|
لماذا تخلف العربان ؟3
ناجي نهر
الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 00:26
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
3 - اللغة ودورها واهميتها فى صنع الحضارة : - وكما يقال "اللغة تلد الحضارة" فلا يمكن وصف الحضارة او التعبير عنها الا من خلال اللغة فكلما كانت اللغة رصينة وغنية بالمفردات كلما كان الوصف دقيقآ وشفافآ ووافيآ بالغرض ،فاللغة أي لغة تتأثر بالحضارة السائدة وإنجازاتها وآلياتها،حيث تقوم اللغة بعكس الواقع الحضاري السائد في المجتمع وتوصل حضارته بالحضارات الأخرى وتعد اللغة من اهم مقومات الحضارة والتأثير فيها والتأثربها وبأنماطها التعبيرية وقدراتها الإبداعية التي اكتسبتها عبر تاريخها الطويل، ومن الميسور التدليل على تأثير اللغة بالحضارة اوبالعكس والإتيان بشواهد كثيرة تعززذلك ، فمثلاً اللغة العربية تمتلئ بالألفاظ التي تصف الصحراء وحيواناتها ومظاهر الحياة فيها، وتصف البحرواهواله وتأثيره الواضحً في خلق مفردات جديدة فى اللغة ،و قد خاض الفلاسفة وعلماء اللغة المحدثون حوارات وكتابات عن تأثير اللغة بالحضارة وعن ما سُمِّي بعلاقة الفكر باللغة، ووجدوا تأثيراً خفيًّا للغة في طريقة تفكير الناس وتصوراتهم عن الكون والحياة، برغم أن اللغة هي في المحل الأخير من ابتداعهم وكانت إحدى المؤشرات المهمة التي تضع اللغة العربية في مأزق؛ كونها تعيش اليوم في ظل حضارة هي ليست من صنع أبنائها، حضارة شكلت لنفسها نظاماً فكريًّا، وتصورات عقائدية عن الكون مخالفاً في كثير من نواحيه عن النظام الفكري الذي عاشت في ظله اللغة العربية خلال ترعرعها الأبداعي البسيط المستوحى من حلو الصحراء ومن مرها ، بخلاف حضارة الشعوب الأخرى التي ابتدعت علوماً ومناهج للبحث العلمي وتقنيات لم تألفها الحضارة العربية من قبل، وأنجزت منتجات مهمة غيرت من آيديولوجيتها وعاداتها وتقاليدها القديمة بشكل كامل . ولذا لم يكن نسبة تأثير اللغة العربية بالحضارة عاليآ بالأضافة الى انها لا تحوي مفردات كافية وجاهزة تختصر الوصف وتقربه إلى الأذهان ولقد كان مأمولاً منذ قرنين أن تُعالج الكثير من التناقضات التي تتسم بها العلاقة بين حضارة العرب وحضارة أوروبا وامم اخرى وأن تستطيع اللغة العربية تبعاً لذلك أن تواكب العصر، لكن هذه التناقضات للأسف تزداد حدة دون نتائج مؤثرة ،وتدل على أن العرب فشلوا فى التدهور اللغوي في كل المجالات، ويزداد هذا الفشل حدة عامًا بعد الآخر، حيث تزحف العامية لتحتل مساحات لغوية متباينة الأيقاعات والألفاظ والمعاني المربكة في وسائل الإعلام المختلفة من دون ان يفعل العرب شيئًا له قيمة من أجل وقف هذا التدهور. فاللغة العربية كما هو معلوم هي إحدى اللغات السامية التي تضم البابلية و الآشورية والعبرانية و الفينيقية و الآرامية وقد اندثرت تلك اللغات ما عدا العربية والعبرية بالأضافة الى ذلك فاللغة العربية تتعرض بأستمرار للتحوير والتغيير بسبب عومل الاختلاط والهجرة وميل الإنسان الطبيعي للتلاعب فى اللغة ، وتعد نقطة الضعف المأثرة سلبآ فى اللغة العربية ناجمة عن اختلاف اللهجات العربيه نتيجة اختلاف