أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعد هجرس - سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع















المزيد.....



سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع


سعد هجرس

الحوار المتمدن-العدد: 2918 - 2010 / 2 / 15 - 18:18
المحور: مقابلات و حوارات
    


لحديث مع «سعد هجرس».. حديث له طبيعة خاصة، فهو ليس كاتباً صحفياً، ولا سياسياً فحسب. ولكنه مفكر تغلب على ارائه الطابع الفلسفي، بحكم دراسته الاكاديمية وتجربته السياسية والصحفية التى تمتد الى نصف قرن..«سعد هجرس» يكتب وفق «مشروع قومى» أعده بنفسه لكتاباته، وأحاديثه ورؤيته لمستقبل الوطن. هذا المشروع مثل كل المشروعات النهضوية، لابد أن يصطدم بـ «الخرافة»، والافكار الرجعية بمختلف اشكالها، ولكنه يلقى الصدى لدى المهتمين بمستقبل وغد افضل لهذا الوطن.
تحولات ومتغيرات عديدة شهدها كاتبنا الكبير فى محطات حياته، غالبيتها –وان لم تكن كلها- مليئة بالمفاجأت. فقد نشأ بين افراد عائلة تنتمى بفكرها الى جماعة «الاخوان المسلمين» فى مدينة المنصورة، وكان التحول الكبير فى فكره عندما انتقل الى القاهرة لينفتح على العالم ويرى مالم يكن يستطيع ان يراه فى الريف!
وفى مرحلة الشباب اصطدم بثورة يوليو، رغم انه من المؤمنين بمبادئها ، وانضم بعدها الى «اليسار المصري»، معلناً- وزملاؤه – خلافه مع الثورة. لم يسع يوماً الى ان يكون صحفياً، ولكن الظروف هى التى قادته الى طريق «مهنة البحث عن المتاعب» وكانت بالفعل «متاعب» كبيرة، ظهرت عندما ترأس تحرير صحيفية «اتحاد الشعب» اليسارية فى منتصف الستينات من القرن الماضي، واعتقل بعدها عدة مرات...رغم هذه الرحلة الطويلة، فقد ظل «سعد هجرس» مؤمناً بفكرة « الدولة المدنية» ويرى انها الخلاص لكثير من مشكلات مصر، وهو ما يتلاحظ فى كتاباته خلال الاعوام القليلة الماضية. فهو – ايضاً – من المطالبين بأن تكون «الشرائع السماوية» هى المصدر الرئيسى للتشريع حتى يكون الجميع سواء امام القانون والدستور...حول رحلته الفكرية والسياسية والصحفية على مدى نصف قرن كان هذا الحوار..
* أولاً.. لا استطيع ان اخفى حيرتى.. وربما انزعاجى وانا اقوم بإعداد اسئلة حوارى معك، وخاصة محاوره المتعددة.. فكلما احسست انى اقتربت من النهاية، اجد الدائرة تتسع من جديد.. امام افكار جديدة بين سطور كتاباتك..
** لا حيرة.. ولا غيرها.. القضية ابسط من ذلك بكثير، فالحقيقة اننى لا اكتب بـ«المناسبات» او أعلق على احداث..
*ماذا تقصد بـ «كتابات المناسبات»؟
**لأننى لا انتظر الحدث، ومعنى ذلك اننى لا أربط هذه الكتابات بالحدث. فأنا لدى «مشروع» للكتابة، ومهموم بقضية تحديث مصر، بمعنى ان تكون مصر دولة مدنية حديثة، وهذا التحديث لابد وان يتم قبل ان نختلف على توجهها سواء كانت اشتراكية ام ليبرالية..
* كما هو معروف لدى المقربين منك فأنت من مواليد مدينة المنصورة «عاصمة محافظة الدقهلية».. كيف ساهم مكان المولد بالدلتا المصرية، والمناخ العام – آنذاك- فى تكوين شخصيتك وتوجهك.. وفكرك؟
** لا شك ان النشأة ساهمت فى جزء كبير من تكوين شخصيتى، فقد نشأت فى المنصورة، وظللت بها حتى الصف الاول من التعليم الثانوي، وساهم التعليم فى تشكيل وجدانى خاصة أنه كان تعليماً يتمتع بقدر كبير من الحرفية، وإن كانت بدايته فى شكل «كتاب» صغير، ولكنه كان فصلاً تعليمياً مهماً وفقاً لطبيعة الريف. والغريب - وربما المثير- أننى نشأت بين أفراد عائلة تميل إلى السلفية أو الأفكار الإخوانية برغم أن والدى كان ليبرالياً ويميل إلى المبادئ «الوفدية». ولهذا السبب أسمانى «سعد» . وللأسف فقد كان المجتمع المحيط بى مشوباً بالتعصب الفكرى وربما الغرور وهى الآفات الناتجة عن الإنغلاق الفكرى، وكان زعماء الإخوان يترددون على منزلنا فى المنصورة. وبالفعل اؤكد أن هذه المرحلة كانت مرحلة «منغلقة»، فلم يكن أمامى سوى هذا الفكر الذى يستغل البيئة الزراعية للانشار والتوسع وظللت على هذا الوضع إلى أن حدثت النقلة الكبرى فى حياتي، وكان انتقالى للعيش والإقامة بالقاهرة..
استغلال التخلف
* قبل أن نتطرق الى انتقالك للقاهرة..قلت كان هناك نوع من الانتشار للأفكار الإخوانية فى الريف، وتحديدا وقت دراستك الابتدائية. وفى هذا التوقيت كان الحركة الليبرالية تتمتع بقبول مجتمعى، وهى التى أوصلت «الوفد» إلى سدة الحكم كيف يكون الحكم «ليبرالياً» والتغلغل «إخوانياً»؟!
** للحقيقة لا أستطيع أن أطلق عليه «تغلغلا» كاملا، ولكنه استغلال لطبيعة المجتمع الذى كان يعانى من التخلف والفقر. وفى هذا التوقيت لم أكن استطيع إدراك ذلك ولكن من خلال دراستى لتاريخ مصر فيما بعد استطيع أن أؤكد أن الإخوان لم يستطيعوا التحرك بأفكارهم وسط المجتمعات المتفتحة، ولكن أفكارهم كانت تلقى صدى لدى المجتمعات المتخلفة التى تعانى من الفقر والإنغلاق. وهنا انا لا أتحدث عن مدينة المنصورة ولكن عن القرى الفقيرة المجاورة لها. فقد كان الإخوان يوجهون أفكارهم لهذه المجتمعات التى نطلق عليها «البطن الرخوة» بمعنى أنها المناطق التى تعانى من الجهل والتى يسهل اختراقها
*وكيف كان شكل التحول فى حياتك؟
**التحول جاء عندما التحق شقيقى الأكبر بكلية الطب وقتها تحدث والدى معى حول فكرة السفر للعيش معه فى القاهرة وبالفعل التحقت بمدرسة «الإبراهيمية» الثانوية بجاردن سيتى
* من قلب الريف إلى «جاردن سيتى» تحول جغرافى وطبقى ونوعى كبير..
