أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!














المزيد.....


عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1 - 12:39
المحور: حقوق الانسان
    


"كارلا"، اسمُ سمكةٍ بريطانية تعيش في "أكواريوم لندن" منذ عشر سنوات. خضعتْ كارلا مؤخرًا لعملية جراحية دقيقة في المَعِدة لإنقاذ حياتها. وضع الجراحون الإنجليز السمكةَ، ذات ال 25 سم طولا، على طاولة جراحة خاصة، فيما عملتْ أصابعُ البيطريّ الجرّاح سيو ثورنتون، مع طاقم مساعديه، في الجسد الضئيل، بعد تخديرها وإدخال أنبوب في فمها يضخُّ المياه في خياشيمها كي تتنفس، ثم أجريت تلك الجراحةُ الاستثنائية، التي تحملُ في عمقها عديدَ الرسائل الوجودية الكبرى. بعدها، وضِعَت السمكةُ تحت المراقبة فترة من الوقت، إلى أن تعافت تمامًا، لتعودَ إلى لجّة الماء تلهو فرحةً بصحتها، وبحبّ البشر لها وحنوّهم عليها! وذكرتِ التقاريرُ أن تلك الجراحة، علاج فتاق المعدة، تكلّفت حوالي 780 دولارًا.
خبرٌ طيّرته وكالاتُ الأنباء، جعلني أستعيدُ بذاكرتي رحلةً قمتُ بها قبل شهر في مدينة "الأقصر" بالجنوب المصريّ، أثناء مشاركتي في مؤتمر "طيبة" الدولي. حظيتُ برحلة بالحنطور، تجاذبتُ خلالها خيوطَ الحديث مع حسين، سائق الحنطور. سألته عن اسم الحصان الذي يجرُّ عربتنا، فقال: "شَجِيّ". هللتُ طربًا بثقافة السائق المصريّ الذي بدا لي أُميًّا، إذْ يمنح حِصانَه هذا الاسمَ البليغ، لغويًّا! سألته: هل صوته جميلٌ فأطلقتَ عليه اسم "شجيّ"، من الشَّجو؟ فنظر إلى الوراء حيث أجلسُ، ومنحني نظرةَ شفقةٍ، من تلك التي نمنحُها للأغبياء، وقال: "شجي يعني شجيان، عشان من صباحية ربنا يشجى حتى المساء!" كنتُ قد نسيت أن لهجة الجنوبيين في صعيد مصر تحوِّلُ حرفَ "القاف" جيمًا. كان يقصد أن حصانه "يشقى"، ومن ثم وهبه اسم "شقيّ"!
وحين أخبركم أن ثمة مستشفى بمصر، منذ العام 1934، متخصصًا في علاج الحيوانات "الشقيانة"، سوف تقولون إن مصر بلدٌ متحضّر، يعرفُ مواطنوه كيف يعاملون تلك الكائنات التي تتألم في صمت، وتبكي في صمت، ثم تموتُ وادعةً في صمت، دون شكوى! فهل هذا هو الحال؟
المستشفى اسمه بروك"، نسبه إلى "بروك دورثي"، زوجة أحد جنرالات الجيش الإنجليزي. لم تحتمل السيدةُ مرأى خيول الحرب المريضة، يتمُّ تشغيلها في أعمال شاقة، بعد فصلها من الجيش لسوء حالتها الصحية. فاستعانت بزوجها لجمع التبرعات. ثم اشترت خمسة آلاف فَرَس، أخضعتهم للعلاج في إسطبلات مخصصة، تلك التي توسعّت فيما بعد لتغدو أولَ مستشفى بمصر يقوم بعلاج الحيوانات العاملة. يضمُّ المشفى، شأنه شأن كل المشافي، عيادةً خارجية لعلاج الحالات البسيطة، وقسمًا داخليًّا يضمُّ عشرين "بوكسًا" Boxes لإقامة الحالات طويلة الأمد، عدا غرفة للعناية المركّزة للحالات الحرجة. لكن الأهم، برأيي، هو تلك النصائح التي يوجهها الأطباء لأصحاب تلك الحيوانات، من ضرورة العناية بها وإطعامها غذاء صحيًّا وماء نقيًّا، ثم شيء من الرفق بها!
ومن المشاهد المألوفة على بوابة المستشفى: رجلٌ مصدومٌ صامت، وامرأةٌ تنتحب وتلطم الوجه، لأن "الفرس" خاصتهما نَفَقَ بعدما فشل الأطباءُ في إنقاذ حياته! لكن حزنهما في واقع الحال ليس حنوًّا ورأفةً، إنما بكاء على ضياع "رأس مال" كان يضمن لهما ولأولادهما لقمة العيش. حزنٌ لا يشبه حزن البريطانيين على السمكة كارلا، التي أجريت لها جراحة دقيقة لاستعادة حياتها، ولا يشبه حزن الأوربيين على كلابهم وقططهم وسناجبهم، بل وثعابينهم وفئرانهم، وعداها من الحيوانات الأليفة، والشرسة، التي يربيها الغرب، من باب تأمل كائنات لا تشبهنا، بقدر ما تشبهنا، ومن باب التعلّم منها، وفي الأساس من باب الرحمة بكائنات قُدِّر لها ألا تشكو، وإن شَكَتْ لا يُنصتُ الإنسانُ "الشرسُ"، لشكواها.
يقول العمّ محمد، أحد عمّال المستشفى: "الخيول تضحك وتمازح بعضُها البعضَ مثلما البشر!" وأقول: صدقتَ أيها العمّ، لكن أصحابها يعاملونها كأنما هي جوامدُ لا تشعرُ ولا تتألم ولا تمرض، بل لا يحقُّ لها أن تموت، وإن جُوّعِت وعُذِّبَت بالسياط، وحُمِّلَت فوق ما تطيق الجبالُ من أثقال!
هنا، في بلادي، يضربون الخيولَ والحميرَ بالسياط الغليظة، وحينما تنفقُ، يزرفون عليها الدمع السخين! جريدة "الرؤية" عُمان



