أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب محمد تقي - العمارة : مآساة مدينة سومرية ، تُبكي الحجر قبل البشر !














المزيد.....

العمارة : مآساة مدينة سومرية ، تُبكي الحجر قبل البشر !


حبيب محمد تقي

الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 14:46
المحور: كتابات ساخرة
    


العمارة : مآساة مدينة سومرية ، تُبكي الحجر قبل البشر !
آه ... يامدينة القهر ياميسان .
أحلامك تبكي دماً ، على عهر الزمان ، وطغيان أشباه الزعامات .
وأطلال أمجادك تذرف أنهار من الآوجاع ، وتنساب صوب أرشيفها المغروس بألواح الطين في أحشائها . فتتململ حروفها المسمارية تغربا ، من عار هذا الزمان .
أهوارك عطشى .
وبساتينك تبكي ترمل نخيلها .
ودجلة بين الحياة والموت تضمد جفافها .
ميسان هيهات منك الذلة !
يا قمراَ في سماء العراق
وشمساً في غياهب دجاه
ذاك هو عرشك ، محفوظاً مع أول خيوط الفجر الآتي ...

ميسان ; العمارة ; مدينة سومرية من عمق التاريخ . رحمها عامر وولاد . أنجبت للعراق ، أولى المفاخر من الحضارات . وعلمت البشرية أنواع الزراعات . وفن الكتابة على الطين والبردي ، لوحات آزليات . وذاع صيتها بين الأحياء والأموات . وكتب عن مناقبها ، الأعداء قبل الأصدقاء . وتغنى بها فحول الشعراء . وأنشد لها ، أسياد الطرب والغناء .
كيف لا ، وميسان هي التي من رحمها أنجبت أحرار وأوفياء .
هي موطن الآلهة الأولى . مدينة القصب والسكر والبردي والنخيل وأجود أنواع التمور . كريمة هي ّ بمياهها الجوفية ، وبمستعمراتها المائية و بنهر دجلة الآزل ، وبأسماكها وطيورها المتنوعة النادرة . وبسمائها الحبلى على الدوام بنعمة المطر ، أما نسائمها ومروجها وسهولها ومراعيها وبتنوع خيراتها الحيوانية ، فحدث بلا حرج .
وفيها من خصوبة التربة ، ما هو كفيل بأطعام جياع الدنيا وجياع سكان عطارد وزحل والزهرة وحتى المريخ أذا نخاها!
وميسان : جزيرة عائمة على بحيرات نفط وغاز ، وبوفرة في باطنها المعطاء .

مدينتنا السومرية ; ميسان ; متعددة الأعراق والأديان ، تتزاوج فيها وبثراء ووئام وتناغم ، ثقافات متعددة . عربية أصيلة وفارسية وتركية ولورية وكورية وهندية .
مدينة سباقة بالتضحيات . دفعت بأبناءها الى ميادين النضال والسياسة والأحزاب . الكثر من بناتها وأبناءها ، أنخرطوا في الحركات القومية والأسلامية والشيوعية . ولم تبخل في تقديم خيرت أبناءها ، قرابين فداء للهوية ، وتحت يافطة تلك المسميات أعلاه . التي لم يكن هم زعاماتها وللأسف ، سوى حشد الأعداد من الأتباع ! دون أن يكون لها بوصلة وطنية حقيقية مجردة من الأنانية والذاتية . لتأخذ بيدهم الى بر الأمان ، في حياة حرة آدمية متحضرة . تليق بعطاءهم وتضحياتهم وغنى ثرواتهم ، البشرية والمادية .
ميسان : تتوفر فيها كل المقومات والركائز، الى منافسة أرقى المدن العمرانية والتجارية والسياحية في المنطقة وحتى خارج حدود منطقتها .
فليست دبي أو الدوحة أو الشارقة ، أكثر منها غنى بالخيرات أوالموارد ولا أعرق منها بالحضارة والأصالة . لاكنها تفوقت عليها ببوصلة الزعامات وأراداتها ليس الا !

