|
المواقع الأثرية اليهودية.. قائمة تطول!
جواد البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2929 - 2010 / 2 / 27 - 13:38
المحور:
القضية الفلسطينية
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لن يعدم وسيلة لـ "إقناع" الفلسطينيين بأنَّ لدى إسرائيل من "المصالح والحاجات والحقوق" في الضفة الغربية (ولا سيما القدس الشرقية منها) ما يجعل ثقة السلطة الفلسطينية بجدوى وأهمية وضرورة الاستمساك بخيار الحل النهائي للمشكلة القومية للشعب الفلسطيني عبر التفاوض السياسي أقرب إلى الحماقة السياسية منها إلى الواقعية السياسية، وإلى الوهم منه إلى الحقيقة، وما يجعل الاستمساك الإسرائيلي بها، أي بتلك "المصالح والحاجات والحقوق"، نفياً شبه مطلق لكل حقٍّ قومي فلسطيني في ما يسمِّيه "يهودا" و"السامرة".
إذا كان "تجميده" للنشاط الاستيطاني في الطريقة التي قرَّرها، وأقرَّت بأهميتها وإيجابيتها إدارة الرئيس أوباما، لا يكفي لاستفزاز الفلسطينيين، ولإقناع رئيس حكومتهم سلام فياض بأنَّ الصلاة وحدها، ولو في الحرم الإبراهيمي، لا تكفي لجعل الدولة الفلسطينية حقيقة واقعة، فها هو يقرِّر أنَّ الحرم الإبراهيمي (في مدينة الخليل) ومسجد بلال، أو "قبر راحيل"، وأسوار القدس، "مواقع أثرية يهودية (أو إسرائيلية)"، ولا بدَّ، بالتالي، من ضمها إلى (أو إدراجها في) المواقع الأثرية التي تخضُّ اليهود، أو "الشعب اليهودي"، أو "دولة إسرائيل".
وهذا إنَّما يعني أنَّ إسرائيل، ولو قامت للفلسطينيين دولة، تشبه "المصالح والحاجات والحقوق الإسرائيلية" أكثر مما تشبه الحقوق القومية الفلسطينية، هي وحدها التي يحقُّ لها، دينياً وثقافياً وتاريخياً، أن تستأثر بالسيطرة (الدائمة) على تلك المواقع، وأنْ تشملها بسيادتها، وإنْ حَمَلَتْها "روح التسامح الديني" التي تتحلَّى بها على السماح للمسلمين من الفلسطينيين بممارسة شيء ممَّا يعتبرونه حقوقاً دينية لهم في الحرم الإبراهيمي ومسجد بلال!
لقد رفض سلام فياض القرار الإسرائيلي، مُتَرْجِماً رفضه له بالذهاب إلى الحرم الإبراهيمي والصلاة فيه؛ ولكنَّه حرص على الحيلولة بين انفجار مشاعر الغضب الشعبي الفلسطيني وبين وقوع الفلسطينيين في ما يشبه "فخَّاً نصبته لهم" حكومة نتنياهو، وهو ما أسماه "دوَّامة العنف"، وكأنَّ غاندي مُمْكِن الوجود في أرضٍ تخضع لاحتلالٍ كالاحتلال الإسرائيلي، وبين شعب كالشعب الذي يخضع للاحتلال الإسرائيلي!
إنَّ مخاطبته للجمهور الفلسطيني الغاضب، بعد تأديته الصلاة في الحرم الإبراهيمي، كان ممكناً أن تلقى آذاناً صاغية لو تضمَّنت، مثلاً، دعوة الفلسطينيين إلى انتفاضة شعبية ثالثة؛ ولكن بعيداً عن "العنف"؛ لأنَّه يمكن، الآن، أن يضر الفلسطينيين أكثر ممَّا يفيدهم.
لقد قنط نتنياهو من الجهود المضنية التي بذلها علماء الآثار الإسرائيليون (منذ احتلال إسرائيل للضفة الغربية والقدس الشرقية) لإثبات أنَّ لـ "الشعب اليهودي" حقَّاً دينياً وتاريخياً في أرض فلسطين، وفي "العاصمة الموحَّدة الأبدية" على وجه الخصوص.
ولا شكَّ في أنَّ "النتائج" قد ذهبت بأوهامه التلمودية إذ أكَّد علماء آثار يهود، بعد البحث والحفر والتنقيب في "مدينة داود" في حيِّ سلوان في القدس الشرقية، أنْ لا شيء هناك يدلُّ على أنَّ داود كان له قصراً، حيث بحثوا وحفروا ونقَّبوا، أو أنَّ ذلك المكان عَرَف داود، أو عرفه داود.
وأخصُّ بالذِّكْر من هؤلاء المحاضِر في جامعة تل أبيب رافاييل جرينبرج، الذي قال "لم نعثر على شيء"، وعالم الآثار في الجامعة نفسها البرفيسور إسرائيل فنكلشتاين الذي قال "هؤلاء يخلطون الدين بالعلم.. المنظَّمات اليهودية اليمينية المتطرفة (كجمعية "إيلعاد") لم تعثر على قطعة أثرية واحدة من قصر النبي داود"، وعالم الآثار المستقل البروفيسور يوني مزراحي الذي قال لم نعثر على لافتة مكتوب عليها "مرحباً بكم في قصر داود"!
