|
مختصرات في الماركسية 16
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1 - 22:47
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
نضال الطبقات الرأسمالية ..
درسنا قانون الترابط الضروري بين علاقات الانتاج وقوى الانتاج ، ونعلم أن علاقات الإنتاج حين تعتمد على الملكية الخاصة تمتاز بالإستغلال الطبقي ، أي النضال الطبقي ، على هذا الشكل يظهر عمل الناس في التاريخ بصورة تلقائية ... تريد الطبقة المستغَلة القضاء على الإستغلال ، وذلك لا يمكن إلاّ في مستوى معيّن لنمو قوى الإنتاج ، ويعكس نضال الطبقات التناقض الأساسي الموجود في علاقات الإنتاج بين المستَغلين والمستغِلين ، ولكن لا يمكن لهذهِ النتائج أن تتخطى ما يسمح به قانون الترابط الضروري بين علاقات الانتاج وقوى الانتاج في وقت معيّن ... غير أن نضال الطبقات يتخذ أهمية كبرى حين يوجد الاستغلال كمنهج لتطبيق قانون الترابط الضروري .. بهذا المعنى فقط يصبح محرّك للتاريخ ...
1 _ اصول المجتمع ...
العائلة في الحقيقة هي مؤسسة إجتماعية يتعلق نموذجها بعلاقات الإنتاج السائدة ، والماركسية وحدها تعطينا تعريفاً علمياً للمجتمعات البدائية حين تدلل على أنها أساساً ككل مجتمع ... ــ كانت قوى الانتاج في العصر البدائي ضعيفة في نموّها ولم تكن الآلات الحجرية والوتر والقوس التي ظهرت فيما بعد وأصبحت السلاح القاطع قويّة بالقدر الذي يسمح للإنسان بالنضال لوحده ضد قوى الطبيعة والحيوانات المفترسة فحاول الناس إذاً مجابهة هذا الواقع بتوحيد قواهم ... ــ كان على الناس كي يجنوا الثمار في الغابات ويصطادوا السمك ويبنوا المساكن أن يعملوا سوية ، إذا لم يريدوا الموت جوعاً أو أن يصبحوا فريسة للحيوانات المفترسة أو القبائل المجاورة .. ــ كانت نتيجة هذهِ الحالة أن أصبحت ملكية وسائل الإنتاج وأراضي الصيد مثلاً ، وكذلك ملكية المنتوجات مشتركة أيضاً بين جميع أفراد المجتمع ، ولم يبق سوى بعض آلات الإنتاج التي هي في نفس الوقت أسلحة للدفاع ضد الحيوانات المفترسة ملكية فردية للذين صنعوها .. ــ هكذا تتعلق ملكية وسائل الإنتاج الجماعية بطابع قوى الإنتاج وتكون الأساس الإقتصادي لهذا البناء الإجتماعي الذي يُسمى بالكومون البدائي ... ــ يؤكد هذا الأساس الإقتصادي خواص فكرية مهمة ... منها .. أ _ الشعور بالملكية الفردية بها لم يوجد بعد ... ب _ الحقد الطبقي غير موجود لعدم وجود الطبقات والإستغلال الطبقي .. نرى إذاً على العكس مما يقولهُ المثاليون ( الشعور عواطف أبدية خالدة في الطبيعة الإنسانية ) بل هي منتوجات تاريخية تتولد من الملكية الخاصة ... ــ يمتاز الإنسان البدائي بالإخلاص لمصالح القبيلة ، والوفاء والثقة نحو سائر أعضاء القبيلة ، لكن لم تكن هذه نتيجة للطبيعة الغريزية ، بل كانت تعكس الأساس الإقتصادي ، كما كانت شرطاً ضرورياً للإنتصار على القوى المعادية ، كما كان في نفس الوقت يعيش فريسة الرعب والجهل لهذه القوى ، لهذا كان يعيش جواً من الخرافات ... ــ لم يكن عدم المساواة إلاّ في تقسيم العمل بين المرأة والرجل وحظيت المرأة بمكانة كبيرة في المجتمع البدائي ، حين كانت تشرِف على التربية ولم يكن يُعتَرَفْ إلاّ بنسل المرأة فقط ، وكان كلام الجدّة مسموعاً ونافذاً حيث جسّدَ ذلك العصر عهد سيطرة الأم ...
2 _ ظهور الطبقات ...
