|
قفل قلبي(رواية)13
تحسين كرمياني
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 21:33
المحور:
الادب والفن
الورقة السابعة عشر
ـ علينا أن نكتم الأمر.. ـ هذه الأمور ليس بوسع القبور طمرها.. ـ سأعيدك لسابق شبابك.. ـ وهل بقى شباب في زمن الحرب.. ـ أنت تملك قوّة غير طبيعية،فقد طاوعني كي تسترد نفسك.. ـ تبنين سعادتك على أنقاضي.. ـ يا ولد..(الحفّافة)حكت لي كل شيء.. وجدت لساني يتجمد،وجسدي يرتعش،باغتتني بهجوم عنيف: ـ بنت عمك كانت حاملاً منك.. ـ لا..لا.. ـ (هي)كانت حاملاً منك.. ـ لا..لا.. ـ تلك الصبية..حملت منك.. ـ لا..لا.. ـ لولا عمرها..لكانت(الحفّافة)حاملاً منك.. ـ لا..لا.. ـ وقد أكون أنا حاملاً منك..!! ـ لا..لا..لا..لاااااااااا.. ـ كنت أعرف كل شيء،كنت تهرب في الليل إليها،لو كنت أمّك الحقيقية لما سمحت لك أن تغرق في الرذيلة..!! أنهضتني وقادتني بعدما فقدت صلتي بالأشياء،فقدت وعيي تماماً،لا أعرف كيف مشيت،أنا على يقين أنها حملتني،أدخلتني إلى الحمّام،أجلستني تحت الدش،بعد سيل ماء بارد،وجدت وعيي يسترد عافيته، وجدتها مثلما كنت أجد(هي)تفرك جسدي،تحاول أن تعيدني لسابق عنفواني،غامت عيناي،مازلت أجهل الحقيقة،ما زلت غير مصدق ما سمعت،في تلك اللحظة وجدت(هي)واقفة كما كانت تقف أمامي،فتحت ثغرها،ندت تأوهاتها الدائمة،بدأت رقصتها الأثيرة،استدارت حولي،بدأ الرنين يتفاقم، بدأ الجسد يتفاعل،تلك هي نقطة ضعفي،القشة التي تقصم ظهري،ومضيت أندمج..!! ـ لم أنت مختلف اليوم.. ـ لا أعرف،ربما سئمت المدن الرثة.. ـ ماذا تعني يا ولد.. ـ المدينة الثانية هي من تلهب حماستي.. ـ لك ما تريد.. داخل الحمّام،تحت رشاش الماء البارد،ارتفعت الرايات السيقانية،ارتفعت تأوهات الشهوتين،فاضت الأغوار بالطوفان،فجأة بدأت تنتحب،خلتها من ألم..همست في أذنها: ـ لم تبكين.. ـ مثل هذا الموقف مررت به.. ـ كيف ومتى.. ـ يوم أدخلني أبوك إلى البيت،كنت في الحمّام لحظة وجدته يتوسل أن أدخله،فعل مثلما فعلت أنت..!! ـ فرخ البط عوّام.. ـ هو أيضاً كان يرغب المدينة التي ترغب أنت..!! ***
(5)
وجدت نفسي في ضيق تام،نحيت أوراق الولد الشقي جانياً،وجدت النوم خير ملجأ لي،نمت قليلاً قبل أن أشعر بالفجر ينبلج،لم أتعود النوم فجراً،أخرجت مذياعي الصغير من الحقيبة ورحت أبحث عن صباحيات(فيروز)،سرعان ما بدلت رأيي ومضيت أصغي إلى ترتيل مبارك للقرآن الكريم،في تمام الساعة التاسعة دخل علي آمر الوحدة الطبيّة،حيّاني ورديت تحيته..قال: ـ اعتبره وساماً خالداً.. ـ أليست الأوسمة للصدور سيدي.. ضحك ضحكة مفتعلة..