|
من يدير دفة الحكم بعد الانتخابات البرلمانية في العراق؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 22 - 20:19
المحور:
ملف: الانتخابات والدولة المدنية والديمقراطية في العراق
منذ سقوط الدكتاتورية و نحن نرى الوانا متشابهة ،و نسير على طريق واحد و ننظر الى الافق من بعيد و ننتظر مستقبلا عسى و لعلنا نلقى طرقا اخرى و نتبعها و نصل الى ما نريد ، و المكونات الرئيسية للشعب العراقي تتمحلق في الوجوه التي طفت الى السطح و تتمنى ما تنتجه ايديهم، و حدثت انقسامات و استقطابات و ابتعدت التركيبات عن بعضها استنادا على ما أُثير من ما يخفيه التاريخ وما يتسم من الصفات و الاخلاقية التي تميزه، و كل ما نعتقد اننا نتوصل اليه كان بعيد المنال في الواقع و نسجت خيالنا العديد من الامنيات المتحققة و ضمنت مستقبل اجيالنا في التنظير و التمنيات. و هذا يعني اننا نعيش سبع سنوات بشكل و طعم و لون و رائحة واحدة في الواقع و مصيرنا بايدي جهات محددة مستحوذة على الوضع بكل قدرتها، و نحن مضطرون في اكثر الاحيان الى اتباع نفس الطريق و مشاهدة او التركيز على الافق نفسه و انتظار المستقبل على انه مغير الاحوال و كأنه قدرنا الذي فرض علينا الانتظار و ليس بيدنا حيلة او امكانية في الاصلاح و التغيير. كيفية انبثاق الحكومة ا و سيطرة الجهات على زمام الامور معلومة للجميع، و الكل على دراية كاملة بان القدرة و الكفاءة و الاخلاص و الخبرة و الامكانية لم تكن يوما مقياسا و همٌا لاختيار اي كان لشغل اي موقع،بل المواصفات الاخرى من تزكية الحزب و المحسوبية و المنسوبية و المحاباة و التملق و الحيل الشرعية من الاولويات التي فرضت من وصول كل من هب و دب الى المكان الذي نوى، و استندت عليه كافة الجهات المستحوذة على السلطة دون استثناء، و بهذه الطريقة و الاسلوب تمكنت لشخصيات و القوى من استغلال المناصب في ادارة الصراعات المتعددة المختلفة بعيدا عن المهامات الموكلة الى من يشغلها و لاسبابها المعلومة للقاصي و الداني، اي المواقع الحكومية التي ادارت الصراع الحزبي و ليس خدمة الشعب فكانت في طليعة المواضيع التي تنافست عليها الاحزاب و الكتل. و ربما يمكننا ان نعذر ما الت اليه الاوضاع في كثير من جوانبها، اواذا اعدنا الى الاذهان الدكتاتورية و سلوكها و صفاتها و تعاملها مع الشعب العراقي و تاثيراتها و ترسباتها و مخلفاتها المتبقية لحد اليوم، و لكن ما جاء بعد السقوط و الفوضى التي استنزفت كل طاقات المخلصين بين المكونات كافة لم تدع ان تسير الامور على ما يرام ، والسلب و النهب و التهريب و سيطرة بعض العادات و التقاليد البالية و الخلافات العديدة بين المكونات لم تدع ايضا حتى فرصة للتفكير الصحيح ولو للحظات من اجل تقييم الواقع و ما فيه من قبل الخيرين، من اجل تشخيص الامراض المنتشرة القديمة و الحديثة و ايجاد العلاج اللازم باليات والوسائل المتوفرة، و التي من الواجب اتباعها لاجتناب المضاعفات الجانبية و استغلال الوقت و ما بقيت من الايجابيات لتصحيح المسار و ما يتطلبه الخروج من المحنة و المشاكل العويصة و الازمات المتكررة التي نمر بها لحد اليوم . اليوم و نحن على ابواب الانتخابات النيابية و ما يشهده العراق بعد هذه المحطة الهامة من التغيير النسبي، يدعنا ان نعتقد ان الاحوال ستتغير من جوانب عديدة بنسب معينة، و منها تخفيف نسبة التطرف و التشدد ، و تدني مستوى الاستحواذ احادي الجانب و الانفراد على السلطة و الاستمرار في السير على طريق مرسوم باجندات متعددة، بل المعادلات و الخارطة لسياسية في اتجاه التغيير الملحوظ و سنقترب شيئاما من الافق و يمكن اتباع التوجه المختلف في العملية السياسية ولو بشكل نسبي. النواب الذي ننتظر فوزهم سيكونوا من القوائم التي تملا الشوارع صورهم هذه الايام، و طبيعة و تركيب و برامج و توجهات هذه القوائم واضحة للمواطن بشكل نظري بعيدا عن التفكير في مقارنة ما يُدعى و ما نراه بعد حين على ارض الواقع ، اي ستهتز الايدي التي تحمل قارورة السلطة الحساسة و ربما تتدخل في حملها العديدون و تتعرض لمواقف محرجة و ترتج بعض منها ، اي اننا يمكن ان نرى وجوه متعددة و لكن من يكون المسيطر على زمام الامور سيبقى الى المرحلة القادمة و بتغيير نسبي هنا و هناك ، اي التغيير الجذري لن يحصل في عقلية ادارة الحكم و ستبقى ثابتة نسبيا في المرحلة القادمة حسب اعتقادي