ما الذي أدى الى إنحطاط الكومون البدائي ؟ وظهور الطبقات ؟ ليس طبيعة الانسان الشرّيرة كما تتدعي النظرة المثالية بل نمو قوى الإنتاج كما تقول الماركسية ... الواقع أنه يجب على المجتمع أن يمتلك من الخيرات المادية أكثر مما كان الكومون البدائي يمتلك من مصادر ضئيلة كي يستطيع الإنسان الحصول على هذهِ الخيرات بصورة خاصة ، فقد كانت المصادر الضئيلة لا تكاد تسمح للمجتمع بالعيش ، لهذا كان الإحتكار في مثل تلك الظروف حكماً على الآخرين بالموت ...
أهم المراحل الأساسية في المجتمع البدائي ...
ــ تأليف الحيوانات بفضل القوس والسهام .. ــ تقسيم العمل بين الرعاة والصيادين البدائيين .. ــ الإنتقال الى الزراعة بفضل الآلات المعدنية كفأس الحديد وسكة المحراث ثم التفريق بين المِهَن والزراعة .. ــ صناعة الخزف التي كانت تساعد على الإحتفاظ بالمؤن ..
كان لهذا التقدم نتائج عظيمة ، فقد وفّرت تربية الحيوانات والزراعة مصادر أكثر إنتظاماً وغزارة مما يوفرهُ الصيد البرّي ، كما أن تأليف الحيوانات جعل الإنسان وضعاً إقتصادياً مُفضّلاً ، فإستطاع أن يقلب القانون الوراثي وأن يُقيم النسب الأبوي ( حكم الرجل ) ...
ــ كان قانون سيطرة الأب أكبر إنهزام تاريخي للجنس الانثوي .. ــ إستولى الرجل على السلطة حتى في البيت .. ــ تخلت المرأة عن مكانتها واستُبعِدت حتى أصبحت أسيرة الرجل .. ــ أصبحت المرأة مجرّد وسيلة للتناسل ..
لم يعد العمل بعد ظهور تربية الحيوانات والزراعة ، للحاجة المباشرة بل أصبحَ ينتج فائضاً فيصبح التبادل ضرورياً وممكناً ، كما توفرت إمكانية جمع الثروات .. يملك الناس الآن بدلاً من الآلات الحجرية آلآت معدنية ، وأخيراً نرى ظهوراً لتربية الحيوانات والزراعة والمِهَن وتقسيم العمل بين مختلف فروع الإنتاج ، عوضاً عن إقتصاد لا يتعدّى الصيد البدائي البرّي .. كما ظهرت إمكانية تبادل المنتوجات بين الأفراد والجماعات وإمكانية تجميع الثروات في أيدي فئة قليلة ... ــ أصبحَ العمل الإنساني فائضاً عن الإستهلاك الأدنى ، لهذا أصبحَ من المصلحة ضم قوى جديدة للعمل ، كان أسرى الحرب في العصر السابق أفواهاً غير مُجدية يتوّجب تصنيفهم وقتلهم ، أما الآن فإن عمل الأسير يمكنهُ أن يوفر فائضاً ، فكان من الطبيعي إستخدامهِ فأصبحَ الأسير رقيقاً .. ــ جعل نمو الانتاج في جميع الفروع كتربية المواشي ، والزراعة والصناعة البيتية لقوة العمل الانسانية المقدرة على إنتاج أكثر مما يلزم لمعيشتها ، كما أنهُ زاد في نفس الوقت مقدار العمل البيتي على كل عضو ، لهذا أصبحَ من المستحسن الإستعانة بقوى جديدة للإنتاج ، وجاءت الحرب بهذهِ القوى الجديدة إذ تحول أسرى الحرب الى رقيق .. ــ أدى التقسيم الأول الكبير للعمل ، في ظروف تاريخية بزيادتهِ لإنتاج العمل ، أي للثروة ، وتوسيعهِ لميدان الإنتاج الى الرق حتماً ، فنشأ عن التقسيم الأول الكبير للعمل تقسيم المجتمع الى طبقتين ( أسياد وعبيد )
وصلنا الآن الى عتبة المدينة ... لم يكن الناس في الدرج الأول ( الأسفل ) ينتجون إلاّ مباشرةً من أجل حاجاتهم الشخصية وكان التبادل الذي يجري بالمناسبة منعزلاً ولا يتعلق إلاّ بالفائض الذي يزيد صدفة .. وقد أصبحَ إنتاج الفائض منظماً ، وأصبحَ بعض الرقيق ملكاً جماعياً للذين أسروهم ، كما أصبحَ بعضهم ملكاً خاصاً ، فظهرت الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج ومن ثمَّ إنقسم المجتمع الى طبقات وزالت الشيوعية البدائية كما تغيّر أساس المجتمع الإقتصادي ... ــ أدى تحسين التقنيات داخل المجتمع البدائي بدون إرادة الناس الى هذهِ النتيجة ، حينما أخذ بعض أعضاء الكومون البدائي بالإنتقال تدريجياً من الآلات الحديدية كانوا يجهلوا النتائج الإجتماعية التي يُفضي اليها هذا التجديد ، ولم يكونوا يفكروا بذلك ..
