|
مسرحية -هنا بغداد- : موت في النص .. تشويه في العرض !!
صميم حسب الله
(Samem Hassaballa)
الحوار المتمدن-العدد: 2915 - 2010 / 2 / 12 - 00:04
المحور:
الادب والفن
صميم حسب الله كلية الفنون الجميلة - بغداد نحتاج الى وقفة طويلة.. قبل ان نبدأ بقراءة هذا العرض المسرحي والذي قدم مؤخراً على قاعة المسرح الوطني في بغداد ، وهو من انتاج فرقة مسرحية جديدة هي "فرقة العراق المسرحية / بغداد " و نص واخراج مناضل داود – تمثيل نخبة من الممثلين . إن التفكير في إنجاز عرض مسرحي في مثل هذه الظروف الراهنة أمر في غاية الاهمية ودال على المثابرة والتحدي، والمتلقي بدوره يطمح الى مشاهدة عرض مسرحي يحمل افكاراً جادة ، تمنحنا القدرة على اعادة التفكير بأهمية المسرح في حياة المجتمع بشكل عام. وقد حمل العرض في فضائه الواسع الكثير من الاشكالات والتناقضات ، منها مايقف عند منطقة النص كونه بنية درامية عليا ومنها مانقله المخرج الى ساحة العرض وهو متشكل من مجموعة عناصر هي الاخراج والتمثيل والسينوغرافيا. لنبدأ بقراءة النص : "هنا بغداد" عنوان لعرض مسرحي كنا نريد له ان يحمل في بنيته ما يعطي معنى دلاليا واضحا لإختيار مثل هذا العنوان الدال ، وهذا ما لم نجده في فكر العرض، مما يدفعنا الى اثارة سؤال حتمي يدور حول علاقة قرر مخرج العرض وكاتب نصه ان يكونا اطرافاً فيها ، مع علاقة وهمية مصطنعة بين " هاملت بلا هاملت" بوصفه نصاً مسرحياً من تأليف : خزعل الماجدي ،كما أشير في دليل العرض الى ان "هنا بغداد" مأخوذة عنه .. فأين هي نقاط التلاقي ؟ في وقت كنا قد عرفنا أن " هاملت بلا هاملت" نص قدم قراءة مغايرة لنص شكسبيري شهير هو "هاملت" فهل يمكن لمخرج او كاتب نص ان يقوم بقتل شخصية في بداية العرض لتجعله يفترض ان نصه هذا بات قريبا من نص الماجدي كونه قتل بطله هاملت في بداية المسرحية ليكون مسرحية هاملت بلا هاملت خاصة به ؟ اما اذا كان افتراض مخرج العرض وكاتبه قائم على تهشيم اللغة الشعرية التي اعتمدها "الماجدي "في نصه ومن ثم تحويلها الى لغة هشة وسطحية وقد اضيف الى سطحيتها بعض من المفردات التي تخدش السمع والتي طالما سمعناها في "المسرح التجاري" .. فإن هذا التفكير في تحويل اللغة يعد تحولا وتجديدا واضافة ، تدلل على ان العملة الرديئة بدأت تأكل من خشبات المسرح الرصين ، ولم يعد هناك فارق كبير بين هذا العرض والعروض التي تنتقص من الانسان وتضحك عليه بحركات ساذجة لامبرر لها وعبارات تسخر من انسانيته. ولنا ان نسأل هل اصبح وجود الكلمات النابية في العروض المسرحية سمة لنجاح عرض مسرحي ما؟ يعده اصحابه اضافة جديدة ويهاجروا به الى المهرجانات المسرحية العربية والعالمية بوصفه إنموذجا للمسرح في هذا البلد. ولو اردنا مغادرة ارض النص الدرامي الى فضاء العرض الذي حمل الينا الكثير من التساؤلات التي تحتاج الى وقفات لنتبين من خلالها رؤية مخرج العرض .. لقد حضرت الصدمة الاولى او كما يقال الضربة الاخراجية الاولى ..