و قرائاتي، و لم يبق الا الاعتماد على الحركة الشعبية و الراي العام و الضغوطات السلمية المدنية المتنوعة في دفع العملية السياسية نحو الحراك المطلوب و ما يفرضه الواقع الذي من الواجب العمل على تغييره قبل الجهات و التكتلات و الاحزاب المسيطرة التي تلعب وفق مصالحها. ان الكتل الكبرى التي تحوي في ثنايا قوائمهاعلى مختلف التوجهات و التكتلات و التجمعات و الافكار، و التي لا يمكن ان نشابهها بما كانت قبل الانتخابات السابقة ، و نلمس تغييرا في نبرة خطاباتها و الميل نحو اشراك بعض من يمكنهم الخدمة الحقيقية للشعب قبل الحزب و التكتل سوى كانوا مضطرين او من جراء ما فرضته عليهم المستجدات على الساحة، هم ما نستبشر بهم ولو قليلا لضمان نسبة معينة من الاصلاح و التغيير المستقبلي . اننا نعتقد ان الكتل الكبيرة سوف تفرط بعض من عقدها و تتفكك بعد الانتخابات و حتى قبل تشكيل الحكومة المقبلة ، و هذا ما يصعب رصد الكتل و التجمعات المتوافقة مع بعضها مستقبلا. الاستقطابات ستكون على اسس اخرى غير ما هي عليه الان، و هي مشكلة من اجل الدخول في الانتخابات ، و من المحتمل ان يكون الفكر و الايديولوجيا و الفلسفة و المنهج الذي يسير عليه المشتركون من القواسم المشتركة في تقارب المكونات و الاتفاقات و التوافقات التي يمكن ان نمر بها ، و هي ستمر بمخاض عسير و تكون هشة ايضا و قابلة للانهيار في كل لحظة . لذا المرحلة المتنقلة تكون المرحلة البرلمانية القادمة، و لا يمكن التعويل على الدورة المقبلة من البرلمان في انبثاق حكومة قوية ساندة من الشعب، بل تكون حكومة الكتل ايضا باختلاف نسبي عما موجودة فيه الان . اي الاستحواذ على السلطة سيبقى على حاله و ان تغيرت الوجوه و التوجهات و النظرات الى العراق و نظامه الجديد. و ان التجات الكتل في هذه الانتخابات الى من يمكن ان يجمع اكثر نسبة من الاصوات حسب الطبيعة و السمات و العلاقات الاجتماعية المسيطرة اكثر من الكفاءة و التجربة و القدرة و الاخلاص ،بل الاهم هو الاقرب و الموالي و الاكثر ايمانا بما تعتقد الكتلة او الحزب، و هذا الذي يصعب تحليل الوضع المستقبلي اكثر و الظروف التي تكون فيها الحكومة و السلطة، و ما نتاكد منه هو السير ببطأ و التغيير نسبي و الاستحواذ سيبقى من قبل المجموعات او كتل، و البارز في الامر على ما نعتقد، هو انبثاق المعارضة الجدية الحقيقية المطلوبة في الحياة الديموقراطية، و يبقى التوافق الجزئي و ليس الكامل هو حال الوضع و سيكون هو سيد الموقف، و يكون بين كتل معينة و ليس جميع المكونات. اذن الانتخابات البرلمانية عملية فاصلة لتحديد من يبقى على حاله ، و الصندوق هو الذي يصفي الحسابات المعقدة لبقاء القوة المستحوذة و الحاكمة ، و يهمش الاخر الى ضفاف نهر الحكم الجاري الجارف و المغربل للقوى الاصيلة عن الهامشية ، و ستاخذ كل قوة مكانتها الحقيقية و ثقلها على الارض.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ستكون الحكومة المقبلة كفوءة ام ستولد من رحم المحاصصة ايضا
...
-
كيف تكون الاوضاع الامنية بعد الانتخابات النيابية المقبلة في
...
-
يشمل التغيير كافة جوانب الحياة اينما كان
-
الانتخابات تحدد توجه العراق نحو المركزية او الفدرالية
-
ارتباك واضح في تحضيرات العملية الانتخابية في العراق
-
لم تترسخ المهنية في عقليتنا و عملنا بعد
-
الوضع النفسي العام للفرد العراقي و تداعياته في المرحلة الراه
...
-
نجاح العملية الديموقراطية مسؤولية الجميع في العراق
-
موقف المثقف من الاحداث و مدى تفاعله مع الواقع و ما فيه
-
دور الاخلاق في تجسيد السلوك السياسي
-
لا لعودة البعث مهما فرضت المصالح و السياسة العالمية
-
سبل الحد من التاثير السلبي على العملية السياسية باسم الاختلا
...
-
ديموقراطية العراق الجديد يضمنها تهميش اللاديموقراطيين
-
يتجسد الواقع الاجتماعي الجديد ما بين تغييرات الثقافة و السيا
...
-
الجوانب الايجابية و السلبية لقرارات هيئة المسائلة و العدالة
-
لماذا التوسل من ما سموها بقوى ( الاحتلال ) حتى الامس القريب
...
-
ازدواجية تعامل الجامعة العربية مع القضايا العامة
-
هل الخلافات بين القوى العراقية مبدئية ام مصلحية؟
-
كافة المؤسسات بحاجة دائمة الى الاصلاح و التغيير
-
هل من المعقول ان نحتفل بعيد الجيش في هذا اليوم
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
|