|
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2929 - 2010 / 2 / 27 - 18:21
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
البرلمان القادم يثبت الشرعية ام يكرس الحزبية؟ من تابع مسيرة البرمان العراقي طيل دورته المنتهية و راقب اداء الكتل و الاعضاء، يعلم كيف تعامل مع المواضيع و طرحها و أُ قرت القوانين و مررت، و ما طبخ وراء الستار قبل عرضه على الاعضاء الموقرين، و كم شاهدنا ماحدثت من الازمات و تدخلت الاطراف الداخلية و الخارجية في الكثير منها، و بالاخص الحساسة التي كانت تمس السياسة العامة للبلد و ظروف المجتمع و مستقبله و نظامه بشكل عام. و رغم انقضاء هذه الدورة المليئة بالتشنجات و التجاذبات و التلاسنات و المماحكات الزائدة عن حدها الا انها لم تمرر ما كانت مؤملا من القوانين المنتظرة و التي تعتمد عليها الناس و هي ما فرضتها البنود الرئيسية في الدستور ، و الذي يكلف البرلمان في طياته ان يصيغ و يقر هذه القوانين و تكون نافذة المفعول حال الموافقة عليها. الصراعات السياسية بين الكتل احالت دون امرار اي قانون بشكل سهل و سلس، و لم تثبت الشرعية بشكلها الكامل و النهائي، للتناقضات التي برزت و التي حدثت اثناء عمل الكتل تعاملهم مع الاحداث وفق ما ترتضيهم من دون اي اعتبار للقانون و الشرعية المطلوبة الاستناد عليها، و كانت هناك اسباب ثانوية اخرى ايضا تمنع ما كان يجب ان يعمل به النائب في البرلمان، و يطرح ارائه بصراحة و منها تبعيته و مدى ايمانه و حزبه بالدستور و ما جاء فيه، و المطالبة من قبل اكثر من طرف لتعديل الدستور، و رفضه بالكامل من قبل الاخرين ، و انتقاء البعض بمواد دون اخرى لتعديها ، و الاصرار و تكثيف الجهود بشكل مستميت من قبل الجهات لتغيير الدستور قبل اقرار القوانين ، و كان هذا نابع عن الدوافع السياسية و اغراض مصلحية فكرية عقيدية ايديولوجية بحتة. هناك من القوانين الحياتية التي تعتبر من اهم الركائز الاساسية التي يجب ان يستند عليها النظام الجديد في العراق ، و اهم دعم و اسناد لترسيخ الديموقراطية ، و الديموقراطية تصبح عرجاء من دون امرارها، و لكنها لم تقرر خلال هذه المدة الطويلة من عمر البرلمان، و من ضمنها قانون الاحزاب و الصحافة و الاحوال الشخصية التقدمية و غيرها ، و من الضروري ان تمرر هذه القوانين في الدورة المقبلة و على الجهات العمل على عدم تاجيلها مهما كانت الاسباب الذاتية المحضة لديهم . و بعيدا عن تلك القوانين الاساسية التي لا تقل اهميتها عن الدستور بحد ذاته لا يمكن الاطمئنان على النظام الديموقراطي و مستقبل الشعب العراقي و تجسيد الحريات العامة و تثبيت الشرعية و سمو القانون و سيادة البلاد. ان الشعب بكل مكوناته و فئاته يتوسم خيرا من البرلمان القادم و بشكل نسبي ايضا ، و ينتظر ان ينعكفوا على اداء واجباتهم الرئيسية ضمن اطار البرلمان و ان يتجاوزا الخلافات الحزبية و السياسية و الفكرية و التعصب و الصفا ت الشاذة عن الشعب، و يودعوها خارج قبة البرلمان كي ينجحوا في مهامهم و عملهم ، و عندئذ يمكن ان ننتقل بالنظام العام الى مرحلة متقدمة و مستوى يمكن تحقيق الاهداف العامة للشعب و من باب اقرار القوانين الضرورية و التي هي من الاولويات العمل، و هي المرشدة للجميع في سبيل ضمان ترسيخ الشرعية و ابعاد اية فرصة للاجتهادات الفردية و المزاجات الشخصية و المصالح الحزبية الضيقة، و لكي يكون القانون هو الفيصل في تمييز القضايا و النظام السياسي العام . عند مقارنة ما كنا فيه من الوضع السياسي العام و ما فيه الكتل السياسية المسيطرة على زمام الامور و بيان ثقل كل منها في البرلمان المنتهي مدته، و تابعنا الية عملهم و دور المناصب الحساسة و المتنفذة و علاقة السلطات الثلاث التنفيذية التشريعية القضائية و دور كل منها في ادارة سياسة البلاد و تطبيق النظام،و التغييرات التي حصلت و الانسحابات التي حدثت بين مكونات الكتل و المواقف و الاراء التي طرحت ، نتاكد بان الشرعية كانت بعيدة المنال و كل ما كان مسيطرا و فاصلا في العمليات السياسية هو المصالح الحزبية، و المقاييس اختلفت من موضوع لاخر و من التعامل مع قانون و مشروع و اخر. التوافق كان سيد المواقف في اكثر الاحيان مما فرض المساومات و تعقدت التفاصيل و منحت فرص التدخلات لكل من هب و دب اقليميا و عالميا . الواضح في الامر ان الاحزاب جميعا قد تاثرت بما جرى خلال هذه المدة على الساحة