أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد حمودي عباس - نحن والتاريخ














المزيد.....


نحن والتاريخ


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2920 - 2010 / 2 / 17 - 17:54
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


منذ أن أفقنا على كوننا بشر ، نحمل في جيوبنا شهادة المواطنه ، ونحن نسمع بما يسمونه التاريخ .. ذلك المارد الممتد عبر مساحات شاسعة من وجودنا ، وله لسان ينطق به كما علمونا ، وميزان عدل يرافقه على الدوام ، لكي يزن من خلاله ما يجري من أحداث ، ويسجل كل شاردة ووارده ، لتكون سجلاته تلك ، مرجعا منطقيا يعود له المنصفون حينما يقدر لهم ان يقفوا من سيرة حياة من سبقوهم موقف المتفحص .

التاريخ هذا ، أخافونا منه ، وزرعوا في نفوسنا حياله رهبة وقعها عظيم ، وجعلوا منه نافذة لا مناص لمن يطل من خلالها ، إلا وأن يصيبه الذهول مما يراه من اختلاط عجيب لركامات من اللامعقول ... غير أن هذا الامتداد المتواصل للتاريخ ، يبدو عليه حينما تصطدم حيثياته مع الواقع المتجدد ، وكأنه كان يكذب في العديد من مفاصل نطقه ، وتبدو رواياته للعقل الآخذ في النمو وفق سياقات جديدة تؤهله لامتلاك ناصية التحليل ، وكأنها محض خيال ، سطره منافقون أرادوا من خلال تخيلاتهم ألعبث بمقدرات الشعوب ، والوقوف حائلا أمام نجاح سبل تطور الحياة عموما .

من هنا ، وبالضبط ، بدأت محاولات التحاور العقلاني مع الماضي ، وراجت سبل الشك الدائم والايجابي حيال ما سطره المؤرخون على اختلاف مشاربهم ونواياهم وانتماءاتهم الفكرية والدينيه .. لقد أسهم امتطاء صهوة التحليل المنطقي والواعي لمجريات الاحداث ، في عمليات إعادة النظر في المئات بل الالاف من النشاطات الانسانية الوارد ذكرها في بطون الكتب وعلى السنة الرواة .

لقد كنت في مرحلة من مراحل عمري الاولى ، أتخيل كيف كان الكتبة ممن كانوا يروون فصول ما جرى في المعارك التي خاضها عنترة العبسي ، يتحملون الجهود المضنيه لكي يسطروا للاجيال المتعاقبة ، كل شيء ، حتى طريقة هز الرمح بيد الفارس العربي الشجاع ، بل إنني تتجسد أمامي أحيانا ، حتى ذرات الغبار المتطاير من تحت سنابك خيول المتحاربين ، واراجيزهم الشعرية ، والتي كنت أتعجب ، كيف يفلح اولئك الكتبة بتسجيلها في ذلك الحين ، وبهذه الطريقة التفصيليه .. هذا ما رواه لنا التاريخ .. وحين تجلت مفاهيم جديدة للتعامل مع السرد التاريخي القديم ، تبين لي في أكثر من موضع ، بان عنترة العبسي قد يكون خرافه .

توالت معاول الهدم لصروح ما رواه التاريخ ، لتظهر حقائق جديده ، توحي للمتتبعين العقلانيين ، بأن جل ما سجلناه عن ماضينا ، هو أمر مشكوك في صحته ، أو أنه لا يرقى الى درجة اليقين المؤكد .. وبهذه الصفه ، فان مظاهر الاستجابة لنتائج الكثير من الاحداث المفتعله ، بدت وكأنها في طريقها الى النهايه ، ليبدأ حراك آخر مختلف ، هدفه النهائي ، هو إما إغفال تلك المنعطفات المؤثرة في حركة المجتمعات سلبا ، ومسحها من الذاكره ، أو أن يصار الى إعادة لدراسة الإرث الفائت من تاريخ الامة ، وبشكل أكثر انصافا ، بما يحقق الفائدة المرجوة لصنع الحاضر والمستقبل فحسب .

إننا أصبحنا ، وبشكل يدعو للاشمئزاز في بعض صوره ، أسرى لأطلال الماضي الباهته ، والتي هي من صنع حاجب لسلطان ، أو وزير منافق ، أو عالم مهادن .. وأطلت علينا آلاف الحكايا الساذجه ، لنقول عنها رغم سخافتها ، بأنها تشكل أركان ماضينا العتيد .. ووصفنا عتاتنا من السالفين ، بصفات كانوا هم قد حفروها في عقول المحيطين بهم ، ليساهموا هؤلاء بنشر الاكاذيب بهدف تمجيد الحاكم آنذاك .. بل إن مزوري التاريخ ، كانوا قد سبقوا حتى أسيادهم ممن تربعوا على عروش الخلافة والسلطنة والامارة ، ليقولوا عنهم ما لم يقولوه هم أنفسهم عن انفسهم .. فوردنا ما وردنا من أحجيات وطلاسم ، لم تهدنا مساعينا من قبل ، لسبر أغوارها ومعرفة مقاصدها .

