|
حمى المطالبة بالإنفصال في الوطن العربي
علي جديد
الحوار المتمدن-العدد: 2919 - 2010 / 2 / 16 - 02:39
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
قليلة تلك الأسباب التي تفجر الأوطان .. القومية كانت دائما ذلك السيف الذي إن لم تقطعه قطعك .. فعلى امتداد خريطة العالم العربي تنتشر النقاط المضيئة لشعوب تتحدى الموت و التهميش .. ترفع صوتها نهارا جهارا مطالبة بالحكم الذاتي أو الإنفصال كرد فعل طبيعي على الهجمة الشرسة للقومية العربية و دعاة التطهير اللغوي و الثقافي و الديني .. و لقد جاء في كتب التاريخ أن نار الحروب لم تخمد في أوروبا و غيرها إلا بعد أن تمكنت شعوبها من إجتتاث هذا المرض الخبيث .. " عبر كلها الليالي و لكن **أين من يفتح الكتاب و يقرأ " .. إن ضحايا القومجية في العالم العربي وصمة عار في جبين العرب و خيانة كبرى في حق الأجيال اللاحقة .. فباسمها أبيدت القرى على بكرة أبيها .. و أميتت اللهجات و همشت الأقليات و استبعدت لغاتهم من المدارس و الدساتير .. و أكره الرجال على تطليق زوجاتهم و مغادرة أوطانهم .. ورملت النساء و يتم الأطفال .. وبسببهما انتشر الإرهاب العابر للقارات و شوهت صورة المسلمين في العالم .. و على الرغم من إدراك أصحاب الحل لهذا كله إلا أنهم ليسوا على استعداد لتقبل الديموقاطية و حقوق الإنسان .. فيلدغون من الجحر مرتين لكونهم لا يستفيدون من التجارب المريرة التي حطمت ظهور و كبرياء نظرائهم في الدول العربية وسببت لهم فصولا من العار الذي يطارد أصحابه أمام المحاكم الدولية و حتى في ظلمة القبر عقابا لهم على الصفحات السوداء و الطويلة من الألم التي كتبوها في كتاب حياة شعوبهم .. مما يؤكد أن أوهن البيوت بيت القومجية ..
إن ما يقع للأقباط في مصر ليس بعمل فردي كما تدعي السلطات المصرية بل هو صادر عن عقيدة متأصلة في العروبيين مند دخول عمرو بن العاص بجيوشه الجرارة إلى بلاد الأقباط .. ومنذ ذلك الحين و هذا الشعب الطيب يتجرع سموم الحقد و التطهير الثقافي .. ولما كان للصبر حدود ارتفعت أصوات الأقباط منادية الإنفصال .. و بالرغم من فاتتها إلا أن وقعها في الشارع المصري و الدياسبورا أقوى بما فيه الكفاية لجعل منظري القومية العربية و الإسلام السياسي عبد الناصر و سيد قطب يتململون في قبورهما خوفا على أيديولوجيتهما من الزوال .. وهي زائلة لا محالة .. وما هي إلا مسألة وقت لأنه لا شيء قادر على الوقوف في طريق إرادة الشعوب ..
أما بيتها بالسودان فقد تصدعت كل جدرانه .. فبعد عام سيسقط الجانب الجنوبي إن لم يكن قد سقط قبل هذا الزمن .. و الجانب الشمالي/دارفور .. بلد 4 مليون لاجيء و 400 الف قتيل – فسيسقط لا محالة و سيسقط معه أوراق الزمن العربي المر بسقوط النظام السوداني الذي يتحدى المنطق في سعيه الحثيث منذ عقود الى تحقيق "الوحدة الوطنية " متكئا على عصاه الهشة و المتمثلة في المرجعيتين الدينية و اللغوية و التين أثبتتا فشلهما الدريع في توحيد العرب طوال تاريخهم المتميز بالصراعات و الإقتتال .. و لو شائت الأقدار لعنطرة بن شداد أن يبعث اليوم حيا لتراءى له أن حرب البسوس مازالت لم تضع أوزارها بعد ..
لا شك أن نفس الخطأ سيعاد ارتكابه في الجزائر حيث لا تثار قضية " الوحدة الوطنية " إلا عندما يطالب الأمازيغ بحقوقهم اللغوية و الثقافية .. هذا ما يؤكده المتحكمون بزمام الآمور في بلد ( 30 مليون فقير ) و المتسلطة على رقاب القبائل منذ الاستقلال .. فالتاريخ شاهد على أن الأمازيغ لم يكرهوا يوما لغة العرب و لم يرفضوا دينهم و لكنهم يمقتون أيديولوجية القومية العربية لكونها لا تطيق الإعتراف بلغة أخرى و أناس آخرين يواجهون آلتها الحربية بصدور عارية حاملين أرواحهم في أكفهم مطالبين مرغمين بالإنفصال بعد أن لم تجد دعوتهم بالحكم الذاتي آدانا صاغية ..لأنهم تعلموا من أجدادهم تهيا و حنبعل مباديء الحرية و النبل الإنساني و أن "ماء الحياة بذلة كجهنم ** و جهنم بالعز أطيب منزل "..
