|
- تشنجات الدين الوافدة على المجتمع المصري- ملامح و أثار
محمد عابدين
الحوار المتمدن-العدد: 2920 - 2010 / 2 / 17 - 10:54
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
" تشنجات الدين الوافدة على المجتمع المصري" ملامح و أثار من الطبيعي أن يسعى أي مجتمع إلى التمايز بين المجتمعات الأخرى .. وتأكيد ثقافته وهويته التي تميزه عن الآخرين على أسس ومعايير موروثة كاللغة والدين والعادات والتقاليد و ما يتبعها من قيم .. إشتهر المجتمع المصري وحتى أواخر هذا القرن بسعة صدر وتعاليم سمحة أدت لنجاحه في إقامة نظم إقتصادية وسياسية ، وفرت لأبناءه الحياة الكريمة إلى أن وصلت إليه بعض الصور والقيم المجتمعية الوافدة من تقاليد وأعراف تعصبية ومفاهيم دينية متشددة غيرت الكثير من سماته الأصيله ليتحول لمجرد تجمع بشري يفتقد لقيم المواطنة ويشرع في محاولة للتقسيم الذاتي على أسس إنتقائية (عقائدية أو طائفية أو طبقية ) .. وإذا ما نظرنا بتمعن للأحوال التي بات عليها المجتمع المصري الآن سنرى بأم أعيننا إشكاليات جمة غالبيتها تكبل قيم المواطنة وتنتقص من مفهومها لدى الفرد بل وتعتم وضوح الرؤية لديه لمفهوم المواطنة بما يتفق عليه دستورنا وغالبية دساتير الأمم المتقدمة لكن القضية ليست كامنة في نصوص أو مواد دستور متفق عليها محليا ً وعالميا ً بل تكمن في إنها لم تجد طريقها للتفعيل في ثقافة الفرد .. لتصبح قيمة مجتمعية .. تتوالد منها سلوكيات التواطن والمواطنة والتساؤل هنا : هل يستطيع مجتمع يجمع بداخله أشكال عدة من التزمت والانغلاق والتشدد أن ينافس المجتمعات الحديثة بإقتصادياتها وعلومها وتعاليمها المتقدمة ؟ أولا ً : تعالوا نتعرف على كنه التزمت والتشدد والتعصب الديني ، ثم الإنغلاق كتابع لهذه القيم وما بالنا من ثقافة تستدعي قيمة تَرى الشريك العقيدي في أقاصي المعمورة أولى بالمعروف والمشاركة من شريك الوطن المخالف للعقيدة والذي يسترعى إنتباهنا هنا هو إنتشار فكر التعصب مختبئ ً في رداء ثقافة وتعاليم دينية ليصبح أساس التعامل فيما بيننا كمصريين على نحو عقائدي وليس وطني أو بمعنى أدق .. أن هناك حالة ذهنية عامة يشترك فيها الجميع وليدة لقيم التعصب الوافدة .. ترفض قبول الغير حولنا وتستقوى بغالبيتها والعجيب في الأمر إنه لم يستطع أيا ً من المتعصبين حتى الآن أن يدلل مطلقا ًعلى إن تعصبه هذا ينم عن عمق إيماني بل لقد أثبتت الأحوال التي عليها المتعصبين أن التعصب ليس إلا شعور بالنقص وعدم الثقة بالذات .. وما هو إلا تشنج لفظي أو إثارة فكرية تعجز عن الدفاع عن معتقدها بالحجة والدليل والبرهان فتهيج هياج الثور ليرهب من حوله .. لذا تجد إنه كلما هبت نخبة من المثقفين لمناقشة حال الوطن والمواطنة بشفافية وتجرد .. تجابه هذه النخبة بحائط صد منيع مبني على إتهامات مسبقة كلنا نعرفها لكثرة تداولها فيما بيننا ودائما ما تدفعنا لتصرف ينم عن عدوانية سلوكية تكشف في حقيقة الأمر عن ضعف داخلي مما يترتب علية صراخ وتشنجات لا طائل منها ثانيا ً : ننتقل لملاح هذا التشنج وليسأل أيا ً منا نفسه عما عاد إلينا من تلك التعاليم الوافدة التي دعت وتدعوا للتعصب والكراهية والعدوانية منها على سبيل المثال لا الحصر مظاهر الفتة الطائفية البادية على السطح تلك الأيام السلوكيات العامة بين المواطنين وبعضهم داخل ( الأسواق ، المواصلات ، التعاملات ، .. ، .. ) ويبحث عن الإجابة بنفسه شرط أن تكون بعين فاحصة ، وضمير مرتكن لحكمة خلق العقل بالإنسان ، وبحياد تام بعيدا ً عن أية تعصبات .. وللمساعدة ليبحث كلا ً منا عن الإجابة من خلال علاقات أعضاء المجتمع ببعضهم البعض .. في ظل هذه التعاليم الوافدة ، ُترى هل يجد تقدم على الأقل في القيم الأخلاقية ومستويات التعليم والثقافة ؟؟ هل يُرى تقدم سلوكي وحضاري مع ما حوله من بيئة ومحتوياتها وأساسياتها !! هل لتلك التعاليم الوافدة الغريبة عن مجتمعنا آية تأثيرات مستحسنة لازمت قيمنا بأنواعها ؟؟ ومن ثم ليسأل كلا ً منا نفسه : عن أين ذهبت التعاليم الدينية السمحة ، وقيم المحبة والود ، والسلوكيات الحميدة التي كان المصريين يتسموا بها ؟؟ ومَن وراء إختلال التوازن الفكري الذي أصبحنا عليه , وباتت تشوه تلك القيم فيما بيننا من معاملات على الأقل ؟؟ والأمر المؤكد أنه لا توجد عقيدة دينية أو دعوة نبيلة تحض مبادئها علي التعصب وكراهية الغير أو إزدراء عقائدهم والتحقير منها. فمثل هذه السلوكيات تفصح عن الحالة النفسية لبعض المناصرين لتلك العقيدة أو الدعوة وسماتهم النفسية والأخلاقية في مراحل الإنغلاق والإنكفاء علي الذات والتعصب الأعمى . وهذا الكلام ينطبق على كلا طرفي العقيدتان المسيحية والإسلامية والتساؤل هنا : هل كان وراء هذا الإختلال والإحتلال الذي نحياه تلك الأيام .. المصريين أنفسهم .. أم أن هناك إحتلال فكري وثقافي وافد ووارد ومخالف لما ترعرع عليه أباءنا ، ذاع وإنتشر بين أولادنا ؟؟ كنتيجة للإنتقال والترحال والهجرة الساعية وراء تحسين الحال والأحوال والعودة بقيم وتقاليد وعادات وسلوكيات غريبة عنا تدفع بكلا ً من طرفي النزاع للتناحر وهذا سؤالنا الثالث للسادة جهابزة العلم الإجتماعي .. وإستدعائهم للحل السريع الذي يجري اليوم خصوصا داخل المجتمع المصري تحت تأثير المد الديني الوهابي .. هل هو تدين أم تشنج ؟ و لندلف سويا ً من أبواب ملامح هذا التشنج
الإعلام .. ووسائطه والتي من أقلها شأنا ً تلك الملصقات التي تتلاقى وعينيك في أي مكان تتواجد به بدء من المواصلات وصولا ً لأكشاك البيع بالشوارع ، ومرورا بالكتيبات والنشرات التي تدعو لفكر بعينه . وأعلاها وصولا للعامة وإستقطابهم .. التلفاز .. فهو محور مهم في بث روح التشنج الوافدة والتأكيد عليها وعلى صحتها من خلال برامج الفضائيات من كل شكل ولون والتي تعتبر من أكثر الأوراق الرابحة التي تستقطب المشاهدين ..
التعليم .. بمراحلة المختلفة ومدى إنتشار وكثافة المدارس شبه الدينية مبتدئن بأولى مراحل العمر بالتعليم في حضانات يطلق عليها مصطلحات تعريفية دينية سواء كانت إسلامية أو مسيحية (( برغم أن الأخيرة تكاد تختفي من على الساحة الشعبية والجماهيرية وتنحصر داخل أماكن العبادة الخاصة بهم(( أما الغريب في بعض تلك المدارس أو المعاهد وخصوصا ً التي تتخذ من الطابع الإسلامي الشكلي رمزا ً وعنوانا ً .. أن تشترط فيمن تكون المسؤولة عنها .. إحدى المنقبات أو المنتقبات ولديها ذخيرة من فكرهم الديني لا بأس بها .. وقد تصل تلك الشروط للأهل وأولياء الأمور وذويهم كما وتشترط طلبا من تلك المسؤولة سرعة إيصال تلك الأفكار المتشدده إلي عقول الأطفال وهذا شرط الخبرة الوحيد في مقابل الحصول على الوظيفة مع إمكانية التنازل عن جميع المؤهلات العلمية الأخرى إستغلال مابعده إستغلال بإسم الدين .. للتربح كان ، أو لبث فكر بعينه من خلال كثافة .. إنتشار .. إنتقاء .. ضمان بقاء على الساحة مع تتابع السنين لهؤلاء المتلقين . أما عن تلقين التعليم في تلك المدارس فحدث دون حرج