|
ليـس بالخـبـز وحـده . . . ولـكــــــــــن
مازن درويش
الحوار المتمدن-العدد: 890 - 2004 / 7 / 10 - 04:41
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
" لندع رغيف الخبز يذهب إلى من يستحقه "1 لم يكتف السيد غرينسبان بكونه رئيس مجلس الاحتياطي الفدرالي في الولايات المتحدة الذي يتحكم بمحرك أساسي من محركات الاقتصاد الأمريكي و الذي تنعكس قراراته على اقتصاديات الدول في العالم اجمع حتى أن الأسواق و البورصات العالمية تحبس أنفاسها قبل كل تقرير أو قرار يصدر عنه و كما يقال " اذا عطس بنك أمريكا أصيب العالم الثالث بالزكام" السيد غرينسبان اكتشف مؤخرا انه يمتلك قدرا فائضا من الوقت و قرر ان ينفقه في توزيع رغيف الخبز على من "يستحقه " سيد غرينسبان صباح الخير .. هل شربت قهوتك هذا الصباح . . . ؟ هناك مئات الملايين من البشر على هذه الأرض ممن لا يشبعون رغيف الخبز بسبب اعتقادك و حكوماتك و شركاتكم العابرة للقارات بأنهم لا يستحقونه لأنهم لا يتعدون كونهم فائض بشري لا حاجة لكم به طالما انهم لا يستطيعون زيادة حجم ثرواتكم ولا يشكلون قوة استهلاكية لمنتجاتكم و على الرغم من أن هذه الحالة المزرية التي و صلوا إليها ما هي الا نتيجة لسياساتكم الاقتصادية و المالية التي ارهقت المليارات من سكان هذه الارض دافعة بهم الى جهنم البؤس والإقصاء والتهميش، إن الإحصاءات تبين أن جيش العاطلين عن العمل و المحرومين من إمكانية العيش والارتزاق بسبب قسوة التقسيم الدولي للعمل الذي يدفع دول العالم الثالث الى اقتصاد تصديري للمواد الاولية تتحكمون بأسعارها لزيادة أرباح رؤوس الأموال فقط. هذا الاجحاف لا ينفك يتضخم على مستوى العالم و سيكون من الصعب عليك، على ما أظن وان كنت لا تخجل، أن تقول للناس ان سبب لفظهم من سوق العمل هوأن مهارتهم باتت لا لزوم لها –او بوقاحة اكبر- لأنهم كسالى أو منخفضي الكفاءة، والحقيقة المعروفة هي ان مهندسي " النظام العالمي الجديد " قد اختاروا نموذجا للعولمة من شأنه أن يلبي احتياجات جزء صغير من البشرية و يرعى حقوقه و هو الجزء الذي يسمونه " المليار الذهبي " 2 اما الباقون فهم بشر من الصنف الثاني و حسب تقدير الكاتب الأمريكي جيري رينكن " فان الثمانين في المائة الذين سيبقون بلا عمل سيجابهون مشكلات هائلة "3 سيد غرينسبان هؤلاء البشر من الصنف الثاني و نحن منهم نعتقد أننا نمتلك الحق في رغيف الخبز و على الرغم من معرفتنا تماما أنكم قادرون في ظل هذه الهيمنة الاقتصادية و العسكرية أن تمنعوه عنا فإننا نعتقد أيضا بحقنا في الرعاية الصحية و التعليم و السكن الإنساني و المياه النظيفة و البيئة السليمة . . . سيد غرينسبان هل سمعت يوما "بالعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية "4 – والذي وقعت عليه حكومتك ولم تصادق عليه بعد- حيث تنص المادة الحادية عشر منه على : 1- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل شخص في مستوى معيشي كاف له و لأسرته يوفر ما يفي بحاجاتهم من الغذاء و الكساء و المأوى و بحقه في تحسين متواصل لظروفه المعيشية و تتعهد الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة لإنفاذ هذا الحق معترفة في هذا الصدد بالأهمية الأساسية للتعاون الدولي القائم على الارتضاء الحر 2- و اعترافا بما لكل إنسان من حق أساسي في التحرر من الجوع تقوم الدول الأطراف في هذا العهد بمجهودها الفردي و عن طريق التعاون الدولي باتخاذ التدابير المشتملة على برامج محددة ملموسة و اللازمة لما يلي : أ - تحسين طرق إنتاج و حفظ و توزيع المواد الغذائية عن طريق الاستفادة الكلية من المعارف التقنية و نشر المعرفة بمبادئ التغذية و استحداث أو إصلاح نظم توزيع الأراضي الزراعية بطريقة تكفل افضل إنماء للموارد الطبيعية و الانتفاع بها ب - تأمين و توزيع الموارد الغذائية العالمية توزيعا عادلا في ضوء الاحتياجات يضع في اعتباره المشاكل التي تواجهها البلدان المستوردة للأغذية و المصدرة لها على السواء هل هذا هو التطبيق العملي لهذه العهود و هل هذا هو فهم " النظام العالمي الجديد " لهذه الحقوق وهل السياسات الاقتصادية و المالية التي خرجت علينا بها العولمة الليبرالية تؤدي إلى التحرر من الجوع ؟ ؟ ؟ اليست سياسات السوق - سياسات الليبرالية الجديدة- انتهاك يومي وعلى الصعيد العالمي لحقوق الانسان ومنها الحق في الحياة، والحياة الكريمة. صحيح انه ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان ولكنه يحتاجه على الأقل كي لا يموت. - رزقت بطفلة منذ عام و نيف سيد غرينسبان هل تستحق الخبز ؟ أم تراها لا تستحق الحياة أيضا، وفق معاييركم ؟ ؟ !!أي عالم نعيشه وينتظر اطفالنا؟ عالم القهر والحرب والظلم واللامساواة لرأسمالية منفلتة من أي ضابط لها وعلى حساب الانسان وكرامته وحريته.
" هل ننتظر حتى نمتلك وعيا كاملا و ناجزا حول العولمة لكي نناهض الآلام و المآسي التي تسببها كما يطالب البعض ؟ ليتك كنت باردا أو حارا هكذا لأنك فاتر و لست باردا أو حارا فأنا مزمع أن أتقيأك من فمي" 5
1- المحرر العربي العدد (374) 6-12 كانون الأول ص 17 2- غينادي زوغانوف " العولمة و العلاقات الدولية " 3- جيري رينكن " نهاية العمالة " 4- اعتمد بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2200 الف (د – 21) 5- د. غياث نعيسة " العولمة أزمة الديون و حقوق الإنسان"
#مازن_درويش (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لن ندفع حياتنا ثمنا لأرباحكم لن يحكمنا البنك الدولي عالم آخر
...
المزيد.....
-
من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد
...
-
نجل شاه إيران الراحل لـCNN: ترامب و-الضغط الأقصى- فرصة لإنشا
...
-
-لقد قتلت اثنين من أطفالي، فهل ستقتل الثالث أيضا؟-: فضيحة وف
...
-
كيم: المفاوضات السابقة مع واشنطن لم تؤكد سوى سياستها العدائي
...
-
الوكالة الدولية للطاقة الذرية تعتمد قرارا ينتقد إيران لتقليص
...
-
ZTE تعلن عن أفضل هواتفها الذكية
-
مشاهد لاستسلام جماعي للقوات الأوكرانية في مقاطعة كورسك
-
إيران متهمة بنشاط نووي سري
-
ماذا عن الإعلان الصاخب -ترامب سيزوّد أوكرانيا بأسلحة نووية-؟
...
-
هل ترامب مستعد لهز سوق النفط العالمية؟
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|