أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرزوق الحلبي - بوابات فاس














المزيد.....

بوابات فاس


مرزوق الحلبي

الحوار المتمدن-العدد: 2920 - 2010 / 2 / 17 - 13:36
المحور: الادب والفن
    


في البوابة الثانية:
رغيفُ خبز حاف
يتقاسم ثلاثة أطفال
والرابع احتمال.
أكثرهم سمرة وصل للتوّ من قسوة طنجة.
أكبرهم قذفته حروب الردّة في لبنان.
ثالثهم مرّ في كل المدن العربية
دون استثناء.
يسكنه حنين موروث.
والرابع قد يأتي من أي مكان عربي،
والرغيف هو الرغيف، يُخبز كي يؤكل
غير آبه بالتفاصيل.

في البوابة الثالثة:

أكثر مِن مُخبِر يرصد الأفكار.
واحدهم يُحصي ما يصدر عن حلقات الفكر.
يحمل شريط تسجيل أو عدسة صغيرة مثل زرّ القميص،
ترى ولا تُرى.
سحنته عادية.
وجه رديفه المكلّف بشؤون الجرائد لا معنى له
مثل عدّته الباهتة، مقصّ ودفتر صغير
يسجّل فيه الأسماء الصريحة والحركية.
ثالثهم معنيّ بالأمن العام
يتابع الأطياف بهيئة المُحكِم السيطرة
يُرسل ابتساماته على طريقة علم النفس
تردّ الأطياف بسخرية
تمطّ لسانها
تنفذ تباعا من كوّة في أعلى السور
وهو على حاله يُحكم السيطرة.












في البوابة الرابعة:

مجموعة نسوة يسرن على عجل.
سوادهن كثيف، يُشمّ عن بُعد.
يدخلن المدينة بأقدامهن،
بقلوبهن المفعمة.
في كل خطوة أمنية، وخلف كل أمنية خيبة،
تحجبها ضحكات يلتقطنها عن الدرب.
يجمعن ما يُصادفن ويتركن خلفهن
خيطا من كلام.
أمامهن موصد الأبواب
بفتاوٍى من كل مذهب، تارة
وتارة بالحجاب.
مُنحوا كل السواد الذي في فاس
وفقدن النظر.

في البوابة الخامسة:

شيخ ومريدون دان الطريق لهم.
تنحى المارة التصاقا بالجدار.
مرّت الجماعة قابضة على جمرة أو مصير.
تحت العباءات أسرار
وفي الجوّ ترقّب.
شحنة المُطلق عقدت الألسن
وعقلت الخطى.
انثنت من حدة المزاج خطوط النظر.
حلّ الليل قبل موعده .
وكان قاتما فوق العادة
لا تقطعه سوى تمتمات وبريق الخناجر
وخبر سيء في صحف الصباح.

في البوابة السادسة:

لباسهم كان مغايرا وقليلا سحناتهم
حاصرتهم النظرات والمشاعر الباطنية.
ساروا في الهواء رويدا فراشات ربيعية
يُتقنون اللفظ ومخارج الأحرف وصدى الأصوات.
والنظرات هي النظرات
تشدّد الحصار مع كل خطوة،
تكثّف الإقصاء.
يحضرون السوق
يعيشون أجواءه كالآخرين
يدفعون بالعملة ذاتها.
يخطفون الأقمشة المعروضة ذاتها
ويُغرمون بالألوان
يخوضون عرس العيش والملح
والنظرات هي النظرات
تشدّد الحصار مع كل خطوة
وتكثّف الإقصاء.

في البوابة السابعة:

حظر التجوّل كان شاملا
وانتشار الحرس وفق الخطّة.
أطلّت وجوه بعضهم خلف الزوايا وفي الشرفات.
سبقهم ألف متعبٍ قنوع.
لعقوا الغبار عن بلاط الطريق إجلالا للموكبُ القادم.
كانت عمائمهم بيض وقلوبهم داكنة.
بعضهم دلّت ربطات العنق من أين أتوا وليس إلى أين هم ذاهبون.
حتى كبير الحرس لا يعرف.
هم الحرّاس آخر من يعلم
وتظل ابتساماتهم عالقة طويلا طويلا،
بعد غياب الموكب في الدهاليز.

في البوابة الثامنة:

أطفال لا علاقة بين وجوههم وبين أعمارهم.
مرتاحون في أحضان أمهاتهم
وأمهاتهم مشغولات.
يشحدن الحليب، وكل ما زاد عنه مستحبّ،
عطف المارة أو كلمة طيبة.
وأكثر ما يأتيهن النظرات
وجوههن رضية ضمنت يومها.
وكل ما هو آت رهينة الطقس العام ومزاج الذين في السرايا.
ما من أم تجرؤ على إعلام طفلها بالحقيقة
لئلا ينهض من حضنها شاهرا قلبه.





في البوابة التاسعة:

بقايا شعار كتبه الثوار
يوم كانت الثورة على ودّ مع أبنائها.
الكلمة الأخيرة فيه كتبت بالأحمر
شيء ما يتّصل بالحرية أو ما شابهها.
طريقة الكتابة كانت غريبة.
قالوا: زين الشباب دافع عن الشرق في مغربه.
فاجأه رصاص كثيف من كمين نصبه الأخوة
فانتشر دمه الذي من دمهم.
تسرّب في عروق السور
وصارت الأسطورة
وسجّلت بغير أسم .

في البوابة الأولى:

ضاع المفتاح في ثنايا الوقت الضائع منا
وسادت الظلمة القاسية .
فلم يدخلها أحد ولم يخرج منها أحد!




أيار 2005
_______________
*مدينة فاس، تلك المدينة المسوّرة المبوّبة تختزل الحياة العربية. هذا ما رأيته منها بعيني روحي.



#مرزوق_الحلبي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن المسألة الإيرانية: كيفما اتفق وليس أبعد من ذلك
- عن أسر الإسلام والتمثيل به!
- لو أني عرفت!
- سنوات
- عن محاكم التفتيش العربية
- تعب من الذاكرة
- أحاديث في الحالة السورية!
- الإرهاب في مومباي: نهاية دولة العقد الاجتماعي!
- -الصحوة الإسلامية- كطور من أطوار الهوية
- العرب والتأثير على النُخب في إسرائيل!
- الحرية من الدين الآن!
- قوميون بعمامة!
- الدولة الشعب المجتمع وضمور الدلالات!
- لبنان عشية الاستحقاق الرئاسي: جدلية التسميات المضلّلة!
- الأصولية هنا الآن!
- عن الثقافة والمثقفين
- أفكار عن الثقافة والمثقفين
- الأول من أيار: مع انتهاء التسوية التاريخية بين الرأسمال والع ...
- عن قمع المرأة من باب آخر!


المزيد.....




- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مرزوق الحلبي - بوابات فاس