|
قصة قصيره - تذكرة موت
زكي فرحان الخميسي
الحوار المتمدن-العدد: 2932 - 2010 / 3 / 2 - 11:38
المحور:
الادب والفن
حين أرتقى قدمى رواق الطائرة المأهول، اتجهت الى المسند المألوف ،جلست بين اشخاص هميمه رديفه النسق، راشقه نظرا شفافا خفيضا تتمعن الوجوه الوجلة ،ولأول وهلة كد ت ان اختنق، و كأن روحا غريبه سكنتنى ، أنتابنى احساس ضجر ، غضن مشاعري ، وأثقل صدرى وقوض مسرتى، الطائرة ترتعد ترجرج المدرج ، تصهل و تغير و تندلق تناهب الهواء ، تتخطى مداها ، تباجح عنان بواسق السحب الدفعه ، تجوب الخوافق كأنها ( طير ابابيل ) تحوم عسى ان تحرز لها متكأ تستوطن عليه،و بعيون ساهرة وتعقب حذر تحاور الكون و تحانكه فى صراعات مصيريه ،هي حاذقه التشابك ،محصنه بالدقه ،جاهدة الاجتياز تنش عنا خطر الجنوح ، ما أن أستقرت حتى دأبت تخفق بجناحيها كأنها ( يعسوب) يرفرف فوق سطح الماء، أمست تماشق النجوم السهرة و التى كدرت عليها صفاء سناءها و تلألأ وهجها ،السحب المقطار غسلت ادرانها وأرتدت ثوب الريح ،الهواء عبق رئتيّها ،انتشت تجتر ملء شهيقها، و تغربل غصة زفيرها و بلعمة أنفاسها، أنا أنعم في المتاح من ملاذ الراح و الطعام ،التأملات عامرة بهجة ،العواطف جياشه لهفه ،عنفوان الثمل زخ سيلا من مخزون العواطف الملتاعه ،احلامى الضجعه تتزاحم قارعه تفيض بالحنان الأبوى ، انتظارى العطوش لأولادي ، قبلة أتوج بها وجنة منحة حياتى ابنائى، قرة عينى أروم الظفر بهم ،أشواقي وقدة تتلسع بين ثنايا القلب الملهوف ، حشدت جلى التخيلا ت فى عمق التصور تبحث عن جدوى لأجتثاث جذورها المسعارة ، طرقها مستمر مطفاح ، أُستهلت نشوة مستهامه ، أستحوذ عليَ ثأب الوسن و احتوانى الغفاء اللدغ ، أنتباه رجاءً،، أنتباه !! وقفت المضيفه شامخه تشرح لنا مستلزمات الوقايه من عصوف شاكله النجاة، أنتباة رجاءً ،،،!! دأبت تومأ وترشدنا ، تمنطقوا بحزام الامان ،الجلوس قرفصاء ،كمام الاوكسجين يندلق من ألأعلى، صدرة العوم أسفل الكرسي ،رتج باب النجاة على جنبي الطائرة ، حالات يأس كلها مآله الى الفاجعه و الموت المحقق ، تكبكبت روحى، هرعت تغترب برهبه مذهله تنقبض على ذاتها ، الهولة شذبت آمالي الورديه ،سدلت مسك أنتشائى، أعترتني هواجس رهيبة مخيفة سوداء لم ترافقني من قبل و سحنات خفيه دفقها جلجل انفعالى و تناغم مع الشعور بالألم ،الطائرة تميد و تميح ، خيم علينا الوجوم ، هاجرت الوجوة و اختلجت العيون شاخصه ،تحولنا الى تماثيل فاقدي الحركه ،أحتوانا الرعب و الهلع ،اصوات وههمهمات يلفها الغثاء و الحشرجه و الذهول ،الانفاس اثقلتها حمى الخوف ،صوت الهزيز الهادر رهل سمع ألآذان ،الحديث بالإيماءآت يكاد يصل متشذباً ، الاعجاز ترتجف من هول المفاجأة ،الأزيز و الصخبان يتعالى ، لهث الانفاس المتسارعة يوسع مزار الطائرة ،استغاثات متوسله ،ألأبتهال والصلاة قائمه بصدق وأمانة ، الدعاء و النذور تترادف في غمرة التضرع و الخشوع ، أشتريت لنفسي تذكرة موت بجدارة، و وضعت حياتي تطوح الى الهلاك ، أنا محشور في علبه ( ساردين ) جدرانها غضاريف، تنوح فى صفر الريح ، تصفق فى زجر الرج ، مكبل انتظر القضاء ،خطب الموت هدرا مفجع فى مثل وسيله الهاويه الى المجهول ، لا اود أن اموت ضيعاً، آي نذر خلفته ايها المسافر المسكين ؟؟ الطائرة تتقفز الموانع ،ربوع الوهل العاصف يوشكنا الى غياهب متاهات الفناء ، دبيب الردى يتجه نحونا ، مساقون قسرا الى الهلاك، استشاط الدم و صدع الراس ، انا فى بدء الصرع و آخر رتابه الغيبوبه ، قلبي سفح أجسه بيد رعشه شاردة تبحث عن حياة فيه، رج المطبات مكتض ، التأرجح بين الخفض و الارتفاع ينشد زحلقتنا من الأرائك ، تشلشلت الحاجيات ، تكورت فقدت ثباتها، تلا طمت ،تحدرت بين الأرجل الرعشه تشاركنا الهلع المريع ، هواء عطن المتناثرات عشعش فى صدري الرعف المكتظ بالرجيف، نحن نعوم على طوفان الهاويه ،الليل فى نزع غبشه لملم ارقه و نام و النهار يستحث خطا الضوء الاول السهب يتنفس و ينبلج الصبح ،الطائرة فى خضم مدار بخور التعويذة ،تساجل ،ترفرف مسهبه بما عندها من حثيث ، تستهدى فى ارتعاش، تعاقد عزومه ، تكافل ثريه الرأى جاهدة ،و بطول أ ناة، لقطت سبيلها تبتدر الفرصه، منكبه تستوضح نهج مسارها المأهول، وفجأة، لم تنشب الريح الهوجاء إلا ان همد ت ، و أضمحل صرف الرج وجدب صرير الصعاق ،أستقام العرجان و خرس الضججان ،شرعت الحياة تدب فى أوصال الطائرة (تنهدنا الصعداء ) أبتل الريق، وابتهج المصدوع ،ازيح عنا الكرب ، تلاشى الخوف ،غمرتنا بارقه امل ،زفت لنا فرحه جذله ملئت الاشداق، تصافحت البسمات، طفح عليها بشرى نجاة من موت منتظر ،تعانقت النظرات المتمعنه ، نثت الضحكه ريها على الشفاة اليابسه ، و انا غارق فى غور سراب الكوابيس المتناهيه ، ايقظتنى المضيفه ـــ نتأهب للهبوط فى سدني - زكي فرحان سدني / استراليا
#زكي_فرحان_الخميسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حذاري من المعاهده العراقية الامريكيه
-
ثورة 14 تموز كما شاهدتها
المزيد.....
-
قبل إيطاليا بقرون.. الفوكاتشا تقليد خبز قديم يعود لبلاد الهل
...
-
ميركل: بوتين يجيد اللغة الألمانية أكثر مما أجيد أنا الروسية
...
-
حفل توقيع جماعي لكتاب بصريين
-
عبجي : ألبوم -كارنيه دي فوياج- رحلة موسيقية مستوحاة من أسفار
...
-
قصص البطولة والمقاومة: شعراء ومحاربون من برقة في مواجهة الاح
...
-
الخبز في كشمير.. إرث طهوي يُعيد صياغة هوية منطقة متنازع عليه
...
-
تعرف على مصطلحات السينما المختلفة في -مراجعات ريتا-
-
مكتبة متنقلة تجوب شوارع الموصل العراقية للتشجيع على القراءة
...
-
دونيتسك تحتضن مسابقة -جمال دونباس-2024- (صور)
-
وفاة الروائية البريطانية باربرا تايلور برادفورد عن 91 عاما
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|