|
المرأة والانتخابات
إيمان محسن جاسم
الحوار المتمدن-العدد: 2925 - 2010 / 2 / 23 - 23:03
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
يعد وضع المرأة ومكانتها في أي مجتمع من المؤشرات المهمة التي تدلل على مستوى تطور هذا المجتمع، فالمجتمعات المتحضرة والمتقدمة هي التي تفسح المجال أمام المرأة لأخذ دورها الكامل في بناء المجتمع، ولا يمكن لأي مجتمع أن يدعي أنه متقدم أو يسير على طريق التطور عندما يكون نصفه مهمشاً ومعطلاً، بغض النظر عن أسباب وعوامل هذا التطور، وتعتبر مشاركة المرأة في مختلف جوانب الحياة، الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية والفكرية، حيوية لنمو المجتمع وحدوث التوازن فيه اذا ما أريد لهذا المجتمع أن يواكب متطلبات الحياة العصرية، واستحقاقات التطور البشري في القرن الحادي والعشرين. وفي هذا السياق، يحتل موضوع مشاركة المرأة في الانتخابات أهمية خاصة، في ظل النظام العالمي الجديد وتزايد الدعوات للإصلاح والديمقراطية، وبالذات في بلدان العالم الثالث، فالانتخابات هنا ليست هدفاً بحد ذاته، بل هي وسيلة لتمكين المرأة من تبوؤ مكانتها في مؤسسات صنع القرار على اعتبار أنها تشكل نصف المجتمع، وهي حق أساسي من حقوق الإنسان يجب أن تتمتع المرأة به، كماان الانتخابات الوسيلة لتحقيق الديمقراطية في أي مجتمع، بما يضمناطلاق طاقات أبنائه رجالاً ونساءً وتحقيق التنمية والمساواة العدالة. وتمنح القوانين المنظمة للفعل السياسي على المستوى الدولي والمتمثلة بمجموعة من الاتفاقيات الدولية المرأة حقوقاً واضحة، فالاتفاقية الخاصة بالحقوق السياسية للمرأة لسنة 1952 تنص في مادتها الثانية على أن للنساء الأهلية في أن ينتخبن الهيئات المنتخبة بالاقتراع العام، والمنشأة بمقتضى التشريع الوطني بشروط تساوي بينهن وبين الرجال دون تمييز، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية يقول في المادة"25 "، لكل مواطن الحق في المشاركة في تسيير الحياة العامة مباشرة أو عن طريق ممثلين مختارين. أما اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة لعام 1979 تنص في مادتها رقم" 7" على حق المرأة في التصويت في جميع الانتخابات والاستفتاءات العامة، والأهلية للانتخاب لجميع الهيئات التي تنتخب أعضاءها بالاقتراع العام والمشاركة في صياغة سياسة الحكومة وفي تنفيذ هذه السياسة وفي شغل الوظائف العامة. ومما لا شك فيه أن مدى مشاركة المرأة في العملية الانتخابية تصويتاً وترشيحاً مرتبط بمستوى تطور المجتمع في بنيته الاقتصادية والاجتماعية وبنيانه القومي السياسي والثقافي والأخلاقي، غيران حصول المرأة على حقها بالتساوي الكامل مع الرجل وممارستها هذا الحق في التصويت والترشيح، حتى لو كان عدد النساء المشاركات في الاقتراع يساوي أو يقترب من عدد الرجال، لا يعني بالضرورة تحصيل النساء تمثيلاً في الهيئات المنتخبة يوازي نسبتهن في المجتمع، أو يدنو منها، وهذا ينطبق على جميع البلدان والمجتمعات المتطورة منها والمتخلفة، بمعنى أن المساواة القانونية قد لا تحل كلاشكاليات المرأة، أو تلغي التمييز ضدها. وتشيراحصائية، نشرها مركز "أمان" في الفترة الأخيرةالى أن بلداً فقط بين أكثر من 180 بلداً تترأسها نساء، ولا يوجد في منصب نائب الرئيس سوى أربع نساء، وهناك ثلاث نساء في منصب الحاكم العام، وخمس في موقع زعيم المعارضة. أما تمثيل المرأة في البرلمانات فلا يتعدى نسبة 13% من أعضاء البرلمانات القومية في العالم، ففي البرلمانات العربية حصلت النساء على ما نسبته 4.6% من المقاعد ( باستثناء العراق فنسبتهن 25% ))، بينما حصلت في البرلمانات الإفريقية على 12% وفي أوروبا والاميركيتين 16% وعلى المثال في اليابان فقط 4.6% من أعضاء البرلمان هم من النساء، في حين أن نسبة النساء في البرلمان الفرنسي (الجمعية الوطنية) 10.9% وفي الولايات المتحدة 13.3% فقط، وتشكل النساء ما نسبته 7% فقط من وزراء العالم أجمع، والسويد هي البلد الأول الذي أصبح في العام 1995 يملك نفس العدد من النساء والرجال في مناصب وزارية، ولا تزال هناك دول لا تملك فيها النساء حق الاقتراع من بينها دول عربية خليجية. كما أن بعض البلدان لم تصادق على معاهدة ازالة جميع أشكال التمييز ضد المرأة المعروفة باسم "سيداو" ومنها الولايات المتحدة الأميركية، وهي الدول الصناعية الوحيدة التي لم تصادق على المعاهدة. في المقابل، لا يعكس تدني مستوى تمثيل المرأة في البرلمانات والمناصب الرفيعة في البلدان المعنية بالضرورة تمييزاً ضد المرأة، أو يمثل انعكاساً لوصفها على الصعيد الاجتماعي، لأن من بين أسباب ضعف نسبة النساء في هذه المواقع عزوف أعداد كبيرة من النساء عن الانغماس في العمل الحزبي والسياسي، الذي يعتبر المدخل في غالبية الحالات للتمثيل في الهيئات القيادية على مستوى الدولة، غني عن القول ان حصول المرأة على كافة حقوقها الاجتماعية والسياسية يستلزم تضافر مجموعة من العوامل من قبيل تطور الوضع الاقتصادي والوصول الى مستوى متقدم معين من التنمية في مختلف الميادين، وحدوث تغيير في البنى والهياكل الاجتماعية والاقتصادية، وتغيير في الثقافات والمفاهيم الاجتماعية التي تحكم نظرة المجتمع للمرأة، وهذه عملية طويلة ومعقدة تبدأ بالتنشئة الاجتماعية وتحتاج الى نضال مواظب وشاق.
#إيمان_محسن_جاسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
اقتصاد المعرفة
المزيد.....
-
المرأة السعودية في سوق العمل.. تطور كبير ولكن
-
#لا_عذر: كيف يبدو وضع المرأة العربية في اليوم العالمي للقضاء
...
-
المؤتمر الختامي لمكاتب مساندة المرأة الجديدة “فرص وتحديات تف
...
-
جز رؤوس واغتصاب وتعذيب.. خبير أممي يتهم سلطات ميانمار باقترا
...
-
في ظل حادثة مروعة.. مئات الجمعيات بفرنسا تدعو للتظاهر ضد تعن
...
-
الوكالة الوطنية بالجزائر توضح شروط منحة المرأة الماكثة في ال
...
-
فرحة عارمة.. هل سيتم زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت الى
...
-
مركز حقوقي: نسبة العنف الأسري على الفتيات 73 % والذكور 27 %
...
-
نيويورك تلغي تجريم الخيانة الزوجية
-
روسيا.. غرامات بالملايين على الدعاية لأيديولوجيات من شأنها ت
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|