|
بعض الخطاب السوري بين الإصرار والتكرار
فاضل فضة
الحوار المتمدن-العدد: 892 - 2004 / 7 / 12 - 06:10
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
يحتار المرء عن افضل السبل الواجب استخدامها في مقالاته لدفع الأخر إلى حوار حضاري يؤدي إلى تجاوز خطاب الفضاءات البلاغية وطرح المسائل بمعايير الحرية والديموقراطية والمساواة، بدون تشويه أو إغتصاب لحرية الكلمة، والفكرة، والمنهج، وترجمة بعض من هذا، في حوار مطالب (برامج ورؤى وتصورات) ذات نتائج وأثار عملية وواقعية لصالح الفرد والمجتمع والدولة، هذه الدولة العادلة، التي يحلم بها كل أبناء سورية المخلصين. ومازال اصحاب الرمق الأخير المدافعين عن إيديولوجية الحكم العربي، يحاولون الإلتفاف على المواضيع التي تهم المواطن، سياسياً وفكرياً وإقتصادياً، والعودة إلى خطابات مستحدثة بلاغياً، أو مرمّزة فكرياً، لاتخرج عن مدرسة قديمة نتائجها لاتخفي على أحد، كونها ستحافظ على وجودهم في سدّة معنوية سياسية، وكونهم امتهنوا حجز بطاقات الوصولية والإنتهازية للركب في تيارها منذ عقود زمنية. ولإنها اجحفت بكل شئ بأوزارها على الوطن ومواطنيه.
فلا تغيب أبداً من مفرداتهم، قضية البعد النظري للقومية، أو البعد الديني للإسلام، التي قد يتفق أو يختلف عليهم العديد. وربط كل الأفكار والمحاولات والإجتهادات خارج هذه المفردات، بنظرية المؤامرة، والتحالف العولمي، أو الأمريكي. بدون قدرتهم على الخوض في مأزق النتائج الكارثية، وتجاوز البعد المعنوى والعاطفي و حمى التأجيج اوالسلب العقلي، للفكر الحقيقي، الذي يمكن أن يؤدّي إلى بوادر أداء إنساني من الممكن أن يحرر المواطن والوطن، من كتلهم الإنتهازية بعنوان الوطنية االمشّوهة كونهم في إطار السلطة، مازالوا يحضرون لمقاعد القطار القادم. لذا وبسبب الإصرار على قضية النتائج في الأداء السياسي والفكري في أوساط المجتمعات العربية، فإن اصحاب الإجترار والإعادة، وإنتهازيي المنافع في عصر الهزائم، والمدافعين عن شعاراتها، مطالبين أكثر من غيرهم، بتقديم تفسير معاصر وعقلاني، بمعايير الأداء والنتائج، للأبعاد القومية والدينية، لمؤسسة الدولة سياسياً، وفكرياً واقتصادياً، بشروط المعايير العلمية لا الفضاءات الشاعرية، التي اُرهق العقل من قرائتها وتردادها. وهم مطالبون وبإمانة المواطن ومصداقيته (هذا إذا وُجدت لديهم) ليس أكثر، الراغب في المساهمة بالحوار الجدّي، لا الإنتهازي المشّوه، ان يشرحوا لنا ولغيرنا، كيف يمكن التغلب، على الديكتاتورية، وكيف يتم تحقيق الحرية، والديموقراطية، وحقوق الإنسان والمساواة الوضعية، في فضاءاتهم، ذات البعد القومي والإسلامي، وكيف يتم تحقيق المساواة الوضعية، في بلاد ذات قوميات واديان ومذاهب عديدة. ولن نعيد شرح لهم مطالب العدل والإنسانية، لمواطنين ذوي أصول عربية وإسلامية أو غير ذلك، وإن كانت مصادرفكرهم وتجاربهم عالمية أو غير عالمية، مرتبطة بالشمولية أو العولمة أو غير مرتبطة. بل سنترك لهم، أن يعبّروا، بعد المسلمات التي أمنوا وشرّعوا الحكم والديكتايورية