قال: ـ عليك أن تلعن من تسبب في بتر ساقك.. ـ ليس من شيمة الطبيب الشتيمة سيدي،كل شيء مكتوب.. ـ اليوم ستغادر المشفى،تذكرنا دائماً وأطلب لنا السلامة.. ـ أرجو أن تنتهي هذه الحرب ونلتقي سيدي..!! ذهب وتركني بمفردي،لملمت أشيائي القريبة من سريري،وفي تمام الساعة التاسعة والنصف كان يرافقني جندي إلى الكراج،كنت أمشي على عكاز،لكم وددت أن تكن الإصابة في القلب لتخلصت من حياة ستغدو جحيماً لو دامت الحرب،بارحني الجندي بعدما تأكد من دخولي إلى مركبة تاكسي خصوصي..قال: ـ أنت لا تستحق هذه الإصابة يا دكتور.. ـ كل شيء مرسوم بحكمة.. ـ أنت صنعت نفسك لمعالجة الحياة لا للحرب.. ـ الحرب نار هوجاء،تحرق الأخضر واليابس.. تحركت المركبة ورحت أشغل نفسي وأهيأ نفسي لمواجهة بكائية عارمة..!! *** قالت الأم بعدما كفكفت دموعها: ـ عليهم اللعنة،أخذوا أباك وأتوا به قتيلاً،واليوم أخذوك وأتوا بك قعيداً.. ـ هوني عليك يا أمي،سأعمل لنفسي ساق اصطناعية،كل شيء سيمضي بسلام.. قالت الزوجة: ـ يا حبيبي،سأفرح نفسي كونك عدت حيّاً يرزق.. ـ دعا الحزن جانباً،لنبدأ حياتنا كما نرغب.. قالت أمي: ـ سأفي بنذري،قررت أن أذبح عجلاً عند عودتك.. ـ هيّا يا أمي عجلّي بحضور عجلك،لنجعلها عيداً جديداً لنا..!! *** في الليل،كنّا أنا وزوجتي الدكتورة في غرفتنا،وجدت شوارد الحزن يتمسك بجفنيها،سحبتها إلى صدري..قلت: ـ الأطباء لا يبكون..!! قالت: ـ أنت تستحق البكاء يا زوجي.. ـ هيّا تحدثي لي عن أوقات فراغك.. ـ أنت ستحكي أولاً.. ـ عن الحرب.. ـ أكره كلمة حرب.. ـ أنا أيضاً أمقتها،كلما أسمع كلمة حرب،أشم رائحة(البراز).. ـ ماذا كنت تعمل،هل كنت تتذكرني.. ـ أنا واضح القلب،واضح النظرات،أنت حواءي يا دكتورة.. ـ وأنا ظللت أتحرك باسمك..!! ـ البارحة فقط،وجدت نفسي في سأم مباغت،لم أتخلص من براثنه إلاّ باللجوء إلى أوراق الولد الشقي..!! ـ أما زلت تهتم به.. ـ رغبة بدأت تلح.. ـ وما هي.. ـ رغبة كتابة رواية..!! *** تبادلنا الهمسات،تبادلنا التحرشات الليلية،وجدتها أكثر ظمئاً،انتهينا من مراسيم رفع الشوق،ونزفنا ما فينا من مياه الأوجاع..قالت: ـ وكيف تمارس الوظيفة.. ـ سأتقاعد لأسباب صحية،وأتفرغ لعيادتي.. ـ ستخسرك المدينة.. ـ على الحكومة أن تفكر بهذا الأمر..!! ـ عليهم اللعنة،لا قيمة للبشر عندهم،رغبتهم تحقيق ذواتهم ولو تطلب ذلك سحق الناس.. ـ ثقي..في الجبهة وجدت مهندسين يحفرون خنادق بأيديهم،مدرسون يقفون بباب الآمر يحرسونه،أصحاب شهادات وكفاءات يمارسون أعمالاً لا تمت للحياة بصلة واقعية وإنسانية،الحياة غريبة هناك يا زوجتي.. ـ ثق يا عزيزي،ستتدهور الحياة هنا،علينا أن نفكر بقوادم الأيّام،علينا أن نفكر بالرحيل.. ـ الرحيل..!! ـ لم لا..