|
الدولة من القسوة المفرطة إلى الإفراط في التسامح
أزمر أحمد
الحوار المتمدن-العدد: 2927 - 2010 / 2 / 25 - 10:33
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
لعل اللافت للامر في الوضع العراقي هو التحولات المتطرفة والكبيرة التي حدثت في الدولة العراقية الحديثة منذ تاسيسها والى اليوم فمن عهد ملكي الى اخر لم يشكل استمرارا وديمومة لسابقه والى مرحلة اخرى اختلفت بالكامل عن سابقاتها وهي منذ 1963 والى العام ألفين وثلا ثة وبعد ذلك شهدنا تحولا مغايرا وعنيفا اخرا عشنا معظم تحولاته , وبالحديث عن حقبة البعث المظلمة واداء مؤسسات الدولة في تلك المرحلة يتضح لنا ان اداء المؤسسات في تلك الفترة كان في حالة انظباط كبير على الرغم من انها في العقد الاخير لم تكن مؤسسات بالمعنى الحقيقي فلم تكن هذه الدوائر منتجة ولكن في الوقت نفسه كانت هنالك حالة من النظام وهي مسالة مهمة واساسية فلا شارع يعتدى عليه ولاساحة عامة يعتدى عليها ولا مخالفات ولا مساكن عشوائية ، وربما الامر يعود لقسوة السلطة في تلك الفترة التي جعلت صورة الدكتاتور اشبه بشبح يطارد المواطن في كل مكان وهذا الامر دفع بالسلطة الى ان تضع صورا للدكتاتور وفي كل الاماكن المتاحة وفي دوائر الدولة كافة من اجل ارعاب الناس وبالتالي تطبيق القوانين حتى لوكانت غير عادلة ، حتى السرقة في تلك الفترة كانت امرا غير مسموح به باستثناء الطبقة الحاكمة العليا في البلاد . هذا التطبيق الصارم للقوانين كانت تشرف عليه العديد من المؤسسات الخاضعة لرقابة النظام وحتى الموت كان غير مسموح به الا بموافقة من الاله الحاكم ، لايسمح بالقتل لكن اذا استيقضت الرغبة المريضة للقائد فهناك من ينفذ بدقة وصرامة شديدين ، كل هذه القسوة المفرطة احدثت استياءا شديدا لدى المواطنين ورغبة في الخلاص من هذه الحقبة التي كانت الاكثر مرارة في تاريخ العراق . ويبدو ان التغيير الذي حدث بعد عام الفين وثلاثة اخذ منحى اخر ابتعد عن الصرامة مقتربا من الانفلات حد اللعنة وتبديد ثروات البلاد خلال السنوات الماضية ، المشهد ارتسمت عليه ملامح الفوضى والصورة متداخلة متشابكة على الرغم من وجود محاولات جادة من اجل اعادة صياغة النظام السياسي والحياة باكملها بشكل مغاير عن مرحلة القسوة المطبقة لذا تشكل البرلمان وتقسمت السلطة الى خمسة مستويات رئاسة الوزراء العاصمة مجالس المحافظات الاقاليم المجالس المحلية وهي خطوة جيدة وعملية وعلى الطريق الصحيح من اجل معالجة مشكلات الماضي والاهمال الذي اصاب الحياة بمختلف جوانبها ، لكن فرسان عصر التغيير لم يكونوا حقيقيين بل كانو لصوصا ارتدوا ازياء الفروسية ويبدو ان هذا المشهد برمته لم يكن حقيقيا حتى الدين والمراقب لتحولات المساجد في هذه الفترة يرى بوضوح ان دور العبادة لم تعمل من اجل توطيد علاقة الانسان الروحية بالخالق عز وجل بل كانت ميادين لمراحل مختلفة من الصراع ابتدأت من التغيير وعمليات السرقة الاولى لمؤسسات الدولة وماعرف اصطلاحا ب(الحواسم) حيث اصبحت المكان الامين لحفظ ممتلكات الدولة من السرقة وفعلا تم اعادة الكثير من هذه الممتلكات الى المؤسسات واختف الكثير منها بعد ذلك اما التحول الثان كان في فترة الاحتراب الطائفي في البلاد حيث اصبحت المساجد ثكنات للجماعات المسلحة والارهابيين والخارجين عن القانون والشواذ واصبحت ايضا مشاجب للعتاد وذخيرة مؤمنة جيدا ومراكز للتهجير لبحث اليات تهجير المواطنين من هذه المنطقة او تلك ومع اقتراب موعد الانتخابات نرى تحولا اخر اذ يعلن بعض المرشحين عن نفسه داخل هذه المساجد المقدسة وبعضهم يدعو في خطبه الى التصويت لقائمة انتخابية معينة من دون مخالفة القوانين مبتعدة عن جوهر وجود بيوت الله المرتكز على العبادة ، وهنا نلمس افراطا في تسامح الناس مع المنتفعين من هذه التحولات ونلمس تسامحا مفرطا من قبل الحكومة و الاجهزة التنفيذية والتشريعية والقانونية مع القتلة واللصوص والمجرمين والمخالفين حتى ان رئيس الحكومة يتستر على وزراء وهم لصوص فاسدين وبرلمان يحوي بعض الاصحاء والقتلة والنائمين انها ليست الدولة ولو كانت كذلك لتحققت فيها السمة العقلانية للحرية واصبحت جهازا كبيرا تجسدت فيه الحريات القانونية والاخلاقية والسياسية ، وتجدر الاشارة هنا الى ان هذا الافراط في التسامح كفيل بتحطيم الدولة وتحطيم مؤسساتها ومرتكزاتها في عصر تتراجع فيه الثقافة بشكل كبير.
#أزمر_أحمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
|