بذيئة حتى النخاع ، تلك الاساليب القذرة التي كان معظم خلفاء بني العباس وقبلهم بنو أمية على سبيل المثال لا الحصر ، والتي كانوا يحيكون لها ويلبسونها نواياهم في أقبية القصور السريه ، ليعتدوا من خلالها على حرمات الناس .. والتاريخ حينما يصدق ، يروي لنا آلاف المؤامرات وما نتج عنها من إغتيالات وسلب للحقوق بحق علماء وفقهاء ، وحتى بسطاء لا شأن لهم بما يجري فوق العروش .. لقد كان الخليفة العباسي والممهور إسمه على الدوام بلفظ الجلاله ، لا يخجل من محاولات معرفة لون غطاء النائمين على فراش الزوجية من الخصوم ، وأشيعت سبل التجسس القذرة على بيوت العوام ، وأهينت بشكل كبير كرامات المعارضين .. حتى بلغ بأحدهم أن يعيد اسراه الى خصومهم ليفعلوا بهم ما ارادوا ، لمجرد انهم اختلفوا مع رؤاه بخلق القرآن من عدمه ... كل هذا وتاريخنا لم يرعوي في سرد ما سجله من صفحات مليئة بالغش . . فعمد الى تثبيت سلامة سمعة أولئك القتلة على أنهم هم من بنوا الحضارة ، وبكونهم يشكلون مفخرة نباهي بها بقية الأمم .

نحن لا زلنا ضحية ماضينا بما حمله لنا من إرث تلونت أغلب لوحاته بطلاء الزيف .. فلم نعد نفهم حق الفهم ، هل أن ما نقل لنا ، وعلى تعاقب الاجيال ، من أحداث وشخوص ومنعطفات ، أريد لها أن تكون شذرات ثمينة ، صنعت ما صنعت من ( أمجاد ) يقال عنها بأنها عظيمة بمحتواها واهدافها ، هل ان ذلك هو من صلب الحقيقة ، أم أنه من وحي خيال المستفيدين من سطر الاكاذيب ألمضلله لا غير ؟؟ .. وهل سيأتي يوم تدعونا حميتنا على حفظ ماء الوجه ، أن نعمد الى احالة كافة رموزنا التاريخية ، من الذين تثبت إدانتهم وسوء سلوكهم ، وتسببهم بالضرر الكبير لمجتمعهم ، الى محكمة دولية تقول فيهم كلمتها ، كي نمسح اسمائهم من ذاكرتنا ، وشوارعنا ، وأحياء وميادين مدننا العامه ؟ .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بعيدا عن رحاب التنظير السياسي
- حينما يصر أعداء العلمانية على رميها بحجر
- عمار يا مصر ... 2
- عمار يا مصر
- نذور السلطان .. 5
- ما لا يدركه الرجال .
- نذور السلطان ... 4
- نذور السلطان ..3
- نذور السلطان ..2
- نذور السلطان
- الإمساك بأمجاد الماضي ، وحده لا يكفي .
- رساله مفتوحه إلى السيده بيان صالح
- رسالة مفتوحه إلى السيده بيان صالح .
- إرفعوا أيديكم عن المسيحيين في مصر والعراق !
- أفكار من أعماق الذات
- حقوق النساء ، وإستحالة الحضور مع الواقع العربي الراهن .
- إبحار في مشاعر أنثويه
- عام جديد .. وأمنيات شخصيه .
- حينما راح جذع النخلة يئن لفراق النبي
- معامل الطابوق في العراق تجسيد حي لعذاب البرزخ .


المزيد.....




- العراق يعلن مقتل -أبو خديجة- والي داعش ويعتبره -أحد أخطر الإ ...
- فؤاد حسين: التهديدات الآنية للمجتمع السوري والعراقي مشتركة و ...
- البحرية الملكية البريطانية تضبط مخدرات في بحر العرب
- غوتيريش: خفض واشنطن وعواصم أوروبية المساعدات الإنسانية جريمة ...
- مستوطنون إسرائيليون يخربون ممتلكات سكان قرية فلسطينية في الض ...
- نتنياهو يعلن قبوله خطة المبعوث ويتكوف ويتهم -حماس- برفضها
- الشرطة الألمانية تحقق في احتراق أربع سيارات تسلا في برلين (ص ...
- ترامب: الخبيث جو بايدن أدخلنا في فوضى كبيرة مع روسيا
- إعلام: -الناتو- يخطط لزيادة قدراته العسكرية بنسبة 30%
- تجارب الطفولة المؤلمة قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض مزمنة


المزيد.....

- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا
- مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا ... / أبو الحسن سلام
- تاريخ البشرية القديم / مالك ابوعليا
- تراث بحزاني النسخة الاخيرة / ممتاز حسين خلو
- فى الأسطورة العرقية اليهودية / سعيد العليمى
- غورباتشوف والانهيار السوفيتي / دلير زنكنة
- الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة / نايف سلوم
- الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية / زينب محمد عبد الرحيم
- عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر / أحمد رباص


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - حامد حمودي عباس - نحن والتاريخ