أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الناصري - أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ














المزيد.....

أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ


أحمد الناصري

الحوار المتمدن-العدد: 892 - 2004 / 7 / 12 - 06:25
المحور: الادب والفن
    


لسنا ورقا هشا يطير في دورة الهواء ويطيح بعيدا ميتا منكفأ على نفسه ، لسنا غبار ذكريات لمعارك فاشلة وحروب منسية ، لسنا بقايا ملابس لزمن راح وإنقضى ، لسنا بقايا صور معلقة على حائط رطب !! لسنا ذكريات تتقادم مع الوقت وتمسحها ذاكرة الأيام والسنوات وعجلات الزمن العابر والتفاصيل الصغيرة والمدن الجديدة الممتدة فوق خطوط القطارات والمطارات الحديثة جدا ، ولسنا الأحصنة الخاسرة التي ركضت في الميدان دون هدف أو قدرة على المتابعة والاستمرار فكبت وبكت حظها العاثر !!

نحن حجر البازلت ، حجر التاريخ ، وحجر الأرض وملحها ، لم نرم قلوبنا في قرية المحرقة ، لكننا نمسك قلوبنا كالقنابل اليدوية التي ننسف بها قرية الخطيئة والفجيعة الدائمة والمتكررة في هذا الزمان وهذا المكان !!

قلبي كالتفاحة سأهديه لمن تعشق التفاح البري ، وتركض به حافية نحو خلجان الروح وأوردة الوعي الممتدة عرضا وطولا في نسيج الحياة المديد ، لكي تقذف به تفاحة متفجرة تحت جنازير دبابة تدوس على أوردة الجبل أو الحجاب الحاجز للأهوار او تدوس على قلب الوطن ، سيقهقه قلبي ويتحطم ذلك البغل الحديدي البغيض ، ذلك البغل الحديدي الثقيل !!
آخر الأخبار بعد كل الأخبار الكثيرة واليومية ، عن أصدقاء تركوا أرواحهم تحوم في الذكريات وأمام العين وغادروا الى أنفاق الوحشة والفوت والانقطاع ، يأتي خبر عن صديق حبيب كان جميلا شفافا قويا وقد انقسم على ذاته ودخل في لجة التناقض الأسود، والتعارك الصعب والغامض بين ذاتيين كانا ذاتا واحدة !!
يا صديقي في مشروع الفرح الدائم ، الفرح الطافح بين أيامك السابقة ، وبين أصابعك ، وفوق بيوت الناس والطرقات ، كنت يوما تصنع لنا الفرح وتقدمه فوق أطباق الصداقة ، وتنشرة فوق حقول الرماد ، لماذا تخليت عن عملك الطبيعي اليومي ، عمل النحلة !!
يا صديقي ماذا سأقول لنفسي عنك ؟؟ ماذا سأقول لنا ؟؟ ماذا سنقول هل هو مصير جماعي نسير به وأليه ، بعد أن اجتزنا الأهوال وبوابات الجحيم المتكررة في منعطفات العمر ؟؟
يا صديقي لنمسح الغبار عن الذاكرة ، ونمسح الغبار عن الطاولات والكتب ، ونمسح الغبار عن الصورة الباهرة التي كنت تصنعها بيديك بمهارة نادرة وحس فني خاص ، ونتذكر بأننا صمدنا مرة وراء وردة ، لندافع عن تراب وهواء لايشبهما تراب أو هواء آخر!! لنفجر حدود الذاكرة ونفجر اللغة ونسمع دبكات الروح التي رقصت مرة على عزف البنادق القادمة مع أيامنا القاصرة أيضا !!
يا صديقي الجميل لنعود الى أرضنا الأولى ، إلى المشهد الأول ، إلى موقعنا ، إلى المسارات الأولى ، إلى المبتدأ ونتمترس خلف وردة برية تعصمنا من الخطأ والضعف والتكرار والهزيمة ، وردة برية تصبح برجا يشق طريقه كالنخلة إلى الأسفل الدافئ والى الأفق المديد !!
يا صديقي القريب نحن حجر التاريخ ، وحجر الزوايا ، نحن الإنسان أجمل وأصلب منحوتات الحياة ، يطلق الورد والطيور والأمنيات الصديقة !! ينثر البذر فوق القرى السعيدة النابتة في عمق الأرض، لتقف خلف تحصينات الروح المشعة ، نحن حجر التاريخ الراهن ، نطلق المستقبل من فوق الراحات البيضاء ، والأيدي النظيفة التي لم تتلوث بشئ ؟؟
يا صديقي البعيد نحن الفراشات الصلبة ، تلك الفراشات التي تسير نحونا وتدخل الخلايا ، تدخل الأعشاش ، تدخل الجروح ، كنا نداوي الجروح بعطر الفراشات وعصيرها السماوي الساحر ، ثم نغسلها بالمطر الطبيعي ونلفها بلحاء الشجر . إن أرواح الفراشات لا تخطئ ، لا تضعف ، لا تمل من الطيران نحو البهجة والنور !!