السياسية و مدى تاثرها بانت من تغيير ثقل كل منها بين فترة و اخرى، و لم نجد حزب الا و استاثر بمنصب و موقع حكومة لغرض بقائه و نموه و اتساع مساحته الجغرافية في التنظيم و التاثير. سيطرت الحزبية على المواقع التي كانت من المفروض عدم خوض الحزبية في تلك المسارات، لا بل شاهدنا وزراء اسسوا احزابا استنادا على مواقعهم الحكومية و اخرى ثبتوا نفوسهم و نفوذهم بالحصول على مواقع و حسب المحاصصة التي اعتمدت بعيدا عن الكفاءة و الاخلاص و الخبرة . و حتى القوانين التي كانت من المؤمل اقرارها توقفت على مدى استفادة كل حزب و كتلة منها، و اوجدت الحجج الواهية لعدم امرار ما لم يكن لصالح تلك الاحزاب و خاصة الكبيرة منها مها كانت مصيرية او لصالح الشعب . اي التوجهات و التحزب و التقارب و التحالف تركز على اسس خاصة و مصالح مشتركة ضيقة، و كانت هذه المصالح هي المقياس الوحيد في التوافق على امرار اي قانون، و كانت هذه الصورة واضحة و بشكل جلي في عمل البرلمان خلال هذه الدورة المنتهية. اليوم و ما نشاهد من التحالفات و القوائم التي من المحتمل ان تسيطر على البرلمان، و هي التي يمكن ان تستغل القبة و حسب نواياها و اهدافها و اصالتها، و هم ليسوا الا احزابا و اطرافا كانوا لحد الامس متحالفين و بعدما تغيرت الموازين و اختلطت الامور فتشكلت اخرى و كل ما نرى هو تبادل للمواقع بين مكونات الكتل، الا ان الحال لا يمكن ان نعتبرها باحسن مما تكون في الدورة المنتهية بشكل مطلق على الرغم من التفاؤل الذي يسود العديد ، لان المعادلات المختلفة و الخارطة السياسية المتغيرة لن تكون جذرية الاصلاح و الغيير، و كل الامل في انبثاق الحكومة بوجود معارضة مراقبة و فعالة،و من المحتمل ايضا عدجم سيطرة التوافق السياسي بشكل كامل في هذه الدورة، لان السلطة ستكون بيد مجموعة التي ربما تتكون من تحالف عدة كتل دون اخرى،و التيهي بدوزرها ستظل على الساحة و تعمل في جبهة المعارضة في الدورة القادمة، و ستكون الانتخابات محطة فاصلة لغربلة العديد من الاطراف التي طفت الى السطح . هذا ما يدعنا ان نعتقد ان تكريس الحزبية سيكون هو الغالب و سيتعمق على الرغم من الاستناد على الشرعية غير المكملة ، و ستمرر قوانين مهمة مما يفتتح المجال لاداء عمل السلطة بشكل منفتح و جدي ، و ربما تتخلل عمل البرلمان اشكالات و ازمات كما حصلت من قبل، الا ان المرحلة ستكون متنقلة و فاصلة و سنتوجه نحو تثبيت الشرعية بشكل نسبي لاكمالها في الدورات البرلمانية المقبلة و بخطوات و تدرج متتالي.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا التلكؤ في حل القضية الكوردية باسم تعقيدات المسالة في ت
...
-
لمن تكون تبعية البرلماني العراقي في المرحلة المقبلة ؟
-
نقطة تحول لدور الاطراف المختلفة في العراق
-
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
-
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
-
الوضع النفسي العام للفرد العراقي و تداعياته في المرحلة الراه
...
-
نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق
-
موقف المثقف من الاحداث و مدى تفاعله مع الواقع و ما فيه
-
دور الاخلاق في تجسيد السلوك السياسي
-
لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح و السياسة العالمية
-
سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلا
...
-
ديموقراطية العراق الجديد يضمنها تهميش اللاديموقراطيين
-
يتجسد الواقع الاجتماعي الجديد ما بين تغييرات الثقافة و السيا
...
-
الجوانب الايجابية و السلبية لقرارات هيئة المسائلة و العدالة
-
لماذا التوسل من ما سموها بقوى ( الاحتلال ) حتى الامس القريب
...
المزيد.....
-
لثاني مرة خلال 4 سنوات.. مصر تغلظ العقوبات على سرقة الكهرباء
...
-
خلافات تعصف بمحادثات -كوب 29-.. مسودة غامضة وفجوات تمويلية ت
...
-
# اسأل - اطرحوا أسئلتكم على -المستقبل الان-
-
بيستوريوس يمهد الطريق أمام شولتس للترشح لفترة ثانية
-
لندن.. صمت إزاء صواريخ ستورم شادو
-
واشنطن تعرب عن قلقها إزاء إطلاق روسيا صاروخا فرط صوتي ضد أوك
...
-
البنتاغون: واشنطن لم تغير نهجها إزاء نشر الأسلحة النووية بعد
...
-
ماذا نعرف عن الصاروخ الروسي الجديد -أوريشنيك-؟
-
الجزائر: توقيف الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال
-
المغرب: الحكومة تعلن تفعيل قانون العقوبات البديلة في غضون 5
...
المزيد.....
|