|
أحلام دونكشوت مغربي
عذري مازغ
الحوار المتمدن-العدد: 2925 - 2010 / 2 / 23 - 20:09
المحور:
الادب والفن
في صيف 2006 بلغ محب سن الرشد، حيث شعر بأنه عالة على أسرته الكبيرة العدد، أربعة بنات وأربع ذكور إضافة إلى الأب والأم، وكان لا أحد في البيت يتوفر على شغل، والده الذي تجاوز الخمسين كان يعيش من مزرعة بورية مقفرة لا تصلح إلا لزراعة البوت القصير لإنتاج البوت الطويل حسب تعبيره محب (البوت هو الحداء المطاطي) بدل القمح، وكان نصف المنتوج المشح من القمح الذي ينتجه يسوقه لتغطية ديون القرض الفلاحي بدل حاجات أولاده، وإذا عجفت السنين، عاشت الأسرة على بروك الصبر والضيق الأبدي، أما إذا فرجت من الله على الأرض بقطرات وموسم ممطر فلأيام معدودة يتقاسم فيها محصوله مع صندوق القرض الفلاحي، وكان فصل الربيع تمضيه زوجه بالبحث عن عشبة البقول في روث البهائم، التي ينشرها الأغنياه في مزارعهم لتخصيب الأرض، وكانت تجني هذه الأعشاب لتهيئ تلك الوجبة الرائعة التي يقبل عليها الفقراء في نهم في مثل هذه المواسم حيث تجعل أجسادهم قائمة إلى مأتم آخر. كانت لمحب أخت جميلة انتحرت بعد أن تجاوزت ربيعها السادس عشر، كانت قد قالت لرفيقتها المراهقة بأنها لن تقبل العيش على هذا الحضيض من فقرها المذقع، ولن تقبل أي كان من هؤلاء الرجال الذين انهكتهم سنوات الفقر ليعانقها تحت سقف البؤس الأبدي، وهي كانت، وعلى قدر اميتها، كانت تعي، أن جمال العيون، والهيأة الفاتنة ليسا إلا لعبة قذرة تجلب لها نحس الجبناء من الأغنياء المولعين بنضج الفاكهة، وأن الخطيب الحقيقي الذي سترمي به الأقدار إليها، ليس في أحسن الأحوال سوى عاشقا من البؤس، فهي منذ كانت تحبو، تعرف عشاق أخواتها اللاتي لم ينعمن في حياتهن سوى بأزواج مؤقتين ممن لهثوا إلى خاصرة عذريتهن، ممن عشقوا نضج فتونتهن، زواج متعة حقنته شهوة الصيف فضاعت في لفحة البرد في الخريف تحت لطمة الحال، كانت تسأل صديقتها : من من الرجال سيقدر فينا هذا القدر الكاسح من الفقر؟ في أحد الآحاد، حيث ينتعش موسم الزواج، هيأت مشنقتها، وسلمت نفسها للخلود. فوجع محب في شقيقته الصغيرة، فخر هاربا من لعنة القدر، ليعيش ضياعه متقلبا في الأسفار، قيل له بأن فرص الشغل متوفرة في الشمال المنهك بالزلازل حيث تتوزع فيه أوراش البناء وحيث أيضا تتوزع فيه مزارع الحشيش بأثمان مقبولة، فاختار هو الذهاب إلى مدينة الناظور، مودعا طبقات البؤس المخيم في مدينته التي تنبت المطاط ليلتحق بشمال العهد الجديد، شمال الأوراش التنموية. امتهن بداية حرفة البناء متعلما، وكانت جميع الأشغال الشاقة فيها من نصيبه، حيث أن جسده اليافع لم يتكيف بعد مع مثل هذه الأشغال، إلا أنه كان صبورا للغاية حيث أمضى شهرين متتابعين دون توقف، واستمتع للمرة الأولى من الأجر الذي لقيه لأول مرة من عرق جبينه، كما أسره الأمر كثيرا حيث تملكه الإحساس بأنه قادر أن يوفر عيشه لنفسه دون الإعتماد على أسرته، وبدأ يبني ثقته في نفسه، كما بدأ يبني علاقاته الإجتماعية مع أصدقائه الجدد في الورشة حيث تعرف على جملة منهم، حيث استأنس كثيرا إلى عمر الذي هو في مستوى سنه ويتجول معه مساء كلما انتهيا من عملهما المضني، بدأت علاقتهما تتطور بشكل بدأ فيه الإثنان يتبادلان أسرارهما، وذات يوم أخبره عمر أنه ينوي الهجرة إلى إسبانيا، وأنه لا يريد أن يخبر أحدا بما فيهم أسرته لأنه يريد أن يفاجئها بفرحة العبور، قال له بأنه يعرف زاوية من زوايا المرسى ببني نصر يستطيع النفاد منها دون أن يفطن به رجال الأمن كما أخبره بخطته في العبور وعلى أن يريه التفاصيل يوم الأحد عندما يكونان في عطلة حيث اقترح عليه زيارة المرسى ليخمن بنفسه نسبة نجاحه، و بالفعل تم له ذلك حيث قاما بجولة تفقدية وتعرف محب عن خطة صديقه كما تمنى له حظا سعيدا. بدأ محب يتعرف على معالم المدينة شيئا فشيئا كما بدأت تقتحمه أحلام الهجرة كما صديقه عمر، فهم جيدا ظاهرة غياب زملائه في الورشة دون مطالبتهم بأجرتهم المتبقية، وبقي على هذه الحال إلى أن فوجئ ذات يوم بغياب صديقه عمر، حيث طال أمد الغياب شهرين دون أن يعرف له أثر إلى أن جاءته مكالمة هاتفية من إسبانيا، وكانت من صديقه الذي أخبره بأن العملية كانت ناجحة، كما كانت سهلة، ولا ينقصها سوى العزم الأكيد كما شجعه على المحاولة قائلا له بأنه لن يخصر شيئا حتى لو فشلت لأنهم سيأخذونه إلى المخفر يومين وسيطلقون صراحه بعد إجرائاتهم البليدة وينتهي كل شيء، أخبره بأن المسألة بسيطة تتطلب تسلق جدار المرسى من الزاوية المعلومة والنفاذ إلى العمق والتخفي بإحدى الشاحنات التي تنتظر هناك دورها في الدخول إلى الباخرة...، أخبره أيضا أنه مازال في بدايات مغامرته وأنه لم يحصل على الشغل بعد. في أحد أيام غشت، تمكن مهب من اختراق جدار المرسى والإختباء تحت إحدى الشاحنات الكبيرة ولبث في مخبئه غير المريح إلى أن وجد نفسه أخيرا داخل الباخرة، وبعد مرور ست ساعات من العبور شعر بعياء قاتل جعله يفكر بأنه في حالة تحرك الشاحنة لتأخذ طريقها لن يستطيع المقاومة، وعليه لابد من استغلال وجوده في مخزن الشاحنات من البحث عن مكان مريح، خرج من موضعه لتلوح له شاحنة للنقل العمومي ليلج إليها ويختبئ بها بأحد صناديق الأمتعة،إلا أنه لم يفطن إلى وجود كامرات موزعة على طول المخبأ مما حرى برجال الأمن بالتربص به في مخبئه حيث أخرجوه ككلب صغير ليعيدوه إلى الناضور بعد أن عانق هواء مدين الميرية. يتبع
#عذري_مازغ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب2
-
طالوت وجالوت كمدخل خلفي لإيديولوجيا الإرهاب
-
حكايا من المهجر 2
-
تطوان أو تيطيوين(العيون)
-
حكايا من المهجر
-
هكذا تكلمت بقرة
-
مدخل لنقض مفهوم -الإنتقال الديموقراطي-
-
في الذكرى الثامنة لميلاد الحوار المتمدن
-
الرقص على إيقاع سمفونية برنشتاين
-
عندما يتحول الخبز إلى غرام
-
اعترافات مومس (2)
-
اعترافات مومس
-
عندما يطفو علينا نهيق العلماء
-
دردشة على رصيف الأزمة
-
حقيقة الوجود بين ماركس ونيتشة
-
نسقية المجتمعات الكلبية
-
لوكنت الشجر لاشتعل الجحيم
-
حول علمية الماركسية ﴿3)
-
حول علمية الماركسية (2)
-
في علمية الفكر الماركسي (1)
المزيد.....
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
-
معروف الدواليبي.. الشيخ الأحمر الذي لا يحب العسكر ولا يحبه ا
...
-
نائب أوكراني يكشف مسرحية زيلينسكي الفاشلة أمام البرلمان بعد
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|