقيق مع بن حنبل في شأن خلق القرآن ! حتى يتقرّر بقاء الإسلام في الأرض من عدمه، بكلمة واحدة يقولها بن حنبل . كان مصير الإسلام حسب التصور السلفي القاصر رهين كلمة واحدة تخرج من فم " ناصر السنّة" و مجدد القرن و فلتة الدهر! و في ذلك الإدعاء السلفي الفجّ بهتان جسيم، و مغالطة عظيمة وكذب فاحش. لأن مسألة خلق القرآن قضية كلامية، لم تكن في متناول عامة الناس، و لم تكن قط مطروحة للبحث لدى سواد الشعب، إلاّ إذا كان ثقب الأوزون و الإحتباس الحراري، قضية مطروحة للبحث و تشكل هاجسا يوميا لدي فلاحي صعيد مصر، أو بدو موريطانيا الرحّل! بل أن التاريخ يحدثنا أنّ الملك العباسي (المعتصم) الذي امتـحن بن حنبل في عهده كان أميّا خالصا! كما لم يكن وزيره ــ غير المعتزلي ابي دؤاد ــ أحسن حظا منه في مجال فكّ الخطّ و التمييز بين الألف و كوز الذرة، ناهيك أنه وردت عليه رسالة فيها كلمة " كلأ " فسأل عنها المعتصم، الذي تعجّب من جهل وزيره فقال: " خليفة أمّي[ يقصد نفسه ] ووزير عاميّ "! كما قال عنه بن كثير[ أي عن المعتصم] في تاريخه المذكور740/ 10: " و كان أميا، لا يحسن الكتابة [!] ". أمّا من تصدّى من القصاصين لتعليم الناس، زمن أحمد بن حنبل فقد كان منهم من لا يحسن قراءة القرآن! و أما عامة الناس فقد كان البعض منهم يشك أيهما أصحّ : إياك نعبد و اياك سبعين ، أو إياك نعبد و إياك تسعين، و ربما أخذ البعض منهم بالتسعين على سبيل الحيطة ( انظر بن الجوزي في اخبار الحمقى و المغفلين)!. يتبع ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) الحرب التي أعطى الملك العميل والفاسق فاروق، اشارة انطلاقها، و تولى الضابط الأنكليزي المستعرب غلوب باشا قيادتها، ليشرف من قريب على حسن سيرها حتى لا تتحول رمزية المشاركة فيها الى قتال جدّي. و تلك الحرب التي شارك فيها الشيوعي و العلماني وقدّموا فيها قتلى, (2) بن كثير البداية و النهاية ج10ص 786 (3) عبد الجواد يس السلطة في الإسلام العقل الفقهي السلفي بين النص و التاريخ ص78/88الطبعة الأولى 1998 المركز الثقافي العربي (4) د. أحمد صبحي منصور التأويل . فهم النصوص القرآنية في الفكر الإسلامي من بدايته الى نصر حامد أبو زيد ( خاص بموقع آراب تايمز) (5) أحمد أمين ضحى الإسلام ج3ص164مكتبة الأسرة1999
#حمادي_بلخشين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ما صحّ عن فضائل امريكا!!
-
أحمد بن حنبل: جعجعة بلا طحين2/2
-
احمد بن حنبل: جعجعة بلا طحين 1/2
-
صورة (قصة قصيرة على هامش قضية نور الشريف)
-
الفكر السلفي كان سبب سقوطنا في الماضي و الحاضر
-
مكونات المخزن السلفي المدمر للإنسان و العمران
-
تعريف السلفية 2/2
-
تعريف السلفيّة 1/2
-
وصيّة!!
-
مصطفى محمود ووالدتي حبيبة طليبة
-
رد على تعليق للسيد عبد القادر انيس
-
عقوق (قصة قصيرة )
-
الفصلان الأخيران من رواية مآذن خرساء 47 و 48/48
-
عدوّ!! ( قصّة قصيرة)
-
سيد مصطفى حقي... قليلا من الإنصاف!
-
منام !! ( قصّة قصيرة)
-
النقاب الوهّابي خطيئة علمانية
-
إعتذار لكل النساء و الكتاب و القراء يليه رد على السيد عبد ال
...
-
عن ضرب شاذات النساء في شرع خاتم الأنبياء
-
رد هادىء على السيدة وفاء سلطان
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|