أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - تشيخوف..حفاوة جديرة بالتقليد














المزيد.....

تشيخوف..حفاوة جديرة بالتقليد


بسام الهلسه

الحوار المتمدن-العدد: 2930 - 2010 / 2 / 28 - 00:07
المحور: الادب والفن
    


* ثمة ما يوجب النظر باحترام لاحتفالات التكريم التي تقام إحتفاءاً بذكرى الراحِلين من الرجال والنساء الذين قدموا مساهماتٍ مميزة لأممهم أو للبشرية.
ففي التكريم ما يحمل معاني العرفان والتقدير لصنيعهم من قبل الأجيال اللاحقة، وفيه تنبيه وتأكيد مفيدٌ وضروري لمن يعملون حالياً، بأن اعمالهم لن تضيع سدى حتى لو حُوربت أو لو لم يُلتفت إليها الآن، وفي هذا ما يحضُّهم على المضي فيما هم فيه من أعمال بغض النظر عن النتائج المباشرة.
ورغم أن على الأجيال الجديدة أن تتجاوز أسلافها الماضين، وأن لا تتوقف أسيرة عند حدود معطياتهم، وأن تعمل على تحقيق ذاتها ومنجزاتها بالدرجة الأولى، فإن احتفاءها بهم لا يقلل من قدرها، بل يؤكد مكانتها كأجيالٍ وأمم حية قادرة على التعامل بثقة مع الماضي، تماماً كما تتعامل مع الحاضر وتعد للمستقبل، اللذين هما ميدان إختبارها وتحدِّيها.

* * *
ما دعاني لهذا الحديث هو الاحتفالات التي تقام في روسيا وبلدان أُخرى من العالم بالذكرى المائة والخمسين لمولد القاص والمسرحي الكبير "انطون تشيخوف" الذي ولد في أواخر شهر يناير- كانون الثاني 1860م. فتقديراً من الروس لكاتبهم الكبير أطلقوا على هذا العام "عام تشيخوف"، وباشروا سلسلة طويلة من الفعاليات والأنشطة الثقافية التي تشمل إعادة نشر أعماله التي تضمها مجلدات عديدة، وتقديم عروض جديدة لمسرحياته، وإقامة الندوات للحديث عنه وعن مساهماته، وطباعة كتب وأفلام جديدة تتناول سيرته، وتعميم هذه الفعاليات لتشمل كل فئات الأمة الروسية ومناطقها، ولتمتد إلى عواصم ومدن كثيرة في العالم تعرفُ لتشيخوف مكانته كرائد من رواد القصة القصيرة الكبار في العالم، إلى جانب الأميركي "إدغار ألن بو" والفرنسي "غي دي موباسان"، وهم الأساتذة الذين تتلمذت عليهم أجيال وأجيال؛ وما زالت محسوسة إلى الآن آثارهم الريادية، يعرفها ويعرف قدرها كلُّ من له إهتمام بالقصة القصيرة.

* * *
في الحفاوة بتشيخوف، يؤكد الروس أنهم ليسوا أمة روائيين كبار فقط: تولستوي، ليرمنتوف، تورجنيف، دوستويفسكي، غوركي... وإنما هم أيضاً أُمة مبدعين في الحقول الأدبية والفنية الأخرى: الشعر، المسرح، القصة، النقد، الموسيقا، السينما... والعالَمُ المثقف يعرف –بهذا القدر أو ذاك- أسماء وأعمال مبدعيهم الكبار أمثال: بوشكين، غوغول، ايزنشتاين، تشايكوفسكي، ماياكوفسكي...

وقد كان القرن التاسع عشر، والنصف الأول من القرن العشرين، هما الفترة التي شهدت الولادات الخصبة الروسية في العطاء الأدبي والفني، بفعل النهضة التي باشرها القيصر "بطرس الكبير" في القرن الثامن عشر وتأججت في الثورة الكبرى عام 1917، وبفعل التَّماس متعدد الأشكال والمستويات مع أمم أوروبا الغربية المتفوقة، وما فرضه على روسيا من تحدٍ وصراع اشتبكت فيه تيارات فكرية وسياسية وثقافية واجتماعية متباينة.