عندما استولى المخرج /المؤلف على روح مخرج آخر عبر اقتناص مشهد من مشاهد فلم "عيون مغمضة بإتساع" للمخرج ستانلي كوبرك وهو من تمثيل / توم كروز/ ونيكول كدمان. دون اشارة من مخرج العرض الى سبب منطقي لهذا الاقتناص.! ولأن هذا الفلم من الافلام التي تلتصق بالذاكرة ولاتفارقها فقد قفزت صورة مشهده الى المتلقي في صالة العرض وهو متفاجأ بما يشاهد وبما يستمع من موسيقى تعود الى الفلم ، ولكن عبر عرض مسرحي يبتعد كثيرا عن اجواء الفلم وفكرته ، أن مخرج عرض " هنا بغداد" ارتأى ان يقحم هذا المشهد السينمائي داخل فضائه المسرحي على الرغم من انه أي الفلم لايمت لفكرة العرض بأي صلة ، في محاولة منه لخلق خليط غير متجانس لصورة مسرحية تفتقر الى الابتكار والذي يعد من اهم احلام صانعي العروض المسرحية ، ذلك أن غياب الابتكار ؛ غياب لفاعلية الاخراج وتحول المخرج الى ناسخ متواضع لمقولات المؤلف كما هو حال ناسخي الكتب في العصور الوسطى..الامر الذي جعل المخرج بعيداً عن جوهر الابداع. لقد كانت فكرة إستخدام فضاء خشبة المسرح الوطني والتخلي عن ستائره الداخلية فكرة تحتاج الى دراسة ذلك ان هذه الطريقة جعلت من العرض عرضاً فضفاضاً أكثر مما هو عليه من حيث بناء النص والحركة غير المتقنة للممثلين ، والسينوغرافيا التي لم نحظى بوجودها سوى في "دليل العرض" وكانت السينوغرافيا غائبة بمعناها العلمي وتعريفاتها المتعددة وكما عرفها د.فاضل خليل بأنها " فن تنسيق الفضاء" لقد كان الفضاء في هذا العرض غير منسق مهملا في تجسيد الحرفية المسرحية، متفاعلا مع الحركة العشوائية للممثلين ، وكان يفترض ان يكون الوقوف مطولاً أمام قائمة الممثلين المشاركين في هذا العرض ، ذلك أن لكل منهم تأريخ فني نحترمه ،إلا ان وجودهم في هذا العرض وعدم فاعليتهم لايعفيهم من مسؤولية الاداء البسيط والمتواضع والذي لم يتمكن مخرج العرض من الكشف عن ابسط مهاراتهم في الاداء لدرجة ان الحركة المسرحية كانت غير منظمة والاداء كان خالياً من حس الممثل بالشخصية التي اريد له ان يؤديها على خشبة المسرح. كان الامل رفيقنا والطموح يدفعنا لمشاهدة عمل مسرحي يحمل معه الجدل والدهشة، والمتعة والجمال.. إلا اننا في النهاية خرجنا بخفي حنين.
#صميم_حسب_الله (هاشتاغ)
Samem_Hassaballa#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تحولات المكان المسرحي .. وسوء الفهم !!
المزيد.....
-
مش هتقدر تغمض عينيك “تردد قناة روتانا سينما الجديد 2025” ..
...
-
مش هتقدر تبطل ضحك “تردد قناة ميلودي أفلام 2025” .. تعرض أفلا
...
-
وفاة الأديب الجنوب أفريقي بريتنباخ المناهض لنظام الفصل العنص
...
-
شاهد إضاءة شجرة عيد الميلاد العملاقة في لشبونة ومليونا مصباح
...
-
فيينا تضيف معرض مشترك للفنانين سعدون والعزاوي
-
قدّم -دقوا على الخشب- وعمل مع سيد مكاوي.. رحيل الفنان السوري
...
-
افتُتح بـ-شظية-.. ليبيا تنظم أول دورة لمهرجان الفيلم الأوروب
...
-
تونس.. التراث العثماني تاريخ مشترك في المغرب العربي
-
حبس المخرج عمر زهران احتياطيا بتهمة سرقة مجوهرات زوجة خالد ي
...
-
تيك توك تعقد ورشة عمل في العراق لتعزيز الوعي الرقمي والثقافة
...
المزيد.....
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
المزيد.....
|