|
على أرجل حمام النّت.. الزاجل
فاديا سعد
الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 14:40
المحور:
كتابات ساخرة
سابقا كان من السهل إن سألت البدوي القديم: كم يوم تحتاج لتصل رسالتك لحبيبتك؟ أو لصاحب الشأن؟ أو صديقك؟ أو أشواقك لأهلك في النجد الشرقي مثلا؟ فأغلب الظن كان ليجيبك:
"إذا كان الحمام بصحة -والحمد لله صحة حمامي الزاجل طيبة- وإذا ما واجه صياد ماهر، أو طائر جارح أو أنه استطاع أن يقطع الصحراء ولم يمت بقيظ الحر، وإن قطع غابة ولم يقبض على روحه أحد الزواحف فسيصل بعد يومين مثلا... قول إنشالله، فتقول له: إنشالله. فيتابع: وعلى أكثر تقدير يومين ونصف.
هذا السؤال قد يبدو أبلها الآن إذ يمكنك أن تحاكي وتحكي وتنجرف وتتوقف وترتفع وتهبط وتسبح وتغرق وتغتني وتفقر، في أقل من أجزاء من الثانية، مع خروج الأحداث والوقائع من سلطة الإديولوجيات الصارمة إلى الايديولوجيات الذكية أي التكنولوجيا المعلوماتية وفضائها اللامتناهي وتبادل المواقع بينها وبين المكان، والأشخاص الحسيين.
نعم إنه صحيح سواء رددت بالدعوات أو صمت عنها، إلا إن كنت تعيش في أحد البلدان التي تشبه في تكنلوجيتها الواقع السوري حيث تأتيك الرسائل على وقع أغنية فيروز: "عا الهادى مشوة حبيبي عا الهادى" مؤرخة قبل ثلاثة أيام أو خمسة أيام من إرسالها، وهنا ترد بأغنية للراحل طلال المداح: زمان الصّمت.. يا.. والشكوى" ، ويمكنك اكتشاف وجه الشبه بين إجابة البدوي وما ستكون عليه إجابتي في سؤالك: متى تصل رسالتك إلى النجد الشرقي: إذا كانت الكهرباء بحالة جيدة ولم نتوقع عاصفة رملية هبّت في صحراء شبه الجزيرة العربية، وتلقينا آثارها هنا فعلى أقل تقدير ثلاثة أيام وأكثر تقدير خمسة أيام.
وهذا سهل إذا ما قارنت الأمر باتصالك ومن ثم وصولك إلى المواقع المحجوبة فهنا يمكن للحمام الزاجل أن يقع محطم القدمين. مهشم الجناحين في أقل تقدير، وصريعا أو يعاني سكرات الموت على أعلى تقدير، فأغلب المواطنين في المحافظات السورية مثلا تصلهم أخبار العاصمة دمشق بعد زمن من دخول العالم في الحداثة وبناء مصطلحاتها على أرض الواقع: فيجيبك مكابر ما: نحن لا نحتاج لاذن رسمي كي ندخل الحداثة، أو يتساءلون: حداثة؟ مصدرها سني؟ شيعي؟ آه لبناني.. لا يأخي أنا أخذت مضاد حيوي وإبرة ضد الأكزيما وأكره الحرة والbbc وأحب الكبة الحلبية"
طبعا هنا لا يوجد سوى تقدير واحد أن حمامك الزاجل استورد حبتين حشيش، ويالله فخار يكسّر بعضو" ولن يوصل معلوماتك أو تقريرك أو مقالك أو تفاعلك سواء في النجد الشرقي أو الوادي الغربي. هنا الحمام الزاجل مقتول لا محالة، على أيدي محتكري شبكة الاتصالات النتّية.
ولهذا وذاك يا طويلين العمر فإنكم أمام شاشة سينمائية بأبعادها الثلاثية في لعبة كرّ وفرّ بين قط ذكي وعنيد وخبير، وفأر لا يقلّ عنه خبرة وذكاء وتجربة.
فقط اجلس في مقعدك واستمتع، وحتى يمكنك أن تدخل في مراهنات محرّمة عن الأذكى. الأشطر. الأكثر حركة وحيوية في مصطلح الحداثة. هل هو فأر الاختبار الذي يأخذ دوره مستهلك النت أم الشباب الطيبة -هكذا نطلق على الجهات المختصة في ملاحقة مستهلكي النت في سوريا ليحجبوا عنا المواقع الالكترونية.