الأطباء لا قيمة لهم في بلاد تتجول فيها البنادق ليلاً ونهاراً.. ـ ولكن ألسنا نرتكب خطأً.. ـ وما الخطأ في الأمر.. ـ أن نترك ناسنا وبلادنا..!! ـ أخشى أن يسحلوا الطبيبات إلى الجبهات،لابد أن هذا سيفكرون به في المرحلة القادمة.. ـ كل شيء وارد،كل شيء،طالما الرؤوس عنيدة..!! *** نامت الزوجة،وجدت نفسي لا أرغب بالنوم،في غمرة توهاني،انداح رنين راح يغمرني بجرسه الجاذب،سحبت من فوق الطاولة قرب رأسي حزمة أوراق الولد الشقي،ورحت أندمج..!! *** *** في صالة الطعام،كان يجلس أمامي وكانت(الأم)تتحرك بنشاط خاص،كأنها يوم زفافها،نفسي تعتمل،وروحي تختلج،يداعبني ظن،يلح علي أن أكشف نفسي،أن أقول ما عشت بصراحة وأقرر أن أتخذ إجراءاً مناسباً بحق نفسي،ليس بوسع المرء مهما كانت درجة لا إنسانيته ومهما قسى قلبه أن يجلس أمام ضحيته،على مائدة طعام وأنثى مشتركة تقوم على أكمل وجه بالخدمة،راح القلق يفترسني،أحاول أن أكظم غيضه،أن أروّض الانفعالات التي راحت تفضحني،انتبه لوضعي..همس: ـ لست على ما يرام.. ـ وهو كذلك.. ـ هل تشعر بوعكة.. ـ ليس وضعي جراء علّة.. ـ أنت بحاجة إلى عمل،غداً جهز نفسك،سنقوم بجولة في البستان.. حضر الطعام،ليس بوسعي أن أتذكر كم تناولت،على ما أظن،أنني كنت أوهمهما بتحريك يدي ومداعبة الملاعق،انتبهت(الأم) لذلك: ـ لم لا تأكل.. ـ لا أشعر بالجوع.. قامت وأتت بصحن فواكه،وحده التفاح أثار اهتمامي،وجدته يانعاً،لا أعرف كيف امتدت يدي وسحبت واحدة بدت مثل قرص الشمس قبيل الغروب،دنتها من فمي،غامتا عيناي،عميقاً..بعيداً.. سافرت،قبل أن أشعر بيدين تمسكاني،وجدت(الأم)واقفة وأنا واقف،للحقيقة أقول لا أعرف كيف حصل ذلك،أنا ألقي بالتبعة على فاكهة التفاح،وحده المثير من بين كل أنواع الفواكه،كونه الفاكهة المفضلة لدى(هي)كانت دائماً تناصفني كل واحدة ترفعها من صحن اللقاء..قالت(الأم): ـ ماذا دهاك.. ـ لا أعرف.. ـ أتريد أن تفضحنا يا ولد.. ـ لا أعرف..نسيت نفسي.. ـ ألهذه الدرجة أنت ترغب في ذلك.. ـ قلت نسيت نفسي،دعي الموضوع جانباً.. ـ لا تعد لمثل هذه الحماقات ثانية.. ـ حسناً..لن أعود لذلك ثانية،أين هو.. ـ داخل الحمام.. ـ أريد أن أخرج.. ـ لن أسمح بذلك.. ـ أشعر بضيق.. ـ أصعد إلى غرفتك.. في تلك اللحظة جاء العم.