|
الخيانة الزوجية ....والاكتشافات العلمية
كريم عامر
الحوار المتمدن-العدد: 893 - 2004 / 7 / 13 - 07:39
المحور:
العلاقات الجنسية والاسرية
حط القدرة على فمها ....تطلع البنت لامها كان هذا هو لسان حال الشاب الذى كان يعزف فى الماضى عن الزواج بمن يحبها بحجة ان والدتها لايروق لة بعض تصرفاتها ، فكان يرى أن ابتها ايضا من المؤكد انها سترث بعض اخلاقها طبقا للمثل العامى المشؤوم الذى ذكرتة انفا وقد ابدعت الدراما التليفزيونية فى تصوير مدى سيطرة هذا المعتقد على أذهان الناس ، وأبلغ مثال على ذالك هو فيم "الاعتراف "الذى لعبت بطولتة الفنانة فاتن حمامة امام النجم يحى شاهين والفنان جلال عيسى والذى يحكى فى اطار درامى قصة شاب رفض ان يتزوج من الفتاة التى كان يحبها واعترض ايضا على أخية عندما حاول الزواج منها وذالك بعدما علم ان والدتها قد تركت والدها وسافرت لتعمل بائعة هوى فى مدينة القاهرة ، وكانت الحجة التى استند عليها فى رفضة الزواج منها هو المثل العامى الذى ورد ذكرة كثيرا خلال أحداث الفيلم والذى سبق أن ذكرتة فى بداية المقال كانت هذة هى العقلية التى يتمتع بها الشاب فى الماضى ، فقد كان الشىء الذى يهمة ويشغل بالة هو سمعة الفتاة التى سوف يقترن بها ، فكان يعتمد فى معرفة ذالك على طرق بدائية جدا تتلخص فى ملاحظة مايشتهر عن والديها بين الناس بسؤال أقربائهم ومعارفهم وجيرانهم عنهم ، وببعض التحليلات اللاعقلانية لشخصية الوالدين يخرج الشاب بنتائج أكثر تخلفا تحدد لة ماهية سلوك كريمتهما ، وعلى أساس هذة النتائج يحدد ما اذا كان سيقترن بهذة الفتاة أم لا ولكن ...بدأت هذة الأفكار أخيرا فى التراجع والانحسار تدريجيا ، وبدأ الشاب يغير من طريقة تفكيرة تلك ، ويعتمد فى اختيار شريكة حياتة على التعامل المباشر بينة وبينها قبل أن يتزوجها ومن ذالك يقدر مدى توافقها معه كزوجة او شريكة فى علاقة جنسية أم لا بغض النظر عن سلوك والديها ووضعهم الاجتماعى أثناء تجولى على احدى صفحات النترنت لفت نظرى خبر يقول أن عالما بريطانيا هو البرفيسور تيم سبيكتور من وحدة ابحاث التوائم بمستشفى سان توماس بلندن قد اكتشف أن هناك جين وراثى يتحكم فى وراثة صفة الخيانة الزوجية ، بمعنى أن الخيانة الزوجية صفة وراثية تخضع لقوانين الوراثة فالرجل الذى يخون زوجتة هو بالضرورة شخص حامل لهذا الجين وربما يورثة لأبنائة....وبالمثل فالمرأة التى تخون زوجها ينطبق عليها هذا الأمر وعلى الرغم من احترامى الكبير للعلماء واحترامى الأكبر لجميع الاكتشافات العلمية مهما صغر حجمها وتضائل شأنها أحب أن اسأل ....ماهى الفائدة التى نبغيها جراء هذة الاكتشافات العلمية ؟ وهنا سأفاجىء بالتوحد العالمى فى الاجابة عن هذا السؤال بكلمتين اثنتين هما "خدمة الانسانية" وهنا يحق لى التساؤل ....هل اختراع القنبلة الذرية يعتبر خدمة للانسانية؟!!!! هل اكتشاف الأسلحة الكيماوية والبيولوجية يعتبر خدمة للانسانية ؟!!! واخيرا ..... هل الاكتشاف الأخير للبرفيسور تيم سبيكتور يعتبر خدمة للانسانية ؟!!! ان مثل هذا الاكتشاف يمثل دعوة غير صريحة للعودة للقيم الطبقية الأبوية التى كانت تقف مع الذكر ضد الأنثى ...فهو بذالك يحرض المجتمع على نبذ الانثى التى كانت والدتها تتمتع بصفة الخيانة الزوجية "الوراثية !!" لأنها حتما (طبقا لهذا الاكتشاف ) سوف ترث هذة الصفة عن والدتها الأمر الذى يخاف منة المجتمع ويجرى لة ألف حساب مما سيترتب علية "وأد " الفتاة معنويا باهمالها وعدم تلقيها اى اهتمام من قبل الشباب الراغبين فى اقامة علاقات جنسية مع الفتيات وهنا قد يقف فى وجهى من يعترض على بالادعاء اننى منحاز بشكل مبالغ فية للمرأة ....فهذا الاكتشاف يساوى بين الرجل والمرأة فى وراثة هذة الصفة ...فلماذا لا أساوى بينهما عند مناقشة هذة القضية ؟...أو بمعنى اخر اليس الضرر الواقع على المرأة جراء هذا الاكتشاف سيقع على الرجل ايضا ؟!! الجواب قطعا بالنفى ...فالمجتمع قد جعل من الطبيعى جدا أن يخون الرجل زوجتة تحت عدة حجج وذرائع واهية ، فهو رب البيت ، وهو القيم على مافى بيتة ، وهو سى السيد ، وهو الالة الذى لا يسأل عما يفعل ، فليس من الطبيعى أن يسأل عن خيانتة فهو لايعيبة الا جيبة ، فاذا امتلأ جيبة فليهنىء عيشة وليخون زوجتة كما يحلو لة فقد انتفى العيب الذى ربما يلحقة عارة اما المرأة .... فخيانتها (فى نظر المجتمع ) تستوجب فصل رأسها عن جسدها تماما طبقا للعادات والتقاليد السائدة منها والبائدة لذالك ....لم يكن من العدل ان نساوى بين الحالتين .... فالمرأة هى التى سوف تتحمل الضرر الكامل جراء هذا الاكتشاف الداعى الى العودة الى اخلاقيات البادية ، اضافة الى الاضرار الأخرى التى تعانيها المرأة جراء اضطهاد المجتمع لها كأنثى .... لذالك كان من الطبيعى ان لا أعير الرجل الاهتمام الذى اعيرة للمرأة عند مناقشتى لقضية وراثة الخيانة الزوجية وعلى أية حال .... فاننى أرى أن الخيانة الزوجية ( مع احترامى الكبير لجميع الأبحاث العلمية ) ليس لها أية صلة بالوراثة .... بل هى ناتجة عن تقصير أحد طرفى العلاقة الجنسية ( سواء أكانت زوجية أو غير ذالك ) فى حق الطرف الاخر .... مما يدفع الطرف المتضرر الى البحث عن ما يجبر هذا التقصير بعيدا عن العلاقة الجنسية مع شريكة المعترف بة فيحدث ما اعترف البعض على تسميتة بالخيانة للعلاقة التزاوجية فهى ليست الا محاولة احد طرفى العلاقة الجنسية للبحث عن الطريقة التى ينال بها الاشباع العاطفى أو الجنسي أو النفسي أو حتى المادى خارج هذة العلاقة التى يشعر أنها غير مكتملة الأركان ....فيحاول جبر هذا النقص خارج اطار العلاقة التزاوجية ..... فهل هذا الأمر الاجتماعى البحت يتبع قوانين الوراثة ؟!!! ولنفترض صحة ما لأكدة البرفيسور سبيكتور .... ولنتسائل بيننا وبين أنفسنا .... ماهى الفائدة التى سوف تجنيها الانسانية جراء هذا الاكتشاف ؟ هل سيساهم مثل هذا الاكتشاف فى التوصل الى حل للمشاكل الاجتماعية المستعصية الحل والمتفاقمة فى مجتمعاتنا .... أم انة سيذيدها غموضا وتعقيدا زيادة على ماهى علية ؟ الاجابة لا تحتاج الى تعمق فى التفكير .... فهذا الاكتشاف سوف يعيد الى السطح المعتقدات الشعبية القديمة المناهضة للمرأة والتى لم نكد نلتقط انفاسنا بعد أن بدأت مجتمعاتنا تنساها بالكاد حتى خرج علينا من يؤيدونها ويعيدونها الى عقول وأذهان شبابنا اننى اطالب كل باحث فى شتى العلوم أن لا يبرز اى جديد يكتشفة الى الأضواء الا عندما يدرس الفوائد التى سوف تحصدها الانسانية منة جنبا الى جنب مع دراسة الاضرار المتوقعة من ظهورة ..... وعلى اساس هذة الدراسة علية ان يقرر ما اذا كان سيخرج اكتشافة الى الاضواء ام سيحفظة فى ادراج مكتبة الى اجل غير مسمى ان الهدف الذى ترجوة الانسانية من البحث العلمى ليس هو اكتشاف الوجوة الجديدة من ارباب العبقريات العلمية .... وانما هو اكتشاف الجديد الذى يخدم الانسانية ....فاذا كان هذا الجديد يخشى منة الحاق الضرر بالانسانية فلا داعى لاخراجة الى النور اننى اوجة من خلال هذا المقال دعوة لكل اصحاب الضمير الانسانى الحى ، ممن حباهم خالقهم بالعبقرية العلمية القادرة على الابداع والتى تستطيع ان تخرج لنا المذيد من الانجازات التى تخدم البشرية ، اناشدهم أن يكونوا على قدر المسؤولية وأن يراعوا قبل كل شىء الضرورات الانسانية الملحة وأن يضعوا المصالح والأهواء الشخصية جانبا ، وأن يهتموا بشكل أكبر بالجانب الانسانى من الاكتشاف العلمى حتى يتمكنوا من تحقيق القدر الأكبر من الخير والسعادة والرخاء لأممهم وشعوبهم وأصدقائهم وجيرانهم
#كريم_عامر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المرأة وشبح الأمية
-
الانسان والهروب من الحقيقة
-
الاسلاميون والمرأة
-
وداعا أعوامى العشرينا
-
البكارة ...وجرائم الشرف
-
تعليم الفتاة بين الرفض والقبول
-
الاسلام ونظرتة الدونية للمرأة
-
الكفن الأسود
-
ختان الاناث عمل اجرامى
-
لا للزواج المبكر
-
هكذا حمى الاسلام المرأة
المزيد.....
-
المجلس الوطني يدين جرائم الاحتلال ضد المرأة الفلسطينية ويطال
...
-
وزارة المالية : تعديل سن التقاعد للنساء في الجزائر 2024.. تع
...
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
المزيد.....
-
الجندر والجنسانية - جوديث بتلر
/ حسين القطان
-
بول ريكور: الجنس والمقدّس
/ فتحي المسكيني
-
المسألة الجنسية بالوطن العربي: محاولة للفهم
/ رشيد جرموني
-
الحب والزواج..
/ ايما جولدمان
-
جدلية الجنس - (الفصل الأوّل)
/ شولاميث فايرستون
-
حول الاجهاض
/ منصور حكمت
-
حول المعتقدات والسلوكيات الجنسية
/ صفاء طميش
-
ملوك الدعارة
/ إدريس ولد القابلة
-
الجنس الحضاري
/ المنصور جعفر
المزيد.....
|