ــ لم يكونوايدركوا أن إستعمال الآلات المعدنية يعني ثورة في الإنتاج .. ــ وإنه سيؤدي في النهاية الى نظام الرّق .. ــ لم يكونوا يريدوا سوى جعل عملهم أسهل .. ــ وأن يحصلوا على فائدة مباشرة محسوسة .. ــ كان نشاطهم الواعي ضمن نطاق هذهِ الفائدة الشخصية اليومية الضيّق ..
وإذا كان العصر البدائي لم يعرف ضروب النضال الطبقي التي مزقت المجتمع في العصر التالي ، فلقد عرفَ حالة الإنسانية البائسة التي كانت فريسة للأخطار الطبيعية المتعددة .. يجب علينا إذاً أن لا نجعل العصر البدائي عصراً مثالياً ، لأنهُ كان لا بد من ظهور الطبقات الذي يجعل نمو الإنتاج ممكناً ... يجب أن لا ننسى قول انجلز ... ( أن كل خطوة الى الأمام ينتج عنها خطوة الى الوراء ، لأن كل إزدياد في الإنتاج والرفاهية والمدنية عند فريق من المجتمع يشترط إزدياد الإستغلال لسائر أعضاء المجتمع وزيادة شقائهم ) ... النشاط الإنساني الانتاجي والمبادرة المبدعة إنما هي من خصائص الانسان الذي تجعلهُ فعلاً إنسان وتميّزه عن الحيوان ... يقول ماركس ... ( إن الحياء لا يمكن أن يأتي من الدعاية الأخلاقية أو من فلسفة أو تشريع إسبارطي أو من ثورة عامة بل من إزالة الإستغلال الطبقي ) .. ذلك لأن نهاية النضال الطبقي وإنقسام الإنسانية على نفسها يستطيع إعادة الإنسجام الى الإنسان وحلول عهد الوعي السعيد ... غير أن إزالة النضال الطبقي لا يمكن أن تتم إلاّ بالإستمرار فيه حتى النهاية ، وذلك لأن الثورة البروليتارية وليس غيرها هي التي تعيد للإنسانية وحدتها ، وهكذا تصبح الوسيلة مماثلة للغاية ... لهذا فإن الثورة الإشتراكية هي فجر الإنسانية الحقة لأنها من عمل رجال جعلهم النضال الثوري يبلغون ذروة الإنسانية ... ولأن عملية تحويل المجتمع الثوري هي واحدة في جميع مراحلها ، وتنمحي في ظروف نضال الجماهير الثوري معالم سلب الإنسان ، ومعالم الوعي الموّزع والإنسانية المفسودة ، كما تتأكد في ظروف هذا النضال معالم إنسان المستقبل الذي تظهر من عيوب مجتمع الطبقات والدليل الحي على تضحيات الثوريين ..
3 _ مجتمع الرقيق والإقطـــــــــاع ...