حيث كونه هو الأسلوب المنيع في تلك المدارس لا التفكير مناهج تفتح أبواب الفتن وفكر أيدولوجي .. إن دلل على شيئ فإنما يدل على مبادئ سيسودينية وهنا تكمن المصيبة .. كما تكمن في المدرسين الذين يزرعون بذور التعصب والإرهاب وتسيس الدين في عقول أولادنا .. أجيال المستقبل ليشبوا منعدمين القدرة والمقدرة على إستخدام عقولهم البتة .. وما هم إلا مجرد حفظة .. يحفظون ولا يفكرون .. أدوات يستخدمونها لتحقيق أغراضهم ويحسنوا إستخدامها .. أجيال مصابة بحالة من الكِبر وإحتقار الأمم والأديان الأخرى . وأخيرا ً الحل من وجهة نظرنا يمكننا على الأقل أن نقول بأن هذا ليس إلا منبت أصيل للإرهاب الفكري وهو نفسه مستنقع الإرهاب الذي تكلمنا عنه من قبل وقلنا أن الإرهاب لن ينتهي بمقتل الألاف أو حبسهم بالمنع عن الإختلاط بالمجتمع .. بل ينتهي عندما ينتهي دوره المؤثر في المجتمع بردم المستنقع الذي تتوالد فيه يرقاته المتمثل في كارثة تكثيف الجمعيات الأهلية التابعة لفكرهم وحضاناتها ومدارسها و مساجدها وما أكثر تلك المنافذ ونشاطها في سرعة الوصول إلى العامة من الناس .. ومن الأدلة على ذلك الكثير فقط أنظر حولك من جميع الإتجاهات والمجالات ونحذر من تلكم المجالات ، شديدة الخطورة على مستقبل أولادنا .. والتي تدلل على الإسلام السياسي الذي يغرز مخالبه في أعماق جسد مجتمعنا ، و يربط الدين والدولة بعقال واحد يرفض أيا ً من كان إلا نفسه لو لم تراجع هذه الحالات والأفكار من قبل المختصين .. سنخطو بخطى متعجلة نحو الهاوية ولو تركناها دون لفت النظر إليها وإعادة تكييفها لتطابق الفكر السوي ستشتد العاقبة أكثر وأكثر ؟ تنبيه أخير الذي يجري اليوم خصوصا داخل المجتمع المصري تحت تأثير المد الديني الوهابي .. تشنج وليس تدين ؟ ولنا لقاء آخر بإذن الله محمد عابدين
#محمد_عابدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عشوائية الثقافة .. أم .. ثقافة عشوائية
-
مجرد مبارة لكرة القدم تكشف عن أحوالنا
-
إخلوا سبيل المرأة من محبسها
-
حوار مع العقل - نهايتة توحي بأن -الصورة أصدق أنباء ٍ من الكل
...
-
قيم الغرب الكافر
-
شاركنا رأيك .. تكلم .. إسأل .. حاور .. ناقش .. وافق .. إرفض
-
جنرالات على الورق
-
ثلاثة ألاف وخمسمائة قتيل على الأرض وتحت الأنقاض ينتظرون أن ت
...
-
غزة .. لمن بعد أن ُيفنى كل الغزاويين
-
غزة ..القبر الكبير الذي فتحه الفكر المتطرف
-
الحياة أبدا ً لا تستقم .. والإنسان يعاني أكثر مما يستطيع
-
أبرياء .. ولكن
-
-تشنجات الدين في المجتمع المصري وملامحه -.
-
لماذا تعتبر المرأة ناشزا ً لو كان أمر الزوج الموجب للطاعة مخ
...
-
هل من حق الزوج إكراه زوجته على المعاشرة الجنسية دون رضاها ؟؟
-
هل الحجاب هو تكليف اسلامي من قبل الله سبحانة و تعالى على كل
...
-
هل الحجاب هو تكليف اسلامي من قبل الله سبحانة و تعالى على كل
...
-
سبع شمعات مضيئة في حياة أجيالنا
-
متى نحكم قبضتنا على الإرهاب ؟؟
-
جريمة إغتيال عقولنا على من تقع ؟؟ الراوي أم المروية أم المرد
...
المزيد.....
-
مقتل 42 شخصا في أحد أعنف الاعتداءات الطائفية في باكستان
-
ماما جابت بيبي..استقبل الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي وتابعو
...
-
المقاومة الإسلامية في العراق تعلن مهاجتمها جنوب الأراضي المح
...
-
أغاني للأطفال 24 ساعة .. عبر تردد قناة طيور الجنة الجديد 202
...
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|