أما الأزمة الداخلية لليمن فتزداد سخونة و تؤكد أن القوميين الماسكون بزمام الأمور هناك يقفون ضد طبيعة الأشياء .. و يريدون الاستمرار في توحيد الجنوب و الشمال بقوة السلاح .. ولا أحد يستطيع أن ينظر إلى الوضع باليمن دون أن يلاحظ مظاهر السخط و الإحباط في وجوه اليمنيين الجنوبيين منهم و الشماليين الشيعة و المسلمين عندما اكتشفوا أن حلم الوحدة ماهو إلا كابوسا مزعجا يستحيل تحقيقه مادام النظام العروبي هناك لم يغير ما بنفسه لأنه إذا حدث كذب و إذا وعد خلف .. لقد حان الوقت ليدرك العروبيون أنه إذا لم يكن من الإنفصال بدًٌ ‘ فمن العار أن يستمرٌ الإنسان في قهر أخيه الإنسان ..
و عند المثقفين المغاربة عبادات كثيرة و لكن العبادة الأكثر رواجا هي عبادة القومية العربية .. فهي الوحيدة التي هم مستعدون للتضحية في سبيل مجدها بالغالي و النفيس و التي لا يخشون في الجهر بحبها لومة لائم .. و يعتقدون في قرارة أنفسهم أن المغرب هبة القومية العربية التي لولاها لبقي البربر في كهوفهم ساكنين و لجلود الحيوانات لابسون و لثمار الأشجار آكلين .. و التي لولاها لزال المغرب كما أزيلت تمود وعاد بالقارعة .. متجاهلين أن الحقيقة التي لا تنتطح عليها عنزتان هي أن الذين قدموا أرواحهم قربانا لهذا البلد العزيز قد قدموه في طبق من ذهب لمن لا يهمهم أن يمرغوا وجهه في التراب بين الأمم .. إلا أن الأمازيغ كانوا لهم دائما بالمرصاد .. فجاءت المبادرة الملكية بإعطاء الأقاليم المغربية الجنوبية حكما ذاتيا و تمتيع باقي جهات المملكة بجهوية موسعة خطوة في الإتجاه الصحيح الذي طالما نادى به الأمازيغ و هبوبا للرياح في الإتجاه المعاكس لسفن القوميين العرب التي لا تشتهي إلا رياح الإستغلال و الإستعباد و التسلط .. كما شكل انطلاق أول قناة تلفزيونية باللغة الأمازيغية بالمغرب مقدمة لرفض المغرب للتبعية العمياء للمشرق .. و ضربة وقائية و تلقيحا ضروريا ضد فيروس القومية العربية و الإسلام السياسي الذي أودى بحياة الأندلس و أطلق رصاصة الرحمة على النظام البعثي في العراق و قطع أوصال السودان و أشعل فتيل الحرب بالجزائر و يهدد باقي الدول العربية بإصابة أجسادها بالحمى إذا لم تسارع إلى استئصال هذا الفيروس قبل فوات الأوان .. وقد أعذر من أنذر ..
هذه بعض جنايات القومية العربية على خريطة العالم العربي و منها الكثير .. لهذا يبدوا أنه على الدول العربية لتغير ما بنفسها أن تلتجيء إلى التداوي بالحكم الذاتي الذي هو نوع من التداوي بالتي ليست هي الداء قبل أن يفرض عليها الإنفصال كشر لا بد منه .. فإمساك بمعروف إذن أو تسريح بإحسان ..
#علي_جديد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وصايا طارق بن زياد -العروبي-
-
الأمازيغ: -حواريو النبي محمد (ص)-
-
العرب و اليهود و احترام العالم
-
العرب والهلوكوست اللغوي
-
الأمازيغ و الصواريخ العربية العابرة للقارات
-
سبحان الحاكم العربي العظيم ! !
-
ذهبت أخلاقهم فذهبوا ...
-
عدالة الشيطان
-
عندما يستنجد بوش و أوباما بالأمازيغ
-
رسالة إلى الرئيس أوباما
-
- العروبة - إله العرب الجديد
-
امة اقرا لا تقرا
-
اعتبروا يا أولي الألباب !
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|