قالت(الأم): ـ الولد يشعر بتعب،يريد أن ينام.. أجاب العم: ـ فليذهب إلى غرفته،تذكر أنك غداً في مهمة.. ذهبت إلى غرفتي،غرفة(هي)،الغرفة الكونية التي جابهت الظلام بأشهى أنواع الأنس،تمددت على سريري،تذكرت حماقتي،لابد أن أذكرها لك،في لحظة قضمت التفاحة،غشاني موج شوق عارم،مثل ذلك الموج كان يحصل عندما نكن معاً،أنا و(هي)،كانت تطعمني التفاح،قضمة بقضمة قبل أن تتحول إلى قبلة بقبلة،مثل ذلك الموقف حصل بيني وبين(الأم)،وجدت(هي)أمامي،واقفة،لا ترغب أن ترقص،قلت لأرقص أنا هذه المرة،تعريت وما كدت أن أرقص،حتى أوقفتني(الأم)،لا أعرف كيف ومتى خرج العم،كانت تلك زلة لا تغتفر لو حصل الأمر بوجوده..!! *** على طرقات خفيفة نهضت من نوم الأصيل،وجدت(الأم)واقفة تريدني أن أتناول شاي(العصرية)، هبطت وراءها،لم يكن العم موجوداً،جلست أمامها،شربت قدحي كاملاً،طلبت قدحاً آخر..قالت: ـ بدأت تشرب الشاي كثيراً.. ـ أريد أن أخرس الوجع البطني الذي يرجف أوصالي.. قامت وأتت بقدح آخر،لم تجلس،ذهبت وعادت بيدها ألبوم صور،جلست لصقي وراحت تقلب الصفحات النايلونية السميكة،مدت سبابتها وأشارت إلى امرأة سمراء واقفة وفي حضنها طفل.. قالت: ـ هذه أمك وهذا أنت.. للحق أقول،كنت قد نسيت تلك الصوّر رغم أنها كانت قريبة وفي متناول يدي،دققت في عينيها،كانت أمي وسيمة،لم أعرف لم فضّل أبي عليها هذه الغجرية الجالسة لصقي،رغم جمالها وطولها الفارع،قلّبت صفحات أخر،أرتني المزيد من الصوّر،أرتني صوّر نفسها،وصورة يوم زواجها من أبي..قالت: ـ هذه الصورة يوم غادرنا القرية،قبل أن تلقيك أمك وتغادر البيت.. تداخلت الأمور،لم أعد أفرزن الأشياء،الخاطئة والصحيحة،رفعت عيني ونحتهما في عينيها..قلت: ـ هناك أسرار كبيرة..هذا ما أشعر به الآن.. ـ أنت ولد ذكي،كان يمكن أن تكن كما رغب أبوك محامياً.. ـ دعينا من تلك الأيّام السالفة..هناك أشياء غامضة في حياتي.. ـ يجب أن تعرف كل شيء،يجب أن تعرف أنت بلا أعمام.. ـ ماذا.. ـ تلك هي الحقيقة.. ـ ومن تكن تلك التي أردتما أن تربطاني بها.. ـ كانت بنت أخي الغجري..!! *** تنكشف الأوراق،تختلط الحقائق بالأكاذيب،مفكك الإرادة أنا،لم أعد أفهم الناس من حولي،رغبت أن أعود للجبهة وأقرر الإقامة الدائمة هناك في السواتر الرملية،وجدت الحياة غيمة سوداء من غير مطر،غيمة تدحرجها الرعود البرقية والزمهريرات الفارغة،لكن(العم)الذي هو الآخر(عم)من غير صلة رحم،قام بمجهوده الشخصي وبدعم كامل من أمواله ودرجته الحزبية النادرة في تلك الأيّام،حرّك أوراقي في لجنة(شرحبيل)،وتمكن من كسب القرار حول تسريحي من العسكرية،لم أفرح بطبيعة الحال،رغم حياة الجبهة الجحيمية والموت المؤكد،جاءني بالأوراق من غير أن أرافقه،بدا مرتاحاً،وضع أوراقي على الطاولة..قال: ـ غداً فقط ترافقني إلى دائرة التجنيد لننهي القضيّة كاملة..!! *** مرة قالت(هي)،وكان ذلك قبل موتها بشهرين على أقل تقدير: ـ أنت تحدق في بذهول.. ـ عيناك جديدتان يا ليمونة.. ـ وما الجديد فيهما.. ـ عيناك تتكلمان بجرس بابلي،عيناك لا تخجلان أبداً.. ـ آه..