أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال نعيم - ألدنيا ألخضراء














المزيد.....

ألدنيا ألخضراء


جلال نعيم

الحوار المتمدن-العدد: 887 - 2004 / 7 / 7 - 07:37
المحور: الادب والفن
    


إستيقظ ظهراً فوجد نفسه عارياً تماماً . مدّ أصابعه المرتجفة . دخّن لفافته الأولى . شعر بغثيان حاد يدهم أعماقه . ودّ لو يستمع لفيروز للحظات ولكنه ارتدى ملابسه وخرج .إستقبلته الشوارع بغبارها وضجيجها . إستقلّ تاكسياً . صرخ بوجه السائق بجزع :
" خذني الى عالم نظيف .."
طافت به السيّارة شوارع المدينة . تجاوزت الوجوه الرماديّة الكالحة والبيوت نصف المهدّمة فأخذت الوجوه تزداد بياضاً والشوارع تزداد نظافة
واتساعاً . نقّب َ في ذاكرته عن اغنيةٍ مرحة يُبدّد من خلالها وحشته ولما لم يجد ذلك ، أمر السائق :
- انزلني هنا .

لم يعبأ بالشمس التي كانت تحرق الأرض بضراوة واستمرّ يجرجر خطاه على الأرصفة . طالعه وجه لأمرأة في الثلاثين ذات عينين شرستين وأثداء مغرية . أحسَّ بطعم الحليب يبدد مرارة فمه . غمز لها بطرف عينه وتحفّز للوثوب نحوها ولكنها سمرته بنظرة احتقار نارية ومضت جارّة كلبها الصغير الذي بدا أكثر ألفة وجمالاً من عينيها .
" العالم يغلي " فكّر .
تسكّع طويلاً مخترقاً شوارع لم يلتقط منها أيّة ذكرى أو حنين ، تنقّل بين المصاطب والمقاهي ومحطّات الأنتظار مراقباً الناس والنساء والشوارع وعندماحلَّ المساء ألحّ عليه النداء اليومي ألمتكرر يدفعه للذهاب الى الحانة . وفجأة اتخذ قراراً بدأ بعده يسرع خطواته ثم أخذ يهرول منقّلاً قدميه كأي مهرج حاذق ، ثم شرعَ بالركض. ركض . تلاحقت أنفاسه .
همس لنفسهِ " أركض .. أركض .. فالعالم مخبوء في القدمين .." وعند نهاية الشارع واجهه زحام هائل . أبطأ خطواته في البدء ثم توقف تماماً وقد هدّه التعب .
تطلّع بفضول حادّ الى الكتل البشرية المزدحمةبفوضى مريعة ورفع رأسه ليحلّق في
فضاء اللوحة الأعلانية حيث إحتشدت فيها دزينة من النساء المتبرّجات نصف عاريات وقد تدلّت أثدائهن المتكوّرة كتفّاح ما قبل الخليقة وقد التففن حول لافتة كُتب عليها بخطّ راقص " مسرحية الدنيا الخضراء " .
إندسّ وسط الحشد غير مبال بالأرجل والأذرع التي هوت على رأسه بمطارقها .إبتاع بطاقة ودخل مهرولاً ليجلس في أول مقعد بمواجهة الخشبة تماماً .." قد تصبح الدنيا أكثر خضرة هنا " . إسترخى على مقعده وهو يتابع صرصاراً ضالاً كان يدور وسط كومة قمامة أسفل الخشبة . وللحظة أحسّ بكافكا واقفاً يجول بعينيه في مكان ما . طرد هواجسه وجعل يتابع الوجوه والمقاعد واللّغط الذي أخذ يزداد حدّة وكثافة . حاول أن يسترجع ذكرى جميلة . أن يغني إلا إن الشعور بالغثيان عاوده مرّة أخرى .
فتح أزرار قميصه وخلع حذاءه فتسللت الى أنفه رائحة جوربيه . إسترخى على مقعده أكثر . دخّنَ لفافة اخرى وقبل أن تبدأ الدنيا بالأخضرار تجشأ بصوت مسموع .
أطفأ عينيه ونام .



#جلال_نعيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نص ونقد : (ألعاصور) أو شارلي ألعراقي مُتمرّداً على آلهة أزمن ...
- إنوثة...!
- فيفا كولومبيا ..! - قصّة
- سياط .. - قصّة
- إحتراق ..! - نصّ
- حوار شخصي مع عبد ألهادي سعدون ..!
- خمسة مسافرين .. في خمسة زوارق ورقيّة ..
- إنّهم يقتلون الجياد .. !
- روزاليندا ..!
- اليوم ألأخير للمطر ..!
- وقت للحب .. !
- مجانين
- إستمناء آخر
- محاجر


المزيد.....




- المزيد من الـ -Minions- قادمون في فيلم جديد
- موسم أصيلة الثقافي يعيد قراءة تاريخ المغرب من خلال نقوشه الص ...
- شائعة حول اختطاف فنانة مصرية شهيرة تثير جدلا (صور)
- اللغة العربية ضيفة الشرف في مهرجان أفينيون الفرنسي العام الم ...
- تراث عربي عريق.. النجف موطن صناعة العقال العراقي
- الاحتفاء بذكرى أم كلثوم الـ50 في مهرجاني نوتردام وأسوان لسين ...
- رجع أيام زمان.. استقبل قناة روتانا سينما 2024 وعيش فن زمان ا ...
- الرواية الصهيونية وتداعيات كذب الإحتلال باغتيال-محمد الضيف- ...
- الجزائر.. تحرك سريع بعد ضجة كبرى على واقعة نشر عمل روائي -إب ...
- كيف تناول الشعراء أحداث الهجرة النبوية في قصائدهم؟


المزيد.....

- الرفيق أبو خمرة والشيخ ابو نهدة / محمد الهلالي
- أسواق الحقيقة / محمد الهلالي
- نظرية التداخلات الأجناسية في رواية كل من عليها خان للسيد ح ... / روباش عليمة
- خواطر الشيطان / عدنان رضوان
- إتقان الذات / عدنان رضوان
- الكتابة المسرحية للأطفال بين الواقع والتجريب أعمال السيد ... / الويزة جبابلية
- تمثلات التجريب في المسرح العربي : السيد حافظ أنموذجاً / عبدالستار عبد ثابت البيضاني
- الصراع الدرامى فى مسرح السيد حافظ التجريبى مسرحية بوابة الم ... / محمد السيد عبدالعاطي دحريجة
- سأُحاولُكِ مرَّة أُخرى/ ديوان / ريتا عودة
- أنا جنونُكَ--- مجموعة قصصيّة / ريتا عودة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - جلال نعيم - ألدنيا ألخضراء