أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - سايكولوجيا الإلهام ...















المزيد.....

سايكولوجيا الإلهام ...


خلدون جاويد

الحوار المتمدن-العدد: 2924 - 2010 / 2 / 21 - 16:40
المحور: الادب والفن
    



سايكولوجيا الكتابة تأتي بغموض شفيف مثل حزن سيابي فيه يُتم ولوعة ازاء ماهو مفقود . تأتي الكتابة من عالم ذري بعيد ، ربما يحركها نجم ناء ٍ ، ذكرى دفينة ، ندم مدفون بعيدا في المقابر الجماعية للروح . تأتي الكتابة من وجع لفراق وطن وطلاق اُم في طفولتك وحجود حبيب . تأتي من حزننا الكامد الألوان او من فرح لم نجربه نبكي له وعليه . يأتي من انفعال ليس بالضرورة ان يكون نفعيا . لدي الشاعر الانجليزي جون كيتس 1795_ 1821 شوق الى الركض وراء العرائس بقصد تقبيلهن وبذات اللحظة التمني بعدم التقبيل حتى يبقى الظمأ عامرا كانتشاء باخوسي لاينفـَل .
أجمل امرأة لاتمنحك الشعر .. هناك سر وغموض يتأتى عبر
اللآمرئي من ذبذبات جاذبة تطحن النخاع بالعظم وتدوس عليه بحادلة من جمر فيهيم مجنون الصحارى ، ويتسامى بن زيدون ، ويضمر جسد الشابي بالسل .
النجمة النائية تجعل المرء يكتب أكثر من قمر منير ، الضيف الغائب ادعى للشوق لدى نازك الملائكة التي استضافته ـ هي بنفسها ـ وتمنت ان لايأتي ليكون غيابة حسيا لاهب الاشواق والتمني ، وهنا جمالية التناقض التي تفجر ينابيع الوجد ... يا الاهي كم في الذات من مماحكة ولا معقولية وتطاحن وعدم ثبات . كم في اعماقنا من حنين للقادم وهجر للمقيم معنا . اهمال الذي في حجرة عرسي ! والهيام بالذي يستحيل علي المسك به .
الآخر هو عشتار الثمار الاخرى هي سالومي الجنون ... كم في مسافات البعد عن امرأة الروح ما ينيرها بديكور من احلام .
سألني على سبيل المثال أحد اصدقائي معاتبا كوني لم أكتب عنه كذكرى لصداقة عمرها خمسة عشر عاما ، قلت له جانبيا انت لم تعطني وميضا من كرم روحي بينما الآخر ولأيام قليلة جعلني اشعر بأنه الشعر الذي يمنحنا الانغام بانه قارورة العطر التي تغرينا بمسيس قطرة من اريجها السامي .
ألم الذكرى والاستحالة حيث يمنحني اللآممكن ملاحم هوميروسية .. الوجوه الساحرة التي تكوي القلوب قبل الجلود والتي تمر قبالتك وتترك من دون ان تدري هي انك خلدتها شعريا وكتبت اجمل سوناتات القرن . وليس بشاعر من لايكتب عن الف امرأة عابرة وصرح هاو ٍ ومدينة مندثرة .
اغنية في حانة تركت لديك ومنذ 40 عاما سناءا لاتمحوه الوف الليالي من الظلام . اي ذخير من ذكريات سعيدة او مؤلمة يأخذ دبيبها الى رسم سحنات الاحبة الذين نسوك او تناسوك .
الوصال المادي جميل لكنه عامل سلبي .. الاقتراب بُعد ... واللعبة هي ان نبتعد لكي نقترب تماما مثلما فعل دانيال في كتاب دروب الحرية للفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر ، دانيال الرهيب العجيب الذي لايطاق والذي لايمكن تصوره !!! لقد قام ومن شدة حبه لقططه بالقائهن في لجة عاتية من لجج البحر وقال باختصار لقد القيتهن في الحب الخالد ! سورين كيركيجارد الدانماركي ذو الفلسفة السوداء ورب التشاؤم ذهب الى والد خطيبته ريجين اولسن وسلمه خاتم الخطوبة رافضا الزواج من ابنته لسبب انه لايريدها امرأة بيتية عائلية مطبخية تتعفن مع الايام بين الاطعمة والصحون يريدها خالدة مدى الحياة اسما لامعا في حياة الفيلسوف سورن كيركيجارد وحياة المعمورة . الولادة بنت المستكفي خلدت ابن زيدون ، وبالمناسبة كانت المرأة تعرف انها ببعدها وعنادها قويت وتقوى على تكتيبه شعر الخلود بل لحن الخلود . ولقد سُقيَ ابن الملوح العذاب حتى وجدوه في منعطف جبلي منطرحا وقد كتب على الرمل : " توسـّد َ احجار المهامة والقفر ِ ومات جريح القلب مندمل الصدر" . ما اجملهن نساء الروح وآلهات الالهام انهن ساحرات لا بقربهن بل باستحالتهن . تخبو النار باستجابتهن ، وتستعر بغيابهن . الأجمل هو المشعل العالي الملتهب على اسمى ذروة في الاولمب اعني الفراشة التي لاتمسك.
امرأة جميلة من ذاكرتي ، وضعت اصبعها ذات يوم على سطر في كتاب شعر لأنطونيو ميتشادو قائلة لي اقرأ هنا وتحسس الروعة : " دع الزمان امامك مثل فراشة تياهة لا مثل ثور وديع " .. من يومها وانا كالصبي اُراكِض واشاكس فراشتي في الاحلام .. انها فراشة اجمل امرأة في حياتي وروعتهما انهما كلاهما المرأة والفراشة عصيان على المسك .
اذا لم تكن الولادة بنت المستكفي قد لعبت لعبة الالهام ، فان نساءا تمنعن عن قناعة فاحرقن الشاعر السيابي اللوعة والسياب ذاته القائل : " احبيني فاني كل من احببت قبلك ما احبوني " .. ونحن مع من ؟ مع ترويض العاشق في حلبة النار ام مع اطفائه بقبلات ولاّدة الشاعرة القائلة : " أنا والله اصلح للمعالي ... وامشي مشيتي واتيه تيها. امكـّن عاشقي من صحن خدي ... واعطي قبلتي من يشتهيها " وقد مات بن زيدون بحسرة القبلة المبتذلة .
هناك الهام مستعر من نوع آخر ألا وهو : مات الرصافي فقيرا وقد عاد من تركيا وسوريا ليكون ملكا على العراق فصارت لغيره فعاش متبرما ناقما فقيرا لكنه عاش عفيفا كاتبا المعيا وشاعرا فلسفيا فخما ومتابعا سياسيا وهو والجواهري شاعرا العراق الكبيران ، فلو كانت الملوكية له هل ياترى هناك رصافي كالرصافي هذا ؟
اعني وصال المرأة وتبوأ المنصب الرفيع والظفر بإمارة كما اراد المتنبي هو تغييب للشاعر المفوه والاديب الأريب او حتى الشخصية اللآمعة والكفوءة . اعني ان سايكولوجيا الكتابة هي الهام تشحنه كهربة ! وشرطـُه الحرمان ، البعد ، اللآوفاق ، الهجر ، سوء الطالع ؟ . كل هذا الجمر الذي يدبغ جلودنا هو الذي يمنحنا اجمل الكتابات اما المترف بالسعادات فهو يحياها ولا يمكن ان يكون كليهما ! هذا محال .
واخيرا فكلٌ وحرمانه .. ونحن حرماننا العراقُ النائي والارضُ المثخنة باحبتنا المغيبين، واهلـُنا المهجرين ، وآباؤنا الموتى بغيبنا ومنفانا المتعدد حيث كل فرد منا في ارض ، لا اهلنا ولازوجاتنا ولا حتى من تناجيه على البعد وتبكي له بدموع حارقة يشفع لك ولو بربتة واحدة من حنان لا بل تراه متبرما غاضبا حردا ، قال الجواهري الكبير :