** لم يكن ذلك فحسب بل انقلاب فى الفكر والأسلوب ونمط الحياة .ولك أن تتخيل أن ناظر المدرسة كان المرحوم الأستاذ «محمود الخفيف» مؤلف كتاب «عرابى المفترى عليه»، وأدعو القراء أن يتخيلوا معنا كياناً تعليمياً يديره كاتب بهذا الفكر والثقل .. وهذا هو نوع النظار فى هذا التوقيت. لقد كان تعليماً رفيع المستوى بكل المقاييس .ووسط هذا المناخ وجدت مدرسين وأساتذة لا يقلون فى المستوى الفكرى عن ناظر المدرسة ونظراً لأننى كنت متأثراً بالنشأة الإخوانية، فكان من الطبيعى أن أجيد الخطابة متضمنة بالطبع هذا الخطاب «الرجعى والسلفى». وتوليت حديث الصباح بالإذاعة المدرسية، واستدعانى المدرس وقال لى إن أسلوبك جميل ولديك ملكة خطابة جيدة ومخارج ألفاظ صحيحة، فسألته» وما رأيك فى المضمون»؟ فقال:»تافه»!! ..وكان الرد قاسياً وصادماً بالفعل. وفوجئت به يعطينى تذكرة لإحدى المسرحيات، التى تعرض على خشبة المسرح القومى، ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد بل اصطحبنى إلى المسرح، وهناك رأيت نعمان عاشور لأول مرة وعرفت أن هناك عالماً لم أدركه بعد وإننى كنت - فعلاً - أسيراً لمجتمع مغلق وأفكار رجعية!
أوراق تتساقط
* وهنا كان التحول ..
** نعم عندما تجد نفسك أمام نعمان عاشور ولطفى الخولى ويوسف إدريس ، وأنت مازالت طالباً بالمرحلة الثانوية ولا تجد حرجاً فى أن تناقشهم، وهم - بالطبع - يسعدون بالرد عليك ويحاورونك.. فعلاً كانت مرحلة، كما يقال عليها «تساقط.. أوراق الخريف» ..ومن هنا بدأت انتقل إلى مرحلة أخرى وهى الدمج بين الثقافة والسياسة ..
* متى كان ذلك على وجه التحديد؟
** فى عام 1960 تقريباً .. فبالرغم أن المناخ العام كان قمعياً أو «بوليسياً» إلا أنه كان هناك إزدهار ثقافى، وهذه من المفارقات الغريبة! وكان اليساريون يتعرضون لمحنة كبرى منذ عام 1959 .. ولهذا اتجهت بفكرى نحو حركة «اليسار» المصرى ..
* قبل أن نتطرق إلى اليسار أسألك أولاً عن دراستك الجامعية، فقد حصلت على ليسانس الفلسفة من جامعة القاهرة عام 1966 .. لماذا اتجهت لدراسة الفلسفة؟ وهل ساعدك ذلك فى النظر إلى الأشياء والمواقف والمحيط عموماً بنظرة فلسفية؟
** أنا لم أدرس الفلسفة أولاً، ولكننى درست «الهندسة» أولاً ثم الفلسفة التى ساهمت بشكل كبير فى تكوينى الفكرى ودفعتنى للاهتمام بالسياسة وأن أؤمن بأنه ليس هناك مسلمات ولكن هناك منطق يقبله العقل أو لا ..
* فى هذا التوقيت ماهى القضايا التى كانت تشغلك ..وربما أبناء جيلك؟
** من المؤكد أن الحقبة الناصرية كانت فترة مهمة جداً فى تاريخ مصر، لأن النظام الناصرى - وخاصة فى بداية الستينات - تبنى الكثير من أفكار اليسار، ومنها الأفكار المباشرة كالتأميم والتمصير ثم الحديث عن الاشتراكية ، وهى لم تكن اشتراكية بأى حال من الأحوال. ولكن الخطاب العام كان فيه «مسحة» اشتراكية، إضافة إلى الموقف العام من القضية الوطنية وخاصة الاستعمار. ولكن القضية الرئيسية التى تؤخذ على النظام الناصرى هى الدكتاتورية والاستبداد السياسى والابتعاد عن الديمقراطية الحقيقية. ولذلك كان جيلنا مشغولا بهذه القضايا ومقاومة أشكال الاستبداد ..
* استكملت الدراسات العليا بأطروحة عن الانتروبولوجيا السياسية.. ماذا تعنى الانتروبولوجيا السياسية؟ ولماذا كان هذا الاختيار؟
** باختصار شديد الانتروبولوجى هو علم الإنسان، وله عدة جوانب. ولكن الانتروبولوجيا السياسية تختلف، فالعلوم السياسية تبنى إلى أعلى ولكن الانتروبولوجيا السياسية «تحفر» إلى أسفل. فهى تبحث فى الجذور، ولهذا كنت مشغولاً بدراسة «جذور الاستبداد الشرقى» وبمعنى أوضح الإجابة عن سؤال من .. لماذا توطن الاستبداد فى المنطقة العربية والإسلامية؟ دون غيرها من المناطق ولفترات طويلة.. ولازلت مشغولاً بهذا السؤال حتى اليوم ..
* ما هى طبيعة علاقتك بالعمل السياسى فى هذا التوقيت مع العلم أنكم كنتم تعيشون فى هذه المرحلة ضمن منظومة الحزب أو الكيان السياسى الواحد؟
** أنا من ضمن قلة قليلة من أبناء جيلى الذين لم ينضموا إلى الاتحاد الاشتراكى أو منظمة الشباب. فأنا لم أنضم إلى الحزب الواحد وإنما انضممت إلى حركة اليسار، فكما هو معلوم أنه نشاط سرى وليس علنيا. وهذا من عيوب النظام الناصرى الذى أغلق القنوات الشرعية، وبالتالى اتجهت النخبة إلى التنظيمات السرية .فالطبيعة «تكره الفراغ»، وكان طبيعياً أن يتحول اليسار إلى حركة سرية..