يا لك من ولد ذكي،هذا الكلام سمعته..من..من..!! ـ من من.. ـ من..من..ألا تزعل.. ـ لا زعل بيننا.. ـ من الجرّاح..!! ـ الجرّاح.. ـ نعم هو أيضاً قال لي عيناك جديدتان.. ـ وما المناسبة في قوله ذلك.. صمتت،وجدت في عينيها شوارد سر يكاد أن يندلق،صمتت أكثر مما يجب،شعرت بشيء من الغيرة،قمت وذهبت إلى النافذة،تلك هي حجتي الدائمة،كلما أشعر بضيق أو بعدم وضوح معها أنهض وأتجه إلى النافذة،دائماً تأتي وراءي،تقف لصقي،تلثم كتفي،تعرف نقطة ضعفي،تداعب الكائن المشاغب،تجلس لتخفيه بين صفي أسنانها،أعادتني لصوابي..همست: ـ دائما أرغب تجنب ما يجرحك.. ـ بل أكن ممتناً حين تدلقين أسرارك.. ـ لكنك تزعل.. ـ كلا..أريد كل شيء بوضوح ومن غير مواربة.. ـ الجرّاح..!! ـ ماذا به.. ـ فعل معي..!! ـ كيف ومتى.. ـ يوم رافقت الرجل،تفاجأت به هناك.. ـ يا له من كلب.. ـ جاءنا في اليوم اللاحق،لم أمتلك أدنى وسيلة ممكنة أدافع بها عن نفسي،أخذني من غير رغبة مني مرتين وتوارى..!! *** نعم أيها الدكتور،كل هذا ليس من بنات خيال يريد أن يجعلك أن تتدحرج من قمة وعيك إلى دهليز شائك المسالك،تلك التي تحينت فرصة فقداني رشدي وحققت حلمها اللحظوي،لم تكن بنت (عم)،بل واحدة جلبتها(الأم)التي تبينت فيما بعد ليست والدتي،أقنعت أبي وأرادت أن أغدو مثله،كائناً يستسلم لشهواته الحيوانية،(هي)المثالية،التي كانت نجمة لا تطالها يد سوى يداي،فيما بعد ظهرت أنها سقطت فريسة كائنات لا ترحم،تلك الحفّافة،وتلك الصبية وأنا أيضاً،كل شيء خرج من فلكه،كيف لا استعجل الرحيل،كنت في غرفة الليل،الغرفة التي حسمت مصيري،لحظة قلّبت أوراق حياتي السالفة،لم أجد ورقة تستحق البقاء،ركام أحداث لا مألوفة،قبل أن ينشر الباب تفاصيل رغبة قادمة،عرفتها،لم تطرق أكثر،دفعت الباب ووقفت،بدت ليست هي،ليست تلك المرأة التي أسقطت أبي في فلكها،ناثرة شعرها،خارجة من حمّام تجميلي،سحرتني بقوامها الرشيق،بعينيها الواسعتين،ظلّت واقفة،تبتسم،تريد نداءي،جلست من فراشي،وقفت إزاءها،غامتا عيناي،تقدمت وعطر الفرح يمشي أمامها،ضرب قلبي بعنف برقي..قلت: ـ ماذا وراءك.. ـ لا أطيق الوحدة.. ـ وأنا لا أرغب الرفقة.. ـ أنت تكذب يا ولد.. لم أسمعها من قبل أن تتهمني بهذه الكلمة،وقفت أستجمع غيضي..باغتتني: ـ كنت دائماً تكذب علي.. ـ وماذا تريدين،هل أشرح لك دقائق حياتي.. ـ كنت تسهر في هذه الغرفة كل ليلة.. ـ من قال هذا.. ـ أنت قلت ذلك.. ـ أنا.. ـ كلما تنام تهذي،لسانك يقول شعرا،تقول كل شيء يا ولد.. ـ أنا عليل.. ـ علّتك عاطفتك المفرطة.. ـ لا تحشريني في موضوع لا ينفع.. دنت من السرير وجلست..