إنَّ البشر ضيِّقي الأفق (بسبب مصالحهم الفئوية الضيقة) لا رادع يردعهم عن إنكار بديهية هندسية إنْ تعارضت مع مصالحهم؛ ولقد أنكر أبناء الأوهام التلمودية ما يشبه تلك البديهية إذ رفضوا تصديق ما أتاهم به علم التاريخ، وعلم الآثار، من أدلة مفحمة على أنَّ الحرم الإبراهيمي في الخليل لا يضم رفات "إبرام العبراني"، الذي، في زعمهم، وعده الرَّب قائلاً: "لنسلك أعطي هذه الأرض من نهر مصريم (النيل) إلى نهر فرات (الفرات)".
وأحسب أنَّ الرَّب، الذي حرَّم على موسى وأخيه هارون دخول "أرض كنعان"؛ لأنَّهما لم يمجِّداه أمام جماعة بني إسرائيل في برية صين، عند ماء مريبة، لا يمكن أن يحلِّل للصهاينة ما حرَّمه على كليمه.
"الإجراء"، أو "القرار"، التلمودي الإسرائيلي الجديد إنَّما يدلُّ، أيضاً، على أنَّ "دولة الأوهام التلمودية" لا رادع يردعها مستقبلاً عن الأخذ بسياسة قوامها "ضم كل ما تعده أثراً يهودياً إلى قائمة المواقع الأثرية اليهودية"، وإخضاعه، بالتالي، للسيادة الإسرائيلية.
وها هم اليوم ينظرون بالعيون التلمودية نفسها إلى ما يسمونه "التاريخ اليهودي في الأردن"، و"القائمة الطويلة من المواقع التوراتية في الأردن"؛ ويتحدَّثون باهتمام مريب عن قبر "النبي يوشع"، و"جبل هارون"، و"سادوم وعاموره"، و"جلعاد"، و"جبل نبو"، أو "جبل عباريم"، الذي صعد إليه البابا بندكتوس السادس عشر لينظر من قمَّته إلى "الأرض التي أعطاها الرَّب لبني إسرائيل"، وليَتَّخِذ من وقفته على هذا الجبل جسراً للمصالحة بين كنيسته الكاثوليكية و"الشعب اليهودي"!
وَلْنَتَذَكَّر، في هذا الصدد، تلك النتائج المُغْرِضة التي انتهت إليها أبحاث أثرية، والتي بحسبها كان لسليمان (وريث الملك دواد في الحكم) مناجم نحاس شمال البحر الميت في الأردن!
#جواد_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حَلٌّ يقوم على -تصغير الضفة وتكبير القطاع-!
-
حكومات مرعوبة تَلِدُ إعلاماً مرعوباً!
-
-تحرير- السلطة الفلسطينية أوَّلاً!
-
صناعة التوريط في قضايا فساد!
-
-فالنتياين-.. عيدٌ للتُّجار أم للعشَّاق؟!
-
الأمين العام!
-
عصبية -الدَّاليْن-!
-
مجتمعٌ يُعسِّر الزواج ويُيسِّر الطلاق!
-
العدوُّ الإيراني!
-
-التوجيهية-.. مظهر خلل كبير في نظامنا التعليمي والتربوي!
-
قصَّة نجاح لثريٍّ روسي!
-
-ضرائب دولة- أم -دولة ضرائب-؟!
-
-الإنسان-.. نظرة من الداخل!
-
-شجرة عباس- و-سُلَّم أوباما-!
-
هكذا تكلَّم الجنرال باراك!
-
-ثقافة الزلازل- عندنا!
-
أوباما يَفْتَح -صندوق باندورا-!
-
مفاوضات فقدت -الشريك- و-الوسيط- و-المرجعية-!
-
سنة على تنصيب أوباما.. نتائج وتوقُّعات!
-
حال -اللاتفاوض واللامقاومة-!
المزيد.....
-
آخر ضحايا فيضانات فالنسيا.. عاملٌ يلقى حتفه في انهيار سقف مد
...
-
الإمارات تعلن توقيف 3 مشتبه بهم بقتل حاخام إسرائيلي مولدافي
...
-
فضيحة التسريبات.. هل تطيح بنتنياهو؟
-
آثار الدمار في بتاح تكفا إثر هجمات صاروخية لـ-حزب الله-
-
حكومة مولدوفا تؤكد أنها ستناقش مع -غازبروم- مسألة إمداد بردن
...
-
مصر.. انهيار جبل صخري والبحث جار عن مفقودين
-
رئيس الوزراء الأردني يزور رجال الأمن المصابين في إطلاق النار
...
-
وسيلة جديدة لمكافحة الدرونات.. روسيا تقوم بتحديث منظومة مدفع
...
-
-أونروا-: إمدادات الغذاء التي تدخل غزة لا تلبي 6% من حاجة ال
...
-
رومانيا: رئيس الوزراء المؤيد لأوروبا يتصدر الدورة الأولى من
...
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|