* ولكن هذا التحول كان تحولاً غريباً.. فقبل هذه الحقبة بسنوات قليلة كان هناك نظام تعددى .. وكانت هناك حرية صحافة .. كيف ترى هذا التحول؟
**هى عملية معقدة وربما يكون المفتاح - كما قلت - أنه لابد وأن يكون هناك مراعاة للبعد الاجتماعى مع المطالبة بالديمقراطية وإلا ستنمو «الفاشية»، فالنظام الملكى قبل عام 52 كان نظاماًُ ليبرالياً «بين قوسين»، فالتجربة الليبرالية لم تستمر فى الحكم سوى ستة أعوام ونصف هى المدة التى حكم فيها الوفد. وهى فترة قصيرة جداً والرأسمالية المصرية فى هذا التوقيت كانت «عمياء» تاريخياً واجتماعياً، وليس لديها أفق لتراكم رأسمالى حقيقى ومستمر، فقد كانت فى مصر مشكلة قاسية جداً، وهى قضية «الحفاء» وهى مؤشر على الحالة الاجتماعية. ولذلك عندما تحدثت الثورة عن العدالة الاجتماعية ومجتمع الـ «2/1%» لاقت قبولا لدى العامة، ولذلك فقد كفر الناس بالعهد الملكى وهذه التنمية الرأسمالية العشوائية. وهذا ما يفسر سر بعد الناس عن الفكرة الرأسمالية عموماً فى مصر وهو - أيضاً - ما تجلى خلال الأزمة المالية العالمية الأخيرة، والتى اقتضت أن تكون صور الليبرالية مقرونة بـ «الرعاية»، فلابد أن يكون للدولة تدخلاً مباشراً فى رعاية الطبقات الدنيا من المجتمع. وحتى فى الاقتصاد فقد سقطت نظرية أن ترفع الدولة يدها عن كل شئ وتترك الأمر للعرض بين العرض والطلب. ورفع يد الدولة هو الذى أدى لما يسمى بـ «الرأسمالية المتوحشة» وهى الفترة التى تصاعدت خلال حكم «تاتشر» و «بوش».
* البعض يرى أن ثورة يوليو فشلت فى تحقيق أهدافها، وأنت ومجموعة من أبناء جيلك ظهرت عليكم بوادر خلاف مع الثورة .. وربما دفع جيلكم ثمن هذا الخلاف .. ما رأيك؟
** لولا ثورة 23 يوليو ما كنا أجرينا هذه المقابلة الصحفية، لأنه ببساطة لن أكون أنا أو أنت قد تعلمنا فلم يكن فى استطاعة أبناء الطبقة الوسطى إلحاق أبنائهم بمراحل التعليم المختلفة لأن «فاتورة» التعليم كانت باهظة ولا تستطيع الغالبية أن تسددها.
* ولكن تاريخيا «مجانية» التعليم بدأت عام 1950 بمبادرة من الدكتور طه حسين حينما كان وزيراً للمعارف فى آخر حكومات الوفد ..
** هذه حقيقة ..وهى مبادرة ولكنها لم تستمر، ولكن للحقيقة تجربتى مع الثورة - أنا وأبناء جيلى - كانت تجربة ثرية، فقد أحيت فينا مبادئ الوطنية. ولكننا استيقظنا فى النهاية على حقيقتين أساسيتين وهما أننا أمام «استبداد سياسى» وهى حقيقة لا تقبل المغالطة ،وهزيمة يونيو عام 1967 فأفضل تشبيه للاستبداد السياسى هو أنك تبنى قصرا على الرمال! هذه الرمال هى الاستبداد، فلا شك أن هناك انجازات حقيقية للثورة منها الإصلاح الزراعى والبنية الصناعية وغيرها .. ولكنها فى النهاية كانت واقفة على «رمال» الاستبداد ..
* وكيف كان وقع هزيمة 67 عليكم .. وربما على جيلكم بالكامل؟
** أخشى أن أقول أن آثار هزيمة يونيو 1967 ما زالت مستمرة حتى اليوم ! وأنا لا أخجل أن أقول إننا جيل «مهزوم ومأزوم» فقد كانت هزيمة تستحق إعادة النظر فى كل شئ .. ففى ستة ساعات انهارت الآمال والأحلام .. وربما كان ذلك هو جوهر خلافنا مع النظام، إلا أننا لم نتوقع أن تكون «الهشاشة» بهذا الشكل .. وكذلك فإننى مدين لهذه الفترة لأنها دفعتنى إلى إعادة النظر فى كثير من «المسلمات» والمقارنة بين الديمقراطية والوطنية، فليس طبيعياً أن تكون وطنياً ومستبداً فى نفس التوقيت، وفى النهاية الطغاة يمهدون الأرض للغزاة. فعبد الناصر رجل وطنى عظيم ولكن الطبيعة الاستبدادية للنظام دفعته إلى «تجريف» الطبقة السياسية، وفتحت الطريق أمام «البيروقراطية». وهو ما أدى إلى نتائج كارثية فى النهاية .. وأصبح لدى قناعة بأنه هناك تلازم عضوى بين الديمقراطية والوطنية.
تاريخ الاستبداد
* تدرجت الحياة السياسية فى النصف الثانى من القرن العشرين من الحزب الواحد ثم المنابر ثم الأحزاب .. كيف تقيم هذه الحياة وهذا المناخ، وما هو رأيك فى الحياة الحزبية الآن؟
** أرى أن هذا التحول هو من أهم التحولات فى تاريخ مصر. فنحن لدينا فى مصر أكبر تاريخ من «الاستبداد» على مستوى العالم . وهذا الاستبداد له أسبابه أهمها أننا دولة مركزية نهرية وهو ما رسخ للاستبداد. وهناك سبب آخر لا يقل أهمية وهو غياب «الملكية الخاصة» ، فمصر لم تعرف الملكية الخاصة إلا مع تطبيق «اللائحة السعيدية»، التى بدأ تطبيقها فى عهد الخديوى سعيد. وهذا إذا ما قورن بتاريخ مصر الطويل، فمعناه أن ذلك تم منذ دقائق معدودة. وهذا معناه – أيضا- أن من يحكم مصر فهو «يحكم الأرض ومن عليها». وهو للأسف «إله» أو على الأقل «نصف إله». وبالتالى كانت هذه هى الجذور الأساسية للاستبداد ولذلك فإن مصر هى الدولة الوحيدة فى العالم التى لم ينتخب الشعب حاكمه منذ الفراعنة وحتى تعديل المادة 76 والتى استبدلت نظام الاستفتاء على رئاسة الجمهورية بالانتخاب. وهو ما أستطيع أو أؤكده فإن الانتخاب المباشر لرئيس الجمهورية، هو شرخ فى «جدار الاستبداد»، وهو لا يعنى أن الجدار سقط أو انهار ، ولكن التعديل الدستورى أحدث فيه نوعاً من الشرخ ،وأنا هنا لا أهون ولا أهول .. نعم هناك تعددية حزبية الآن ولكنها تعددية « مقيدة»، ولذلك علينا أن نوسع من هذا الشرخ حتى يسقط الجدار بالكامل. وهنا نحن نحتاج بالفعل إلى ثقافة ديمقراطية ، بمعنى أننا نحتاج إلى تغيير فى الخطاب الثقافى وحذف عبارات التسلطية. وهو ما أتعمد التركيز عليه فى كتاباتى الأخيرة.