"وكان ان لم تهبه مدحة ً حر ِداً
واليوم من نغتلي في مدحه حرد ُ "

الكل محروم والوطن في عمومه قصيدة عشق توّاقة الى أمل على الطريق الأمل بالسلام والسعادة المنشودة . اليوم كلنا في حنين الى المسك بالمستحيل وفي صراع حتى الموت من اجل نيل الحبيب والفوز بسايكولوجيا جديدة من الهام ذي طبيعة جديدة لاسادية ولا هجرمتعمد فيها ولا قتل للعاشقين بلا رحمة .

*******
تـَوْقٌ أخير : قال شاعر جنون والهام حارق :

" وارفع الكأس لكن لا ادنسّه
واقرب الإثمَ لكن لست ارتكب ُ " .



#خلدون_جاويد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة مهداة الى الاستاذ أياد جمال الدين
- ماالفرق بين الشندوخة والشعفورة ؟! ...
- بطاقة محبة الى صديق الفقراء ناجي عقراوي ...
- -حضارة الامم تقاس بمقدار تقديرها لجوته - ...
- الدانمارك الاولى في النزاهة فما رأي حكام الأمر بالمعروف ؟ !! ...
- نسبية ميلان كونديرا والتخريب الضروري لبناء الانسان ...
- باقة ورد على تمثال دوستويفسكي ...
- فضاء سافر وحجاب ساتر ...
- الامبرطور العاري وبذلته الجديدة ...
- إنجاب أطفالْ من دون إتصالْ !
- هل زلزال هايتي لأن النسوة غير محجبات ام لأسباب اخرى ؟!!!!
- اقتراح تقدير الفنانة انجلينا جولي بوسام عالمي ...
- مسيحيّون في القلب ...
- مهرجان لذكرى فاجعة شارع المتنبي ...
- أجهزْ عليه ومزّقْ فكرَهُ البالي ...
- سلمتْ بلادُ الرافدين ...
- إختلاف ...
- المرأة شذرة لامعة في فكر العراقي الراحل خالد عيسى طه ...
- تألق ْ فأنت شموخ الجبال
- نحن مابين قردنة دارون ونغالة المعري !!!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون جاويد - سايكولوجيا الإلهام ...