|
الدلالات اللونية في علم الاقتصاد
ميثم لعيبي اسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 12:37
المحور:
مقابلات و حوارات
ثمة تأثيرات حسية ونفسية يتركها اللون عند المتلقي، وتختلف تلك التأثيرات باختلاف المعتقدات الفكرية والدينية والاجتماعية والموروثات الشعبية التي ترسخت في العقل الجمعي لدى الشعوب. وهناك ثمة اختلافات في تفسير استعمال اللون، فقد يشكل اللون رمزا لمشاعر معينة او مزاجا خاصة. اللون الأصفر مثال صارخ على ذلك الاختلاف، فمنهم من يعده رمزا للغش والخديعة ومنهم من يراه من الألوان القريبة الى النفس اما عند الإغريق فهو لون الحزن و اليأس في حين يستخدم في الطب لمعالجة مرض الوهن العصبي. وعلى العكس من ذلك نجد إن ثمة اتفاق على دلالات اللون الأخضر خاصة بين الديانات المختلفة (اليهودية والمسيحية والإسلامية والصينية) فهو رمز الحياة والتجدد والانبعاث الروحي. يقول الله تعالى (عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق) سورة الإنسان الآية 21. في علم الاقتصاد يستخدم اللون على نحو واضح وفي مناسبات متعددة وذلك تعبيراً عن دلالات مختلفة، للتشبيه تارة والاستعارة أخرى.. وللضرورة في أحيان كثيرة. ويعد اللون الأسود من الألوان الشائعة في الاقتصاد ، ويرتبط عادة بالأحداث السيئة كانهيار البورصات او حالات الكساد والانكماش. تاريخياً، استخدم هذا اللون لوصف الأيام القاسية التي مر بها الاقتصاد العالمي، فسمي يوم الثلاثاء الذي صادف يوم انهيار سوق الأسهم الأميركية في 29 تشرين الأول (أكتوبر) 1929 بالثلاثاء "الأسود"، حيث حدثت الأزمة الاقتصادية العالمية الشهيرة، أو ما يعرف بالكساد العظيم، والتي تعد أشهر الأزمات الاقتصادية في القرن العشرين. الاسود يرتبط هنا بدلالة رمزية تحيل إلى الحزن أو الاكتئاب حيث يوصف بأنه "كابوس لوني" يمثل نقطة امتصاص الألوان كلها، وهو ما يجد معناه الاقتصادي الواضحة في الأزمة أو الكساد والبطالة والخسارة وفقدان الوظائف. من جهة ثانية يستخدم مصطلح "السوق السوداء" عند الحديث عن الأسواق التي تتم فيها عمليات البيع والشراء في الخفاء وبعيداً عن القانون والعرف السائد ، حيث يتعامل في السوق السوداء عادة أفراد مستغلون وتباع السلع المحظورة بأسعار أعلى من الأسعار الرسمي. وهنا تبدو الدلالة الرمزية واضحة للتعبير عن هذه السوق بالسواد وذلك لما للسواد من دلالات ترتبط بالليل والعمل في الظلام بعيدا عن الأنظار. وعلى العكس من ذلك يستخدم اللون الأبيض للدلالة على عملية سيئة في الاقتصاد، هي عملية "تبييض" الأموال، والمقصود بها تلك الأموال التي تحول بين البنوك او بين الشركات والدول لإخفاء مصدرها الرئيسي والذي غالبا ما يكون غير شرعيا كالتهريب او المخدرات وغيرها، فإذا ما أريد لهذه الأموال ان تكون مشروعة أو بيضاء فلا بد ان تدخل في عمليات غسيل كأن تدمج في أعمال مشروعة او أن تتم تجزئتها إلى مبالغ صغيرة ومن ثم تحول بين البنوك او الدول إلى أن تصبح أموالا نظيفة. إن الترميز اللوني هنا يحيل إلى إن تلك الأموال غير المشروعة هي أموال وسخة وغير نظيفة مما تستدعي الحاجة إلى تنظيفها لتكون بيضاء وبذلك تكون قادرة على التداول في العلن. في أسواق المال يستخدم اللونان الأحمر والأخضر على نطاق واسع، ففي حالة ارتفاع أسهم شركة ما و زادت أرباحها فان أسهمها تظهر باللون الأخضر، في حين إن ظهور اللون الأحمر يعني انخفاض أسعار أسهم الشركة ومن ثم تحقيقها للخسائر. ويبدو إن هذين اللونيين يرتبطان بدلالات حسية ونفسية واضحة، فاللون الأحمر هو من الألوان الدالة على الخطر حيث يعد من المنبهات الحسية السلبية القوية، مما تجد له دلالة اقتصادية واضحة ترتبط بالخسارة أو الهبوط او التدهور. اما اللون الأخضر فقد ارتبط على الدوام بالراحة والبهجة والسلام. وفي مجال التنمية الاقتصادية هناك ثمة تمييز بين التنمية التي تراعي الجوانب البيئية والتي تعرف بالتنمية الخضراء أو المتواصلة أو المستدامة وبين التنمية الاقتصادية البحتة بمعناها التقليدي حيث عدم مراعاة البعد البيئي والتي أصبحت محل انتقاد من كافة الأوساط والمؤسسات الاقتصادية العالمية؛ لدرجة أن البعض يطلق عليها مصطلح "التنمية السوداء". لقد اتسعت مساحات اللون الأخضر في علم الاقتصاد ، فأصبح هناك اقتصاد أخضر تباع فيه السلع والمنتجات خضراء، وثمة حسابات قومية خضراء مثل: الدخل القومي الأخضر او ما يسمى الدخل القومي المعدل بيئياً، والميزانية الخضراء، وميزان المدفوعات الأخضر، وأصبحت هناك مراكز تجارية عالمية متخصصة في بيع السلع الخضراء التي تنتج بطريقة آمنة بيئيًا، وأطلق عليها "المتاجر الخضراء". وظهرت بنوك لا تمول مشروعات تلوث البيئة؛ وعرفت هذه البنوك بأنها " بنوك خضراء". كما ظهرت مؤسسات دولية لمنح شهادات للمصانع والمزارع التي تراعي الجوانب البيئية مثل شهادة الأيزو.
#ميثم_لعيبي_اسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آثار الأزمة المالية العالمية على البنك المركزي العراقي
-
للعراقيين فقط: بغداد تكتب، تطبع، وتقرأ....
-
المعاني الجانبية (للصبات ألكونكريتية) من الحقن الطائفي الى ا
...
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|