* وما هى أخطاء الخطاب الثقافى الحالى؟
** أخطاؤه عديدة.. فهو خطاب «سلفى»، فمعظم الأحزاب والتيارات تتصارع للعودة إلى الوراء ! فالإخوان يريدون العودة بنا إلى 14 قرناً من الزمان، بينما الناصريون يريدون العودة بنا إلى ما بعد 1952. فما زال «الأموات» يحكمون مصر حتى الآن فلازال الصراع قائماً بين عبد الناصر والسادات. وبين الصحابى «فلان» والشيخ «علان». فالقبور حتى الآن تحكمنا –للأسف- ، فلو أنك سألت أيا من هذه التيارات أو الأحزاب أيا ما يكون المسمى ما هى رؤيتك للمستقبل فلن تصل إلى إجابة واضحة.. الإجابات كلها تاريخية، وعلى العكس حينما تنظر إلى الأحزاب فى الخارج تجد أن لديها رؤى عديدة كلها تتعلق بالمستقبل بمعالمه والتحديات التى تواجهها ربما لقرون قادمة..
وهناك قضية أخرى لا تقل أهمية عن أخطاء الخطاب الثقافى، فإذا نظرنا إلى قضية كالبحث العلمى، فإنك ستجدها قضية هامشية بالنسبة لقضايانا الحياتية اليومية، فى حين أنها أساس صناعة المستقبل وتحديد ملامحه. فنحن نعيش عصر «الخرافة» ، وهى أقوى مؤسسة تنظيمية قائمة على أرض مصر الآن. فليس العقل الذى يحكم تصرفاتنا وتعاملنا مع الأشياء، ولكن «اللاعقلانية» وهناك آلاف الأدلة على ذلك.و منها ما نسمع عنه الآن كظهور «لفظ الجلالة» على شجرة ما فتجد الآلاف من البشر يسارعون لرؤية هذه الشجرة ، وتتحول الشجرة إلى مكان للتبرك به فهل نحن منتظرون هذه الشجرة لكى تكون دليلاً على وجود الله؟! إننا أمام «خرافات» تحكم الشارع والمجتمع المصرى، والمثير أنك تجد رموزاً دينية وربما سياسية مشاركة فى تصعيد هذه «الخرافات». فمثلاً عندما تتحول قضية الجدار أو الإنشاءات الهندسية التى تقيمها مصر على الحدود مع غزة إلى مادة «للفتاوى» والحلال والحرام، فشيخ الأزهر يقول حلال بينما الدكتور القرضاوى يحرمها ماذا تتوقع لهذا المجتمع وهل لديه ملامح للمستقبل أو مجرد رؤية له؟!
والسؤال الآن هو.. كيف نتعامل مع هذا المستقبل ؟ وإذا نظرت نظرة واقعية تجد ردود أفعال وتصرفات لا منطقية وعقلانية، فمثلاً نجد الدكتور يوسف بطرس غالى وزير المالية يقرر تخفيض بنود من الموازنة العامة للدولة، وتجد من بينها ميزانيات مركز البحوث الزراعية ومركز بحوث الصحراء فى وقت نحن فى أمس الحاجة إلى هذه البحوث لأننا مقبلون على مشكلة غذاء يعانى منها العالم كله إذن أين العقل وأين هى الرؤية المستقبلية؟!
* باعتبارك شاهداً على هذا العصر ما هو تقييمك لعصر الرئيس السادات؟
** حقيقة ان لى عدة ملاحظات على عصر الرئيس السادات. وأنا فى نفس الوقت لست من المؤمنين بمبدأ الحب والكراهية. فالسياسة لا تعرف ذلك، السياسة إما مع أو ضد ولا يعنى هذا الإطلاق. فأنا مع لأسباب وضد لأسباب أخرى، فمهما اختلفنا مع عصر الرئيس السادات، فلن نستطيع أن نحرمه أو نسقط عنه لقب القائد الذى قاد حرب أكتوبر. وشارك فى تحويل الهزيمة إلى نصر. ولا يمكن أن ننكر أن له الفضل فى التحول من الحزب أو الكيان السياسى الواحد إلى التعددية، حتى وإن كانت تعددية «مقيدة». ولكن كل هذا لا يمكن أن يلغى «كوارث» حدثت فى عصره ! ولعل أخطرها هو أن الرئيس السادات فتح «باب جهنم» أمام الطائفية عندما وقف، وقال أنا رئيس مسلم لدولة إسلامية ، وعندما أجرى تعديلا على المادة الثانية من الدستور والخاصة باعتبار الشريعة الإسلامية المصدر الرئيسى للتشريع. واعتقد أن الرئيس السادات لم يفعل ذلك حباً فى الشريعة الإسلامية، ولكن لتمرير التعديل فى المادة 77 والخاصة بفترة الحكم بحيث تكون «أبدية»! والمفارقة أنه لم يستفد بهذا التعديل على الإطلاق، فبعد شهور قليلة من إجراء هذا التعديل تم اغتيال الرئيس السادات عام 1981، وهناك خطيئة أخرى لا يمكن إغفالها، فبرغم أن الرئيس السادات هو الذى أطلق الحريات ودفع مصر إلى طريق الديمقراطية والتعددية إلا أنه أقام «مذبحة» للديمقراطية باعتقالات سبتمبر التى طالت كل الرموز الوطنية من اليسار إلى اليمين ومن مسلمين وأقباط!
وإضافة إلى أخطاء هذه العصر أنه رسخ للزواج بين السياسة والثروة ، حيث كان هو النواة والميلاد الحقيقى لهذا المبدأ.. وأخيراً قضية الصلح مع إسرائيل ، فبعد صراع طويل من الحروب. والمعارك تم عقد هذا الصلح بطريقة «الصدمات الكهربائية» دون أن تتضح معالم هذا الصلح حتى الآن!
