خيري حمدان
الحوار المتمدن-العدد: 2932 - 2010 / 3 / 2 - 19:22
المحور:
الادب والفن
يقال بأن مجموعة من الحكماء أرادوا أن يقوموا بتربية القردة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من حقول الموز الكبيرة والعامرة. القردة كانت تهاجم أشجار الموز وتلتهم الأخضر واليابس منها، دون أن تفضّل الناضج ذو اللون الذهبي على الأخضر الذي ما يزال ينتظر لمسات الطبيعة لينضج.
بدأ الحكماء بضرب القردة بالعصي حال مدّ أحدهم يده على قرن الموز الأخضر غير الناضج، في الوقت ذاته، كانوا يصفقون بحرارة للقردة التي تمدّ يدها لتقطف الموز الأصفر الناضج. ومع مرور الوقت بدأت القردة تصرخ بعصبية إذا حاول أحد أقرانها مدّ يده نحو الموز الأخضر. وبهذا نجح الحكماء من تعليم القردة (باستخدام العصا والجزرة) بقطف الموز الناضج فقط.
بعد فترة من الزمن، استبدل الحكماء نصف قبيلة القرود الموجودة في المنطقة بقردة جدد، ليروا أثر دروسهم التثقيفية على الآخرين. حين حاول أحد القردة الجدد قطف قرن موز أخضر، بدأت جماعة القردة القديمة بالصراخ بل حاولت ضربه ليحجم عن هذا العمل حتى لا تعاقب بمعيته. ولم تمانع في تناول القردة الجدد الموز الناضج.
لكن القردة الجديدة كانت شديدة الحذر من قطف الموز وبغض النظر إذا كان ناضجا أم أخضرًا. بعد فترة من الزمن استبدل جزءٌ آخر من القردة القديمة بعدد جديد، وبهذا ازداد عدد القردة التي لم تعايش تجربة الحكماء وتدريبهم لها للتمييز ما بين الموز الناضج والأخضر. معظم القردة كانت تثور كلما حاول أحد القرود قطف الموز، وقلّة منهم كان يصمت حين تمتدّ يد القرد لقطف الموز الناضج.
في نهاية المطاف لم يبق سوى قرد واحد حضر وعايش تجربة الحكماء. كان القردة من حوله يثورون غضبا حين تمتدّ يد قرد جديد لقطف الموز. القرد الحكيم كان يهزّ رأسه حسرة وكان غير قادر على إقناع الآخرين بتناول الموز الناضج دون الخشية من الضرب بالعصيّ. المسكين كان يكتفي بهزّ رأسه، ومع مرور الوقت لم يعد يجرؤ هو الآخر على قطف الموز خوفا من أقرانه وزملائه القردة، وليس خوفا من القوانين التي وضعها الحكماء قبل وقت طويل من الزمن.
تُرى، هل استبدلنا قرن الموز بالمرأة في عصرنا الحديث؟ وبتنا نخشى قطف الناضج والأخضر من النساء على حدّ سواء!
#خيري_حمدان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