الساسة الجدد ، المحليون كما في المركز ، الذين جاءت بهم أمبراطورية الشر لحكم العراق . كلهم ودون أستثناء ، أستغلوا مظلومية ميسان .
فماذا فعلوا بعد أن جيء بهم الى العرش طوال سبعة أعوام ؟
أجتثوا الجهاز الأداري المحلي القديم ، وجاءوا بطاقم أداري جديد من وحي المحاصصة الطائفية التي أعتمدوها أساس لحكمهم . طاقم أداري جديد شره في فساده . عطل كل أمكانية للنهوض بهذه المدينة المنكوبة .
أستشرى الفساد والسرقة والنهب للمال العام في جميع المفاصل الأدارية . سيما منها المرتبط بالخدمات المباشرة ذا الصلة بالحياة اليومية للميسانيين . وطال أيضا البنية والقاعدة الصناعية والأقتصادية للمدينة . التي كانت بنيتها التحتية موجوة أصلا ، وكان يعول عليها في مشاريع مطورة لاحقة . للنهوض بواقعها التنموي .
فمصنع الورق و مصنع البلاستيك ومصنع قصب السكر ، ومعامل الحجر والمرمر والطابوق والمشروبات الغازية . معامل ومصانع شبه معطلة . بسبب من عمليات الأختلاس والسرقة والنهب وأنعدام الأدامة والصيانة والتجهيزات الحديثة . والحال نفسه ينسحب وبذات التفاصيل
على مصفى المدينة للمنتجات والمشتقات النفطية . الذي كانت طاقته الأنتاجية قبل الأحتلال حوالي خمسة وعشرين الف برميل يوميا ; حسب أرقام المقارنة لوزارة النفط الحالية ; واليوم لاتتجاوز أنتاجيته أكثر من عشرة الف برميل يوميا ، حسب نفس المصدر . هذا بالأضافة الى أنخفاض أنتاج حقول النفط العاملة ولنفس الأسباب أعلاه .
زد على هذه الكوارث كارثة مضافة ، تتمثل بسرقت النفطين الخام ومشتقاته وبيعه بالأسواق السوداء ، في وضح النهار وعلى مرآى من أبناء المدينة ; عينك عينك ;! وفوق هذا وذاك من الكوارث المحدقة بالمدينة تأتي الطامة الكبرى ، في أستباحة المواقع الآثرية لمملكة ميسان . تلك المكتشفة والمعلمة والمسيجة ، قبل الاحتلال والتي تنتظر دورها في أستخراج كنوزها الآثرية التاريخية التي تحكي تاريخ حضارة لمدينة عريقة وشعب أعرق . ولكم أن تتصوروا هول الفاجعة !

أن الزائر للمدينة ينصدم منذ الوهلة الأولى ، بمظاهر البؤس والشقاء والحرمان . فلا تتوفر في المدينة فنادق أو مطاعم أو حتى مقاهي . ممكن أن تجذب أي زائر أو سائح . حتى وأن كان هذا الزائر قادم من أرض الصومال !
أما شوارعها وأرصفتها ومستعمرات القمامة فيها ، فتجعلك تظن أنك في مدينة من مدن المجاعة النائية في أفريقيا ! أما أحياءها ، فعبارة عن عشوائيات مبعثرة وبدائية ، ولا توحي بأي مسحة حضرية .

أن هذا الحال المخزي والمبكي ، لا يختصر على مدينة ميسان . بل يشمل قاطبة مدن الجنوب ، وأن كان بدرجات متفاوتة نسبيا . وتمثل مدينة العمارة أقسى وأشد صورها البائسة . والحل مرتبط جذريا بزعامات الحكومة المركزية في بغداد . التي تعاني من مرض مزمن ، هو فقدان البوصلة الوطنية الحقة !



#حبيب_محمد_تقي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة / فيها الجسد ...!
- أيران الملالي وطموح الدولة الأقليمية العظمى ...!
- شعر / حبة أسبرين ...!
- التحرير والأعمار والديمقرطية ، ومفردات الحصة التموينية الأجر ...
- شعر / مطعون قبل الطعن...!
- وزارة الهجرة و المهجرين : أقطاعية وطنية المظهر ، طائفية فاسد ...
- أحلام عاشق...!
- تيه...!
- جورج غالوي : شوكة مضافة الى حزمة الأشواك الكثر في رمق ثقافة ...
- آتٍ إليكِ...!
- هل أحتلال العراق هو الحلقة الأخيرة من مسلسل الأنحطاط...؟؟
- مكفول لكِ أن تبكي
- قصيدة غرائزية : في زمن صحراوي قاحل...!
- أحوازنا البابلية سجينة في رحم الآحزان...!
- فساد متجذر وأصلاح متعذر في ظل تفرد عائلتي البرزاني والطالبان ...
- الشيعة : وسياسة تفريس المذهب ...!
- أوقفوا أعدام الوطن...!
- عربستان : الأقليم العربي العراقي الجذور والهوى . وحق تقرير ا ...
- عرس الفرات المؤجل...!
- تعاطي حكومة بغداد مع ملف ( معسكر أشرف ) ينم عن تفريط صارخ لم ...


المزيد.....




- انطلاق النسخة السابعة من معرض الكتاب الفني
- مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب ...
- فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو ...
- الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
- متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
- فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
- موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
- مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
- إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
- الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - حبيب محمد تقي - العمارة : مآساة مدينة سومرية ، تُبكي الحجر قبل البشر !