اتهامات غير مقبولة
* ولكن بعض الأقلام اتهمته بالعمالة.. وهى اتهامات لاقت رفضاً شعبياً كبيراً .. كيف ترى هذه الاتهامات وهل يصل الخلاف فى الرأى إلى حد الاتهام بالعمالة؟
** هذه هى إحدى أهم «الآفات» التى نعانى منها. فأنا تحدثت حول إنجازات السادات، قبل أن أتحدث عن عيوب عصره وأنا - بالمناسبة - اعتقلت فى عهده لأننى كنت من المعارضين لاتفاقية كامب ديفيد. ولم تكن هذه هى المرة الأولى فقد اعتقلت - أيضاً - عام 1972.. المهم أن أهم آفتين يعانى منهما المجتمع الآن وعلينا التخلص منها هما «التخوين» و «التكفير»، فليس معقولاً أن تخونى لأننى اختلفت معك فى الرأى أو وجهة النظر. وأيضاً لا يحق لأى مؤسسة أو فرد أن تكفرنى لنفس المبدأ حتى لو كان شيخ الأزهر نفسه. فالدولة المدنية الحديثة لابد أن تقوم على هذا المبدأ، وهو عدم أحقية أى فرد أو مؤسسة فى إطلاق الاتهامات على الناس. وهناك من يطلقون ألفاظاً يجب ألا تكون سائدة فى مصر فى الألفية الثالثة، كأن يقول لك إن فلاناً «معارض». وبالتالى يرفق أسمك بلفظ الكاتب المعارض.. ما معنى معارض؟ وما هو الإطار المحدد لتلك المعارضة؟ .. ولذلك من الممكن أن أختلف مع الرئيس السادات - وقد حدث هذا بالفعل - ولكنى لا أملك «تخوينه» أو اتهامه بالعمالة.
* فى رأيك.. ما الذى تعانى منه الحياة السياسية الآن.. وهل الاحزاب القائمة تلبى طموحات المواطن المصري؟
** الحقيقة ان لدينا كيان لا مثيل له فى العالم اسمه «لجنة شئون الاحزاب»، هذه اللجنة من المفترض ان تتمتع بقدر كبير من الاستقلالية، ولا يجوز ان يكون رئيسها مشاركاً فى اى تشكيل حزبي. والذى يحدث الان ان هذه اللجنة يترأسها الامين العام للحزب الوطنى، وبالتالى فإنها بحكم عملها تختار الاحزاب المعارضة للحزب الحاكم، وبالتالى تحديد مصير الكيانات الاخري. فهى اذن «الخصم والحكم» فى ذات الوقت، وهى التى ستوافق على مواصفات اى حزب معارض فى المستقبل.
* ولكن كيف يمكن للدولة ان تتغلب على ذلك؟ وهو إرث سنوات طويلة؟
** لا حل سوى الإلغاء، لأنه من المفترض ونحن نسعى لإقامة حياة ديمقراطية سليمة، لابد ان يكون انشاء الاحزاب بالإخطار وليس الترخيص، بمعنى ان تقوم بأخطار الجهة المسئولة، وليس انتظار موافقتها.
* ولكن قد يضر هذا الحزب بسلامة الامن الاجتماعي.. او غيره..
** من الطبيعى ان تكون هناك معايير للموافقة، فى مقدمتها عدم القيام على اساس دينى او طائفى او تشجيع العنف او تهديد السلم الاجتماعي...والاكثر اهمية هو انه لابد من انهاء حالة الطوارئ، فليس معقولاً ان بلداً بحجم مصر، مازالت تعيش حالة طوارئ.
* ولكن قانون الارهاب على وشك الاقرار؟
** هذا الكلام يتردد منذ سنوات، ولكن بأية حال لا يمكن ان يستمر الوضع كذلك تحت مسمى «الطوارئ».
* بعض الاحزاب تحولت الان الى صحف فقط..وليس لها وجود فى الشارع السياسي.. ما رأيك؟
** هذا يعود بنا الى السؤال السابق، فهذه الكيانات «الوهمية»، وافقت عليها الدولة، وهى فى نفس الوقت ممنوع عليها التحرك جماهيرياً او الاتصال المباشر بالجماهير، وبالتالى ليس امامها سوى الصحف وهى الوسيلة الوحيدة المتاحة لديها..
* كيف يمكننا اذن ان نقوى من دور الاحزاب وندعم عملها؟
** ان نلغى فوراً لجنة شئون الاحزاب، وننهى حالة «الطوارئ». وان تكون الموافقة على اقامة احزاب جديدة بالأخطار.. بلا عنف او اساس ديني.. وبعدها نترك التقييم للجماهير، فلا احد يملك الوصاية على الشعب.
* كما ذكرت، فقد نشأت «سلفية»، ثم انفتحت على افكار اليسار المصرى فيما بعد.. ما رأيك فى الذين يرددون شعارات سياسية وهم يرتدون عباءة الدين؟
** اعتقد ان العامة- وليس الخاصة- يعلمون رأيى الخاص فى ذلك، فأنا ضد خلط الدين بالسياسة، او ما هو «مقدس» بما هو نسبى او خلط ما هو ديني، بما هو دنيوي. وهذا هو رأيى الواضح والصريح وهو انه لابد من الفصل بين الدين والسياسة وهذه بالمناسبة هى احدى النقاط الهامة التى وردت فى خطاب الرئيس مبارك بمناسبة الاحتفال بعيد العلم. والذى لا يقل اهمية عن هذه المطالبة، هو الا تكون المطالبة بذلك مجرد شعار، وانما ينبغى تحويلها الى واقع، فبدون فصل الدين عن السياسة سنظل بعيدين عن «الدولة المدنية الحديثة» وكذلك عاجزين عن التقدم، وخير مثال ان اوروبا عاشت قروناً طويلة فى الظلام لأنها لم تفصل الدين عن السياسة. وعرفت اوروبا عصر النهضة بعد ان فصلت الدين عن السياسة، بعدما اعطت «مالقيصر..لقيصر ومالله..لله».. والمفارقة الغريبة ان اوروبا تقدمت استناداً الى افكار «ابن رشد» الذى احرقنا كتبه. ولذلك هم تقدموا ونحن تخلفنا!
* ولكن ما هى الاستحقاقات المطلوبة لتحقيق هذا الفصل؟
** معالجة المواد المتناقضة فى الدستور، ففى مادته الاولى يؤكد على المواطنة، ويأتى فى مادته الثانية ليؤكد ان الشريعة الاسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع، فهذه المادة نطلق عليها لفظ «مادة ملعونة» فهى تتضمن شبه تمييز بين المواطنين، وتفضل ديناً على اخر. وهى مسالة مهمة بالنسبة لنا كمثقفيين مسلمين، فنحن الاولى بالمطالبة بتعديل هذه المادة وليس الاقباط. وهناك اقتراحات عديدة لهذا التعديل وهى مثلاً «مقاصد الشرائع السماوية مصدر من مصادر التشريع» او « المبادئ الاسلامية والمسيحية وحقوق الانسان هى المصدر الرئيسى للتشريع».. اذن هناك حلول والمطلوب ان نتحرك كمواطنين معاً- اقباطاً ومسلمين – نحو هذا التعديل اذا كنا بالفعل تسعى لوجود دولة مدنية.. وبقاء الوضع الحالى هو الذى اوصلنا فى النهاية الى مأساة «نجع حمادي».. اما التعديل فسيصل بنا الى المستقبل..