يا صديقي القريب القريب أعرف كم هي طويلة حقول الرماد المنقوعة بماء أحمر ، تلك الحقول التي مشينا في أوحالها ثلاثة أرباع العمر المنجز ، فلا زلت اسمع عويل النخيل ، وأشرب من دموع الشوارع ، وأرى شظايا الوطن وشظايا القنابل ، أرى الجوع يفترس الأحياء والأطفال ، وحشا كريها غريبا لئيما بليدا صامتا ، وهو يعصر ويعض البشر فيذوب اللحم وتغور العيون حتى تنطفأ ، والناس تتساقط كالنخيل اليابس ، الذي لا يشبه النخل بشئ !!
وأعرف أيضا بأن المقصلة لم تزل معلقة ، وجسد الوطن يقاد تحتها في لحظة الوريد المتشنج ، لحظة الشعب الطريد المحاصر بالذل والإنهدام والتلويث ، لحظة الرفض لكل ما هو خاطئ ومن أجل البقاء واسترداد العافية وانت تدري أن وطن يلجأ الى نهريه ، وطن يلجأ الى نخيله وأهواره والجبل ، وطن يلجأ الى عاصمة استثنائية ويتمترس فيها ، مثل هكذا وطن لا يغادر مكانه بسهولة ، ولا ينهزم ، ولا ينكسر مثل كرة معدنية ، كرة من الخبث سهلة التفتت والانعدام ؟؟
أعرف كل ذلك وأزيد ، أعرف التفاصيل القديمة وأتابع وأسجل التفاصيل الجديدة في كتاب الخراب القائم والدائم حتى هذه اللحظة الملتبسة ، لكنني مقتنع بقدرة الإنسان الخالد في أن يطلق البروق ويأتي بالمطر ، ويزيل الرماد عن عيون العراق ، عن رموش المدن ، حيث تخرج الوردة من نسيج الصخور الثقيلة ، ويتدفق نهر الحياة ، لكننا سنبكي من الفرح آخر مرة !!
أخيرا لابد لي أن أهمس في إذنك ، بأننا لن ننسى تلك اليد الآثمة ، اليد الحقودة التي عذبتك ، ودفعت بك دفعا الى هاوية الأزمة ، وقادتك الى هذا المصير المؤلم ، لا تخف فسوف تحاسب تلك اليد القذرة على كل إرتكاباتها ، ونحن لن ننسى . تبا لتلك اليد الملوثة بدماء الشهيد منتصر وآلام الأصدقاء الطيبين ، ودمت لي صديقا جميلا .



#أحمد_الناصري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن الشيوعي الجميل طارق وتوت / أبو زياد
- الحوار المتمدن والقضايا الفكرية الماركسية
- موت الشاعر ، أو موت بلا شاهدة ، أسئلة إلى وعن آدم حاتم ؟؟
- في الذكرى الخامسة والاربعين لإستشهاد فرج الله الحلو / لماذا ...
- صورتان قلميتان لبوش وصدام
- مؤشرات من الوضع السياسي العراقي
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم 3
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟ 2
- الناصرية مدينة من غبار ، أسسها أحدهم وندم ؟؟
- قراءة أولية للقرار 1546 / دعوة للحوار الوطني من أجل موقف واض ...
- شكر وتنوية /عن طاهر البكاء مرة أخرى
- رسائل لم تصل /الى ستار غانم راضي ...............سامي
- القسم الاول:دعوة لتقييم أسباب صعود وسقوط الفاشية في العراق
- شهادة من الزمن الفاشي / هذا الوزير عذبني بيدية
- المشروع والمجزرة / لكي لاننسى
- رسالة مفتوحة الى الكاتبة نوال السعداوي


المزيد.....




- التراث الأندلسي بين درويش ولوركا.. حوار مع المستعرب والأكادي ...
- الجزيرة 360 تعرض فيلم -عيون غزة- في مهرجان إدفا
- من باريس إلى عمّان .. -النجمات- معرض يحتفي برائدات الفن والم ...
- الإعلان عن النسخة الثالثة من «ملتقى تعبير الأدبي» في دبي
- ندوة خاصة حول جائزة الشيخ حمد للترجمة في معرض الكويت الدولي ...
- حفل ختام النسخة الخامسة عشرة من مهرجان العين للكتاب
- مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” .. ...
- مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا ...
- وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص ...
- شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح ...


المزيد.....

- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - أحمد الناصري - أوراق خاصة / الى الصديق م . ذ