من خلالها، ، ان يقدّموا البدائل الإنسانية، الحقيقية، التي تصب في نتائج على صعيد الواقع المعيشي لأي مواطن، عربي كان أوغير عربي، مذهبي كان أو غير مذهبي. إنها قضية منهكة ومجّربة في نتائجها، إذ كيف يخفى على احد، تسلط الحكومات العربية على رقعة اسمها الوطن، وعلى المواطن بالشعار المرّ في كل نثرياته العملية. إنهم يبحثون عن مكان في مستقبل يعتقدون به، ان المّد الديني والشعور القومي والإيديولوجي لابد ومسيطرون. ناسين أو متجاهلين أن الدخول في معايير التغييرات العالمية المستقرّة، من شرق العالم أو مغربه في معنى الدولة الحديثة، أتية بقيم الإنسان المطلقة، التي لاتحدّ بثقافة الفصل أو الحصر لفائدة الخواص أو غيرهم. ماهي مشاريع مثل هؤلاء في الحكم الحالي والحكم القادم في أي بلد عربي، وماهي برامجهم، وخططهم لدول مستقبلية، كيف يترجم البعد القومي والديني إلى دول القانون والدستور، ماهي خططهم لتطوير حقوق المواطن الأكثرية (والأقلية عبر المساواة،الذي لايؤمن بالقومية ولا بالبعد الديني أو المذهبي لوطنه)، وماهي طروحاتهم الحديثة لتطوير البلاد في ظّل الحكم العربي الأمني والإستعبادي؟ وماهي خططهم لتطوير الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية للإنسان في ارضه ووطنه؟ ولماذا يهربون من واقعهم بنفس الشعارات التي يحكمون بها من مشرق العالم العربي إلى مغربه؟ لماذا لايتحولون عن إتهاماتهم واجترارهم السطحي، ومحاولة إخمادهم لأي حوار جدي، إلى مشروعهم ذو البعد القومي والإسلامي، وتفاصيله المبهمة دائماً وأبداً، المبرر لحكم الإستبداد من قبل فئة ليس أكثر. هل هو الإفلاس، أم أن جرّ الحوار إلى مواقعهم، وفضاءاتهم البلاغية والمعنوية من أدبيات السبعينيات، قد يساعد في تخديراكبر للمواطن المرهق من حديث الأمل، أو ان همهم ركوب قطار أخر اسمه قطار الدين، كونهم مازالوا يعتقدون ان القادم على حصانه لابد أن يحكم يوماً. لقد عاني العالم العربي من طلائع الإنتهازيين المدّعين الأمانة الثقافية والفكرية، كما عاني المجتمع العربي بقومياته المتعددة، واديانه ومذاهبه وشرائحها المختلفة من جيش من المغامرين الخبراء والأقوياء، المسلحين بعلم الخطابة والكلام والبلاغة المعنوية، المؤججة لعواطف المواطنين، في الحزب والمجتمع والمسجد، والشارع، بدون أن يكون لهؤلاء المواطنين حق معرفة حقيقية ونتائج هذا الخطاب، إلا عبر ثمن باهظ دفعته أجيال تلو اجيال، عبر حكومات التسلط المشرعة، بشكل مخالف لما حلم به هذا المواطن. إنه زمن التحوّل القسري، والمواجهة مع الذات بقليل من شرفية الإدعاء، والمخاض الإخير لكل مدّعي ٍ وتاجرٍ في دكاكين الفكر والثقافة، إنه الطورالنهائي المنازع في كل ابعاده اللاواقعية، المغيب لحوادث التاريخ بمعاييرها العلمية من حق النقد البنّاء الفكري والتاريخي والديني في مخاض الحداثة للمجتهدين والجديين، أو الواقعية لمن يسعى إلى دولة بنتائج عملية. إلى هؤلاء المغامرين ماضياً وحاضراً ومستقبلاً نقول لهم، أفرغوا مافي جعبكم الأخيرة، وارسموا لنا، وخططوا ماأمكنكم، قدموا