* ولكن مناخ الحرية الذى نعيشه الان ادى لظهور شخصيات ومصطلحات جديدة مثل الدعاة الجدد.. وفتاوى الفضائيات.. ما رأيك فى ذلك؟
** دعنا ننظر الى الظاهرة بصورة أكثر دقة، فنحن لدينا مؤسستان الاولى رسمية ممثلة فى الازهر الشريف والاخرى غير رسمية ممثلة فى الدعاة الجدد امثال الشيخ «فلان» والداعية «فلان»
ولا يتوقف الأمر عند المؤسسة الدينية، لكن يمتد هذا الأمر إلى مؤسسات أخرى، فتجد أن هناك مؤسسات اقتصادية «رسمية»، وأخرى غير رسمية ويعمل بها ما يقرب من ستة ملايين مواطن والمؤسسات التى تعمل به غير رسمية من حيث التعاقد والترخيص، كذلك هناك الاقتصاد «السرى» المتمثل فى تجارة المخدرات مثلاً، وايضاً لدينا تعليم رسمى وآخر غير رسمى ويتمثل فى الدروس الخصوصية والمجموعات غير المرخصة.. ماذا يعنى كل هذا؟
يعنى أن لديك دولة «رسمية» وأخرى «غير رسمية» ولعلاج ذلك لابد من إزالة كل مظاهره «التشوهات» الاجتماعية وألا يكون هناك خطابان أحدهما رسمى والآخر غير رسمى.. والمجتمع الآن باختصار يعانى من «الشيزوفرينيا»!.
* كان هناك جدل أثير مؤخراً حول «كوتة» المرأة التى سيتم تطبيقها على 64 مقعداً خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة.. ما رأيك فى ذلك، وسط مطالبات البعض -وخاصة ما يطلق عليهم أقباط المهجر- بضرورة تطبيق هذه الكوتة على الأقباط؟.
** موضوع «كوتة المرأة» يمكن قبوله فى حدود، تسمى فى الأدبيات السياسية، بـ «التمييز الإيجابى» بهدف دعم بعض الفئات فى المجتمع.. وهذه الكوتة تم تطبيقها من قبل بطريقة «هزلية» وهى نسبة الـ 50% عمال وفلاحين، وهذا تمييز إيجابى ضد طبقات أو فئات محرومة، ولكن اليوم هم ليسوا فئات ضعيفة بل الدكاترة والأساتذة يسعون لصفة «العمال والفلاحين» للهروب من الترشيح على مقاعد الفئات.
وأنا -على المستوى الشخصى- أرفض تطبيقها على الأقباط لأن ذلك يدفعنا إلى فكرة «المحصاصة» الطائفية، وهى تعنى أن لكل فئة أو طائفة «حصة» فى المقاعد النيابية، وهناك فكرة أهم من فكرة «الكوتة» وهى الانتخابات بالقوائم بمعنى أن كل حزب يتقدم بقائمة ثم نضع شبه للحزب الذى يقدر الفئات القليلة، ولا أقول الأقليات ليس على اساس الدين، ولكن البيئة مثلاً بمعنى أن يكون هناك أقباط ومرشحين من الجانبين يدعمون قضايا هامة ومصيرية، هنا يمكن أن تقنن «مكافأة» لهذا الحزب، لأنه دَّعم قائمة بنماذج هامة تدفع فكرة الدولة المدنية والنهضة بوجه عام.
* حالة «الحراك السياسى» التى شهدها المجتمع المصرى خلال السنوات القليلة الماضية.. صاحبها ارتفاع فى حدة الإضرابات والمسيرات والمظاهرات.. هل ترى أن مثل هذه الاحتجاجات «الانفعالية» يمكن أن تفيد مستقبل العمل السياسى فى مصر؟.
** هى بكل المقاييس صرخات احتجاج، الناس أو فئات فلماذا تتحرك أو تعترض، من المؤكد أنها تعانى وإلا ما الدافع للاحتجاج؟، ومن الملاحظ أن هذه الاحتجاجات أو الاعتصامات «فئوية» بمعنى أنها لموظفى الدولة كالممرضات، وموظفى الضريبة العقارية وخبراء العدل وغيرهم، وهذا معناه أن القنوات الشرعية «مسدودة» والنقابات واللجان التى يتبعونها لا تعمل، فهى لا تبحث عن حقوقهم.
وهذا يدفعنا أن نقول إن مصر تحتاج إلى «عقد اجتماعى» جديد بمعنى أنها تحتاج إلى الجلوس للبحث عن صيغة جديدة لعقد اجتماعى، يراعى حقوق المجتمع عموماً، ويشارك فى صياغة هذا العقد «الجزء الناضج» من أبناء هذه الأمة من اليمين إلى اليسار دون استبعاد أحد، ويضعون رؤية موحدة لهذا العقد، ولذلك فإن هذه الاحتجاجات تمثل «تقلصات» ينبغى فهم مغزاها جيداً، وإذا لم يتم حلها بشكل ديمقراطى واعٍ، فإنها يمكن أن تؤدى إلى انفجارات لأن هناك قوى متربصة بهذا البلد.
* بدأت حياتك الصحفية بجريدة «الجمهورية» كيف كانت هذه البداية ما هو طموحك الشخصى.. وربما طموحات أبناء جيلك فى ذلك التوقيت؟.
** لقد بدأت حياتى الصحفية، قبل جريدة الجمهورية، فلى تاريخ طويل فى الصحافة اليسارية ومعظمها كانت صحف ممنوعة يغلب عليها الطابع السرى .
* كيف تكون الصحيفة .. «سرية»؟.
** حينما لا يكون لديك حق الإصدار، ويكون حزبك سرياً، فلابد أن تكون الصحيفة هى الأخرى سرية أيضاً أو شبه سرية..
* ما أهم الأسماء فى هذه الصحف السرية؟.
** مثلاً صحيفة «اتحاد الشعب» التى كنت أتولى رئاسة تحريرها وهى كانت تطبع وتوزع بشكل سرى على الأعضاء المتعاطفين وكنا نكتب ونوقع على المقالات بأسماء حركية.
* ما هو اسمك «الحركى» الذى كنت توقع به على مقالاتك؟.
** أسماء عديدة.. أذكر منها مثلاً «اسم ابنى» ادهم وهو لم يكن قد ولد بعد ولكن كنت أميل لهذا الاسم، وهو بالمناسبة ليس له علاقة بـ «ادهم الشرقاوى».
وكانت هذه الصحف تلقى قبولاً كبيراً بين جموع المثقفين، لدرجة أن الرئيس عبدالناصر كان يرد على ما ورد فيها خلال خطبه الجماهيرية.
* ما هو الصدى، الذى كنتم تلاقونه؟.
** كان هناك صدى كبير، فالحركة اليسارية المصرية، كانت لها جذور فى الشارع المصرى، وكثير من المثقفين كانوا مؤمنين بمبادئها، وكذلك من البسطاء من أبناء هذا الشعب.
