|
درج الذكريات
شريف السقا
الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 18:45
المحور:
الادب والفن
للكل حياة سرية يحفظها في درج ذاكرته ...ليست بالضرورة سيئة ....ليست بالضرورة جيدة ...انها تجارب ...تحفر و تنحت شخصيته ...لكنها تظل بداخله جزء منه أو ربما يكون هو جزء منها .... ----------------------------------------------------------------------------------- إستيقظ كعادته كل صباح ...سلم نفسه لزخات المياه الساخنة مستمتعاً ....إرتدى ملابسه ثم شرب قهوته الصباحية ...ليس من عادته الإفطار أو حلاقة ذقنه في الصباح ...روتين يومي ...طقوسه الصباحية لا يغيرها ....بعد دقائق كان في سيارته...في جو الإسكندرية الشتائي العاصف...يوم ماطر جميل ...لا يعرف لماذا يحب هذا الجو ....خرج من الحي الراقي الذي يسكنه إلى طريق الكورنيش ....السيارات تسير على مهل بسبب المطر المنهمر ...مطر يغسل النفوس ...و الروح ...قبل إن يلامس الأرض ...ادار مذياع السيارة ...قفز صوت المذيع ليصطدم بإذنه ...إنفجار في بيروت ...قتلى في غزة ...أغلقه بضيق...دفع بعنف شريط إلى المسجل ...انسابت موسيقى الجاز إلى روحه ....كان يبدأ يوماً جديداً .... سرعان ماوصل إلى مكتبه ...يشغل منصباً مهماً برغم صغر سنه .... بادرته سكرتيرة الإستقبال بإبتسامة ذات مغزى يعرفها ...كان يعرف إن غموضه يثير شهية النساء ...ربما عيونه السوداء اللامعة الممزوجة بالذكاء و الحزن ...ربما رائحة عطره الفرنسي لا يعرف ...في النهاية لقد إكتسب لقب زير نساء ...و من يكتسب هذا اللقب يثير شهيتهم أكثر ....
إنهمك في العمل بكل طاقته ...بعد فترة إحتاج توقيع مدير الشركة ...لم يطرق الباب كعادته ...كانت سكرتيرة المدير الحسناء تقوم بواجبها اليومي في مداعبة المدير ...أصلحت ملابسها و خرجت بسرعة ...لم يعر الأمر أي إهتمام رن تليفون مكتبه جاء صوتها مرتجفاً أرجوك لا تفهم ماشاهدته خطأ لم أشاهد أي شيء إنهمك مجدداً في العمل ....انتصف النهار ...يقتات على القهوة و التبغ ....أمام صالة الإجتماع وقف يعابث زميل له ....جائت زميلة له وقورة..ليست باهرة الجمال ...أخذت تتحدث معه .... لماذا تبدو مرهقاً هكذا ؟ العمل مرهق و لم أتناول شيئاً منذ الصباح ماذا ستتناول على الغذاء ؟ لم أقرر بعد استطيع أن أحضر إلى منزلك و أعد لك الطعام إذا شئت الجمته المفاجأة لم يجبها .... عاجلته مرة أخرى .. انني أعرف انك تعيش وحدك ...ثم انني لا أخاف منك ....أجاب بسرعة ... لكنني أخاف عليك مني .... أخر إليوم طلب اجازة ...كان مرهقاً ...سيأخذ الغد بالإضافة إلى العطلة الأسبوعية ....يحتاج إلى الهدوء..... ذهب إلى منزله ...طلب الغداء ....أكل ...ألقى بنفسه على سريره و غرق في سبات عميق ..... أسدل الليل ستاره.....أفاق من نومه على صوت جرس الباب ....تثاقل في القيام....لكن الصوت ألح ....فتح الباب وجدها أمامه ....وقف مشدوهاً ... هل سأظل واقفة بالباب ؟ لا لا تفضلي .... كنت نائماً ؟ نعم لم يقتحم أحد حياته من قبل هكذا إذهب لتأخذ حمامك و أنا سأحضر العشاء ذهب و تتوالى في ذهنه ألف سؤال و سؤال ...إستسلم ...عندما خرج ...كانت حضرت العشاء ... منزلك جميل ...ذو ذوق رائع .... شكراً لماذا تعيش وحدك ؟ أمي غالباً تقضي الشتاء عند شقيقتي في فرنسا .. تناولوا العشاء على مهل...في صمت ...تدور بداخله نفس الأسئلة ...لم يسمح لها بإقتحام عالمه بهذا الشكل ....تتصرف كأنها سيدة المنزل ... بعد إن انتهوا ... ماذا تريدين ؟ أريد إن أشاهد غرفتك شعر بالضيق حسناً ألسنا أصدقاء ؟ غمغم نعم ...هيا بنا غرفته ...الفوضى المنظمة ...مكتبة مليئة بالكتب ...هاي فاي...إسطوانات ...سرير ...كنبة ..سجادة شرقية ...لون دافيء على الجدران ...حامل الرسم و أنابيب الألوان المتناثرة على الأرض ....على الحائط معلقة لوحة لحصان جامح ...لا يتذكر متى رسمها ...في أخر الحجرة طاولة مستديرة صغيرة موضوع عليها زجاجات الخمر من كل الأنواع .....الإضاءة كلها جانبية ...يكره الضوء المباشر لم أتخيل كل هذا أشعل لفافة تبغ ليقضي على توتره هل ترسمني ؟ لست جيداً في رسم الوجوه سارع ليصب من إحدى الزجاجات كأساً ليستعيد هدوئه هل تريدين ؟ لم لا ...لكن شيئاً خفيفاً ....سلمها كأسها....أدار الموسيقى ..صدحت الأنغام و صوت أرمسترونج ملأ المكان .... اصطدمت به ...احتضنته ...قبلته ....قبل إن يفيق ...كان يتقلب معها على فراش المتعة ....بعد إن هدأت عاصفة الجسد و خفتت الأنفاس الملتهبة ... القت برأسها على صدره و أخذت تعبث بسلسلته الذهبية .... لماذا جئتي ؟ كنت اريد إن أدخل عالمك...المسه...اتذوقه ... هل سترسمني ؟ لا أعرف في إليوم الثالث من اقتحامها عالمه...قبلته مودعة ...كانت تحمل معها لوحتها...المرسومة فيها عارية ......
لا يعرف لم تذكر كل هذا الأن ...ربما لأنه رأها بعد سنوات مع زوجها في الشارع ...ربما يكون هذا هو السبب .........
#شريف_السقا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قصة جارية
-
مدينتنا و قميص عثمان
-
كفتة و حواوشي أونلاين
-
عملية إنقاذ اللواء خميس اونلاين
-
الطابور الخامس
-
تغييب الوعي
-
الفاشيون الجدد
-
مصر بين الدين و القومية
المزيد.....
-
الحكاية المطرّزة لغزو النورمان لإنجلترا.. مشروع لترميم -نسيج
...
-
-شاهد إثبات- لأغاثا كريستي.. 100 عام من الإثارة
-
مركز أبوظبي للغة العربية يكرّم الفائزين بالدورة الرابعة لمسا
...
-
هل أصلح صناع فيلم -بضع ساعات في يوم ما- أخطاء الرواية؟
-
الشيخ أمين إبرو: هرر مركز تاريخي للعلم وتعايش الأديان في إثي
...
-
رحيل عالمة روسية أمضت 30 عاما في دراسة المخطوطات العلمية الع
...
-
فيلم -الهواء- للمخرج أليكسي غيرمان يظفر بجائزة -النسر الذهبي
...
-
من المسرح للهجمات المسلحة ضد الإسرائيليين، من هو زكريا الزبي
...
-
اصدارات مركز مندلي لعام 2025م
-
مصر.. قرار عاجل من النيابة ضد نجل فنان شهير تسبب بمقتل شخص و
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|