اماكن تواجد العرب فمثلا الذين يعيشون على سواحل البحار لهم احتكاك كبير ببعض الاجانب الذين يتحدثون لغات اخرى فيكتسبون منهم بعض الكلمات الاجنبيه التى تتحول بعد ذلك الى العربيه وتدخل فى اللغه العربيه على انها عربيه. كما ان مشكلة اختلاف اللهجات العربيه اصبحت مشكلة معقدة جدآ بحيث اضحى العربي لا يفهم كلام العربي آلآخر عندما يتكلم ويفضل لو انه يتفاهم مع آخر غير عربي يتكلم لغة اخرى كالأنكليزية وغيرها فلربما يفهم منه اكثر من المتكلم بلهجة عامية عربية من غير بلده ،كما ان المشكلة لم تبقى منحصرة فقط باختلاف اللهجات العربيه بل وبالحروف اللي انقلبت عند المصريين ودول الخليج والأفارقة ث = س ، ج = ق ، ق = ء ، ق = ء ، ك = تس ، ش= ج الخ. وقد حاول جمال الدين الأفغاني أن يوجد نوعاً من العلاقة الجدلية المفهومة عند العرب فيما بين اللغة ودورها واهميتها فى صنع الحضارة ولكنه فشل بسبب الصدام الذي كان محتدماً على أشده بين المنادين بالرابطة الاسلامية والمنادين بالرابطة القومية العربية والتفاضل بينهما،وثانيآ بفعل هيمنة الأنظمة الأبوية الوراثية التي تروج لثقافة (لاتفكر لها مدبر) بمعنى ان هذه الأنظمة لا ترغب بتغييرمنهجية ومبادئ السلف السائدة لمعرفتها بان هذا التغيير سيكون بمثابة طلقة الرحمة فى رأسها والعامل الأساس فى زاوال أنظمتها. 4 - شكل النظام شعار عصرنا [نعم للحرية لا للقيود نعم للديمقراطية والدولة المؤسساتية] واظن ان ذلك الشعار يحتاج الى وقفة جادة والى رؤية عميقة من العرب وغيرهم من المتخلفين حضاريآ تقرأ كل التاريخ المسكوت عنه والمقموع في ثقافة العربان السائدة قديمآ وحديثآ، فالعربان فرسان الوغى فى الأدعاء وسوف لم ولن يتخلى حكامهم عن ثقافة الأجداد والتمسك بالنظام الدكتاتوري الفردي الوراثي حتى القبض عليهم ورميهم فى مزبلة التاريخ المعروفة ،فهيهات ان تتقبل عقولهم الجامدة انظمة ديمقراطية معاصرة ، برغم اتساع رقعة ثقافة التنوير المؤسساتية التي بدأت في نهاية القرن الثامن عشر وانتشرت بسرعة وكأ نها اول علامة احتجاج على ثقافة التجهيل والتعتيم التي عاشها العرب منذ عشرات القرون واصبحت فى عاصرنا فاقدة القوة لانتاج النموذج الأنساني المطلوب . اذن وبأختصار شديد فعملية التغيير تبدأ بالواطن ذاته من خلال اعادة تأهيل كل مكونات الوعي الأنساني في ذاته اولآ ثم فى المصنع والحقل والمدرسة والجامعة وعلاقات العمل ومؤسسات تداول الثقافة وصناعة الفكر والخطاب والاعلام وفي مؤسسات الصناعة والثقافة الزراعية والعشائرية وفي تعميق الدور التنويري لمؤسسات المجتمع المدني ومنظمات حقوق الأنسان وفي تنمية الحوار الجاد مع المؤسسة الدينية في مجال الجوانب التشريعية والفقهية وغيرها بالشكل الذي يرفع من وعي المواطن ويجعله مستعدآ للتغيير نحو النظم والمجتمعات الحديثة . 