* من هم أبرز المثقفين الذين اقتنعوا بمبادئ اليسار فى هذا التوقيت؟.
** أسماء لا حصر لها.. ولكن أذكر يوسف إدريس، فؤاد حداد ، لويس عوض، عبدالرحمن الشرقاوى، نعمان عاشور، صلاح جاهين، واستطيع أن أقول إن ثقافة مصر الحديثة، كان الانجاز فيها لكتاب اليسار الذين وضعوا هذه الأفكار.
* وكيف استمرت رحلتك الصحفية بعد ذلك؟.
** عملت فى جريدة الأخبار، وكان رئيسى المباشر نبيل ذكى ، وظللت أعمل بها إلى أن قرر موسى صبرى فصلى من العمل.
* لـــماذا.. ؟.
** لأسباب أمنية وليست سياسية، فقد كنت أعمل بقسم الشئون الخارجية، وكان نبيل ذكى من الداعمين لتعيينى وتحدث مع موسى صبرى فى ذلك، ولكن فى سابقة هى الأولى من نوعها طلب موسى صبرى ملفى الأمنى ورفض تعيينى بل إنه أصر على أن أترك العمل بجريدة الأخبار نهائياً.
وبعدها توجهت للعمل بجريدة الجمهورية، وظللت أعمل بها حتى خروجى إلى المعاش.
رقابة
* كيف كنت ترى الرقابة على الصحف فى هذا التوقيت؟
** لقد عاصر جيلنا عصر الرقابة على الصحف، بشكل كبير وكانت هناك حجرة مخصصة كمكتب للرقيب، وهذه باختصار أحد أهم أسباب خلافى مع الحقبة الناصرية، رغم كل الإنجازات الوطنية الهامة لهذه الحقبة، ولكن ظلت الديمقراطية عموماً، وحرية الصحافة خصوصاً محور الخلاف الدائم.. وكانت هذه الرقابة جزءا من خطة عامة للتأميم ليس تأميم الاقتصاد ولكن «تأميم الفكر» وتأميم السياسة.
* كنت شاهداً على عصر التحول من الرقابة على الصحف إلى التدرج النسبى فى الحريات الصحفية.. وحتى عصرنا الحالى.. كيف ترى هذا التحول.. وما هو حجم هامش الحرية الصحفية الآن؟.
** حالياً.. نحن ننعم بقدر غير مسبوق حرية الصحافة.. وعلى مدى عصور طويلة لم نرى مثل هذا «السقف» بهذا الارتفاع.. ولكن هذه الحرية غير المسبوقة ليست المراد.. نريد حرية مؤسسية.. وإلا تكون الحرية فى قضايا محددة دون أخرى.. فمثلاً الآن فى مصر تستطيع أن تنتقد أى مسئول، وهى حرية غير مسبوقة فعلاً، حتى أن تستطيع أن تنتقد شخص رئيس الجمهورية.. ولكنك فى نفس الوقت يندر أن تجد نقداً لأمير خليجى مثلاُ وهى زاوية تستحق الدراسة!.
* ولكن هناك نقد لبعض الأمراء الخليجيين فى كثير من الصحف .. وخاصة تصرفات رجالهم أو حاشيتهم داخل مصر؟.
** نعم.. ولكننى قلت «يندر» ولكن من الصعب أن يكون النقد عاماً، لأننى أرى أن هناك اختراقاً كبيراً لرؤوس الأموال الخليجية ليس فى الصحافة المصرية فحسب بل فى مختلف وسائل الإعلام.. وهو اختراق كبير!.
* هناك جدل حول سلم نقابة الصحفيين .. هل ترى أنه تحول لساحة للرأى فعلاً.. أم استخدمه البعض لدعاوى الفوضى؟.
** حقيقة فخر لنا -كصحفيين- أن تكون نقابتنا مقصداً للمصريين للتعبير عن أحلامهم والآلامهم ..
* ولكن فى بعض الأحيان استغل هذا السلم فى وقفات ربما ليس لها علاقة مباشرة بقضايا الصحفيين.. وربما قضايا الحريات عموماً .. ما رأيك؟.
** أنا .. ضد كل الوقفات أن تستهدف طائفة، أو ضد عرق، أو تمييز ومادام أن هذا حقا ونطالب به، فلابد من تنظيم هذا الحق.. وهذا واجب مجلس النقابة.
وكما يعلم الجميع أن جميع أعضاء المجلس هم أصدقاء وزملاء وكذلك النقيب الاستاذ مكرم محمد أحمد، ولكن المجلس عموماً ليس «صديقاً» للحريات بشكل كبير، وخير مثال أن هذا المجلس رفض عقد مؤتمر لمناهضة التمييز، عند التصويت صَّوت اثنان فقط من أعضاء المجلس مع عقد المؤتمر وهما النقيب وجمال فهمى، ومعنى ذلك أن بقية المجلس لا يرى أن «مناهضة التمييز» شئ غير ضرورى لمصرى.
كذلك كان هناك موقف غريب، عندما تم منع الدكتور نصر أبو زيد من دخول الكويت، وقررنا عقد مؤتمر بالنقابة للتنديد بهذا المنع، وفوجئنا أن أبواب النقابة «مغلقة» فى وجوهنا، وللحقيقة لم يكن النقيب موجوداً فى مصر، وعندما علم غضب كثيراً من هذا الإجراء، والمهم الآن هو أننا مع الوقفات الداعية للحريات، ولكننا نطالب بتنظيم الوقفات وعقد المؤتمرات.
* فى مقال خطير لكم نشر قبل أسابيع تحت عنوان «قبل أن نسير فى جنازة الصحافة التى أحببناها» تحدثتم عن المهنة التى وهبت لها حياتك، وهمومها التى لم تعد هموم «تقليدية» كهامش الحريات، والصراع مع من يتربصون بهذه المهنة، وإنما هموماً أكبر حجماً وأقوى تأثيراً، فقد استوقفتنى فقرة نصها «تراجعت المعايير المهنية فى الصحافة المصرية إلى درجة خطيرة وبالنتيجة تراجعت مصداقية الكثير من صحفنا، وأصبح المثل المصرى القائل «كلام جرايد» شاهدا على غياب هذه المصداقية لكن المرادف الموضوعى والواقعى لهذه العبارة أنه كلام كاذب «.. ما الذى أوصل العمل الصحفى إلى هذا الحد من التراجع .. وكيف يمكن تدارك الموقف..»؟.