مالديكم في الواقع السياسي والإجتماعي والإقتصادي، أخرجوا من كهوف الشعارات والقطارات وإنتهازية الكلمة، ونحن كغيرنا من المراقبين، سنكون في إنتظار الحلول والإ جتهادات لكي يتحرر الوطن من جيش المطبلين بالشعارات والخزعبلات وقصص التاريخ المدجنة براويات أحادية الجانب، لتشريع التسلط والتسلبط على حقوق الأخرين، وحق المواطن المطلق في العيش بحرية الدستور والقانون، وحقه المطلق أيضاً بالمساواة الوضعية بدون منّة من أحد. وهل يحتاج أحد ما فعلاً، وبمصداقية الوقائع إلى فتح صفحات التاريخ القريب والبعيد، في سنواته المديدة والعديدة عثمانياً أو ممالكياً، للمحاسبة على ماحدث من قهر وظلم وقتل وسلب ونهب أكثر من موثق لأبناء الوطن؟ في اية صيغة بررت للإستيلاء على الحكم؟ قد يقبل البعض، منعاًُ لكوارث بشرية قد تحدث، وأملاً بمستقبل إنساني مسالم للجميع. قد يقبل البعض بمقولة "عفا الله عما مضى" في يومنا الحاضر وفي مستقبل الدولة الحضارية، ولايجب على المطالبين بمعايير مبهمة، أن يغمضوا العين على شعارات تشريع القهر من أزمان بعيدة وبمقولات شاعرية ايضاً. إنه قدر هذه الدولة واخواتها أن تعيش عصور الظلام بإسم العدالة، أو تخون القيم بإسم البحث عن السلطة، أنه قدرها المتجمد بحدود عقل تاريخي معطل، معجب بعنترة بحاضرٍ مرٍّ لايمكن الخلاص منه إلا بتحالف المخلصين مع ذاتهم وقيمهم وقيم حق الأخر في العيش الكريم في وطن مازال اسمه حلماً ليس أكثر.
#فاضل_فضة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ماقبل الطامة الكبرى
-
حكايات واقعية من بلاد الإغتراب
-
بيننا وبينهم فروقات ليست طفيفة
-
عندما يحاكم صدٌام حسين
-
عندما يتناثر الرماد
-
بين الحذاء والنعل العسكري
-
ربيع الحوار السوري الذي لم يمت أنترنيتياً
-
حكايات إفتراضية صغيرة
-
مهاتير (محاضير) محمد في بيروت
-
مصداقية
-
في الحروف
-
المعذبون جغرافياً
-
نكتة الغرب الديكتاتوري المغيب لشعوبه
-
من أجل وطن - سورية الجديدة
-
لكي لانضيع في حوار الطرشان - دور النخب في الحث والبناء والتع
...
-
اعادة الهيكلة السورية - البدء من أسفل الهرم
-
في مهب الريح
-
شعار الوحدة العربية بين الحلم والواقع المحبط
-
أوراق في الاغتراب
-
في الإتهام المعاكس
المزيد.....
-
الحكومة الإسرائيلية تقر بالإجماع فرض عقوبات على صحيفة -هآرتس
...
-
الإمارات تكشف هوية المتورطين في مقتل الحاخام الإسرائيلي-المو
...
-
غوتيريش يدين استخدام الألغام المضادة للأفراد في نزاع أوكراني
...
-
انتظرته والدته لعام وشهرين ووصل إليها جثة هامدة
-
خمسة معتقدات خاطئة عن كسور العظام
-
عشرات الآلاف من أنصار عمران خان يقتربون من إسلام أباد التي أ
...
-
روسيا تضرب تجمعات أوكرانية وتدمر معدات عسكرية في 141 موقعًا
...
-
عاصفة -بيرت- تخلّف قتلى ودمارا في بريطانيا (فيديو)
-
مصر.. أرملة ملحن مشهور تتحدث بعد مشاجرة أثناء دفنه واتهامات
...
-
السجن لشاب كوري تعمّد زيادة وزنه ليتهرب من الخدمة العسكرية!
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|