5 - عوامل اخرى من اهمها ( الواقع التقني) : - يشهد العصر الراهن تطورات هائلة ومتسارعة في العلم والتقنية، أثرت وتؤثر في جميع نواحي الحياة ولاسيما علاقات الدول بعضها ببعض تلك العلاقات التي تشابكت وتعقدت بصوره لم يسبق لها مثيل وأصبح التقدم العلمي والتقني فيها هو الحاسم والأساس فى خلق حضارة متناسبة معه وليس التباهي الفارغ والتعالي الجاهل والمغالاة في اشياء وهمية قومية وعقائدية مفرقة للصفوف . فلقد تسارعت خطى الثورة العلمية المفتوحة عبر الفضائيات ووسائل الأتصال العملاقة وغيرها وساعد ت الشعوب فى تكوين مجتمع متحضر يتناغم أفراده مع مفاهيم وأفكار ورؤى العصر الحديث ، مجتمع يتصف بالعلوم والمعارف العقلية الأنسانية والمواصفات الذهنية المتألقة التي تؤهل الأنسان على التجاوب مع طفرة العلم والتقنية والأستفادة منها كأداة قوية في انتاج الحضارة وترسيخ قيمها الأنسانية وفى إدارة الصراع مع الآخر فردآ كان ام دولة وفى مواصلة التقدم الحضاري نحو الأرقى فالأرقى وصولآ الى مجتمع فاعل وخلاق خالي من ثقافة العربان المتخلفة . ===
#ناجي_نهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لماذا تخلف العربان ؟2
-
لماذا تخلف العربان ؟1
-
مهمة تدوين تاريخ الحزب الشيوعي العراقي2
-
مهمة تدوين تاريخ الحزب الشيوعي العراقي1
-
أعياد الميلاد ومستوى الوعي
-
ضرورة وجود فضائية علمانية
-
حكمة غوته وما يجري فى العراق
-
المنهجية ليست حكرآ على الأكاديميين2
-
تناقض بعض الأكاديميون وشروط المنهجية1
-
لماذا الأمل والعطاء فى قائمة اتحاد الشعب ؟
-
جمعية الأنسان المتحضر
-
محاسبة قادة السلطات العراقية والعشائرية فورآ
-
واقع العراق الجديد !!
-
تفاوت تطبيقات مفهوم حقوق الأنسان
-
سر تفاوت الأجتهادات فى مفهوم حقوق الأنسان
-
الأنتهازية نقيض العلمانية ومنبع الوحشية 3
-
الأنتهازية نقيض العلمانية ومنبع الوحشية
-
مفهوم التطور بين ماركس وماكلوهان
-
الى قادة حماس مرة ثانية
-
من قتل الأبرياء فى غزة
المزيد.....
-
لحظة لقاء أطول وأقصر سيدتين في العالم لأول مرة.. شاهد الفرق
...
-
بوتين يحذر من استهداف الدول التي تُستخدم أسلحتها ضد روسيا وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل جندي في معارك شمال قطاع غزة
-
هيّا نحتفل مع العالم بيوم التلفزيون، كيف تطوّرت -أم الشاشات-
...
-
نجاح غير مسبوق في التحول الرقمي.. بومي تُكرّم 5 شركاء مبدعين
...
-
أبرز ردود الفعل الدولية على مذكرتي التوقيف بحق نتنياهو وغالا
...
-
الفصل الخامس والسبعون - أمين
-
السفير الروسي في لندن: روسيا ستقيم رئاسة ترامب من خلال أفعال
...
-
رصد صواريخ -حزب الله- تحلق في أجواء نهاريا
-
مصر تعلن تمويل سد في الكونغو الديمقراطية وتتفق معها على مبدأ
...
المزيد.....
-
الانسان في فجر الحضارة
/ مالك ابوعليا
-
مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات
...
/ مالك ابوعليا
-
مسرح الطفل وفنتازيا التكوين المعرفي بين الخيال الاسترجاعي وا
...
/ أبو الحسن سلام
-
تاريخ البشرية القديم
/ مالك ابوعليا
-
تراث بحزاني النسخة الاخيرة
/ ممتاز حسين خلو
-
فى الأسطورة العرقية اليهودية
/ سعيد العليمى
-
غورباتشوف والانهيار السوفيتي
/ دلير زنكنة
-
الكيمياء الصوفيّة وصناعة الدُّعاة
/ نايف سلوم
-
الشعر البدوي في مصر قراءة تأويلية
/ زينب محمد عبد الرحيم
-
عبد الله العروي.. المفكر العربي المعاصر
/ أحمد رباص
المزيد.....
|