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مَحو الأميّة المصرية
- الشاعرة فاطمة ناعوت: أنا اندهش إذًا أنا إنسان
- أكبرُ طفلٍ في التاريخ
- الكرةُ... وعَلَمُ مصر!
- كتابٌ يبحثُ عن مؤلف
- كلّ سنة وأنت طيّب يا عالِم!
- شمعةٌ مصريةٌ ضد القبح
- شابّان من بلادي
- آثارُ مصرَ في مزاد الأثرياء
- ما لن تتعلّموه في المدارس
- وردةُ أنطلياس، عصفورةُ الشمس
- المهذّبون يموتون غرقًا
- اقرأوا تصحّوا!
- انظرْ خلفك -دون- غضب
- كلَّ عام ونحن أجمل!
- حوارٌ متمدِّنٌ في ثماني سنوات
- رجلُ الفصول الأربعة
- اسمُه: عبد الغفار مكاوي
- أولى كيمياء/ هندسة القاهرة
- المحطةُ الأخيرة


المزيد.....




- الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا روسيا بشأن مكافحة ت ...
- أثار غضبا في مصر.. أكاديمية تابعة للجامعة العربية تعلق على ر ...
- السويد تعد مشروعا يشدد القيود على طالبي اللجوء
- الأمم المتحدة:-إسرائيل-لا تزال ترفض جهود توصيل المساعدات لشم ...
- المغرب وتونس والجزائر تصوت على وقف تنفيذ عقوبة الإعدام وليبي ...
- عراقجي يبحث مع ممثل امين عام الامم المتحدة محمد الحسان اوضاع ...
- مفوضية اللاجئين: من المتوقع عودة مليون سوري إلى بلادهم في ال ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: مستقبل سوريا يقرره الشعب السوري ...
- مندوب ايران بالامم المتحدة: نطالب بانهاء الاحتلال للاراضي ال ...
- جدل في لبنان حول منشورات تنتقد قناة محلية وتساؤلات عن حرية ا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - عِمتَ صباحًا يا -شجيّ-!