أن يستولي صاحب وسائل الإنتاج على الفائض الذي يمكن أن تنتجهُ قوى الإنتاج بالنسبة للحد الأدنى الفردي لحياة العامل ، الذي حُرِمَ من ملكية وسائل الإنتاج متى بلغت قوى الإنتاج مستوى مُعيّن في نموّها .. يعرف التاريخ ثلاث صور لإستغلال الإنسان للإنسان .. ــ إستغلال الرقيق .. ــ إستغلال الإقطاع .. ــ إستغلال الرأسمالي .. وسنتحدث عن الفقرتين الاولى والثانية في هذا الدرس .. التناقض الخاص بعلاقات الانتاج في إستغلال الرقيق هو التناقض بين طبقة الأسياد مالكي الرقيق وطبقة الرقيق نفسها ، كان هذا النظام منذ بدايتهِ الى نهايتهِ مسرح نضال طبقي مرير ... ملكية سيد الرقيق لوسائل الإنتاج والعمل هي أساس علاقات الإنتاج وهي تتفق مع حالة قوى الإنتاج ، إذ يمكن للرقيق وهو أسير حرب قديم ( أي يُشترى ويباع ويقتل كالحيوان ) فتتكدس وسائل الإنتاج بين أيادي أقلية ضئيلة ... نشأ داخل مجتمع الرق طبقات أخرى ، فقد ظهرت طبقة العمال اليدويين حينما إنفصلت المهن عن الزراعة ، ثم ولّدَ إزدياد تبادل السلع .. ومن هنا نشأت تناقضات جديدة ، ولما كانت طبقة التجّار وسيطاً لا غنى عنه بين المُنتجين فقد جمعت هذه الطبقة بسرعة ثروات ضخمة وأصبح لها تأثير إجتماعي يناسب هذه الثروات ، وأخذت تنافس الملاكين في توجيه السياسات حسب مصالحها الطبقية ... غير أن هذه التناقضات الثانوية يجب أن لا تخفي التناقض الأساسي .. ذلك لأن الرق يساعد على زيادة الثروات ، والانتاج الذي تعيش منه التجارة ، وتزيد زيادة الانتاج قيمة قوة العمل الإنساني ، فيصبح من الصعب الإستغناء عن الرق الذي يصبح عنصراً أساسياً في النظام الإجتماعي ... لقد أصبحت علاقات الإنتاج في نظام الرق بعد أن كانت القوة الرئيسية لنمو قوى الإنتاج عائق لقوى الإنتاج ... ــ يمثل النظام الإقطاعي تطوراً في الملكية الخاصة ، وأساسهُ الإقتصادي هو ملكية السيد الإقطاعي لوسائل الإنتاج ، وكذلك ملكيتهِ المحدودة للعامل القن ، حيث لم يعد بإمكان الإقطاعي قتله ، فقط يمكنه بيعه أو شراءه ، ولا يملك القن سواء أكان عاملاً أم فلاحاً سوى آلتهِ وما إقتصر على عملهِ الشخصي ، وهكذا يمكنه أن يكوّن عائلة ويتم الحصول على الأقنان بالوراثة ، وتتفق علاقات الإنتاج هذهِ مع وسائل الإنتاج ... ــ يضاف الى ذلك أن هذا التناقض ينمو في صورة جديدة تكون بداية منازعات جديدة .. يزداد تناقض المصالح بين هؤلاء البرجوازيون ، إذ يجب على هذه البرجوازية الفتيّة أن تنمي قوى الإنتاج ، وأن تكون قوة إقتصادية جديدة ، وتصبح علاقات الانتاج الإقطاعية التي كانت في البدء مطابقة لطابع قوى الإنتاج عامل تأخر فتتحوّل الى عوائق لهذه القوى ... ويبدو التناقض بين البرجوازية والإقطاعية بعد أن كان ثانوياً ، قد تولد على نمو قوى الإنتاج داخل نظام الرق فيظهر على المسرح ليقوم في النهاية بدور التناقض الرئيسي .. ــ إن النمو الاقتصادي الجديد يحتاج لعلاقات إنتاج جديدة ..
4 _ تطوّر البرجوازية ..
إن قوى الإنتاج الجديدة ستؤدي الى علاقات إنتاج جديدة لا تظهر خارج النظام القديم بعد زوالهِ بل هي تظهر على العكس داخل النظام نفسه .. ــ يعمل كل جيل لتحسين التقنيات الموجودة التي تفيده مباشرة .. ــ يجب عليه أن يتلائم مع ظروف الإنتاج الموجودة التي أبدعها عمل الأجيال السابقة .. ــ كل جيل لا يعي النتائج الإجتماعية التي يمكن أن يؤدي اليها تحسين قوى الإنتاج على مرّ الأيام ، فهو لا يفكر إلاّ بمصالحهِ اليومية .. ــ ليست علاقات الإنتاج نتيجة عمل واع يقوم به الناس ، بل هي تنبعث من تلقاء نفسها مستقلة عن وعي الناس وإرادتهم ... وهي ليست إعتباطية بل تنبعث ضرورتها من ظروف النظام القديمة التقنية الإقتصادية وتلك خاصية مهمة لجدلية طرق الإنتاج ... ــ إن ما يُحدّد طريقة الإنتاج هي علاقات الإنتاج المسيطرة ...
مراحل تطوّر البرجوازية ...