** الأسباب كثيرة، منها أن الحكومة تركت لفترات طويلة أشخاصاً جالسين على مقاعد رئاسة المؤسسات بالمخالفة للقانون، وخلال هذه الفترة التى جلس فيها هؤلاء الأفراد على هذه المقاعد، لم تكن المعايير المهنية فى الترقى وتولى المناصب هى الأساس، فقد كانت هناك -للأسف- معايير أخرى لا داعى لذكرها، فالكل يعلمها،وبالتالى تجد أن الذين «هيمنوا» عن الصحافة فى ذلك التوقيت، عدد من «انصاف الموهوبين» بتعبير مهذب.. فالمؤسسات الصحفية تمثل نسبة 85% من الجسم الصحفى وهى «المصنع» الذى يورد الخبرات إلى الصحف الخاصة والحزبية.. وبالتالى فقد انتقلت هذه المعايير من المؤسسات الصحفية إلى مواقع أخرى.
وهناك سبب آخر لا يقل أهمية وهو أن القوانين التى تحكم العمل الصحفى، تم وضعها فى عصور المؤسسات القومية فقط، ولكن اليوم أصبحت هناك مؤسسات خاصة وحزبية، واحتدمت المنافسة بين الصحف وبعضها من جهة، وبين الصحافة والفضائيات من جهة أخرى وبالتالى لم تعد هذه القوانين صالحة للعمل فى الوقت الحالى.
والسبب الأكثر أهمية هو تدنى الأجور، فليس معقولاً أن يتقاضى صحفيون مرتبات تتجاوز مليون جنيه شهرياً، بينما القاعدة العريضة من الصحفيين لا تتقاضى إلا رواتب هزيلة، يصعب ويخجل أى فرد أن يذكرها.
فنحن هبطنا -كصحفيين- من المرتبة الثانية فى الأجور إلى مراتب دنيا لا تتناسب مع قدسية المهنة ووضع العاملين بها.
* مع حجم تاريخك الصحفى الطويل. خضت انتخابات مجلس النقابة، ولكن لم تفكر يوماً فى الترشيح لمنصب النقيب..لماذا؟.
** للحقيقة هناك أسباب جوهرية، لعل أبرزها أننى لست مؤمناً بالنقابة الواحدة، بل بالتعدد النقابى لأن النقابة الواحدة هى المرادف للحزب الواحد، ففى العالم كله هناك تعدد نقابى .. وليس معقولاً أن تمنح النقابة ترخيص مزاولة المهنة، لأن هذا الترخيص من المفترض أن تمنحه جهة بحثية أو علمية.
ففى نقابة مثل الأطباء لا يجب أن تمنح النقابة ترخيص مزاولة المهنة، ولكن الجهة الأكاديمية التى أجازت أن يكون هذا الشخص طبيباً.
* ولكن هذا الكلام قد يفتح عليك «أبواب جهنم».. من أبناء مهنتك؟.
** هذا الكلام فتحها بالفعل.. العمل النقابى هو عمل طوعى واختيارى وليس شرطاً أن أمارس المهنة وأكون عضواً فى النقابة، وهذا الكلام ليس انتخابياً ولا برنامج ترشيح لى، بل إننى أرى أنه كلام قد يكون سبباً فى اخفاقى فى حالة إذا ما قررت خوض الانتخابات!.
* فى رأيك ماذا تبقى من تراث النهضة المصرية خاصة بدايات القرن العشرين.. من تراث حضارى ونهضة وحركة وطنية ووحدة وطنية ومواطنة وتسامح.. ماذا تبقى من كل ذلك؟.
** أخشى أن تكون اجابتى سلبية، فما تبقى هو القليل -للأسف- بدليل أن روح التسامح فى مصر تتراجع إلى الوراء جداً، وأن «النقل» أصبح متفوقاً على العقل، وأن «الخزانة» أصبح لها مجال الصدارة على العقلانية، وأن الأفكار التى بشر بها أجدادنا مثل طه حسين والطهطاوى وغيرهما أصبحت الآن من المحرمات فلنا أن نتخيل أن مكرم عبيد السياسى المصرى القبطى كان يرشح نفسه، أمام زعيم الأشراف الذى يمتد نسبه إلى الرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم)، فينجح مكرم عبيد، بينما يخفق زعيم الأشراف، وغير ذلك من الأمثلة الدالة على التسامح، والسؤال هل يمكن أن يتكرر ذلك اليوم؟.. الإجابة بكل أسف لا.. وبالتالى حينما نتحدث عن الدولة المدنية، لابد وأن نسعى بكل ما نملك إلى زرع المبادئ التى تشجع قيام هذه الدولة.
وفى مقدمتها التعليم الذى لابد أن تكون مناهجه ومقرراته من مبادئ الدولة المدنية، فالتخلف له جذور عميقة جداً، وما تبقى من مظاهر عصر النهضة هو القليل.
* وما تبقى من اليسار المصرى؟.
** كلمة اليسار كلمة نسبية ، فاليسار جزء كبير من الجماعة الوطنية، وهو جزء لا يمكن تجاهله وأن اليسار ككل شىء له مزاياه وله عيوبه، له إنجازاته وله إخفاقاته ومن ضمن اسهاماته هذا الإنجاز الثقافى العظيم، والإبداعى فى تاريخ مصر الحديث.. والذى إن رحل اصحابه فلن ترحل افكارهم مهما زحفت الرجعية والتخلف. *



#سعد_هجرس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هناك شيء عفن.... فى البرلمان!
- تحذير دولى للنائمين فى العسل .. مصر... دولة فى وضع -حرج-
- بدلاً من خطاب الشكوى .. وبديلاً عن استراتيجية المراوغة
- وقائع خطيرة تستدعي وضع النقاط علي الحروف .. من الذي يحمي كل ...
- قبطى.. لامؤاخذة!!
- ترجمة -جوجل- .. الشيطانية!
- ترجمة جوجل -غير الشيطانية-
- تعامل مصر -الخشن-.. مع قوتها -الناعمة- .. محمد صالح .....الآ ...
- نجع حمادى.. - حقل الأرز- الذى أصبح -مزرعة ذئاب-!
- مبادرة «شق» الإخوان (1)
- مبادرة «شق» الإخوان (2)
- ممنوع الدخول: توارد الخواطر بين -الإمارة- و-الحارة- و-النقاب ...
- علاقة مسمومة: ظلم عواطف حميمة.. واستفزاز مجتمع فقير
- الدعائم الأربع لحرية الصحافة فى مصر
- هل كان مفروضاً أن يكون مصر حامد أبوزيد.. لاعب كرة؟!
- قبل أن نسير فى جنازة الصحافة التى أحببناها
- الأذان فى مالطة.. وسويسرا!
- ضمائر حية.. وقلوب مازالت تنبض.. في الجامعة العربية
- هل يأتى حل عقدة خلافة الرئيس على يد الدكتور يسرى الجمل؟!
- إعلام لا يعلم ولا يتعلم:استنساخ الفشل والغوغائية وابتذال الو ...


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - سعد هجرس - سعد هجرس : الخرافة تسيطر على فكر المصريين والعقل يتراجع