وهو قطّ لا يمكنك بحال من الأحوال أن تعرف سلالته- فالمستهلك النتي ينام على رمز بروكسي، ويستيقظ على رمز آخر، يأخذ غفوة على كاسر حجب، ثم يقوم مذعورا على كاسر آخر، كان قد وصله في عملية تداول سرية للحفاظ على حياة الفئران أمثاله، فالمسألة بين من يخافون علينا من العلمانية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وبين المغامرين الذين يريدون أن يجربوا بناء مصطلحاتها: مسألة حياة أو موت والفئران أو مستهلكي النت متعطشين ولو على حساب وجباتهم وساعات نومهم، مع ذلك هناك دائما فوائد للنت على أرجل الحمام الزاجل: فمثلا يمكنك أن:
- تأخذ وقتك بين خيار أن تذهب للسيرياتل لتعرف عروضهم حول مسرع النت أم الام تي إن وهما الشركتان اللتان تحتكران ليي ذراع مستهلك النت، أو الشركات الخاصة بالحكومة وهي خارج المنافسة.
- تأخذ استراحة فتنتظر إلى ما آلت إليه نتائج حرب الشائعات الانتخابية العراقية. - تأخذ استراحة أخرى لتقرأ تعليقات مثلا: خزيتونا بين العربان.
- أن تنتظر حتى يطلع من يعيشون في المحافظات البعيدة في الجمهورية وصول واقعة حدثت على أرض العاصمة منذ عدة أشهر، كواقعة إصدار وثيقة عن المكتب الاعلامي لحزب البعث فبعد ثلاثة أشهر من التداول فيها إعلاميا والخلاف والاختلاف والمسائلة جاء منذ عدة رجل طيب كان له تاريخ سابق مع بعض الجهات الحزبية ليقول مستنكرا: أسمعتم بوثيقة صادرة حديثا عن....؟! وأنت ماذا تقول له لتهوّن عليه، "ما بدها كل حرقة هالبدن؟..هي أنا ماسمعت بإلغاء مؤتمر العلمانيين في سوريا إلا بعد الإشارة لهذا الأمر على الbbc ولم يحدث لي أو لهم شيئا."
- يمكنك أن تقوم بواجباتك الاجتماعية على أكمل وجه فليس لأحد من أصدقائك أن يقول لك: ولما العجلة؟ وقتنا طويل!! فنتسامر، وننقع منقوع المتة الخاص بنا نحن السوريين، ونشرب أبريق وثاني وثالث، ونحن نفصفص البزر الإيراني، وعندما نعود من الزيارة يكون الموقع قد بدأ بفتح صفحته!! ويمكنك أن تحتسي الشاي والقهوة والكابتشينو فهي بلا كحول فقط اسم الكابتشينو غريب قليلا، وتعود إلى جهازك، ليكون الموقع يعرض صفحته الرئيسية. إذا من قال أننا لا يمكننا أن ندخل الحداثة بلا إذن رسمي، فهي مرغوبة ولو جاءت على أرجل الحمام الزاجل.. فقط تمتعوا بقليل من الصبر أيتها الفئران.. بعض من الصبر كي لا تقرءوا في حظوظكم اليومية: وأنتم في مؤامرة بلا عون.
#فاديا_سعد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
العالقون على سكة القطار
-
أحب شفاهكِ منغلقة كانت، ومنفرجة
-
هل من جديد
-
وثيقة تفسّر الكثير
-
دروشة علمانية
-
في منشور : يكذب القرآن ويزدري رسوله
-
في حلول........ ألغام الازدواجية
-
واقعة سلوكية ودلالة
-
يا زينب بابان
-
مقال.. ليس بالمقال
-
حين يتخلى الوقار.. عن زيفه
-
من قال أنها غير.. مكررة؟
-
............. مبالاة
-
وطن أم.. في الخيال وطن؟!
-
أطرف انتخابات في العالم
-
في إشكالات قراءة النص
-
احتراق شمعة
-
التواضع مطلوب.. الوحدة العربية؟!
-
عيد الأم.. الصورة المزيفة
-
خفة المقال.. وثقل الانتخابات
المزيد.....
-
من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم
...
-
الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
-
ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي
...
-
حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|