كان الانتاج في البداية ضعيفاً ، ثم ظهرت في المدن نتيجة تقدم المهن ظواهر جديدة منها فائض الإنتاج في السوق ، ونشأ معهُ تخصصت في بيع وشراء السلع ، وهولاء هم التجار طلائع البرجوازية ... ــ قامت الحرب الصليبية بتنمية البرجوازية التجارية بفتحها طريق البحر الأبيض المتوسط ، كما نمت في نفس الوقت طبقة أصحاب المصارف ... حدثت الإكتشافات الكبرى في نهاية القرن الخامس عشر ، وكانت تهدف للإستيلاء على الذهب ، كما كان لتدفق الذهب على السوق الأوربية نتائج مُدهشة وهي ــ تكوّنت بسرعة ثروات ضخمة وإرتفعت الأسعار . ــ أفلس الأسياد . ــ ظهرت عائلات برجوازية كبيرة . ــ أصبح من الممكن ظهور المصانع لتوفر رؤوس الأموال الكبيرة .. ــ تقوم المصانع على تجزئة منتوج الى مهمّات جزئية يقوم بها عمال مُختلفون ، يعني ذلك إمكانية زيادة الإنتاج من أجل التجارة ( رأس المال ) .. ــ أصبحت التجارة غاية توجِد لنفسها وشائل جديدة بعد أن كانت وسيلة هكذا ظهرت البرجوازية الصناعية وسط المجتمع الإقطاعي كما ظهرت معها طلائع البروليتاريا .. ــ حلت عصور جديدة محل القرون الوسطى ، فكانت بذلك بداية علاقات جديدة للإنتاج تمتاز بإستغلال الرأسمال لبروليتاريا مأجورة .. هذه النقاط تقودنا الى سؤال مهم وهو ..
كيف ظهرت البروليتاريا ؟
تكوّنت هذه البروليتاريا من الفلاحين المُفلسين بعد أن طُرِدوا من أراضيهم ، ومن الصنّاع اليدويين الذين قضت عليهم المضاربة ، ومن مرتزقة الإقطاعيين الذين أصبحوا بلا عمل ، ومن جميع الذين يفرون من الإضطهاد الإقطاعي ، فقد كانوا أحراراً لكنهم لا يمتلكون وسائل الإنتاج ، فإضطرّوا كي لا يموتوا جوعاً الى بيع قوة عملهم ..
ــ تتطلب قوى الإنتاج الجديدة من العمال أن يكونوا أشد ثقافة وذكاء من الأقنان الجهلة ، وأن يكونوا قادرين على فهم الآلة ، وأن يعرفوا كيفية إدارتها كما يجب ، لهذا يُفضّل الرأسماليون التعامل مع عمال مأجورين متحرّرين وذوي ثقافة لإدارة الآلآت كما يجب .. ــ ساعدت علاقات الانتاج الجديدة على نمو قوى الانتاج التي تزيد الربح ، وتم الإنتقال من الصناعة اليدوية الى الآلية ومن ثم الإنتقال الى نظام الآلة البخارية وبعد ذلك الى الصناعة الآلية الضخمة .. ــ وإشتد النضال الطبقي في القرن الثامن عشر نتيجة ظهور هذه العلاقات الجديدة للإنتاج .. ــ إتجه هذا النضال ضد الدولة الإقطاعية التي تعيق نمو قوى الإنتاج ، وإزدياد التبادل ، وأدركت البرجوازية أنه يتحتّم عليها كي تزدهر أن تصفي علاقات الانتاج القديمة وأن تؤمّن للعلاقات الجديدة سيطرة تامة فأصبحَ النضال بذلك سياسياً ... ــ لم تعد وسائل الإنتاج والتبادل التي قامت على أساسها البرجوازية داخل المجتمع الإقطاعي بعد أن بلغت درجة معيّنة من النمو تتفق وقوى الإنتاج في ذروة نموّها فأعاقت الإنتاج بدلاً من العمل على تقدّمهِ ، فتحوّلت بذلك الى قيود كان لا بدّ من تحطيمها ... ــ وحلت المضاربة الحرّة ضمن دستور إجتماعي وسياسي خاص وسيطرت الطبقة البرجوازية إقتصادياً وسياسياً .. ــ حينما أخذت البرجوازية الفتيّة في اوربا في النظام الإقطاعي ، ببناء المصانع الكبيرة الى جانب مصانع العمال اليدويين الصغيرة ساعدت على تقدم قوى الانتاج ، وكانت تجهل حتماً الآثار الإجتماعية التي يؤدي اليها هذا التجديد ، كما لم تكن تفكر بالنتائج ، ولم تكن تفهم أو تفكر في أن هذا التجديد الصغير سيقود تجمّع جديد للقوى الإجتماعية .. ــ لم تكن البرجوازية تهدف في أول الأمر إلاّ لضمان