في معظم الحالات تميَّز الأدباء الروس بروح نقدية تجاه أوضاع بلادهم المتردية، وإتسموا بحِسٍّ عالٍ من المسؤولية تجاه أمتهم وما تعانيه أغلبيتها من بؤس وتخلف وظلم وقهر، وانحازت أغلبيتهم إلى صفوف الناس البسطاء المهانين، وإلى خيار التغيير والتجديد وآفاقه الواعدة بمستقبل أفضل. بل ان عدداً منهم اشترك فعلاً في جماعات ثورية مقاومة للنظام القيصري ودفعوا ثمن آرائهم ومواقفهم: سجناً ونفياً وإضطهاداً.

وكان "انطون بافلوفتش تشيخوف" واحداً من هؤلاء الذين إصطفوا، في أدبهم وفي مواقفهم، إلى جانب الإنسان العادي البسيط، في معاناته وفي صبواته، ودافعوا عن حقه في حياة كريمة لائقة غير تلك التي فرضها عليه القياصرة والنبلاء والاقطاعيون واضرابهم. وهذا ما رفعه إلى المكانة العالية التي يستحقها لدى الروس، ولدى الأمم الأخرى التي ترفض الظلم وتقف إلى جانب المستضعفين. أما إبداعه في بناء القصة القصيرة الحديثة وتكوين سِماتها وعناصرها الخاصة المميزة، فهو حاضر في الذاكرة رغم ما طرأ على القصة من تحولات وتجديدات. فرغم عمره القصير (توفي في صيف العام 1904م)، إلا أن ما قدمه كبير وكثير.. وهذا ما جعل إحترام الأجيال التالية له، وحفاوتها به، واجِبين.

* * *
بمناسبة "سنة تشيخوف"، نأمل من العرب –دولاً ومؤسسات حكومية وهيئات أهلية- أن يقلدوا الروس في الاحتفاء بعظمائهم، ما داموا مولعين بالتقليد في معظم شؤونهم. فهذا –على كل حال- تقليد مرغوبٌ لا يتعارض، بل يتكامل، مع التجديد المطلوب..
فالأمم التي تستحي من ماضيها، كالأمم التي تتجمَّد عنده، أو الأمم التي تتماها بالآخرين وتسلمهم حاضرها ومستقبلها: تستحق الرثاء لا الاحترام.



#بسام_الهلسه (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضد الكتاتورية
- غولدستون: تعليق الجرس
- في حوار لم يحدث مع اوباما: بلا حسد! استحق جائزة نوبل!
- محمد علي باشا :الإقليم .. والقيادة
- الثورة الفرنسية : ما لم يطوه التاريخ
- اوباما...الواعظ .. ومقاعد المستمعين !
- انتخابات لبنان : تقدير ..وتذكير
- - انتم لم تنتصروا في الحرب - !؟
- العقاد : صورتان
- أبو القاسم الشابي...عصف حياة خاطفة !
- أدونيس...الاثارة حد التهافت !
- قاب قوسين؟ لتكن مشيئتك !
- بردها شيني !
- مضرج بالخجل..مبرح بالاسئلة
- ما لهم وللمتنبي؟ تركوا الخيل..واحتفظوا بالليل !
- معركة الكرامة:ماينبغي استعادته
- سألتني عن الشجن...
- القدس: حيِّز -الضمير- ..وحيِّز -الفعل-
- عرب الانتظار ؟
- حشد الاحقاد


المزيد.....




- جامعة الموصل تحتفل بعيد تأسيسها الـ58 والفرقة الوطنية للفنون ...
- لقطات توثق لحظة وصول الفنان دريد لحام إلى مطار دمشق وسط جدل ...
- -حرب إسرائيل على المعالم الأثرية- محاولة لإبادة هوية غزة الث ...
- سحب فيلم بطلته مجندة إسرائيلية من دور السينما الكويتية
- نجوم مصريون يوجهون رسائل للمستشار تركي آل الشيخ بعد إحصائية ...
- الوراقة المغربية وصناعة المخطوط.. من أسرار النساخ إلى تقنيات ...
- لبنان يحظر عرض «سنو وايت» في دور السينما بسبب مشاركة ممثلة إ ...
- فيديو.. -انتحاري- يقتحم المسرح خلال غناء سيرين عبد النور
- بين الأدب والسياسة.. ماريو فارغاس يوسا آخر أدباء أميركا اللا ...
- -هوماي- ظاهرة موسيقية تعيد إحياء التراث الباشكيري على الخريط ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - بسام الهلسه - تشيخوف..حفاوة جديرة بالتقليد