|
دلالات الإنجاز الحوثي
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 2917 - 2010 / 2 / 14 - 00:04
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في الخليج والجزيرة العربية
لو إستخدمت نفس أسلوب و معايير الإعلام السلطوي في الدول العربية ، لوصفت الهدنة الحالية في اليمن ، بالإنتصار الحوثي ، و لكني واقعي ، و أرى أن الوصف الأدق لما وصل إليه مجرى الأحداث للأن ، هو : الإنجاز الحوثي . لأنه بالفعل إنجاز على الكثير من الأصعدة ، و لهذا الإنجاز الكثير من العلامات ، المدلولات . من الناحية العسكرية هو إنجاز ، فقد حارب الحوثيون على جبهتين ، و ضد قوات نظامية ، في آن واحد ، و ربما ينظر البعض على أن الإقدام على فتح جبهتين في نفس الوقت كان خطأ عسكري وقعت فيه القيادة الحوثية ، و لكن ما أراه إنه في ذلك النزاع كانت تلك الخطوة نجاحة ، فبعد إنخراط آل سعود في الحرب ، من وراء الستار ، بتقديم دعم ، مالي ، و عسكري ، مكشوف لنظام علي عبد الله صالح ، و تشويه إعلامي سبق أن أشرت إليه في مقال سابق ، و إستعداء طائفي سافر ، و تحريض الولايات المتحدة الأمريكية ، كل هذا من أجل سحق الحوثيين ، كان من الصواب تصعيد مستوى النزاع ، و جر النظام السعودي للحرب التي يثير نارها ، ليكتوي بها . و ليثبت مع الوقت أن جيش آل سعود ليس إلا كومة قش ، فبعد أن أسمع آل سعود المنطقة ، بصوت واثق ، عن ضرورة إنسحاب القوات الحوثية ليس فقط من أراضي آل سعود ، بل و من حزام حدودي ، حددوا عمقه بعشرة كيلومترات داخل الأراضي اليمنية - و كأنه لا يكفي آل سعود ما سبق و أن إستولوا عليه من الأراضي اليمنية في القرن الماضي - توالت علينا ، أثناء إحتدام الحرب ، التصريحات السعودية بالقضاء على الوجود الحوثي في أراضي آل سعود ، فكان في كل تصريح يصدر الدليل على كذب التصريح السعودي الذي سبقه . أما على الصعيد السياسي ، كانت هناك أيضا إنجازات ، و كذلك تحولات ، و دلالات . لقد نجح الحوثيون في كشف كذب إدعاءات نظام علي عبد الله صالح ، الذي وصفهم إعلامه بإنهم صوت مأجور من الماضي ، يريد إعادة العقارب للوراء ، فأثبتوا إنهم صوت يمني من الحاضر اليمني ، بمشاكله التي يكتوي بها المواطن اليمني ، من خلال تبنيهم لبعض المطالب الإنصافية العامة ، التي هي مطلب كل يمني ، و إصرارهم على إنهم لا علاقة لهم بمنظمات الإرهاب ، و لا بأي نظام خارجي إقليمي ، و إنهم لا يريدون المساس بالمصالح الحيوية للدول الأخرى . على إن هناك الكثير ، و الكثير ، من الخطوات ، التي يجب أن يقوم به التيار الحوثي ، و ذلك على الصعيد الداخلي اليمني ، و في ميدان العلاقات الخارجية ، ليتحول إلى تيار يمني عام مؤثر ، يمثل قيم العدالة ، و الديمقراطية ، و هذا يحتاج لتفصيل ليس مكانه هذا المقال ، و لكن لا بأس من إيراد مثال لأحد هذه الخطوات المطلوبة ، كتحويل حركتهم من حركة ذات صبغة محدودة في بنيانها ، إلى حركة عامة ، مفتوحة لكل يمني يريد التغيير للأفضل ، تمد أذرعتها السياسية لكافة المناطق اليمنية . أيضا كان للصراع الذي جرى على الأراضي اليمنية ، و أراضي إقطاعية آل سعود ، مدلولات هامة لمن يريد دراسة السياسة الأمريكية في المنطقة . لقد ثبت أن للولايات المتحدة الأمريكية نظرتها ، و تقييمها ، الخاصين ، للأمور ، و إنها لا تمشي مغمضة العينين وراء إدعاءات الأنظمة الصديقة لها في المنطقة . لقد أصر النظام السعودي ، و كذلك البحريني ، على أن الحوثيين يتلقون دعم مالي ، و عسكري ، إيراني ، و لكن الولايات المتحدة نفت أن يكون لديها دليل على ذلك ، في مؤتمر عقد بالبحرين ، فكان في ذلك لطمة للأنظمة التي ما إنفكت تحرض الولايات المتحدة على المشاركة في عملية الفتك بالحوثيين ، مثل آل سعود ، و آل خليفة ، و آل مبارك . كذلك لم تصدق الولايات المتحدة أكاذيب الأنظمة الثلاثة السابق ذكرها عن تعاون إرهابي حوثي - قاعدي . أخيراً ما ثبت مؤخراً عن ضغط أمريكي على نظام علي عبد الله صالح لعقد الهدنة الحالية . المواقف الأمريكية في هذا النزاع ، المناقضة لمواقف الأنظمة الصديقة لها ، دليل على إنه ليس بالضرورة أن تكون المواقف الرسمية للأنظمة الصديقة للولايات المتحدة ، مطابقة للمواقف الأمريكية ، و هذه الحقيقة يجب أن يعيها ، و يضعها في حساباته ، كل تيار سياسي معارض في منطقتنا ، سواء كان يتماشى مع السياسة الأمريكية ، أو يعارضها . لا أتمنى أن تستمر الحرب الداخلية في اليمن ، و لكن معرفة الواقع تؤكد بأن تلك الهدنة ، مهما طال أمدها ، فهي مؤقتة ، لأن الأنظمة الإستبدادية ، الفاسدة ، تريد دائما أعداء ، و نزاعات ، و قلاقل ، لكي تستمر على قيد الحياة ، و نظام علي عبد الله صالح ، و أي نظام يمني أخر على شاكلته ، أحوج ما يكون لكل هذا ، في ظل الظروف الداخلية اليمنية الحالية ، و المؤشرات اليمنية المستقبلية . نظام علي عبد الله صالح ، لا يريد إستئصال القاعدة ، فهي مصدر خير له ، و لكن يهمه إستئصال كل معارضة داخلية ، لا تشكل خطر على المصالح الحيوية للدول الكبرى ، و لكن تشكل خطر عليه .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حرام ، و فاشلة ، و يجب محاكمة المسئولين عنها
-
ما أتفق فيه مع القرضاوي
-
ماذا سيستفيد الشيعة في العراق من دعم الديمقراطية السورية ؟
-
حكم الأغلبية في سوريا ، صمام أمان للمنطقة
-
مبارك الأب يقامر بمستقبل أسرته
-
القاعدة في أرض الكنانة ، كارت آل مبارك الأخير
-
حلايب قضية حلها التحكيم
-
الأكاذيب السعودية يروجها الإعلام الرسمي الروماني
-
في اليمن و باكستان أرى مستقبل مصر للأسف
-
التوريث أصبح باهظ الكلفة لسمعة مصر
-
محمد البرادعي و طريق مصطفى كامل
-
هذا هو المطلوب من مرشح إجماع المعارضة
-
جرابهم واسع ، و هدفهم تشتيتنا
-
هل هي دعوة من أوباما لحمل السلاح للإنضمام للعالم الحر ؟
-
أروهم بأس العراق الديمقراطي
-
في رومانيا ، الإشتراكي يتصالح مع الدين ، و الرئيس الليبرالي
...
-
لأن لا أمل مع جيمي أو فيه
-
الثورة الشعبية السلمية هي الواقعية الديمقراطية الوحيدة الأن
-
الطغاة يجب سحقهم أولاً
-
صوت العرب الديمقراطيين من بغداد
المزيد.....
-
-بعد تفجيرات البيجر-.. موقع عبري ينشر تقريرا عن حرب بين إسرا
...
-
إسرائيل لا تمتلكها.. خبير عسكري يكشف لـ RT من وراء تفجيرات ل
...
-
ماذا وراء استقالة بريتون: كيف استنفذ المفوض الفرنسي صبر رئيس
...
-
ماذا نعرف عن جهاز -البيجر- الذي اخترقته إسرائيل وأصاب العشرا
...
-
ارتفاع عدد ضحايا إعصار -ياغي-: حصيلة القتلى تتجاوز 500 في جن
...
-
اندلاع حرائق في شمال إسرائيل بعد هجمات صاروخية من لبنان
-
نتنياهو يترأس اجتماعا عاجلا يضم وزير الدفاع وقيادات عسكرية و
...
-
مصادر لبنانية لـ RT: وقوع نحو 2000 مصاب في انفجار أجهزة لا س
...
-
-رويترز-: أكثر من ألف مصاب في لبنان إثر انفجار أجهزة اتصالات
...
-
مسؤول في حزب الله يصف تفجير أجهزة الاستدعاء بـ -أكبر خرق أمن
...
المزيد.....
-
واقع الصحافة الملتزمة، و مصير الإعلام الجاد ... !!!
/ محمد الحنفي
-
احداث نوفمبر محرم 1979 في السعودية
/ منشورات الحزب الشيوعي في السعودية
-
محنة اليسار البحريني
/ حميد خنجي
-
شيئ من تاريخ الحركة الشيوعية واليسارية في البحرين والخليج ال
...
/ فاضل الحليبي
-
الاسلاميين في اليمن ... براغماتية سياسية وجمود ايدولوجي ..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
مراجعات في أزمة اليسار في البحرين
/ كمال الذيب
-
اليسار الجديد وثورات الربيع العربي ..مقاربة منهجية..؟
/ فؤاد الصلاحي
-
الشباب البحريني وأفق المشاركة السياسية
/ خليل بوهزّاع
-
إعادة بناء منظومة الفضيلة في المجتمع السعودي(1)
/ حمزه القزاز
-
أنصار الله من هم ,,وماهي أهدافه وعقيدتهم
/ محمد النعماني
المزيد.....
|