مكانتها في المجتمع الإقطاعي .. ــ والنضال الطبقي هو الإنعكاس الإجتماعي السياسي الفكري للمصالح الحقيقية الماديّة الإقتصادية وهذا واقع موضوعي .. لأن البرجوازية نفسها تدخل ضمن نطاق التاريخ الموضوعي ، فهي ثمرة القوانين الإقتصادية للإنتاج التجاري .. كما أنها ثمرة للملكية الخاصة التي جاءت عناصرها الأولية للطبقة المستغِلة عن طريق مؤسسة الأقنان نفسها .. ــ ومن ثم ... جاء زمن أصبحت فيه الملكية الإقطاعية ونظامها عائقاً مباشراً لتقدم قوى الإنتاج ، بعد أن أمسى التناقض بين علاقات الإنتاج القديمة وبين قوى الإنتاج الجديدة لا يحتمل ، وذلك لأن القوى الصاعدة هي التي تستطيع تنمية قوى الإنتاج الجديدة .. ــ وعند هذهِ النقطة .. إزداد وعي النضال وأصبح نضالاً منهجيّاً بعد أن كان تلقائياً ، فجعل ذلك من الطبقة البرجوازية طبقة ثورية ، وأصبحت الوسيلة التي لا يمكن تطبيقها قانون الترابط الضروري بدونها .. وأصبح هدفها واضحاً ، وهو ليس تهيئة مكان للبرجوازية في النظام الإقطاعي بل القضاء عليه تماماً ..
ونستطيع الآن فهم قول ماركس .. ( نضال الطبقات هو مُحرّك التاريخ ، أي الوسيلة السياسية التي تنحل بواسطتها تناقضات الإنتاج ، كما أنه الوسيلة التي تقدم بفضلها قوى الإنتاج والمجتمع بأسرهِ ) .. لكن .. إذا كان هذا النضال يحل التناقض ، فليس هو الذي أوجدهُ .. أي .. ليس وعي الناس هو الذي يلهو بإيجاد التناقضات .. ــ تصبح الطبقة الصاعدة واعية لرسالتها التاريخية بمساعدة العلم الإقتصادي ، أو بمساعدة التجربة الإقتصادية ، كلما تحدّد هذا الوعي ، كلما زاد فعالية النضال الثوري ، لأن هذا النضال يعتمد على معرفة قانون الترابط الضروري الموضوعي ..
نخلص الى القول ... ( إن الإنتاج الإقتصادي والنظام الإجتماعي الذي ينتج عنه حتماً يكونان في كل عصر تاريخي أساس التاريخ السياسي والفكري لهذا العصر ) . لهذا فقد كان التاريخ بعد زوال ملكية الأرض المشتركة في العصور البدائية تاريخ نضال طبقي بين طبقات مستَغَلة وطبقات مستغِلة ، وبين طبقات حاكمة ومحكومة في مختلف مراحل التطور الإجتماعي ..
ملخص لكتاب اصول الفلسفة الماركسية جورج بوليتزر
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مختصرات في الماركسية 15
-
مختصرات في الماركسية 14
-
مختصرات في الماركسية 13
-
مختصرات في الماركسية 12
-
مختصرات في الماركسية 11
-
مختصرات في الماركسية 10
-
مختصرات في الماركسية .. 9
-
مختصرات في الماركسية .. 8
-
مختصرات في الماركسية .. 7
-
مختصرات في الماركسية ...6
-
مختصرات في الماركسية ... 5
-
مختصرات في الماركسية 4
-
مختصرات في الماركسية 3
-
مختصرات في الماركسية 2
-
مختصرات في الماركسية 1
-
أغصان الشر 1
-
أشباح إنسانية تائهة ...
-
اليسار العالمي ... وقمة كوبنهاجن
-
جائزة نوبل ... وتجّار الحروب
-
شعاع رقيق من النور ...
المزيد.....
-
السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا
...
-
بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو
...
-
حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء
...
-
الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا
...
-
جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر
...
-
بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
-
«الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد
...
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|