قالت: ـ خرج ليرتب لك الأمر.. ـ أمر.. ـ غداً ستكون المسؤول على بساتينه وأمواله.. ـ ومن قال أنني سأبقى هنا.. ـ يا ولد أعقل،وافقت على ذلك في الظهيرة.. مدّت يديها الغجريتين،راحت تمسد فروة الرأس،ألقت برأسها في حضني،ليس بوسعي الصمود، كانت تلك من ألعاب(هي)،لم أكن أرغب تعجيل سكب العواطف،لعبة تعلمتها من(هي)،بل كانت(الغجرية) لنسمها هكذا،تريد الخوض في بحر الظلمات..قلت لها: ـ ماذا يعمل معك.. ـ مسكين يمتلك سلاحاً نادراً لكنه هامد.. ـ وهل يربط اللولب.. ـ لولب.. ـ اللولب المطاطي.. ـ وما أدراك به.. ـ (هي)ماتت بسببها.. ـ رفضت ذلك وظلّ يتوسل،أخطرته بخطورة فعلته.. ـ وكيف يصنع.. ـ كل شيء إلاّ الفعل.. ـ يا له من رجل مسكين..!! ـ دعنا لا نضيع الفرصة.. دفعتني على ظهري،وراحت تلاطفني كما لو أنها فتاة،تعرت وراحت ترقص أمامي،مثلما تفعل(هي)،ألقت بنفسها علي..همست: ـ خذني يا ليمون بعنف.. ـ ليمووووووووووووووووووووووووون..!! *** لم اعرف كيف نمنا،ولم نمنا،جفلت على طرقات الباب،وجدت الظلام يعم العالم،كانت(الغجرية)نائمة على الأرض،وكنت ممدداً في فراشي،شعرت بموقف محرج،لم أجد ما يفضح،ربما(الغجرية)قامت بترتيب الأمور بعدما غطّيت في النوم،فتحت الباب،وجدته يقف بكل وجوم،بكل احترام،فسحت له المجال كي يدخل،ألقى نظرة على عروسته..قال: ـ يبدو أنك تحسنت.. ـ أجلس يا عم.. ـ ليس هذا وقت جلوس.. بركت ورحت أهز كتف عروسته..قال: ـ دعها تنام.. ـ كلا أنت تحتاجها يا عم.. في تلك اللحظة قامت ودهشت للموقف..قالت: ـ عاوده الكابوس وبقيت قربه.. ـ جئت للتو،كنت في سهرة مع أصدقائي،أبقي عنده،غداً لدينا عمل كثير.. هبط وتركنا،تلاقت أعيننا،هزت(الغجرية)رأسها وهي تنثر شعرها..قالت: ـ أتدري شيئان أدخلا السعادة إلى روحي.. ـ ما هما.. ـ هذا(مدت يدها ولا مست كائني)و..سلاح أبوك..!! ***
#تحسين_كرمياني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
قفل قلبي(رواية)12
-
قفل قلبي(رواية)11
-
قفل قلبي(رواية)10
-
قفل قلبي(رواية)9
-
قفل قلبي(رواية)8
-
قفل قلبي(رواية)6
-
قفل قلبي(رواية)7
-
قفل قلبي(رواية)5
-
قفل قلبي(رواية)4
-
قفل قلبي (رواية)3
-
(قفل قلبي)رواية 2
-
(قفل قلبي)رواية1
-
الحزن الوسيم(رواية)9 القسم الأخير
-
الحزن الوسيم(رواية)8
-
الحزن الوسيم(رواية)7
-
الحزن الوسيم(رواية)6
-
الحزن الوسيم(رواية)5
-
الحزن الوسيم(رواية)4
-
الحزن الوسيم..(رواية)3
-
الحزن الوسيم..(رواية)2
المزيد.....
-
اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار
...
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|